الديمقراطية: أهلها يتخلون عنها
1992/01/25م
المقالات
2,198 زيارة
ما حصل في الجزائر يشكل دليلاً جديداً على أن رافعي شعار الديمقراطية هم تجار وليسوا أصحاب مبدأز وسبق لهم أن قالوا: لا يوجد مبادئ ثابتة لا وعداوات أو صداقات ثابتة بل يوجد مصالح ثابتة.
نعم أتباع الحضارة الغربية عندم مقياس واحد للأعمال والأخلاق والعلاقات هو النفعية، وإذا رفعوا شعارات عن السلام أو الانسانية أو الديمقراطية أو الرحمة أو العدالة فإنها شعارات مزيفة يرفعونها كشراك يتصيدون بواسطتها المنافع.
يقولون: صندوق الاقتراع هو التعبير الصحيح عن الديمقراطية. ولما نجحت الجبهة الإسلامية للإنقاذ عن طريق صندوق الاقتراع، رفضوا هذه النتيجة وطعنوا بها!
يقولون: الديمقراطية هي تنازل الأقلية للأكثرية. ولما داءت الأكثرية الساحقة لمصلحة الإسلام والمسليمن قالوا: لقد أصبحت الديمقراطية خطراً!
أرأيتم إلى هذا التناقض الفاضح؟ الأحزاب الجزائرية نفسها التي ترشحت باسم الديمقراطية صارت تحرض الجيش على التدخل لمنع الدورة الثانية وإلغاء نتائج الدورة الأولى. وصاروا يزعمون أن جبهة الانقاذ زورت الانتخابات، مع أن القاصي والداني يعلم أنها ليست هي المشرفة على الانتخابات.
لم يقف الأمر عند ديمقراطيي الجزائر بل تعداهم إلى دول الغرب الديمقراطية وإلى فرنسا التي تتباهى بأنها أم الديمقراطية في العالم. فرنسا قامت قيامتها ولم تقعد بعد. وكلنا يتذكر التصريح المذهل الذي أدلى به ميتران (رئيس فرنسا) عند الانتخابات الجزائرية السابقة قبل عام ونصف حيث قال:
«إذا نجح الأصوليون في حكم الجزائر فسوف أتدخل عسكرياً كما تدخل بوش في بنما» وقد أحدث هذا التصريح المكشوف ردة فعل قوية مما جعله يقول: «إنني أقدر حرية الناخب الجزائري». وها هم المسلمون على وشك استلام الحكم في الجزائر فماذا سيفعل ميتران؟
نعم قد يتدخل عسكرياً إذا استطاع. يتدخل لا لحماية الديمقراطية بل لسحقها لأنها لم تأت بالنتائج لمصلحته.
استفيقوا أيها المسلمون واعلموا أن الغرب يخدعكم ويخدع العالم بلافتة يرفعها ويسميها: ديمقراطية، فإن أمّنت له مصالحه وإلا حطّمها.
نحن المسلمين مالنا وللبدع والخدع الغربية سواء سموها ديمقراطية أو حريات أو غير ذلك، ألا يكفينا النور والخير الذي أنزله الله رحمة للعالمين؟
قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) وقال: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) وقال: (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ) وقال: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) وقال: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)
1992-01-25