قيمة كُلِّ امرئ بحجم قضيته. والكثير من شباب الأمة أُفرغوا من قضايا أمتهم، فعاش كلٌّ منهم بمفرده، وحدّد لنفسه قضية كاذبة أو حقيرة يعيش من أجلها، مغمضاً عينيه عما يدور حوله من مخططات ومؤامرات…
وبعض هؤلاء قد جعل حُبَّ المرأة قضيَّة حياته، فاتخذ لنفسه فتاة أحلامه، وأصبح حبها مركز تفكيره ومشاعرهن وغدا نوالها مطلب حياتهن يؤلمه إعراض حبيبته عَنْهُ أَشَدَّ الإيلام، ولا يؤلمه إعراض الأمة عن حكم حياتها بنظام الإسلام، يثور لظلم الحب ثورة لا تهدأ، ويبقى هادئاً لا يحرك ساكناً أمام ظلم الطواغيت وجورهم.
ولكن رغم ظلام الجاهلية بقيت ثُلةٌ من الشباب المؤمن عميقة الإحساس بأمتها شديدة التمسك بقضيتها. ثلةٌ سَخَّرَتْ حُبَّها ومالها وعمرها لنصرة دينها وإرضاء ربها وإعادة الخلافة الراشدة إلى واقع حياتها ]قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين[.
هذا الشباب المؤمن الملتزم هو الذي فهم حقيقة الحياة؛ فعرف حدود الله ووقف عندها… عرف كيف يحب وكيف يعطي للحب رونقه وجماله حين يجعله للتي أحلَّها للهُ له.. عرف كيف يعطي للحبِّ قدراً كبيراً ومكانةً عاليةً حين يجعله مُعيناً له في كفاح الظالمين.. وهذه القصيدة هي نموذجٌ لحوارٍ يدور بين شابٍ مؤمن وخطيبته:
أحبك لكنّ حبي غريب
محمد أبو وائل
«حبيبتي ألا تعشقُ الياسمينْ
|
|
أَمَا ذاق قَلبُك طَعْمَ الأنينْ
|
||
ألمْ تتعلمْ كلامَ الهوى
|
|
ألسْتَ تُحِسُّ كما العاشقينْ
|
||
أم أنك عُدْتَ لحبٍّ قديم
|
|
وعادَ إليكَ هواكَ الدّفينْ
|
||
أحقّاً بأن الهوى دائماً
|
|
يَحِنُّ لأحبابه الأولينْ»
|
||
|
_ _ _ |
|
||
كفاكِ حياتي فأنتِ الهوى
|
|
وأنتِ المحبةُ، أنتِ الحنينْ
|
||
ولكنَّ في القلب ناراً تلظَّى
|
|
يؤجِّجُها عَبَثُ المفسدينْ
|
||
أترضَيْنَ أن يمضيَ الصادقونَ
|
|
بنور الهدايةِ للعالمينْ…
|
||
وأبقى أنا هامشاً في الحياة
|
|
أعيشُ أُصَفِّقُ للمطربينْ!؟
|
||
أترضَيْنَ أن يعملَ العاملونَ
|
|
ويبقى حبيبُكِ في القاعدينْ
|
||
أتبيضُّ منهم وجوهُ ونبقى
|
|
نَعَضُّ الأكفَّ مع النادمين
|
||
أيمضي الصِّحابُ لِفِرْدوْسِهِمْ
|
|
ونُخْلِدُ نحنُ لِدُنْيَا وطينْ!!
|
||
|
_ _ _ |
|
||
أحِبّكِ لكنّ حبي غريبُ
|
|
عَنِ العصرِ… عن مسرح الساقطينْ
|
||
أحبكِ لكنَّ حبي خطيرُ
|
|
يَهُدُّ العروشَ على المجرمينْ
|
||
أحبكِ لكنَّ حبي طريدٌ
|
|
تلاحِقُهُ طُغمةُ الحاكمينْ
|
||
أحبكِ نوراً يضيءُ طريقي
|
|
أحبكِ ظمأى لنصرٍ مبينْ
|
||
أحبكِ ناراً تُسَعِّرُ صدري
|
|
تُحَرِّكُ عَزمي لنصرةِ دينْ
|
||
أحبكِ أُمّاً لشبلٍ أبيٍّ
|
|
يصونُ الخلافةَ يحمي العرينْ
|
||
أحبكِ جوعاً لمعنى الحياةِ
|
|
أحبكِ حقداً على الظالمينْ
|
||
أحبكِ شوقاً لجنةِ خلدٍ
|
|
بظلِّ الإله مع السابقينْ
|
||
غداً تدركينَ حقيقةَ حُبِّي
|
|
غداً تبصرينَ بعينِ اليقينْ
|
||