أميركا عدو للمسلمين والأمم المتحدة مسخّرة لها انبذوا أميركا وانسحبوا من الأمم المتحدة
1993/01/08م
المقالات
2,111 زيارة
إن الغارة التي شنتها أمس أكثر من مائة طائرة حربية أميركية بمشاركة بريطانية وفرنسية، وبموافقة من مجلس الأمن كانت عملاً عدوانياً، لا يقوم به، ولا يشارك فيه، ولا يوافق عليه إلا عدو، مهما كانت الأسباب والذرائع التي استندت إليها أميركا، ومجلس الأمن للقيام بهذه الغارة، سواء أكانت هذه الأسباب هي تحريك العراق لصواريخه المضادة للطائرات عند خط العرض 32 مما يشكل تهديداً لطائرات التحالف، أم كانت تحدّي العراق لأميركا ومجلس الأمن، وعدم التزامه بقرارات مجلس الأمن، أم كانت إبلاغ رسالة لصدام بتصميم أميركا ومجلس الأمن على أنه لن يفلت من العقاب. إذا لم ينفذ جميع قرارات مجلس الأمن، أم كانت لتأديب صدام والانتقام منه لمجاوزته قرارات مجلس الأمن، أو لإثارة الجيش والشعب العراقي عليه لخلعه، حتى لو كانت أميركا تريد أن تتخذ من هذه الغارة أداة للضغط على الكيان اليهودي كي ينصاع إلى قرار مجلس الأمن 799 ويعيد الأربعمائة شخص الذين أبعدهم إلى بلادهم وبيوتهم. فكلها أسباب وذرائع لا قيمة لها، ولا تُشكل حجة مبررة للقيام بهذه الغارة الوحشية الآثمة على العراق. وهي عمل من أعمال الاعتداء، ولا يقوم بها إلا الأعداء. وكذلك كل تصرفاتها وأعمالها التي قامت بها في المنطقة إبّان أزمة الخليج، والتي سخّرت مجلس الأمن ـ الذي أصبح أداة طيِّعة في يدها ـ لاتخاذ قرارات فرض العقوبة على العراق، واتخاذ القرارات التي تتيح لها القيام بتنفيذ خطتها الجهنمية، الموضوعة من أيام كارتر لفرض هيمنتها على منطقة الخليج، وفرض سيطرتها على مصادر الطاقة فيها. وغير ذلك من تصرفات وأعمال فكلها تؤكد أنها (أي أميركا) عدوة للعالم العربي والإسلامي، وأنها دولة استعمارية أعادت سياسة فرض الهيمنة الاستعمارية بقوة الأسطول، بعد أن انقبرت هذه السياسة عقب ضعف دولتي الاستعمار: بريطانيا وفرنسا، وتراجُعِ تأثيرهما في الموقف الدولي، وفي السياسة الدولية.
ودولة هذا شأنها فإنها لا تصلح، بل لا يجوز أن تكون حَكَماً، ولا مَرجعاً، ولا قيِّماً على العالم، ولا على القيم الإنسانية، ولا على شرعة حقوق الإنسان، ولا على أية شرعة من الشرائع. لأنها مجردة من جميع القيمَ إلا قيمة النفعية، والاستغلال ـ حتى لأخلص حلفائها ـ ومن كل عدالة من عدالات الأرض والسماء. وقد داست وتدوس كل شرعة، وكل حق من حقوق الإنسان في سبيل تحقيق مصالحها.
ومجلس الأمن صنيعة لها، وأداة مُسخرة في يدها، وقد أصبح دائرة من دوائر وزارة خارجيتها، وخاتماً تطبع به كل ما تريد إصداره من قرارات تتخذها مبرراً لفرض هيمنتها، أو تحقيق مصالحها، أو ضرب خصومها، أو ضرب مَن لا ينصاع لإرادتها، أو مَن يقف حجر عثرة في طريق فرض سيطرتها، أو مَن تلمس منه خطراً ـ ولو بعيداً ـ على مصالحها.
لذلك فإنها ليست أهلاً للثقة، و لا تصلح أن تكون موضعاً للثقة وكذلك أداتها الطيعة مجلس الأمن ليس أهلاً لأن يكون موضعاً للثقة إذ لا مصداقية له، وهو مجلس لتبرير الظلم، وإزهاق الحق ومؤازرة الباطل، وضياع الأمن.
ولهذا فإن ما تتبجح به أميركا والدول الغربية ومجلس الأمن وما يسمونه العدالة الدولية، والشرعة الدولية، والقوانين الدولية، وشرعة حقوق الإنسان كله هراء وكذب وتضليل، وليس له واقع ولا وجود، فالشرعية الدولية الموجودة هي شرعة الغاب، شرعة افتراس القوي للضعيف، والعدالة الدولية الموجودة هي العدالة التي تجعل ظلم الدولة العظمى والدول الكبرى عدلاً، وتجعل مطالبة الدول الضعيفة بحقها أو الدفاع عن بلادها، أو مقاومة الاحتلال ظلماً. والقوانين الدولية الموجودة هي قانون الدولة العظمى وقانون الدول الكبرى الذي تفرضه بقوتها على العالم، وعلى الدول الضعيفة والصغيرة لتحقيق مصالحها. وشرعة حقوق الإنسان الموجودة هي الشرعة التي تجعل لليهودي المشتت في آفاق الأرض حقاً في أن يأتي إلى فلسطين لقتل أهلها، وطردهم منها، والاستيلاء على مدنهم وقراهم وأماكم سكنهم. وهي الشرعة التي تجعل للأميركي والبريطاني والفرنسي الحق في أن يستعمر الشعوب والأمم وأن ينهب ثرواتها.
ولهذا فإن الشرعة الدولية، والقوانين الدولية، والعدالة الدولية، وشرعة حقوق الإنسان ما هي إلا ألفاظ جوفاء، خالية من المضمون، وهي ألفاظ خادعة ومضللة، وتتخذها الدولة العظمى والدول الكبرى أدوات لتنفيذ مخططاتها، وفرض هيمنتها، وتحقيق مصالحها، واستعباد غيرها من الأمم والشعوب. والسطو على ثرواتهم ونهبها.
لذلك فإن من قصر النظر، وعدم إدراك الواقع ، أو التعامي عنه تَوجُهُ حكام البلاد العربية والإسلامية، وسياسييها، وقادة الأحزاب والحركات فيها إلى مجلس الأمن، وإلى أميركا، أو بريطانيا أو فرنسا أو روسيا لحلّ مشاكلهم وقضاياهم، أو لإنْصَافهم وإرجاع حقوقهم، أو لرفع الظلم عنهم. لأن مجلس الأمن وأميركا وبريطانيا وفرنسا ذئاب مسعورة، وأعداء للإسلام والمسلمين، وهم سببوا البلاء الواقع بالمسلمين اليوم، وهم الذين أوجدوا المشاكل للمسلمين، وعقّدوا حلّها، وهم الذين اعتدوا على المسلمين واستعمروهم ونهبوا ثرواتهم، فهم خصم حقيقي للإسلام وللمسلمين. والخصم لا يكون حكماً، ولا يجوز أن يكون حكماً، كما لا يجوز أن يُلجأ إليه لحلّ القضايا والمشاكل. والتوجه إليه ليكون حكماً، أو لحلّ القضايا، أو لرفع الظلم فهو كتوجُّه الحمل إلى ذئب مسعور طلباً لحمايته ورفع الظلم عنه.
كما أن من قصر النظر، وعدم إدراك الواقع، أو التعامي عن الواقع طلب الاحتكام إلى الشرعية الدولية، أو القوانين الدولية، أو العدالة الدولية، أو شرعة حقوق الإنسان لأنها جميعها اسم بلا مضمون، وتنادي بها أميركا والدول الاستعمارية الأخرى ومجلس الأمن كذباً وخداعاً وتضليلاً، وهم يتخذونها أداة لتنفيذ مخططاتهم، وفرض هيمنتهم، وتحقيق مصالحهم ضد الشعوب والأمم والمتأخرة والضعيفة. لذلك فإن اللجوء إليها كاللجوء إلى السراب الخادع، ولهذا يجب نبذها، وفضح واقعها، وبيان زيفها، وعدم طلب الاحتكام إليها. فهي أداة ظلم وفرض سيطرة وإزهاق حقوق، فضلاً عن كونها شرعة كفر وأنظمة كفر يحرم على المسلمين أخذها أو الاحتكام إليها.
هذا ما يجب على المسلمين: حكاماً وسياسيين وقادة وزعماء وحركات وأحزاباً وشعوباً أن يدركوه، وأن يكون تصرفهم حسب هذا الإدراك، فيدركوا أن أميركا ذئب مسعور، ووحش كاسر، ودولة استعمارية، وهي عدو لهم فيجب أن يتخذوها عدواً، وأن لا يركنوا إليها، وأن يعاملوها معاملة الأعداء، فلا يتبادلون معها أي تمثيل سياسي، ولا يسمحون لها أن تبقي أي جندي من جنودها، ولا أية آلة حربية في أي بلد من بلاد المسلمين، وأن يعملوا على تصفية كل هيمنة ونفوذ لها من جميع البلاد الإسلامية، وان يقاطعوها اقتصادياً ومالياً، وأن ينزعوا يدها من كل قضاياهم، وأن لا يسمحوا لها أن تتدخل في أية قضية من قضايا المسلمين، وأن لا يرجعوا إليها، وأن لا يحكّموها في أي أمر من أمورهم. وكذلك بريطانيا وفرنسا فإنهما عدوتان لدودتان للإسلام والمسلمين، وسببتا كثيراً من الكوارث التي وقعت بالمسلمين، وأضخم كارثة أوقعوها بالإسلام والمسلمين هي القضاء على دولة الخلافة، وإبعاد الإسلام عن الحكم في جميع بلاد المسلمين. لذلك فيجب أن يتخذهما المسلمون عدواً وأن يعاملوهما معاملة الأعداء. قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) وقال: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا).
وكذلك مجلس الأمن فإنه وكرٌ لإقرار الظلم، وإزهاق الحق، ومؤازرة الباطل، وقد سخرته أميركا لإصدار القرارات الظالمة ضد المسلمين، لذلك فإنه عدو للإسلام والمسلمين، فيجب على المسلمين أن يتخذوه عدوّاً، فلا يحتكمون إليه، ولا يرجعون له في أية قضية، ولا يسمحون له أن يتدخل في أية قضية من قضاياهم. كما يجب عليهم أن ينسحبوا منه، ومن الأمم المتحدة، ومن جميع هيآتها ومؤسساتها انسحاباً كلياً.
أيها المسلمون:
إنّ الحكم لله، وإنّ الاحتكام لا يجوز أن يكون لغير شريعة الله. والاحتكام إلى أميركا أو إلى مجلس الأمن لحلّ قضايا المسلمين هو احتكام إلى الطاغوت، وقد أمرنا الله أن نكفر به. حيث قال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا) لذلك يجب عليكم شرعاً أن تكفروا بأميركا وأحكامها، وبمجلس الأمن وأحكامه وقراراته، وأن تحولوا بين حكامكم وبين الاحتكام إلى مجلس الأمن، أو إلى أميركا أو إلى غيرها من دول الكفر.
كما يجب عليكم أن تُعيدوا إقامة دولتكم، دولة الخلافة، التي هدمها الكفار، لتفيئوا إلى ظلها حتى تكونوا آمنين، وأن تُعيدوا إيجاد الراعي الذي فقدتموه، ليكون لكم سنداً تستندون إليه، وموئلاً ترجعون له، بعد أن أصبحتم بفقده كالغنم السائبة، التي لا راعي لها ولا حافظ، والتي أصبحت تتخطفها الذئاب من كل جانب.
21 من رجب الفرد 1413 هـ
الموافق 14/01/1993.
1993-01-08