الانتقاءات البرلمانية أو الانتخابات الانتقائية
1989/11/10م
المقالات
2,760 زيارة
لا مانع من أن نبدأ الموضوع بسؤال افتراضي وهو: تُرى لو جرت انتخابات نيابية حقيقية ودون تزوير أو تدخل من قبل السلطات في كل العالم الإسلامي كم من النواب الحاليين سيتمكن من الوصول إلى مقاعد البرلمان؟ قد يكون الجواب في بعض البلدان لا أحد، وفي بلدان أخرى 1% منهم سيفوز، وفي بلدان أخرى 2%، وقد لا يتجاوز هذه النسبة في أي حال من الأحوال، أما في انتخاب رؤساء الجمهورية فمن شبه المؤكد أنه لن ينجح أحد من هؤلاء الذين وصلوا إلى سدة الحكم، وذلك لأنهم فُرضوا فرضاً على الناس، هذا مع العلم أنه من غير المتوقع أن يسعى أولئك الحكام للحصول على موافقة الناس على وجودهم في مناصبهم لأنه لا خيار لهم في البقاء أو الذهاب، فعواصم الغرب التي نصبتهم هي صاحبة الشأن، وهي التي تحدد متى يأتون ومتى ينصرفون.
هذا بالنسبة للحكام أما بالنسبة للنواب فكيف يتم انتخابهم؟ الجواب هو أنهم يُنتخبون انتقاءً من قبل السلطة الحاكمة ثم يطلب من الناس الإدلاء بأصواتهم للموافقة على انتقائهم، وأمامنا شاهد حي على ما نقول وهو ما جرى في 8 تشرين الثاني 1989 في الأردن، حيث قام النظام بالتدقيق في طلبات الترشيح لرفض كل من لم يدفعه هو لترشيح نفسه من رجالات النظام، وسبق ذلك رفض علني من قبل النظام لترشيح كل من له انتماء حزبي، ولحق ذلك تزوير في صناديق الاقتراع كالعادة لكي ينجح أنصار النظام، وهذا ليس جديداً والناس تتذكَّر ذلك في الدورات السابقة أيضاً بالرغم من الفارق الزمني الذي يفصل هذه الدورة عن سابقاتها، وحتى تكتمل مهزلة الانتخاب الانتقاء قام النظام بإبراز إعلامي لاشتراك المرأة في الترشيح والانتخاب وأن القانون الأردني يكفل لها هذه الحقوق، وكأنه أتى بما لم تأتِ به الأوائل، ثم أكمل المسرحية أكثر وأكثر حينما ادّعى أن الفئات الإسلامية ممثلة طوعاً في الانتخابات، والصحيح هو أن النظام انتقى بعض الشخصيات البارزة والظاهرة الولاء له، وطلب منها أن ترشيح نفسها، لكي يوحي للداخل والخارج بأن جميع التيارات هي ممثلة في برلمانه الانتقائي الجديد، ومن ضمن ذلك التيار الديني، ولم ينس الملك أن يقسم المسلمين إلى قوميات عرقية حيث شمل بعنايته الملكية المسلمين من أصل شركسي وشيشاني فمنحهم مقعداً ترشحت له امرأة يطلقون عليها صفة «داعية حقوق المرأة». وقد نشرت الصحف أن مساعد مفتي الجيش الأردني قد رفع دعوى ضدها «لارتدادها عن الإسلام» حين ضمنت برنامجها الانتخابي كلاماً يفيد «تبديل المواقع بين الجنسين بأن تكون المرأة قوَّامة على الرجل». وقد رفضت المحكمة الشرعية في عمان هذه الدعوى. أما الملك فقد حذر من الانسياق فيما أسماه (التطرف الإسلامي) قائلاً: «إن عملية إحياء الديمقراطية لها وجه قاتم» وحضَّ الناس على «إحباط الضربة التي تُعدّ لهم».
أعاننا الله وأعان المسلمين على قلع هذا العفن من جذوره واستئناف الحياة الإسلامية من جديد.
1989-11-10