الشرطة الفلسطينية
1993/05/09م
المقالات
2,104 زيارة
في 04/05/93 قال وزير الشرطة الإسرائيلي (شاحال) عن الشرطة الفلسطينية التي تجري المفاوضات على إنشائها، قال: «آمل بأن يساهموا في مكافحة الإرهابيين الذين يريدون منع التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل». وقال: «إننا نقترح أن يعالج الفلسطينيون القضايا الجرمية المتعلقة بالسكان الفلسطينيين، وأن تبقى القضايا الأمنية من اختصاص الإسرائيليين» وأكد أنه في حال النزاع بين الشرطة الإسرائيلية والفلسطينية فإن «الكلمة تعود إلى الشرطة الإسرائيلية».
إسرائيل مستعجلة على إقامة الإدارة الذاتية للفلسطينيين في الضفة والقطاع. وقد جُعِلتْ مدة الإدارة الذاتية خمس سنوات. وإسرائيل تقول بأن هذه المدة هي لتجربة الفلسطينيين من حيث نواياهم وقدرتهم على حفظ الأمن.
ستجتهد قيادة الإدارة الذاتية في إثبات قدرتها على حفظ الأمن (أمن اليهود) واثبات صدق النوايا في العيش بسلام مع اليهود، وهذا يتطلب أن تتصرف الشرطة الفلسطينية بشدة وأن تضرب بيد من حديد كل من يؤذي اليهود أو يستفزهم.
وهكذا فإن الشرطة الفلسطينية لن تقل قمعاً وقسوةً عن الشرطة اليهودية. وستحاول الإدارة الذاتية وصف كل من يشتم اليهود أو يؤذيهم بالخيانة وبأنه عميل لليهود!
والآن يقوم الصراع بين المسلمين واليهود. اليهود مغتصبون ظالمون، والمسلمون مظلومون وأرضهم مغتصبة، والعالم تخلّى عنهم ووقف إلى جانب المعتدي.
أما في ظل الإدارة الذاتية فستصبح الصورة في الداخل وفي الخارج أن اليهود أعطوا للفلسطينيين حقهم ولم يعودوا مغتصبين، وكل فلسطيني يشاغب على الاتفاق مع اليهود هو إرهابي، ويجب استئصاله. وبما أن الإدارة الذاتية في فترة تجربة فإنها ستحاول إثبات كفاءتها وصدقها مع الأصدقاء الجدد: اليهود. وهكذا فإن الصراع سيعنف بين الشرطة الفلسطينية وبين الشعب الفلسطيني. ستقوم الشرطة الفلسطينية بمهمة الجيش الإسرائيلي.
في النهاية ستحكم إسرائيل على الإدارة الذاتية بالفشل، لأنها لم تستطع حفظ الأمن بشكل جيد خلال الفترة التجريبية (خمس سنوات)، ولأن الشرطة الفلسطينية كانت تتساهل عن قصد مع الإرهابيين الفلسطينيين، وستمدد الفترة التجريبية لفترة جديدة. كل ذلك ليكسّر الفخار الفلسطيني بعضه. ومن خلال لعبة التمديد هذه وزيادة التحريش بين الفلسطينيين تحقق إسرائيل أغراضها، هذه الأغراض التي تتمثل في جعل الإدارة الذاتية هي نهاية المطاف، والإنحاء على الفلسطينيين باللائمة لسوء نيتهم وعدم كفاءتهم، وإغراء العداوات بينهم لتشغلهم ببعضهم كي لا يشتغلوا بها.
هذه هي بعض الأغراض الخبيثة عند اليهود. والمفاوضات الآن حثيثة لإنجازها. المفاوضون في الأطراف العربية هم بين خائن مفرّط وبين يائس مهزوم متساهل. والشعب اليائس ينفذ أوامر قيادته الخائنة أو اليائسة.
لقد رأينا كيف استقبل بعض الشعب عودة المبعدين الثلاثين. لقد استقبلهم بابتهاج مصطنع. نحن نعلم أن شعبنا لا تبهجه مثل هذه الأعمال الرخيصة، ولكنه أظهر الابتهاج تنفيذاً لأوامر منظمة (التحرير!)، وهذا نوع من إثبات الوجود والتحدي في وجه الشعب الرافض للمفاوضات والتنازلات. إثبات الوجود هذا والتحدي سيتحول إلى قمع واعتقال وبطش غداً بيد الشرطة الفلسطينية: شرطة ترويض الشعب الفلسطيني ليقبل بالتنازل عن فلسطين لليهود الغاصبين.
1993-05-09