نظرة في العلاقات الدولية (2)
1992/11/08م
المقالات
2,198 زيارة
بقلم: أبو عبد الله السالم
كانت «الوعي» قد نشرت الحلقة الأولى من هذا الموضوع في العدد (64) وها هي تكمله في هذا العدد.
وأما الشرعية الدولية فهناك دول تحرسها هي الدول التي تسمى الأسرة الدولية، وهي التي تكوّن المجتمع الدولي، ومع أن هذا باطل حسّاً وعقلاً فإن الجانب الذي يستدعي النظر هو أن غطاء الشرعية الدولية مبنى على الالتزام بقراراتها الصادرة عن هيئة دولية هي مسيرة بأميركا. وهو ما يجعل أميركا عرضة للنقمة. وباستعراض المسألة نجد أن أميركا بعد غزوها لبنما وحرب الخليج المشؤومة أصبحت بطرة أشرة مما جعلها تسيء إلى اقرب المقربين إليها بل وتحتقر حتى عملاءها الذين لا مُزعة حياء في وجوههم، فالملاحظ أنها قامت بضرب الدول الأوروبية ضربات موجعة، فهم لم حماية يساندوا مثلاً حرب الخليج سياسياً وعسكرياً ومادياً فحسب بل أذعنوا للضغط الأميركي حول موضوع الإعانات الزراعية، وهو الذي يعتبر أهم إجراء لحماية إنتاجهم الزراعي الوطني، والموضوع الذي سبب وقوع خلاقات هامة داخل اجتماعات «الغات» السابقة، وللفت النظر فآخر اجتماع حدد موعده في «الغات» لإعادة النظر في مواقفها حول الإعانات الزراعية هو 15 كانون الثاني (1991) أي في الموعد نفسه الذي وضعته الأمم المتحدة لانسحاب العراق من الكويت وبدء الولايات المتحدة بالحرب.
وهكذا فأميركا هي المهيمنة وتستمد سلطاتها من الشرعية الدولية، وهذا الكلام يجعل رصد تجربة أميركا هامشياً، لأنه بالتدقيق يتضح أن الشرعية الدولية فقدت رصيداً كبيراً، بل كيفي ضربة أو ضربتان لإفقادها الصبغة الشرعية في أعين الشعوب. وذلك أن الدولة إذا كانت حامية للشرعية وكثرت اختراقاتها لها كان الخطر في سقوط الصورة الدولية كلية. والمضحك أنهم يركزون على عبارة (النظام الدولي الجديد) وهي كلمة لها مغزاها في الأعمال السياسية، فالإنكليز يحاولون ضرب أميركا بإظهار أنها هي التي تحاول أن تفرض هيمنتها من خلال ما تريد هي فكأن النظام الجديد هو المقصود.
وقد سارعت الدول إلى عقد مؤتمر في مجلس الأمن مما يدعو إلى التساؤل عن الأسباب والذي يظهر أن هناك خطرين:
الأول: هو على النظام الدولي من أن يتهاوى.
والثاني: هو بعث أفكار جديدة. قال ميجر في الافتتاح: «إنه أول اجتماع لقادته الدول الأعضاء في مجلس الأمن يعكس وضعاً جديداً في العالم ولذلك فهو يحتاج إلى أفكار جديدة» وهذا يشير إلى هدف بريطانيا، فقد أشار ميجور نفسه إلى ضرورة توسيع دول مجلس الأمن وصلاحياته لتشمل تطبيق الديمقراطية ومراقبة الانتخابات وتقويم مطالب الفئات السياسية والاستماع إليها لما لذلك من تأثير على الأمن والسلم في غير مكان من العالم. ومع أن فرنسا نظرت إلى المسألة على أنها ليست خطراً عسكرياً بل هي أخطار تهدد الاستقرار بحيث ينعدم التوازن في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والبيئية ومن ثم اقترح ميتران عقد قمة عالمية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، إذ ستسمح بتجديد عملية التنمية وإعادة المعيار الإنساني للأشياء، وصرح حول الديمقراطية بأنها تبدأ في المدرسة. كما يجب منع الصراع بين الشمال والجنوب، بل يجب أن تكون هناك فرص للاستثمار وإعطاء فروض رخيصة، مع ملاحظة اقتراحات بشأن منع انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وأما البيان الصادر عن الولايات المتحدة فقد رد على مسألة هيمنة الولايات المتحدة على هيئة الأمم وتسخيرها لمصالحها، وهو أمر له دلالته. ولفت النظر إلى أن انهيار الشيوعية سيقوي الأمم المتحدة وحض على تعزيز المنظمة الدولية وإحياء مركزيتها وتفعيلها مشيراً إلى خطر الأسلحة ذات الدمار الشامل الذي يهدد الاستقرار العالمي، وبمنع بعض الدول والأنظمة من تملك هذا النوع من السلاح. والبيان النهائي صيغ على أساس العناوين التالية: زمن التغيير ـ الالتزام الجماعي ـ حفظ السلام ـ صنع السلام.
وإن الخداع هنا ليس يماثله خداع، فالقرارات تشير إلى إفلاس المبدأ الرأسمالي فكرياً، بل الخوف عليه من الانهيار، وهو ما يكشف عنه كلام ميجر، وكذلك محاولاتهم التي طبقوها مؤخراً وهي الترويج والدعاية للديمقراطية ونظام الحريات إذ لم يكن المبدأ الرأسمالي يعتمد على الدعاية، واليوم نجد العالم يمتلئ صحباً وضجيجاً بالديمقراطية والنقاش حولها.
وإن الفساد وصل إلى درجة أن الشعوب الغربية ستكره الديمقراطية عما قريب وستثور ضدها إذا وجدد المناخ الملائم الذي يحرض التفكير الصحيح وينسف الفساد. والغرب الكافر يركز جهده على محاربة الأفكار الصحيحة أو بالتحديد على محاربة الإسلام بشكل صريح وذلك بالإيعاز إلى السماسرة والمرتزقة بطرح هذه الأفكار، وما تجريه الهيئة العامة للكتاب في مصر هو دليل واضح على هذه المسألة، ثم الأطروحات التي تغزو الأسواق لهدم تفكير الإنسان الأوروبي كذلك، على أن أوروبا لا تدري أن خرافة الأمن الجماعي وخرافة السلام العالمي إن هي إلا خدعة لا تنطلي على المسلمين هذه الأيام بل هي بسماسرتهم ألصق وأعرف.
وما قمة روما إلا مثال لخوف هؤلاء من الإسلام فهم قد توجهوا في البيان الختامي إلى العمل على الوقوف في وجه خطر داهم آت من غير أوروبا والشرق الأقصى. فهل هذا الخطر إلا الإسلام؟
وفي اجتماع قمة حلف الأطلسي التي عقدت في أوروبا صرح في البيان الختامي بما يلي: (إن الحلف سيواصل جهوده لمواجهة المخاطر الجديدة التي تظهر في الشرق الأوسط أو أوروبا الشرقية بالطرق السلمية ولكن سيواصل العمل داخل أراضي أعضائه).
وهو يعني بالتحديد أن أوروبا رضخت للضغوط الأميركية التي حولت حلف الناتو نحو التدخل في منطقة الشرق الوسط مع أن أميركا كانت في السباق ترغم حلفاءها على دفع تكاليف قواتها في أوروبا بإقناعهم بمصداقية وجود هذه القوات للوقوف في وجه المد الشيوعي على الرغم من سقوط الاتحاد السوفياتي ووجود آراء بين الدول بأن لا حاجة لهذا الوجود فإن الولايات المتحدة تعمل على توجيه حلف الأطلسي توجيهاً يتفق ومصالحها بحيث يكون مطية لها، وهو ما يجري بشتى الوسائل من ضغوط وأعمال أخرى.
غير أن الشقاق ذر قرنية بين أميركا وأوروبا، فأميركا تحتجز البترول بالسيطرة عليه، وتمنع التدخل في مشاكل الشرق الأوسط، وهي تريد أن تسخر العالم لمصالحها، ولكن أوروبا لا تسكت على هذا الأمر بل تحاول التحرك بشتى الوسائل، مع اختلاف الشكل من دولة لأخرى. فإنكلترا دولة شريانها في الشرق الأوسط وعملاؤها في المنطقة كثر، وهي لا تسكت تجاه أميركا بل تحاول زعزعة مركز أميركا على الصعيدين الاقتصادي والسياسي (حالياً) وبالرغم من قلة ما يظهر منها فإنه أكثر فاعلية على المدى الطويل. فعلى سبيل المثال كشفت حرب الخليج أزمة اقتصاد أميركا كشفاً ذريعاً ليس له علاج ناجع بل باتفاق المحللين علاجه علاج آني ومسكّن، وهو ما عجل ببروز المشاكل الداخلية في أميركا.
يقول محرر جريدة «سانداي تلغراف» البريطانية «لن يكون هذا العالم متعدد الأقطاب بعد اليوم فإذا لم يكن هناك من بد من نظام عالمي جديد، فسيكون أساسه مرتكزاً على القوة العسكرية الأميركية وسيكون لبريطانيا دور فاعل فيه» ويقصد أن بريطانيا تحاول أن تمد إصبعها في الشؤون الدولية. وبريطانيا تتفق مع أميركا إزاء نقطة ضرب ما يسمى محاولة تجمع أوروبا وتكتلها اقتصادياً مع اختلاف زاويتي النظر. فهي قد أظهرت نفسها مساندة لأوروبا إلا أنها أخذت الأمور بشكل فيه كر وفر على أوروبا لانهاك الدول وجعلها معلقة بالمصير البريطاني ومن ثم انسحاب بريطانيا وطرح مشاريع سياسية على جداول الأعمال تجعل المسائل شائكة ومعقدة على المدى غير القصير. ثم ما لبث الأمر أن عاد إلى وضع نسبي يقف على طرف نقيض من أميركا اقتصاد أميركا في الفترة الأخيرة، إذ وضعت الدول الأوروبية عراقيل في وجه البضائع الواردة إلى السوق الأوروبية، وكأن بوش فهم ذلك فصرح تصريحاً فيه استفزاز لرؤساء الدول مما أظهره مسقطاً في يده، وهنا بدأت ضغوط اقتصادية في الداخل كان أثرها أن تحرك بوش تجاه اليابان وعاد خائباً. وفي غمرة هذا الوضع الحرج وتذبذب الدولار وانخفاضه ومحاولة السيطرة على النفط بإيعاز من أميركا لعملائها (السعودية) لطرح فائض نفطي، وبارتفاع نسبة الفائدة على المارك والفرنك الفرنسي كل هذا احتاج إلى تحرك أميركي سريع، والمسببات الرئيسية لحالة الركود الاقتصادي الأميركي كانت قائمة قبل حرب الخليج ومستقلة عنها.
وبافتضاح الأساس الاقتصادي الأميركي سيصبح الدولار كالريشة في مهب الريح تتقاذفه المضاربات المالية في الدول القوية، ولولا الكساد الاقتصادي الأوروبي بشكل عام لأصبح الدولار شيئاً كان ثم انقضى.
وبسبب الركود الاقتصادي المخيم على العالم وخصوصاً أوروبا، فقد طرحت فكرتان خطيرتان جرى العمل بهما: الأولى هي إلغاء فوائد القروض على الدول العربية أو بعضها، والثانية: هي الاستثمار. فالفكرة الأولى تعني أن الدول المقترضة سيزاح عن عاتقها عبء الدين ومن ثم ستلجأ إلى الشراء من السوق الأوروبية وبذلك يتحرج السوق، والثانية: هي حيلة بجلب المستثمر الأوروبي بإحالته على الدولة المقترضة فيكون العمل بالدولار داخلياً مع امتصاص المنفعة في تلك البلاد ونمو رأس المال بواسطة شركات طفيلية ترتزق في البلاد العربية.
وأقول: إنه لم يبق للحكومة والخزينة الاتحادية الأميركية إلا القليل جداً من أدوات السياسة الاقتصادية التي تستخدم بوجه التقلبات الاقتصادية الدورية لتصارع بها هذا الركود. إذ أن جميع الإجراءات التي اتخذت لكبح جماح هذا المد في الركود بالداخل كتخفيض نسبة الفائدة وهو إجراء نفذته الحكومة الفدرالية في بداية العام 1991 ستقوم فقط بفتح الأبواب أكثر أمام انخفاض قيمة الدولار الأميركي وتقلل أو تنعكس سلبياً على تدفق رؤوس الأموال الأجنبية. ولا يخفى ما لانخفاض قيمة عملة ما من هزة لمصداقية هذه العملة وبالتالي الدولة المصدرة لهذه العملة.
يقول جيمس سانس رئيس التحرير السابق لمجلة فورين أفيرز Foreign Affairs الأميركية في مجلة (انترناشونال مانيجمنت) (مجلة إدارة الأعمال الأوروبية):
«وداعاً للولايات المتحدة سيكون هناك تحد أوروبي… لقد قلبت أوروبا نظرية سيرفان ـ شيرايبر رأساً على عقب. إن الولايات المتحدة اليوم هي التي تخاف من قوة أوروبا الاقتصادية ويشغل بالها الانحسار النسبي الذي تواجهه… ومع قدوم العام 1992 لا يمكننا تصور ردة فعل أوروبا الجديدة في حال حصول اضطرابات اقتصادية حادة أو ـ (ويجب ألا ننسى ذلك) حالة ركود عالمية… ومن هذا المنظور يتراءى للأعين شبح مخيف أكثر، بالنسبة للأميركيين على الأقل وهو عبارة عن أوروبا محصنة تسيطر عليها مجمعات صناعية ضخمة باستطاعتها تجميد جميع المنافسين لها ووضعهم خارج سوقها. فإذا حدث شيء من هذا فإن المخاطر على الولايات المتحدة ستكون جسيمة. ومما سيسبب المزيد من الإضعاف لقوة الولايات المتحدة وتأثيرها، هو احتمال قيام الأوروبيين عاجلاً أم آجلاً بتشكيل نظام أمني أوروبي خاص بهم. فواشنطن هي بأشد الحاجة واللهفة للبقاء في أوروبا… وكما قال الرئيس بوش في خطاب له في شهر نيسان 1990: (على الولايات المتحدة أن تبقى قوة أوروبية بالمعنى الواسع سياسياً وعسكرياً واقتصادياً)»أ هـ.
ومن الطريف عرض وجهة نظر سياسية للبروفيسور دانييل بيل المتخصص بالأبحاث عن النظام العالمي الجديد في سلسلة أبحاث عن جامعة (هارفارد) فقد رأى، معتمداً على إحصاءات وأرقام ووثائق، أنه في مدى العشرين سنة المقبلة سيعرف العالم مرحلة تحول دقيقة وحساسة تختفي فيها كيانات وتتغير دول وتنشأ أخرى مكانها. كما أن الاتجاه السائد سيكون بروز مراكز قوى عديدة في العالم ويسود بينها تنافس اقتصادي حاد. سيدفعها رغماً عنها إلى الصراع العسكري في النهاية وهو صراع لن يُبقي أو يذر، ولذلك فهو ينصح بالاتجاه إلى التوافق بين القوى العالمية واستخدام الثورة الإلكترونية والتكنولوجية لتقوية الاتصال وتبادل المعلومات بالسرعة اللامة والاستفادة من هذه الوسائل لتحسين نظام الخدمات والكفاية الإنتاجية وغيرها في غير منطقة من العالم. وقيام ما يمكن وصفه بالقرية العالمية حيث تعتمد الشعوب المختلفة على بعضها البعض.
وقد كان من المتوقع أن تعي دولة كالصين على ما حدث للاتحاد السوفياتي وتقف في وجه أميركا إلا أنها كالاتحاد السوفياتي في قادته، لا يهمهم سوى الدفاع عن أنفسهم بل لا يتقنون شيئاً من السياسة، والمثال على ذلك هو ما حدث من اجتماع اللجنة السياسية التي شكلتها الحكومة الصينية لبيان ما سيحدث في ضوء انهيار الاتحاد السوفياتي. فقد خرجت هذه اللجنة بدراسة مفادها أن الحذر واجب من أمثال بوريس يلتسين، فلا شعارات براقة تطرح على الشعب لأنها كذب وخيانة وكذلك شعارات التعددية الحزبية والحرية، وقد ذكر التقرير الصادر أنه يجب أن يأخذ العمل الأيدلوجي بعين الاعتبار العوامل التالية:
-
ضمان التمييز الواضح بين الاشتراكية الغربية والديمقراطية.
-
تجنب التسويات والحلول الوسطية التي تؤدي إلى قيام نظام التعددية الحزبية.
-
ضمان سيطرة الحزب على القيادة السياسية لجيش التحرير الشعبي.
-
تحديد الحدود التي تفصل بين الاشتراكية الصينية والرأسمالية بشكل واضح.
فعلى الرغم من أن هذا يشكل وعياً على المبدأ داخلياً إلا أنه ليس تصوراً واضحاً يفتح آفاقاً سياسية خارجية. فهذا ليس إلا شكلاً دفاعياً. والمفروض أن الدولة الحاملة للمبدأ أن يكون نمط تفكيرها هجومياً يركز على فهم الأعمال السياسية والقيام بضربات هجومية عنيفة من البداية. وبما أن الصين لم تتحرك في البدء فيستحيل عليها الآن تسوية وضعها داخلياً وخارجياً. فأميركا تسحب الصين لتكون تحت مظلتها تشرف عليها وتتدخل في شؤونها بل وتنهيها لتكون مربوطة بها منفذة لمصالحها، فضلاً عن أن الصين هي المجال الحيوي لأميركا، التي تخشى من توسع الصين ومن أن تتضخم لتشكل خطراً استراتيجياً في تلك المنطقة، فلذلك كانت القوات الأميركية جاهزة في كوريا الجنوبية بمناورات وتدريبات لتهديد كوريا الشمالية والضغط عليها، لئلا تكون هناك دولة نووية في المنطقة، بل إن أحد الجنرالات الأميركان في الكونغرس ألقى خطاباً حول الأهداف الاستراتيجية لوجود القوات الأميركية في شبه الجزيرة هناك وذكرنا بأنهم مستعدون لضرب كوريا إذا تحركت. فأميركا تخشى من اختلال التوازن في تلك المنطقة، والذي يظهر أن الصين ترضخ لطلبات أميركا المتعلقة بالأسلحة النووية.
وفي اجتماع ميونيخ الذي عقده مسؤولون كبار من عشر دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي لتبادل وجهات النظر وفي اجتماع غير رسمي حول سبل مكافحة الخطر الجديد المحدق بالغرب والمتمثل بانتشار أسلحة الدمار الشامل، في هذا الاجتماع تحدث نائب الرئيس الأميركي دان كويل عن مخاطر الأسلحة النووية الكيميائية والأسلحة البيولوجية، وذكر المخاطر المحدقة بأوروبا بالذات دون أميركا، وكان الخوف من دول العالم الثالث، ومن استخدامها للعلماء الروس في هذا الميدان، وفي اجتماع مجلس الأمن في ذات الفترة كان القرار هو حظر الأسلحة النووية لمنع انتشارها وحظر دخول العلماء الروس على الشرق الأوسط…
وهذا كله يشير على أن التصورات المطروحة هي تصورات عسكرية لدى أميركا بالذات بل وإن السياسة الأميركية مهددة بمثل هذه التصورات، وهذا ما تبرزه التقارير التي تتلى على الكونغرس وهي في موضوعاتها تقديرات عسكرية بأيدي عسكريين، وإذا ظل الوضع على هذا الحال، فأميركا زائلة سياسياً ومل يبق إلا خطوات قليلة مؤيدة بنصر الله سبحانه كي يكشف الزيف وتتهاوى دول الكفر بقضها وقضيضها فضلاً عن أفكار القومية والعنصرية وما شاكلها التي تنخر في تلك البلاد، وأفكار السيادة التي تجع لمن المستحيل أن تتماسك هذه الدول داخلياً. وإن المفكرين في الغرب ليدركون أن المبدأ الرأسمالي زائل، وما المناقشات التي تحدث في الغرب إلا صورة لهذا القلق، وما الكتب التي تصدر لا منفذ لها.
وقد سقط الاتحاد السوفياتي وستسقط أميركا قريباً إن شاء الله وستكون أثراً بعد عين، وخبراً كان يروى، وكذَّب الخُبْرُ الخبرَ (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) واللهُ لن يخلف وعده ودولة الخلافة آتية إن شاء الله (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله).
1992-11-08