مفاهيم سامية من حضارة الإسلام
1995/10/31م
المقالات
1,820 زيارة
نمط العلاقة بين الراعي والرعية في الإسلام
أخرج ابن سعد، وابن عساكر عن مكحول أن سعيد بن عامر بن جذيم الجمحي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إني أريد أن أوصيك يا عمر، قال أجل فأوصني، قال:
“أوصيك أن تخشى الله في الناس، ولا تخش الناس في الله، ولا يختلف قولك وفعلك، فإن خير القول ما صدقه الفعل، لا تقض في أمر واحد بقضاءين فيختلف عليك أمرك وتزيغ عن الحق، وخذ بالأمر ذي الحجة تأخذ بالفلج، ويعينك الله ويصلح رعيتك على يديك، وأقم وجهك وقضاءك لمن ولاك الله أمره من بعيد المسلمين وقريبهم، وأحب لهم ما تحب لنفسك وأهل بيتك، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك، وخض الغمرات إلى الحق، ولا تخف في الله لومة لائم”
كذا في منتخب الكنز (4/ 390)
حسن الظن بالله يقتضي الشجاعة
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف»، وفي خبر “احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجن”، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجبن، والجبن خلق مذموم عند جميع الخلق، وأهل الجبن هم أهل سوء الظن بالله، وأهل الشجاعة والجود هم أهل حسن الظن بالله، والشجاعة حصن للرجل من المكاره، والجبن إعانة منه لعدوه على نفسه وهو جند وسلاح يعطيه عدوه ليحاربه. وقالت العرب: الشجاعة وقاية الجبن مقتلة وقد أكذب الله سبحانه أطماع الجبناء في ظنهم أن جبنهم ينجيهم من القتل والموت فقال تعالى: (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمْ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ) ولقد أحسن القائل:
أقول لها وقد طارت شعاعاً من الأبطال ويحك لن تراعي
فإنك لو سألت بقاء يوم على الأجل الذي لك لن تطاعي
وما ثوب الحياة بثوب عز فيطوي عن أخي الخنع اليراع
سبيل الموت غاية كل حي وداعية لأهل الأرض داعي
وفي وصية لأبي بكر الصديق لخالد بن الوليد: احرص على الموت توهب لك الحياة. وقال خالد بن الوليد: حضرت كذا وكذا زحفاً في الجاهلية والإسلام وما في جسدي موضع إلا وفيه طعنة برمح أو ضربة بسيف وها أنا أموت على فراشي فلا نامت أعين الجبناء.
هكذا أكرم الله المرأة بالإسلام
أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم» فقام رجل فقال: يا رسول الله اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة، قال: «اذهب فاحجج مع امرأتك».
الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر
(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)
رغم الإدراك المستنير من الصحابة رضوان الله عليهم لواقع الحياة الدنيا وإباحة الله تبارك وتعالى التمتع بخيراتها والأخذ بأوفر نصيب من الطيبات طالما كان المسلم متقيداً بأحكام الإسلام في حيازة المال وإنفاقه ومؤدياً حق الله فيه، إلا أنهم لم يتركوا متاع الدنيا يلهيهم عن حمل الدعوة الإسلامية إلى مشارق الأرض ومغاربها، وعاشوا في الدنيا كعابر سبيل، وهذه صورة لحياتهم:
أخرج أبو نعمي ف بالحلية (1/15) عن ابن شهاب أن عثمان بن مظعون رضي الله عنه دخل يوماً المسجد وعليه نمرة قد تخللت فرقعها بقطعة من فروة، فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ورق أصحابه لرقته، فقال: «كيف أنتم يوم يغدو أحدكم في حلة ويروح في أخرى، وتوضع بين يديه قصعة وترفع قصعة، وسترتم البيوت كما تستر الكعبة؟» قالوا: وددنا أن ذلك قد كان يا رسول الله، فأصبنا الرخا والعيش؟ قال: «فإن ذلك لكائن، وأنتم اليوم خير من أولئك».
أخرج أبو نعيم في الحية (1/198) عن عطية بن عامر قال: رأيت سلمان الفارسي رضي الله عنه أكره على طعام يأكله، فقال: حسبي، حسبي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أكثر الناس شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً في الآخرة، يا سلمان إنما الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر».
1995-10-31