سؤال وجواب؟
1993/04/08م
المقالات
2,706 زيارة
السؤال: في ضوء حوادث الاغتصاب المروعة التي حدثت للنساء المسلمات في البوسنة والهرسك، وفي حال حصول حمل وولادة، لمن ينسب المولود في حالة ما إذا كانت المرأة المسلمة عازبة أو متزوجة؟
الجواب:
المسلمات اللواتي اغتصبهن الصرب إن كنَّ عازبات فإن الولد الذي يحملن به من هذا الاغتصاب ينسب لهن، أي أن الولد يلحق بأمه التي ولدته ولا ينسب لمن أغتصبهن من الصرب ولو كان معروفاً بشخصه وعينه، لأن النسب لا يلحق إلا بعقد صحيح، لذلك فإن ولد الزنا لا ينسب للزاني، فالزنا لا يثبت به النسب، فقد ورد عن نافع عن ابن عمر «أن رجلاً لاعن امرأته وانتفى من ولدها ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بالمرأة» رواه الجماعة. وفي حديث مسلم عن عبد الله «أن رجلاً لاعن امرأته على عهد رسول الله ففرق النبي بينهما وألحق الولد بأمه» وفي حديث سهل بن سعد الذي وصف فيه اللعان وقد ورد فيه: «… ففرق الرسول بينهما وقضى أن لا يدعى ولدها لأب، ولا يرمى ولدها» وفي حديث ابن عباس الوارد في البخاري ومسلم «أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بن هلال بن أمية وامرأته وفرّق بينهما وقضى أن لا يعدى ولدها لأب، ولا يرمى ولدها ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحدّ». قال عكرمة فكان ابنها بعد ذلك أميراً على مصر وما يدعى لأب. ففي هذه الأحاديث قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإلحاق ولد بالزنا بأمة وأن لا يُدعى لأب. وعلى ذلك فالعزباء التي تحمل من الاغتصاب يلحق الولد بها، قولاً واحداً.
أما المتزوجة التي تغتصب ويظهر عليها الحمل بعد الاغتصاب فإن وضعت حملها قبل مضي ستة أشهر من الاغتصاب فالولد يكون بالتأكيد لزوجها، ويلحق نسب الولد به لأن أقل الحمل هو ستة أشهر، وما دامت وضعت حملها قبل مضي الستة أشهر ـ التي هي أقل مدة الحمل ـ فإن الولد يكون من زوجها وليس من عملية الاغتصاب، والحديث الصحيح المتفق عليه يقول: «الولد للفراش وللعاهر الحجر».
أما المرأة المتزوجة التي يطؤها زوجها في طهر ثم ستبرئ رحمها بحيضة ثم تطهر ولا يطؤها زوجها في هذا الطهر الذي حصل بعد استبراء الرحم ثم حصل اغتصابها بعد ذلك، ولم يطأها زوجها بعد هذا الاغتصاب، ثم أتت بولد بعد ستة أشهر فصاعداً من تاريخ الاغتصاب فإن ولدها لا يلحق بزوجها للتأكد أن حملها بالولد كان من عملية الاغتصاب، وليس من زوجها، فيلحق الولد بها، ولا يُلحق بزوجها ولا بمن اغتصبها.
وإن وطئها زوجها في الطهر الذي اغتصبت فيه، وفي ما بعده من إظهار فإن الولد يلحق بزوجها ولو كان هناك احتمال أن يكون الحمل نتيجة عملية الاغتصاب، للحديث الصحيح المتفق عليه «الولد للفراش وللعاهر الحجر» إلا أنه مع ذلك فإنه يجوز للزوج أن ينفي هذا الولد إن رأى أنه لا يشبهه، ويشبه المغتصبين لزوجته، لما روى ابن عباس في حديث هلال بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن جاءت به أورق جعداً جُمالياً خدلج الساقين سابغ الإليتين فهو للذي رُميت به» فجاءت به أورق جعداً جُمالياً خدلج الساقين سابغ الإليتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا الأيْمان لكان لي ولها شأن» وكان قد لاعن بينهما. فجعل الرسول صلى الله عليه وسلم الشبه دليلاً على أنه ليس من أمية ونسب الولد لأمه.
وهذا لا يتناقض مع حديث أبي هريرة الذي رواه الجماعة والذي نصه، قال: «جاء رجل من بني فزارة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ولدت امرأتي غلاماً أسود وهو حينئذ يُعَرّض بأن ينفيه. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل كل من إبل؟ قال: نعم، قال: فما ألوانها؟ قال: حُمْر، قال: هل فيها من أورق، قال: إن فيها لَوُرْقاً، قال: فأنّى أتاها ذلك؟ قال: عسى أن يكون نزعة عرق، قال: فهذا عسى أن يكون نزعة عرقٍ. ولم يُرَخَّصْ له في الانتفاء منه» فهنا منع الرسول صلى الله عليه وسلم الفزاري من نفي ولده لمجرد الشبه لاختلاف اللون دون أن يكون هناك اتهام بالزنا. أما في واقع حالة المسلمات البوسنيات المغتصبات فقد تحقق اغتصابهن من الصرب وعلمه الزوج وأكدته الزوجة، لذلك فالاحتمال كبير أن يكون الولد نتاج عملية الاغتصاب، وإتيان الولد على شبه المغتصبين وليس على شبه الزوج يقوي هذا الاحتمال الكبير إن لم يؤكده. ومن هنا جاء الجواز لزوج المغتصبة التي ولدت ولداً يشبه الغاصبين أن ينفي هذا الولد عنه c
1993-04-08