خيبر واستانبول
1992/11/08م
المقالات
2,222 زيارة
سمعنا خيراً غير مؤكد وهو أن دولة اليهود (إسرائيل) طالبت السعودية بأرض خيبر وأراض حول المدنية المنوّرة (أرض بني النضير وقريظة وقينقاع) التي كان أجلاهم عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسمعنا أن حكومة السعودية دفعت لليهود مبلغ أربعة مليارات دولار مقابل سكوتهم عن هذه المطالبة. فهل صحيح يا حكام السعودية ما سمعنا من هذه الأخبار؟
نحن نعلم أن وفداً يهودياً كان قد زار السعودية قبل حوالي سنة بترتيب من بندر بن سلطان سفير السعودية لدى أميركا، وأن هذا الوفد اليهودي طاف على الأماكن التي يعتبرها اليهود ملكاً لهم وأقام هذا الوفد صلاة يهودية في خيبر!
أما عن استانبول فالمسألة ليست خبراً بل هي استقراء وفهم للواقع الذي يجري في البوسنة. فدول أوروبا لم ترضَ بقيام دويلة للمسلمين (ولو علمانية) على أرض أوروبا، وها هي كلها متواطئة مع صربيا وكرواتيا على إنهاء وجود مثل هذه الدولية. وهذا يعني أن دول أوروبا تفكر الآن في الجزء الأوروبي من تركيا. هذا الجزء هو عبارة عن دولة للمسلمين على الأرض الأوروبية.
قبل عقدين من الزمن لم يكن الأوروبيون قد تملكهم الخوف من عودة الإسلام، أما الآن فالرعب يقتلهم، وقد رأينا كيف وقفوا في وجه انتخابات الجزائر.
قبل عقدين لم يكونوا يخافون أن تعود تركيا (العلمانية) إلى الخلافة الإسلامية، وكانت تركيا تقف معهم في حلف الأطلسي ضد توسّع الاتحاد السوفياتي.
أما الآن، وقد تفكك الاتحاد السوفياتي، فلم تعد أوروبا بحاجة إلى تركيا. وفوق ذلك فإن رياح الإسلام بدأت تهب قوية على سائر البلاد الإسلامية ومنها تركيا. وصارت دول أوروبا تحسب لتركيا ألف حساب لأنها لم تَنْسَ بعد الفتوحات الإسلامية وجهاد المسلمين.
فالدول الأوروبية تفكر الآن وتخطط وتدبّر لتمزيق تركيا واشغالها بنفسها، ومن ذلك محاولة فصل القسم الأوروبي منها عن القسم الآسيوي. وخاصة أن الأوروبيين يعتبرون أن استانبول (القسطنطينية) هي عاصمة الكنيسة الشرقية، وأن بني عثمان اغتصبوها منهم اغتصاباً. اليهود يريدون أخذ المدينة المنوّرة والأوروبيون يريدون أخذ استانبول.
الساسة في تركيا نظرهم قصير، وإلا لكانوا هبّوا إلى مساعدة البوسنة قبل أن يتم القضاء النهائي عليها، لأن الدول سينتقل بعد البوسنة إلى استانبول.
قصر النظر هذا ظهر عند الساسة الأتراك في مناسبات كثيرة كان آخرها حين لم يفطنوا إلى أن تقسيم العراق سيؤدي إلى تقسيم تركيا. وفي الأسبوع الماضي (14/11/92) اجتمع في أنقرة وزراء خارجية كل من تركيا وسوريا وإيران واتفقوا على رفض قيام دولة كردية في شمال العراق لأن هذا سيحفز المسلمين الأكراد في تركيا وسوريا وإيران على إيجاد استقلال لهم. وهذا الموقف من هؤلاء الوزراء جاء متأخر جداً.
لو كان هؤلاء الوزراء يملكون بعد النظر ووضوح الرؤية لأدركوا أبعاد الخطة الأميركية الخبيثة من اللحظة الأولى: من اللحظة التي سمحت أميركا فيها لصدام أن يستعمل طائرات الهيلوكبتر والدبابات والمدفعية لضرب الأكراد وتشريدهم. أميركا اشترطت على صدام فقط أن لا يستعمل الطائرات ذات الأجنحة الثابتة (أما قتلهم ببقية الأسلحة فمسموح!)
1992-11-08