المدائح للحكام والاستنكار لِحَمَلَة الدعوة
1993/04/08م
المقالات
2,049 زيارة
مدائح رئاسية، ومدائح حزبية، ومدائح شخصية تُكال بالجملة والمفرق، وتُكال نقداً أو بالمجّان، وسواء كانت مجانية أو مدفوعة الثمن فهي تُعطى لغير مستحقيها وتُعطى لمن يُمعن قهراً وذبحاً في الأمة، أو يمعن في الخيانة والاستسلام.
إن الحاكم الذي يلهث وراء المديح من بعض رعيته هو حاكم ضعيف، ولهاثه وراء الإطراء والشكر والمدح دليل ضعفه وخوفه.
وبالمقابل أن الحاكم الذي يطلب من بعض رعيته استنكار أعمال البعض الآخر من الرعية هو حاكم ضعيف وخائف.
وبالمقابل أيضاً إن الحزب أو الشيخ الذي يُطلب منه كيل المديح أو إعلان الاستنكار هو قوي بما يمثل لا بشخصه، والحاكم بحاجة إليه، وهو ليس بحاجة إلى الحاكم، وليس بالمديح وحده يستمر النظام، ولكن المديح هو شهادة حسن سلوك يسعى الحاكم للحصول عليها بالترغيب والترهيب.
هنالك جهات طلبَ منها الحكام تحديد موقفها مما يجري على الأرض من صراع بين الحكام والمحكومين، وطلب منها وصف هذه الأعمال بالإرهاب والعنف والتطرف فلبّت هذه الجهات الطلب فوراً وبدون تردد، وأسدت للحكام خدمة لا تقدّر بثمن، فوصفت تلك الأعمال بالعنف واستنكرتها فابتهج الحاكم وحصل على غطاء يبرر له المضي في سفك دماء الساعين لتغييره وبناء الدولة الإسلامية.
وهنالك جهات طلب منها الحكام المهزومون بعض المدائح على صنيعتهم في مفاوضة اليهود أو على مواقف أخرى، فلبّت هذه الجهات ونزلت المدائح برداً وسلاماً على قلب الممدوحين.
إن خطورة المدح هذه لا تقل أهمية عن خطورة الاستنكار تلك، وكلا العملين يقطف ثماره الحكام الغرقى المتشبثين بقشّة المادحين والمستنكرين. فهل أدرك هؤلاء المستجيبون للأوامر السلطانية عاقبة أمرهم هداهم الله؟
1993-04-08