في مواجهة عودةِ الخلافة: نموذجُ الجزائر (الوجه الجديدُ للاستعمار في دولِ الـتَّبعية)
2012/10/29م
المقالات
1,900 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
في مواجهة عودةِ الخلافة: نموذجُ الجزائر
(الوجه الجديدُ للاستعمار في دولِ الـتَّبعية)
طاهر ف. عبد العليم-الجزائر
تشهدُ الجزائر خلالَ هذه السنوات الأخيرة أي منذ ما يربو على عقدين تقريباً (إلى غاية هذه اللحظة2012م) حرباً خفيةً وأخرى معلنةً يقودها النظامُ على الإسلام، في سباقٍ مع الزمن من أجل إبعاد فكرة الدولة الإسلاميةِ عن الأذهان، ومن أجل الحيلولة دون عودةِ الناس للمطالبة مرة أخرى بتطبيق الشريعة الإسلامية. ويظهر جلياً من تصرفات ومن تصريحات مَنْ بيدهم أمورُ البلد أنهم أجمعوا على ألا يكرروا أخطاء الماضي، في إشارةٍ إلى فتح المجال السياسي، لأن ذلك لن يقـودَ – بحسب التجربة (في 1988م) – إلا باتجاه تحكيم الإسلام وظهور المناوئين للسلطة في اتجاه المطالبة بالحكم بالإسلام، لا في غيره من الاتجاهات.
فلا الديمقراطية نجحتْ، ولا التعدديةُ السياسية أفلحتْ في احتواء القوى السياسية المختلفة، كما كان يأملُ أصحابُ القرار، فكان أن جاءت الأوامر مبكراً من وراء المتوسط بوجوب غلقِ المجال، وبوجوب المحافظة على الديمقراطية الشكلية في الواجهة كحل وحيد للالتفاف على مطالب الشعب المسلم، وللإبقاء في ذات الوقت على النفوذ الأوروبي، وذلك ببقاء النظام الحالي في البلد قائماً، وبقائه – في ذات الوقت – بعيداً عن التدخل الأميركي تحديداً. وهذا ما كان – لاسيما بعد فترة القمع الدموي أو بالأحرى منذ 1995م.
وتتجلى مظاهر خطة صرف الناس عن التفكير بوجوب عودة الإسلام إلى الحكم، خاصة مع مجيء بوتفليقة في 1999م رئيساً للبلاد باتفاق مع الجيش، تتجلى في صراع ناعم تدور فصولُه إلى اليوم حول المحاور التالية، التي يحتاج كل واحدٍ منها إلى تفصيلٍ ليس هو مبتغانا في هذا المقام:
1- تفكيكُ وتفتيت وتعفين الوسطِ السياسي والنقابي والجمعي (نسبة إلى الجمعيات) بالحظر وبالإغراءات والمضايقات، مع السيطرة الكاملة على الساحة السياسية وعلى كل وسائل الإعلام.
2- تفعيلُ دور وزارة الشؤونِ الدينية والأوقافِ (كما تسمى) في ضبط كل ما يتعلق بالمساجد، وكذلك في ضبط ومراقبةِ كل ما يُستورد من الكتب عامةً، والمستجلبةِ عبر المعارض خاصة، مع تشجيع التدين العلماني الأعمى على شاكلة من يحافظُ على الصلوات الخمس (و هذا مطلوب وواجب) ولكن يطيع حكامَ الأمر الواقع من توابع الغرب الحاقد باعتبارهم أولياء الأمور الشرعيين ولا يتدخل مطلقاً فيما هو من الشأن العام، بمعنى أنه يعزف عزوفاً تاماًّ عن السياسة. كذلك بعثُ الطرق الصوفية وزواياها وإمدادُها بالمال، قصدَ تأطيرِ أكبر عدد ممكن من مريديها ومن عامة الناس من خلالها، واستخدامِهم عند الحاجة بواسطة شيوخهم. يضافُ إلى ذلك الإشراكُ الوهمي لأصحاب الإسلام الوسطي المداهنِ والمعتدلِ في السلطة، أو بالأحرى إلحاقُهم بدواليب النظام لاستخدامهم هم أيضاً وقتما وكيفما يلزَم من خلال تمكينهم من بعض المنافع وإلقامِهم بعض الوظائف (في الوزارة والبرلمان بوجه خاص)، كما هي الحال اليومَ على خلفية هذه الانتفاضات الشعبية وهذا الحراك السياسي الذي تشهده البلاد العربية.
3- إلهاءُ الشبابِ بكل أنواع الرياضة والموسيقى والغناء وجميع أصناف اللهو، بعيداً عن السياسة، وصرفُ معنى الثقافة إلى هذه الأشياء، مع نشر الميوعة في ربوع المجتمع. لا يخفى بطبيعة الحال على المهتمين بالشأن العام ما يتحتم على المتنفذين رصدُه من أموال طائلةٍ.
4- دفعُ الناس بقوةٍ نحو الكسب المادي السهل (ولو) بالمتاجرة في المحرمات شرعاً والممنوعات (قانوناً)، مع فتح أبواب الاستيراد من كل مكان، والتجارة المشبوهةِ دون قيد، والتنافس في المضاربات والصفقاتِ بكل الطرق الملتوية. وفي النهاية: جعلُ المال وحده مقياساً للنجاح في الحياة!
هذه أربعة. وللوقوف على مدى خوفِ الغربيين الأوروبيين والأميركيين من عودة الإسلام إلى شمال أفريقيا في الثوب الذي يزعجهم، أي في تطلع الأمة الإسلامية إلى عودة الخلافة الإسلامية، التي سوف تقطع دابرَ نفوذهم وتلاحقهم في عقر دارهم، ارتأينا في هذه العجالة أن نكشفَ أمراً خامساً من الأمور التي نصحوا بها عملاءَهم على صعيد هذه الحرب على الإسلام في هذا الجزء من البلاد الإسلامية الممسوكةِ أوروبياً، وفي الجزائر بالذات، والتي ينفذها بإخلاص أناسٌ يتكلمون لغةَ الشعب، ويتحدثون باسم النضال والكفاح ضد الاستعمار والهيمنة الأجنبية (و خاصةً حرب التحرير على المستعمِر الفرنسي)، ويتحدثون باسم الوطنية ومصلحةِ الشعب، وينفذون في نفس الوقت للكفار كلَّ ما يطلبون منهم وفق منهجيةٍ مسطرة، وبخبث ومكرٍ قلَّ نظيرهما. يجري هذا بشكل ناعمٍ في غياب تحرك واضح للناس ضد ما يُراد بهم وبأبنائهم، على الأقل في المدى المنظور، من جراء صدمة أحداثِ تسعينات القرن الماضي، ونتيجة خطة تعفين الوسط السياسي الهزيل أصلاً. وهذا الأمر الخامس هو:
5- ضربُ الثقافة والتعليمِ في الصميم.
ونظراً لما للتعليم من أهمية في حياة الناس من حيثُ صياغة مفاهيمهم عنها وسلوكياتهم فيها، فإن أعداءَ الأمة أوكلوا إلى هؤلاء العملاء والمنافقين مهمةَ تغيير طريقةِ التفكير لدى أبناء المسلمين ومهمةَ إيجادِ جيل جديدٍ مختلفٍ تماما،ً مصممٍ بعناية وفق شروط معينة: يكون فاقداً للذاكرة، مائعاً لاهياً بشكل مخيف، جاهلاً بشكل مرعب، ليست له لغة يتحدث ويعبر بواسطتها، ولا يبحث في الفانية سوى عن اللذة الآنية! ولا يعرف أي معنىً للجد في الحياة ولا للاستعداد للمستقبل! فهل سينجح أذنابُ الاستعمار في هذه المهمة؟ الجواب: لا. ولكن قبل التطرق إلى هذا الإخفاق المحتوم، نود إلقاء نظرةٍ على ما يجري الآن تنفيذُه في صمت من سياساتٍ في هذا الشأن، بعيداً عن المبالغة، لنقفَ على حجم الكارثةِ، علماً أن هذا التنفيذ كان قد بدأ بالفعل وظهرَ بشكلٍ بارز منذ عقدين من الزمن على الأقل.
عمد الموكَلُ إليهم تنفيذُ ذلك – فيما نحن بصدده وهو التعليم – إلى رسم سياسةٍ تعتمد إجمالاً على الأسس الأربعة الآتية، وقد حرصوا باهتمامٍ بالغ على إيجاد مقتضياتِها على أرض الواقع دون تأخير، أملاً في كسب المعركة ضد الإسلام قبل فوات الأوان:
1- صرفُ كل الاهتمام إلى الكم والعدد على حساب النوع في كل ما يتعلق بالتعليم، والاهتمامُ ببناء الجدران بدل بناء الإنسان. والقصدُ من ذلك هو – تحت شعار تعميم التعليم الزائف – تخريجُ أعداد لا تحصى من حاملي الشهادات في كل الشُّعب مع الحقيقة المُرَّة أن لا أحد يتقن شيئاً، لكي تصبح الشهادةُ لا تعني شيئاً حقيقياً ملموساً في الميدان. وهذه حقيقة صارت مشاهدةً اليوم.كل ذلك لتمييع الوظيفة التعليمية في المجتمع والحط من قيمة العلم والتعلم والتعليم والمعلمين والمتعلمين، عبر المقارنة عملياً مع المجالات الأخرى في الكسب المادي. تحوَّلَ طبيعياً أغلبُ المعلمين في جميع المستويات عن المعنى الرفيع للعلم والتعليم –حتى في الجامعات- إلى طلاب رفعةٍ مادية كلٌّ على طريقته. والأمثلة على ذلك كثيرة نذكر منها ثلاثة: الأول أن معظمهم صار يدرِّس خارج الساعات المقررةِ أخرى إضافيةً على مرأى من الهيئات الوصية ومن أجهزة النظام. الـمثال الثاني: أصحابُ الجامعات تخلَّوا في أغلب الأحيان عن مسألة التعليم ذاتها، حتى صار التغيُّب عن الحصص طبيعياً وعادياً دون محاسبة، وباتت الدراسة عبثاً، وصار الحديث في الجامعة الجزائرية عن الراتب والزيادة في الراتب، على ما كان في التعليم الجامعي من ضعف أصليّ من قبلُ، وتقلصت السنة الدراسية – مع سوء التسييرِ والإضراباتِ المتكررة – إلى أقل من عدد أصابع يدٍ واحدة من الأشهر! وعمد كثير منهم إلى انتهاز فرص الحصولِ على المادة من خلال أساليب رخيصةٍ وثغراتٍ أوجدها النظامُ نفسه، كتربصات (وهميةٍ) خارج البلاد ترصدها الجامعاتُ للبحث العلمي (الاسمي فقط!). السؤال: من المسؤول عن هذا الوضع التعيس؟ الوزارة، أم الأستاذ، أم إدارة الجامعة، أم سياسة التعليم، أم النظام ككل؟ مثال ثالث: معلم المرحلةِ الابتدائية في الجزائر -وهي بالتأكيد أهم مرحلة في بناء الشخصية منذ الصِّغر- بات محل ازدراء وتهكم في المجتمع من خلال وضعه المادي، بل صار يُنظر إليه على أنه فاشل في الحياة! تجدر الإشارة هنا إلى أن وزارة التربيةِ والتعليم أُوكلت إلى أشخاص من الوسط العلماني المتغرب المتفرنس المرتبط عقلياً ونفسياً بالمستعمر، يرأسها من أجل إتمام المهمةِ نفسُ الشخص منذ ما يقرب من عقدين.
2- علمنةُ المناهج وتغييـرها بما يتفق مع النظرة القائلة بأن الإرهاب (و تعريفهُ الحقيقي عندهم وفيما بينهم هو: مطلب الشعب المتمثل في العودة إلى الإسلام على مستوى الدولة والمجتمع) إنما كان نتيجةً لسياسة التعليم المنتهجةِ سابقاً. هذا من جهة، ومن جهة ثانية عمد أصحاب القرار بتدبيرٍ من أعداء الخارج إلى قلب محتوياتِ البرامج التعليمية وخلطِها خلطاً في الأسماء والمسميات يعجز المعلم نفسه عن حل معضلاتِها! هذه هي الحقيقة، وكانت النتيجة أن صار المشرفون على التعليم من مدراء التربية ومديري المؤسسات ذاتها لا يدرون ما يفعلون ولا يجيبون عندما يُسألون! هل تعلمون أن العمليات في حلول التمارين في الرياضيات مثلاً والفيزياء والكيمياء أيضاً صار يُطلب كتابتها في “جزائر ما بعد الإرهاب” (هكذا تسميتها الجديدة) من اليسار إلى اليمين مع الرموز باللاتينية، بينما الجُملُ والعبارات المتعلقةُ بالحلول في ذات التمارين تُكتب بالعربية؟! كأنهم يقولون: إن لغةَ القرآن لا تصلحُ عندما يتعلق الأمر بالعلوم العقليةِ والعلوم التجريبيةِ الحديثة!
يجب ألا ننسى أن نلفت النظر هنا إلى أن ما أنشؤوه بالموازاة وأسموه الجامعات الإسلامية – سيراً على مخطط علمنة الحياة وطمس هوية الأمة وهدم منظومة القيم لديها- لا تقدم إلا ديناً نظرياً مفصولاً عن الحياة وعن السياسة، ولا يقدم أصحابُ الشهاداتِ المتخرجون منها للمجتمع شيئاً إيجابياً يذكر.
3- العودةُ بقوة إلى لغة المستعمر الفرنسي منذُ المرحلة الابتدائية، وتحميلُ اللغة العربية عملياً بصفة غير مباشرة وبدهاءٍ ماكرٍ مسؤوليةَ الانحدار والفشلِ السابق المزعوم، مع أن حالة التعليمِ في سبعينات القرن الماضي مثلاً (في زمن لعبةِ التعريب أيام بومدين!) كانت أفضلَ منها الآن بستين ألف مرةٍ في جميع الميادين، وكانت في بعض جوانبها من حيث المستوى واعدةً بالفعل، رغم تبني النظام آنذاك النهج الاشتراكي الشكلي المفلس، للتغطية على عمالته وتَبَعيته للغرب الأوروبي!
4- التركيزُ على الفكرة الوطنية والعلمانية المقيتة بدل العقيدة الإسلامية في بناء شخصية الطفل أو التلميذ إلى غاية المرحلة الثانوية، من خلال محتوى الدرسِ والطريقةِ التي تُلقن بها موادُ التربية المدنية والتربية الوطنية والتربية الإسلامية (الدينية كما يسمونها)، ومن خلال مادةِ التاريخ والجغرافيا والتربيةِ البدنية (الرياضة)، وحتى الأدب واللغةِ والموسيقى وغيرِها. مع تحويل معنى الثقافة كما أسلفنا إلى الغناء والمسرح والرسمِ والرقصِ والموسيقى والأزياء دون غيرها. نشير هنا أيضاً إلى أن ما يسمى وزارة الثقافة والاتصال يُرصد لها باستمرار مالٌ كثير، وكانت أُسندت – وما تزال – لمن له سابقةٌ في معاداة الإسلامِ والحقد على أهله بشكل سافر.
لنا أن نتصور إلى ما يهدف هؤلاء مما سبق وهو بالتأكيد فقط ما يظهرُ على السطح، ولا نشك في أن ما يُخفونه أكبر. قد عَلمنا هذا من قول الله سبحانه وتعالى: } قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}
قد عرفنا من كتاب الله أيضاً أنهم لا يقصرون لنا في الفساد وشدةِ الضرر وإلحاقِ الأذى. فهل يبقى أملٌ في الأجيال القادمة إذا ما سكت أهل الجزائر المسلمون على هذا المنكر العظيم؟ إننا نقول بحسرةٍ أن هذا الذي ذكرناه يحدثُ في صمت كأنه سكوت قبولٍ من طرف جميع الشرائح في المجتمع. أَهو غياب حس؟ أم غيابُ وعي؟ أم تواطأ أهل الدار على هدم الدار؟ فيا ويل من رضي بهؤلاء الحكام النواطير وتابعهم فيما يفعلون.
ولكننا مع هذا نقول إن الخيرَ كل الخير في أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وها هي الأمة بدأت تتحرك، وإن الكفارَ الأوربيين والأميركيين وعملاءَهم من الحكام في بلاد المسلمين، وهم منهم وليسوا منا، ما سعروا كل هذا السعار هنا في الجزائر وفي كل البلاد الإسلامية لاحتواء ما يجري- حرباً على الإسلام والمسلمين – إلا لأنهم أحسوا بعودة المسلمين إلى وعيهم، وبقرب قيام دولةِ الخلافة التي ستنهي نفوذَ أعداءِ الإسلام إلى غير رجعة. بل إننا نذهب بعيداً لنجزم أن الأمةَ الإسلامية اليومَ باتت أقربَ إلى نهضتها ووحدتِها، وأن مَن يسعى بكيدٍ للوقوف في وجه حراكها نحو التغيير وعودةِ الإسلام إلى الحياة المجتمعية وإلى الحكم، سواء بفكرة محاربةِ الإرهاب أو بالديمقراطية والعلمانية، أو بفكرة إشراك المعتدلين في دول مدنية مزعومة، ويسابقُ الزمنَ أملاً في كسب المعركة ضد الإسلامِ قبل فوات الأوان، قد فاته الأوانُ بالفعل. وهذا هو الإخفاقُ المحتوم. {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}
ذلك أن الأمة الإسلاميةَ بوصفها جسماً واحداً قد دبَّ فيها الوعيُ الآن بوصفها كلاًّ رغمَ كل الحواجز والحدود، وبدأت تزمجر في وجه أعدائها، وصارت اليومَ متلبسة فعلاً بالعمل من أجل العودة إلى السياسة الدولية، بعد أن أُقصيت منها نهائياً عقب الحرب العالمية الأولى، أي بعد القضاء على الدولة العثمانية (علماً أن إقصاء هذه الأخيرةِ من المسرح الدولي كان قد بدأ بالفعل قبلَ ذلك بعقود، أي عندما دب فيها الوهن وسميت بالرجل المريض وقبلت أن تتخلى عن كونها دولةً إسلاميةً في علاقاتها الدولية في منتصف القرن التاسع عشر). نجزم أيضاً أن مسألةَ قيام دولةِ الخلافة في بلاد المسلمين أصبح اليومَ يؤرِّق الأوربيين والروسَ والأميركان، وأن حربَهم على الإرهاب إنما هي من أجل ذريعة التدخل في كل مكان في الدنيا ليمنعوا قيامَها، من أفغانستان وباكستان إلى فلسطين والعراق إلى وسط آسيا وشمال أفريقيا وغيرها. وهذا المنعُ عندهم هو بلا شك من أعظم مصالحهم، ولهم فيه مآربُ أخرى، وقد جهروا به وصار على ألسنة ساستهم وحكامِهم ومنظريهم. ولكن المسلمين اليومَ باتوا في أمس الحاجة إلى وعي سياسيٍّ على قضاياهم، وفي مقدمتها دولتُهم ووحدتُهم. وإن أخوفَ ما يخاف هؤلاء الأعداءُ اليومَ هو اكتمال الوعي لدى المسلمين، ويقظتُهم النهائية، وعودتُهم إلى الحضور الدولي، وهو ما يعني عزةَ المسلمين، وذلةَ الكافرين، ويعني كذلك حتماً انتهاءَ سيطرتِهم على بلاد المسلمين كافة، عندما تقومُ الخلافة، وهو ما نراه في الأفق قريباً بإذن الله، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء وهو العزيز الحكيم.
فالعمل العمل، والخلافة الخلافة أيها المسلمون في كل مكان، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.
{وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ}
2012-10-29