أصبحتُ في وطني غريباً ومُشَرَّداً ضَلَّ الدروبا
.
|
وسِياطُ إسرائيلَ تُلْهِبني على ذلٍ وتوسِعُني نُدوباً
.
|
وكرامتي خَجْلى ووجهُ المجدِ عاد بحُرحِ عزته خضيبا
.
|
ومساجدي ثكْلى وقد عاد الأذانُ على منابرها نحيبا
.
|
وحدائقُ الزيتون والليمونِ صار جمالُها الزاهي شحوبا
.
|
صمتتْ بها الأطيارُ والأغصانُ واجمةٌ فلم تسمع غَرِداً طَروبا
.
|
غادرتُ موطنيَّ السليبَ يمزّقُ الغازون فوق ترابه شرافاً سليبا
.
|
ويَلُفّه ليلٌ من الأحزان يُمطرُهُ المصائبَ والكُروبا
.
|
والمسجدُ الأقصى نداء مستغيثٌ صارخُ الآلامِ لم يَسْمَعْ مجيبا
.
|
ودمي رخيصٌ مستباحٌ لم يحرك في حَميّة أمتي ثأراً غَصوبا
.
|
غادرتُه والنارُ تُحرق كل ناحية وتغرقه لهيبا
.
|
وأكفُّ أطفالِ الحجارة تصفع العدوان لا تخشى الحِرابَ ولا الخطوبا
.
|
يَلقوْن بالأحداق خِنجرهُ، وبالأكباد يَلقوْن المخالبَ والنيوبا
.
|
] ] ]
|
يا بارقاتِ الفتحِ أين ضياؤك الهادي إلى الأقصى يعودُ
.
|
يا نسمةً عبقتْ جنحةِ البُراق بطيبها نَعِمَ الوجودُ
.
|
وصهيلُ خيلِ النصر في الميْدان أعنيةٌ على أنغامها فُتِح الخلودُ
.
|
ومشى شُرحْبيلُ وكَبّرَ خالدٌ والأرضُ تهتف والجنودُ
.
|
والنَّقْعُ أذكى من عبير المسك، والراياتُ يُطربُها النشيدُ
.
|
وبشائرُ النصر المؤزّرِ تغمر الفاروق، والأقصى بمقدمه سعيدُ
.
|
يا أيها الأمسُ الذي سكنَ النفوس، وطيْفُهُ النائي بَعيدُ
.
|
أنا ما نهلْتُ المجدَ إلا مِنْ مَعينكَ دافقَ السُّقيا وطاب ليَ الورودُ
.
|
أنا ما قبسْتُ النورَ إلا مِنْ هُداكَ فمنهجي، رغم الدُّجى، صُبْحٌ رشيدُ
.
|
أنا ما عرفتُ السْيرَ إلا في خطاك، فكيف عن دربي أحيدُ
.
|
من حَمحَماتِ الخيلِ في حِطيّن في سمعي أغاريدٌ أهازيجٌ قصيدُ
.
|
من شُعلةِ الإسراءِ والمعراجِ في جنبيّ شمسٌ لا تغيب ولا تبيدُ
.
|
من صرح تاريخي تعالى ذُرى الأمجاد صَرحٌ لا يَخِرُّ ولا يميدُ
.
|
من عِزّةِ اليرموك تاجي فوق هامِ الدهر مزْهُوٌّ مجيدُ
.
|
ما كنتُ أحسَبُ أنه يوماً على عرض الخيانة تستقل به العبيدُ
.
|
صنعوا عروشَ الذلِّ من دَمِنا وطابَ بمعبد الدولار عندهم السجودُ
.
|
واستعذبوا للغرب ناراً في مواطنهمْ، وهمْ فيها وأمتُهم وقودُ
.
|
وأذلّهمْ سيفُ اليهودِ فأذعنوا، وأذلُّ خلْقِ اللهِ في الأرض اليهودُ
.
|
يا طالما ضجّتْ هتافاتُ الصمود وثار في المذياعِ فارسُها العنيدُ
.
|
وعلى شعار الزيف تختالُ العروبة والتحررُ والشهادةُ والشهيدُ
.
|
واليومَ قد خَرِسَ الهتافُ الثائرُ الجبّارُ وأنهارَ الصمودُ
.
|
ونِعالُ إسرائيلَ تصفعهمْ، وركب كفاحِهمْ كالهرِّ منهزمٌ طريدُ
.
|
لا قاصفاتُ الرعد توقظهم، فهم في كهف سكرتِهم رُقودُ
.
|
ودماؤهم ثلجٌ وفي الأجساد احساسٌ به خَدَرٌ بليدُ
.
|
] ] ]
|
يا لَلْهوانِ حِرابُ إسرائيل تصرعني وترِميني طعاماً للئامُ
.
|
والثلج يلسعَني بنار الزمهرير وعاتيات الريح تَعصف بالخيامُ
.
|
ومشاعل الوطن الجريحِ المستباحِ يكادُ يخقنها الظلاْم
.
|
مَدّوا عيوناً نحو أهليهمْ على الآمال تسهرُ لا تَقَرُّ ولا تنامْ
.
|
عُزْلٌ يَلُفُّهمُ الصقيعُ ولا سلاحَ ولا دِثارَ ولا شَرابَ ولا طعامْ
.
|
والأهلُ؟ أين الأهل؟ في حانات أميركا سكارى الروحِ أيقاظٌ نيامْ
.
|
يتمرغون على الرُّغامِ أمامَ سادتهمْ فيخجل من خنوعهم الرُغَأمْ
.
|
ويُطأطِئونَ ويغمُضون بوجه إسرائيل أعينَهمْ فتفقؤها السهامْ
.
|
قالوا: السلامُ، وكفُّهمْ في ساحة الميدان لا تقوى على حمل الحسامْ
.
|
لبسوا على الأجساد ثوب الذلِّ فانهارتْ بها هِمَهُ الكرامْ
.
|
وتثاقلت أقدامُهمْ في سييرها، فطريق حيرتهم قتامُ في قتامْ
.
|
ومفاوضاتُ الذلِّ أغلالٌ تكبّلهمْ فيعجزهم نهوضٌ أو قيامْ
.
|
ويخيفُهمْ شبحُ اليهودِ ييبُهمْ رعباً فترتعدُ الفرائصُ والعظامْ
.
|
وعلى الأثير يزمجرون كأنهم في الحرب أسْدٌ لا تذلُّ ولا تُضامْ
.
|
يسترجعونَ الأرضَ بالأحلام، يبنون القصورَ الشَمَّ من سحر الكلامْ
.
|
في كل قُطْرٍ يزدهي عرضٌ من الاذعانِ، يزهو فوقه بطلٌ همامْ
.
|
فإذا أُميطتْ عن وجوه الخائنين الحُجبُ وانحسر اللثامْ
.
|
برزتْ جِياهٌ راحَ يغمرها الصَّغارُ، لِعزةِ الدولار ساجدةٌ، وهامْ(1)
.
|
] ] ]
|
يا أُمّةٌ حملتْ مصابيحَ الهداية فاستضاءَ الكوُ بالنور المبينْ
.
|
واستمطرتْ سُحُبَ السماء فعمّ كلَّ الأرض وابلُها الهَتونْ
.
|
ومشتْ تَدُكُّ معاقلَ الطغيان، فانهارتْ عروضُ الظالمينْ
.
|
هُزّي رُفاتَ الفاتحينَ تُجبكِ في اليرموك غاضبةً سيوفُ الفاتحينْ
.
|
ويثورُ نَبْضٌ من دم الشهداء في حطينَ يدعو للجهادِ الثائرينْ
.
|
ما زال صوتُ ابن الوليد مجلجلَ الأصداءِ في سمْعِ القرونْ
.
|
ما زال غيْثُ اللهِ مِنْ قرآنه الأعلى عميمَ السَّكْبِ يُروي الظامئينْ
.
|
ما زال نور الله يحملهُ الهداةُ المؤمنونَ مبشرين ومنذرينْ
.
|
واليومَ أرحلُ كالغريبِ عن الحِمى وأنا حسيرُ النفسِ منبوذٌ مَهينْ
.
|
وأُساقُ كالحَمَلِ الذي في قبضة الجزّارِ ينتظر المنَونْ
.
|
وأُذادُ كالطير الذي في دَوْحهِ المهجورِ تبكيه الغصُونْ
.
|
وبَنوُ السبايا في روابيه الأبيّة كالذئاب يعربدونْ
.
|
ويكبّلون المسجدَ الأقصى فيغرقُ نورُه الوهّاجُ في ليلٍ حزينْ
.
|
شُرُفاتُه وقِبابُه والساجدون بساحِهِ أسْرى ومِنبرُه سجين
.
|
يا راقدينَ على يد الأحلام في سُكْرِ الوعودِ مُخَدّرينْ
.
|
واللاهثينَ بمجلس «الرعب» الصليبيّ الذي في قبضةِ المستعمرينْ
.
|
تبْنونَ فيه وترفعون دعائماً للسلم من رمل وطينْ
.
|
ماذا وراءَ القدسِ غيرُ المسجدِ النبوي والحَرَمِ الأمين؟
.
|
أنا صيحةٌ من صوتِ تاريخي تَهُرّ ضمائرَ المتمرّدينْ
.
|
أنا رعشةٌ من عزمةِ الفاروقِ تِسْري في دم المتوثبينْ
.
|
أنا حدُّ سيفٍ لاحَ في يُمْنى عَلّيٍ لا يخورُ ولا يهونْ
.
|
أنا ثورةٌ جُنّتْ فلم تعرف طريقاً للكفاح سوى الجنون
.
|
لا سِلْمَ حتى تخفق الراياتُ في الأقصى لتمحو من حِماه الغاصبينْ
.
|
ويقودَ جيْشَ النصرِ في ظل الخلافة نحو غايته أميرُ المؤمنين c
.
|