النظام الدولي الجديد (7)
1993/03/08م
المقالات
1,951 زيارة
نظام النقد الدولي ودول العالم الثالث
القضاء على الفقر أم القضاء على الفقراء؟!
بقلم: محمد موسى
اعتمدت الولايات المتحدة المساعدات الاقتصادية أداة من أدواتها السياسية. وظاهر هذه السياسة أنها لإيجاد تطور اقتصادي في الفقيرة يحول دون وقوعها فريسة للشيوعية، وحقيقتها أنها للتأثير على قرار تلك الدول، فتربط اقتصادها باقتصاد أميركا وبأميركا ثم تصبح تابعة لها. وقد تطور تلك السياسية مع نهاية الخمسينات من مساعدات لأجل مشاريع إلى مساعدات من أجل برامج تنمية. وعوضاً عن أن تقتصر المساعدات على أميركا، أصبحت تشارك فيها دول ومؤسسات دولية، ومؤسسات مالية خاصة، منفردة ومجتمعة، وأخذ صندوق النقد الدولي يعمل كمستشار لتلك الدول والمؤسسات، يقدم الدراسات عن اقتصاد الدول التي تطلب المساعدات، والمشاريع والبرامج التي تريد المساعدات من أجلها، ويفاوض تلك الدول بإرسال موظفين مؤهلين ومتمرسين ليرى إن كانت تلك الدول مؤهلة للمساعدات، أو يؤهلها إن لم تكن مؤهلة. فيعطيها شهادة حسن سلوك تؤهلها لتلقّي المساعدات.
تجدر الإشارة هنا إلى أن المساعدات لا تعني المنح، وإنما تعني القروض، والمنح جزء بسيط منها. وتقوم الدولة التي تطلب قرضاً، عادة، بتقديم مشروعها أو برنامجها التنموي إلى الجهة الدائنة لدراسته. ولهذه الجهة أن توافق أو لا توافق حسب نظرتها للمشروع أو البرنامج من وجهة نظرها هي، لا من وجهة نظر الدولة صاحبة المشروع. كما وتشترط الدولة المقرضة في الغالب على الدولة المقترضة أن تقوم الأخيرة بشراء مستلزمات المشروع أو البرنامج من أسواق الدولة المقرضة، وتكون بالطبع بأسعار أعلى من أسعار الأسواق العالمية لانعدام المساومة. وطبيعية أن الدول الصناعية، سعياً منها لاحتكار أسواق العالم الثالث، تعمل على ديمومة ذلك الاحتكار، وعلى عدم استغناء تلك الأسواق عن سلعها، وهذا يقتضي منها تمويل المشاريع غير المنتجة والمشاريع الترفيهية والرمزية الدعائية، بل وأن تشجع الدول النامية على أمثال تلك المشاريع والبرامج، وزرعت في أذهان الدول النامية استحالة التصنيع الثقيل دون المرور بالتصنيع الاستهلاكي، فأقنعتها في دوامة استهلاك لا تستطيع الخروج منها. وقد أصبحت هذه السياسة سياسة لجميع المؤسسات التي تقوم بالإقراض.
وطبيعي أن تتعرض موازين مدفوعات دول فقيرة تعتمد على الاستهلاك المستورد دون الإنتاج إلى مآزق وغلى عجز مزمن. ولحل هذه المشكلة تلجأ إلى صندوق النقد الدولي لتسحب حصتها في احتياطي الصندوق كعجالة تلتقط بها أنفاسها ريثما تتدبر أمرها. وكما جاء في نظام الصندوق فإن أية دولة تستطيع أن تحصل على السحب الأول، سحب الذهب من غير ما مساءلة أو اعتراض من الصندوق. أما القيام بالسحوبات الأربعة الأخرى فيحتاج إلى موافقة الصندوق وتنفيذ شروطه. ولا يعطي الصندوق موافقته إلا بعد دراسة للمأزق أو العجز وما يكتنفه من واقع اقتصادي لذلك البلد، فيرسل خبراءه المتمرسين للتفاوض مع مسؤولي التجارة والمال في تلك الدولة. وغالباً ما يكون أولئك المسؤولين من المضبوعين بالثقافة والحضارة الغربية جراء دراستهم في الدول الغربية مما يسهل عمل الصندوق. قد يكون المأزق أو العجز ناجماً عن عدم قدرة الدولة النامية على سداد ديونها أو حتى دفع الفوائد، وهو ما يسمى بالمأزق، مما يقتضي ديوناً جديدة أو إعادة جدولة الديون القديمة. فتطلب الجهات الدائنة، أو التي يطلب منها الدين، من صندوق النقد الدولي دراسة المشكلة وتقديم رأيه ونصيحته. فيرسل الصندوق موظفيه للتفاوض ليرى إن كان سيصدر شهادة حسن سلوك للدول المعنية لتحصل بموجبها على الدين أو جدولة الديون، أو ليقوم هو بالسماح لها بسحب حصتها في احتياطيه.
وفي العادة لا يقدم الصندوق للدولة تسهيلات لسحب رصيدها منه، ولا يعطيها شهادة حسن سلوك تقدمها للدائنين إلا بعد مفاوضات شاقة، يدفع الصندوق من خلالها الدولة لتبني برنامج إصلاح اقتصادي يتكون عادة من النقاط التالية:
1- حرية التجارة، وحرية تحويل العملات.
2- تخفيض عملة الدولة.
3- برنامج تقشف لمحاربة التضخم، ويشتمل عادة على النقاط التالية.
أ- وضع قيود على الإقراض المحلي، ورفع نسبة الفائدة، وربما أحياناً زيادة رصيد الاحتياطي.
ب- تقليص إنفاق الدولة وزيادة وارداتها، فتزاد الضرائب ورسوم الخدمات وأجور الانتفاع بالمرافق العامة، وقف الدعم للسلع الاستهلاكية، تجميد الأجور لموظفي الدولة.
4- اجتذاب رأس المال الأجنبي للاستثمار بتقديم التسهيلات اللازمة له.
ويمكن للدولة النامية المعنية أن تتبنى البرنامج كلياً أو جزئياً بحيث يؤدي الغاية ذاتها في جميع الأحوال. فإذا لم تتبن بنداً زادت من اعتمادها على بند آخر. فإذا رفضت الدولة مثلاً تخفيض الحواجز الجمركية كما تقتضي حرية التجارة، فإن عليها تخفيض عملتها بنسبة أعلى مما لو أزالت الحواجز الجمركية، أو أن تزيد من الضرائب والرسوم. وبعد التوصل إلى اتفاق، يملي موظفة الصندوق على الدولة النامية نص كتاب يرفع للصندوق تحدد فيه الدولة تعهداتها والتزاماتها حتى يعطيها الصندوق شهادة حسن السلوك. وإذا نكثت الدولة بوعودها أوقفت المساعدات عنها أو تعرضت لعقوبات.
ونظرة سريعة إلى البرنامج تُري أنه يقوم على المبدأ الذي قام عليه الصندوق وهو حرية التجارية، انتقال رأس المال. وهذا المبدأ يؤدي إلى هدم اقتصاد أية دولة نامية تلتزم به، فهو يتجاهل أن الدول الرأسمالية قد بنت اقتصادها خلف أسوار عالية من القيود والضرائب الجمركية، وأنها لم تتبن حرية التجارة إلا بعد أن اطمأنت لقوة اقتصادها، وأنها تعود إلى الحماية كلما هدد اقتصادها خطر. فتنمية الاقتصاد الضعيف لا يكون بفتحه أمام منافسة غير متكافئة مع اقتصاد أقوى منه. لأن المنافسة تكون دائماً لصالح الاقتصاد الأقوى، تماماً كالمصارعة بين خصمين غير متكافئين. وهذه حقيقة يقرها منظروا المبدأ الاقتصادي الحر فيقولون بأن الحماية للصناعات الناشئة ضرورية.
ومن المعلوم بداهة أن آلية حرية السوق تعمل ضد الطرف الأضعف، فمنظرو الاقتصاد الحر والسوق الحر ينظرون إلى الاقتصاد العالمي ككل بغض النظر عن التوزيع، فيقولون بأن حرية السوق تؤدي إلى مزيد من النمو في الاقتصاد العالمي. قد يكون هذا صحيحاً، ولكن القضية المطروحة ليست قضية نمو الاقتصاد العالمي وإنما قضية نمو اقتصاد بلد معين وضع الصندوق البرنامج من أجله. وما دام هذا البلد هو الأضعف في المنافسة فإن الوضع ليس في صالحه. ويقول المنظرون بأن حرية السوق تؤدي إلى التخصص وإلى تكريس التخصص، فتحصل المنفعة من تبادل هذا التخصص في السوق الحرة. قد يكون هذا ومنافستها تتخصص في التصنيع، فإن مبدأ التخصص، وتكريس هذا التخصص، يعني أن يبقى النشاط الاقتصادي للدولة النامية في حدود تصدير المادة الخام، بينما يبقى النشاط الاقتصادي للدولة الصناعية المنافسة في تصدير السلع المصنعة وبالتالي تكريس صناعتها، دون خوف من منافسة. وفي هذا تكريس لفقر فقير يزداد فقراً، وتكريس لغنى يزداد غنى. فإذا نضبت المادة الخام وجد البلد النامي نفسه لا يملك شروى نقير. ومن هنا فإن مجرد تبني الصندوق سياسة حرية التجارة وحرية السوق في تعامله مع الدولة النامية هو عمل لصالح الدول الصناعية ولتحطيم اقتصاد الدول النامية بل وأحياناً أنظمتها.
ومباحثات الصندوق مع الدولة النامية إنما هو لتأهيل تلك الدولة لمزيد من القروض الخارجية، فهو يزين لها الاقتراض ويؤهلها بدل أن يدفعها إلى مزيد من التنمية والتصنيع والإنتاج. هذا هو ما أتى الصندوق من أجله. فإن لم يجدها مؤهلة أهلها وإن تلكأت أغواها ودفعها أو هددها.
هذا من حيث الأساس الذي يقوم عليه البرنامج، أما من حيث مفردات البرنامج:
1- حرية التجارية وحرية صرف العملات تعني رفع جميع القيود عن الاستيراد، وبالتالي إغراق السوق المحلية بالبضائع المستوردة، فتفقد الصناعات المحلية الناشئة قدرتها على المنافسة وتدفع إلى الإفلاس دفعاً. ولا يقال أن تخفيض عملة الدولة النامية يفقد البضائع المستوردة قدرتها على المنافسة لارتفاع سعرها، فهذا إنما يكون في البلدان الصناعية ذات الصناعات المتشابهة في النوعية والجودة، أما صناعات البلدان النامية فتختلف عن ذلك، لذلك فإن السلع المستوردة لا تجد لها منافساً. كما أن حرية الصرف ستؤدي حتماً إلى نضوب خزينة الدولة المتهاوية أصلاً، من احتياطيها من الذهب والعملات الأجنبية فتسير الدولة نحو الإفلاس.
2- تخفيض العملة: تخفيض العملة يؤدي إلى تشجيع الصادرات لأن سلعة البلد تميل إلى الانخفاض مقابل العملات الأخرى. ولما كان لا يوجد لدى الدولة النامية ما تصدره سوى المادة الخام والمنتوجات الزراعية فإن هذا سيؤدي إلى تصدير مزيد من كميات المواد الخام والمنتوجات الزراعية إلى البلدان الصناعية ولكن بأسعار أقل، مما يبقى على نفس الدخل السابق ولا يتناسب مع الكميات المصدرة. أي إهدار ثروة البلد بأرخص الأثمان للدول الصناعية. ويلاحظ أن صندوق النقد الدولي يلجأ إلى هذا الطلب مع أن قوانينه تقضي بعدم تخفيض العملات، ولا بطلبه، ولا حتى بإعطاء المشورة للقيام به، فسياسة الصندوق العامة هي معارضة التخفيض، وإحدى أهم مسؤولياته الحفاظ على ثبات أسعار العملات.
3- أما برنامج التقشف فهو ذو أبعاد خطيرة، وآثاره متناقضة. فرفع نسبة الفائدة على القروض المحلية، ووضع القيود على تلك القروض يؤدي إلى انكماش اقتصادي، فيعرقل التنمية ويوجد المتاعب للصناعات المحلية، ويضاعف من فرصة إفلاسها. وبلد نام كهذا لا يعاني بالتأكيد من نسبة نمو عالية، ولا من نشاط اقتصادي أعلى من اللازم حتى يدفع إلى الانكماش، فهو منكمش أصلاً، وهذه السياسة ستؤدي به إلى العدم.
أما تقليص الإنفاق وتجميد الأجور فإنه يضع أعباء جديدة على كاهل المواطن، وتتضاعف هذه الأعباء بزيادة الضرائب ورسوم مؤسسات الدولة وأجور الخدمات العامة، وإيقاف دعم السلع الاستهلاكية. فبرنامج محاربة التضخم هذا إنما هو لتأجيج الثورة في البلد، فقد قامت ثورات فعلاً بل وثورات عديدة في أقطار العالم الثالث. فحيثما يحل موظفو صندوق النقد تعم الاضطرابات. وقد لا يكون البلد يعاني أصلاً من تضخم حتى يكافح، بل أن البرنامج من شأنه أن يوجد التضخم أو يزيده استعاراً، لأن التصدير سيمتد إلى تصدير المنتوجات الزراعية والمواد الاستهلاكية مما يوجد ندرة فيها فترتفع. ونظراً لاتساع تأثيرات هذا البند فإن صرامة الإجراءات التي يتخذها صندوق النقد تختلف من دولة لأخرى. فصرامة الإجراءات مع دولة عميلة لأميركا أقل من صرامتها مع دولة تعاديها. بل أكثر من ذلك، فإن أرادت أميركا قلب نظام حكم في بلد معادٍ هيأت الظروف لتدخِل الصندوق.
4- أما المستثمرون أصحاب رأس المال الأجنبي فهم أعداء داخل حصون البلد وأداة من أدوات إفلاسه وهدمه. فبأموالهم يشترون ذمم كبار رجال الدولة للوقوف إلى جانبهم وجانب دولهم، وبأموالهم يهدمون الدولة. فهم من جهة يعملون على ضرب الصناعات المحلية، ومن جهة أخرى يخرجون الأرباح بطرق مشروعة وغير مشروعة مما يضيف أعباء جدية على ميزان المدفوعات. فإذا وضعت الدولة قيوداً على إخراج المال تحايلوا على إخراجه فأخرجوه عن طريق زيادة كبيرة في أسعار مواد يعتبرونها أساسية لصناعاتهم يستوردونها من الشركة الأم أو فروعها الأخرى.
«وقد أجرى البنك الدولي دراسته على اقتصاد خمسين دولة نامية في سنة 1991 يتبنى نصفها برامج صندوق النقد الدولي، فوجد أن الدول التي لم تتبن برامج الصندوق حققت نمواً اقتصادياً خلال ذلك العام، بينما لم يحقق أي من الدول التي تبنت برامج الصندوق شيئاً من النمو الاقتصادي».
مصيدة الديون:
تغري الدول الصناعية دول العالم الثالث بطلب القروض بل وتجبرها أحياناً كما كانت تفعل أميركا في الخمسينات. وتستعمل الدول المستدينة تلك القروض إما لتمويل مستورداتها من السلع الاستهلاكية سواء من الدولة المقرضة أو من غيرها، أو تستعملها البنية التحتية غير الإنتاجية، ومن أجل هذا تعطي الدول الصناعية عادة القروض، وعندما يحين موعد السداد تلجأ الدولة إلى البحث عن مزيد من القروض أو إلى جدولة الديون الحالية، فتزداد الأقساط وتزداد الفوائد أي ما يسمى بخدمة الدين لأنهم في النظام الرأسمالي يعتبرون الفوائد من الخدمات، حتى تجد الدولة نفسها عاجزة حتى عن سداد الفوائد منفردة. يتدخل صندوق النقد الدولي ببرامجه المعتادة، فيقضي على كل أمل في قدرة الدولة على السداد، تماماً كالسفينة الذي يُغوى بالاقتراض للحجر على أمواله أو على شيء عزيز، فالدين هو رهن أو بيع لموجودات الدولة للدول الأخرى. وعندما كان الاستعمار في تصاعد كانت الدول الاستعمارية تستعمل الدين ذريعة للاستيلاء على اقتصاد البلد وإدارة ذلك الاقتصاد بنفسها ثم الاستيلاء على البلد نفسه. تستهين الدول النامية بالدين لأنها مفلسة سياسياً، فتسعى إلى الدين في محاولة لإرضاء الناس في فترات عصيبة، فتملأ الأسواق بالسلع التي تمولها بالديون الخارجية، فتتراكم الديون وتفقد الدولة قدرتها على السداد. فتضطر الدولة إما إلى إعلان إفلاسها والتوقف عن سداد الديون، فتعلن الدول الصناعية والمؤسسات الدولية عليها عقوبات اقتصادية وسياسية، وأما إلى أن تقع تحت نفوذ صندوق النقد الدولي فيفقدها حرية قرارها. وبالإجمال توضع هذه الدول وشعوبها في متاهات تلهيها عن التطلع إلى الأمام.
برزت مؤخراً مشكلة دولية تسمى بديون العالم الثالث. ومع أن الدول النامية شرعت في الاستدانة منذ استقلالها، إلا أن الديون ازدادت في العقدين الأخيرين عندما أرادت الدول الأوروبية احتياطه توزيع كميات الدولارات الموجودة في خزائنها، فسهلت القروض لدول العالم الثالث. ويتضح بجلاء عدم قدرة معظم الدول النامية على سداد شيء من ديونها ولا حتى فوائد الديون. والحل هو أن تلغي دول العالم الثالث فوائد الديون بالكامل من طرف واحد، وأن تتوقف عن سداد أصل الدين إلى أن تتمكن من بناء اقتصادها. وإن كانت الدول والمؤسسات الدائنة تتخذ عقوبات في حق الدولة التي تعلن إفلاسها، يساعدها في ذلك تجمعها في نوادٍ وكارتيلات للدائنين، فيمكن للدول المدينة أن تجتمع في نادٍ يسمى بنادي الدول المدينة أو المفلسة فتفاوض الدائنين بصوت واحد.
دأبت الدول الرأسمالية والمؤسسات المالية الرأسمالية على إيجاد تكتلات تقوي من أثرها وإجراءاتها ضد الغير، فهذا تجمع الدائنين، وذاك تجمع المنتجين في حقل كذا، وحتى عندما كانوا في الموقف الضعيف شكلوا تجمعاً سموه تجمع المستهلكين للطاعة جعل من ضعفهم قوة أمام الدول المصدرة للنفط. ولو قدر للدول الضعيفة أن تشكل تكتلاً خالياً من نفوذ الدول الكبرى لأوجدت لنفسها موقفاً قوياً.
تمثل أميركا الدولة المحافظة بالنسبة للنظام الدولي لأن حصتها من العدل النسبي أعلى من غيرها إذ النظام نظامها، والدول الأوروبية تمثل الدول الإصلاحية الداعية إلى تعديله لتزيد نسبتها من العدل النسبي. أما دول العالم الثالث ومعها كثير من دول العالم فلا ناقة لها ولا بعير في النظام الدولي لأنه لم يحقق لها شيئاً من العدل النسبي، بل أن النظام قام على ظلمها، لذلك فإن عليها أن تكون الدول الثورية التي تعمل على قلع النظام من جذوره. إن هذه الدول إن شعرت بعدالة النظام الدولي، فإن شعورها هذا في حقيقته كشعور الثعلب بالعدل وهو يوزع الغنيمة في حكاية الأسد والذئب والثعلب c
1993-03-08