كيف ينظر الغرب إلى قيام دولة إسلامية؟
1992/05/28م
المقالات
2,052 زيارة
فيما يلي مقالان نشرا في صحيفة الواشنطن بوست في 13/01/1992 و19/01/1992 والمقالان: متعلقان بالموقف تجاه «الحركات الإسلامية» من وجهتي نظر مختلفتين.
كاتب المقال الأول جراهام فيلر سياسي سبق أن عمل في وكالة المخابرات المركزية في إيران ويعطي وجهة نظر سياسية مؤداها أن الإسلام طال الزمن أم قصر سيظهر، لذا لا بد ممن التعامل معه ولا سبيل لخنق الحركة بل يجب السماح لها ومن ثم فإن الظروف سرغم الحركة على التراجع والواقعية. وبعبارة أخرى يعرض المقال الأول وجهة نظر براغماتية مؤداها السماح بظهور الحركات ووصولها إلى مركز السلطة ثم القيام بتسخيرها واحتوائها.
أما كاتب المقال الثاني فهو الدكتور أموز بيرلمتر وهو أكاديمي حيث يعمل في الجامعة الأميركية في واشنطن يرى أن الإسلام لا يتوافق مع الديمقراطية وطريقة الحياة الغربية فلا يسمح له بالظهور. لذا يوصي كات المقال بوأد الحركة منذ ولادتها ولا حاجة للمغامرة والسماح بظهورها ثم العمل على تسخيرها.
المقالان يمثلان اتجاهين موجودين في الأوساط الأميركية ولكلّ مؤيدوه. مثلاً شيرين هنتر العاملة في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن وجوديت كوبر العاملة في معهد بروكنفز المشهور من مؤيدي الاتحاه الأول. وفي نظرنا فإن الاتجاه الأول أكثر خطورة من الاتجاه الثاني وأكثر خبثاً ودهاءً.
ومن المؤكد أن ما يعلمه بيرلمتر يعلمه أيضاً فولر، فالاتجاهان يدركان عدم توافق الإسلام مع الديمقراطية ولكن الخلاف هو في أسلوب التعامل ومن هنا كانت خطورة الاتجاه الأول الذي يتلخص بوجوب السماح للحركات ومن ثم يجب تسخيرها واحتواؤها والاتجاه الثاني يرى أن جميع الإسلاميين بمختلف اتجاهاتهم سواء، فلا يجوز التفكير بمجرد السماح لهم بالعمل.
ويبقى السؤال: كيف يجب أن يكون موقف المسلمين؟ الذي نراه هو ما يلي:
1- ضرورة الوعي السياسي وإدراك محاولات التسخير والاحتواء. إذ دون الوعي السياسي تبقى الحركة عرضة للتخسير والاحتاء والاختراق. وأحداث أفغانستان أثبتت هذا.
2- ضرورة تمسك الحركة بالمبدأ والبعد عن الواقعية السلبية. صحيح أنه لا بد من إدراك الواقع إذ لا يمكن التغيير دون إدراك الواقع المراد تغييره ولكن لا يجوز الانجراف للواقع فالواقع موضع التفكير ولا يجوز أن يكون مصدر التفكير. أن تمسك الحركة بالمبدأ هو بإذن الله الضمان للنجاح واستمرار النجاح. وإلاّ تحولت الحركة إلى حركة واقعية لا مبدئية.
3- يجب الكف عن رفع شعارات «الديمقراطية» و«التعددية السياسية» و«الحريات» و«الحوار بين الحركات الإسلامية والغرب» لقد وصل الحد ببعضهم أن قال بأن النظام العالمي الجديد يحمل مشروعاً للعالم الإسلامي وغيره «ليس هو نمط الحكم العسكري والبوليسي أو الديمقراطي الشكلية إنما النمط الليبرالي الديمقراطي» ومن ثم «أرى ضرورة فتح حوار بين الحركة الإسلامية والغرب». [انظر مقابلة مجلة فلسطين المسلمة مع الأستاذ راشد الفنوشي في عدد كانون الثاني 1992] ولقد وردت هذه الشعارات كثيراً على لسان كثير ممّن يفترض بهم البعد عنها وبالرجوع إلى ما يكتبه محمد الهاشمني الحامدي وغيره يجد المرء مطالبات بالتعددية السياسية وبالديمقراطية وبضرورة سماح دولة الإسلام للأحزاب كلها بالعمل.
4- أن التباكي على المعارضة السياسية والمطالبة بالتعددية السياسية يفترض ضمناً بقاء هذه التيارات القومية أو العلمانية أو الوطنية واستمرارها بعد قيام الدولة الإسلامية وهذا ما لا نتوقعه نحن. ذلك لأن أصحاب هذه التيارات في الغالب إنما اختاروا هذه الاتجاهات رفضاً للواقع المرير الذي تعيشه أمتنا. فانطلق كلٌّ يحاول التغيير حسب فهمه فكان «الديمقراطي» و«الاشتراكي» و«الليبرالي» و«العلماني» وغير ذلك. وبعد قيام دولة الإسلام والتمكن من تغيير الواقع فإن اتباع هذه التيارات لن ينفصلوا عن جسد أمتهم بإذن الله، وقد يكونون أسرع من غيرهم في التراجع عن آرائهم والالتحام بالأمة دون حاجة لتهديد أو وعيد أو اصدار مرسوم بحل تنظيمهم.
5- أن الغرب كلّه سواء ولا يجوز الظن بأن أميركا أفضل من غيرها فيما يتعلق بالتعامل السياسي فالكل يضرب عن قوس واحدة، لذلك فإننا نستغرب ما صدر عن رئيس دولة عربية حين قال مجيباً على سؤال يتعلق بالاتصالات بين دولته وأميركا بأن أميركا أفضل من غيرها في التعامل السياسي لعدم وجود عقد دينية عند الأميركان [انظر مجلة فلسطين المسلمة عدد كانون ثاني 1992].
6— أن أحداث الجزائر أثبتت أن الديمقراطية «لعبة». وإذا كانت الديمقراطية لعبة حتى في الغرب فكيف في العالم الاسلامي؟
اياد هلال
كيف ينظر الغرب إلى قيام دولة إسلامية؟
تفكير غير موضوعي تجاه الأصولية الإسلامية
احتمال قيام الأصولية بالقضاء على الانتخابات التي أوصلتها للسلطة!
بقلم: أموز بيرلمتر
لقد تحدث جراهام فيلر (وهو ضابط سابق في المخابرات المركزية في إيران والآن يعمل في مؤسسة RAND) في مقاله المنشور في الواشنطن بوست بتاريخ 13 يناير بعنوان «الأصولية الإسلامية ـ ليست خطراً على المدى الطويل». عن رأي مثير حول خطر الأصولية كما ظهر في انتخابات الجزائر.
إن فيلر يخبرنا بأنه لا يوجد ما يدعو للقلق من الأصوليين وأن وصول الأصوليين للسلطة في الجزائر ليس تهديداً ويقترح فيلر بأن علينا التعايش والتعامل مع الأصوليين المسلمين.
أن ما يقترحه فيلر مماثل لاقتراح قدمته المخابرات المركزية عام 1962 حيث كانت المخابرات المركزية قد اقترحت في ذلك العام بأن علينا التعايش مع عبد الناصر والتعامل معه. ولقد ثبت خطأ هذا الرأي فيما بعد!
أن فيلر يرى بأن الظاهرة الإسلامية ردّ فعل للظلم والإرهاب الذي تمارسه الأنظمة في الشرق الأوسط، ويرى بأن الديمقراطية كفيلة بأن ترغم الأصوليين على الاعتدال والتنازل، وبعبارة أخرى فإن التجربة الديمقراطية كفيلة حسب زغم فيلر بأن تخفف من غلواء وتطرف الأصوليين!
أن هذا جهل فاضح، وهو تفكير غير موضوعي. ذلك لأن المشكلة ليست الديمقراطية بل المشكلة هي طبيعة الإسلام. هل الإسلام وفق تصور الأصوليين وغيرهم يتوافق مع الديمقراطية الغربية والنمط الغربي في شكل الحكم؟ الجواب بكل تأكيد: كلاّ.
إن الأصوليين المسلمين السنة والشيعة في إيران والعراق ومصر الأردن والضفة الغربية وقطاع غزّة والجزائر ليسوا ضد الديمقراطية فحسب بل هم ضد الحضارة الغربية، أن الأصوليين الجزائريين قد عارضوا حتى الانتخابات والمشاركة فيها كأسلوب للوصول للسلطة مصرّين على الوصول للسلطة عبر العنف والثورة رافضين التنازل والمرونة والحلول الوسط مع العالم الحديث الذي ينظرون إليه باعتباره «العالم النصراني العلماني».
على سبيل المثال أن «المعتدلين» حسب رأي فيلر هم الاخوان المسلمون في مصر. هؤلاء الذين يعتبرون الغرب والعالم الحديث «بربري» ويرون بأن الديمقراطية الغربية أفلست حسب زعم سيد قطب! أن قطب هذا هو المثل الأعلى لهؤلاء «المعتدلين» الذين يصر فيلر على أنهم سيتعلمون كيف يعيشون من خلال الانتخابات!.
أن كون هؤلاء الأصوليين قد اضطهدوا من النظام الناصري والبعثي لا يجعلهم يصرون على الديمقراطية مطلقاً، تماماً كما أن النازيين في لتوانيا لن يكونوا ديمقراطيين من مجرد اضطهاد ستالين لهم.
إن الحركة الإسلامية المعاصرة في مصر أو الجزائر هي حركة استبدادية ضد الديمقراطية وضد العلمانية، وهي حركة احتجاج من جراء الظلم الاقتصادي، وهي حال تسلمها السلطة فإنها سوف تضع حداً للانتخابات التي يرى فيلر بأنها ـ أي الانتخابات ـ محطّ أمله.
إنني أوافق مع فيلر بأن الديمقراطية تعني أكثر من جولة انتخابية وتعني حكومة ممثلة للشعب نظاماً سياسياً يحرص على حقوق الإنسان والحقوق المدنية. إن فيلر يرى احتمال انتهاء الانتخابات والقضاء عليها ولكن سرعان ما يبدد هذا الاحتمال!
إن المهم أن الأصوليين في مصر والأردن والجزائر وغزة والضفة العربية هم أعداء للديمقراطية وهم مصرّون مثل آية الله الخميني على سحق المؤسسات والوسائل التي أوصلتهم للسلطة!
إن الأصولية الإسلامية هي حركة عدوانية وقائمة على الإرهاب والفوضى كالحركات الإرهابية والحركات البلشفية والفاشية والنازية!
لقد عملت الحركات الإسلامية في الأردن ومصر والجزائر وغزة على خداع الخبراء وجعلهم يظنون بأن هذه الحركات حال وصولها للسلطة ستكون حركات اصلاحية تدريجية تحكم بالقانون.
ولكن بكل تأكيد إن «جبهة الانقاذ» في الجزائر لن تكون ديمقراطية أكثر من الأصوليين في الأردن وغزة. إن لينين لم يصبح ديمقراطياً عندما تسلم السلطة. وكذلك فإن الثوريين السنيين في الجزائر ومصر وسورية والمغرب وتونس كلّهم يدْعون إلى «الجهاد بالعمل» تابعين خُطا سيد قطب! إنهم يدعون إلى استبدادية جديدة. ويقرنون الديمقراطية دوماً بالفساد السياسي الذي يجب استئصاله حسب تغبير حسن عشماوي أحد الاخوان المسلمين المصريين!
كيف يمكن لفيلر أن يقرن الحركة البروتستانية الاصلاحية الأوروبية مع حكومة الشريعة، هذه الحكومة الاستبدادية التي لا ترحم المعارضة السياسية؟ في الإسلام أن السيادة ليست للشعب بحكم نفسه بالقانون الذي يختار كما في الديمقراطية! بل السيادة في الإسلام لله والناس يحكمون بنظام وقانون فرضه الله حيث لا يستطيع الناس رفض هذا النظام أو تعديله، حسب تعبير قطب!
لقد وعد عبد القادر الخشاني زعيم جبهة الانقاذ بتأسيس حكومة على هذا النمط! أن الشريعة ليست مخالفة للديمقراطية فحسب بل هي نقيضها تماماً حسب تعبير أحد الاخوان المسلمين في مصر الذي أذكى الأصوليين في الجزائر.
وأن الديمقراطية الغربية أو الشرقية (الاشتراكية) هي فكرة غريبة دخيلة، غير مقبولة «حسب تعبير سيد قطب» أشهر منظّر إسلامي متطرف. حتى الشيخ الشعراوي الواعظ التفلزيوني المشهور يعلن بأن الديمقراطية والإسلام ليسا متشابهين و لا يمكن المزج بينهما!
من الممكن أن يكون لدى فيلر بعض الآمال بديمقراطية عالمية، لكن لا يوجد أي بصيص من الأمل باحتمال أن تقوم جبهة الانقاذ أو غيرها من الحركات الأصولية بالمساومة مع الديمقراطية. أن من المؤكد أنه في الوقت الذي يصل فيه الأصوليين للسلطة في أي مكان فإنهم سوف يسحقون المعارضة السياسية والعلمانية والحرية الفردية وحق الشعب في التعبير عن رأيه عبر الانتخابات تماماً كما فعل الخميني!
إن هذه الحركة لا يجوز الخلط بينها وبين الديمقراطية بل يجب وأدها منذ الولادة. وبالنسبة لجبهة الانقاذ فإن هذه الانتخابات لا تمثل أكثر من تفويض يطعي الجبهة سلطة مطلقة لإقامة دولة إسلامية استبدادية دكتاتورية!
كيف ينظر الغرب إلى قيام دولة إسلامية؟
الأصولية الإسلامية ليست خطراً على المدى الطويل
بقلم: جراهام فيلر
هل كان من المفضل للجيش الجزائري أن يقوم بالتعاون مع الحزب الحاكم المهزوم بالتحرك لوأد الانتصار الشعبي الذي حققه الأصوليين المسلمون في الانتخابات البرلمانية في الجزائر والحيلولة دون وصول الأصوليين للسلطة؟ إن هذا السؤل يفرض نفسه اليوم في العالم الإسلام والغربي، والجوبا بكل تأكيد «لا».
إن على العالم بشكل عام ـ والغرب بشكل خاص ـ أن يتعامل مع الإسلام السياسي شئنا أم أبينا، وبخصاة إذا نجح هؤلاء في انتخابات ديمقراطية. أم هل أن الديمقراطية مثل أعلى يختذى في حالة فوز رجالنا فقط؟ وهل هذا هو ما نريد أن يفهمه المسلمون حول نظامنا السياسي؟
إن انتصار الإسلامية لا يجوز أن يصيب الناس بالدهشة. وكذلك فإن من غير الجائز الغاء الانتخابات. وفي الواقع فقد حان الآوان لاختبار الأصوليين والحركة الأصولية الإسلامية ومعرفة طبيعتها. إن الحركة الأصولية الإسلامية بالاضافة إلى كونها حركة حتمية لا مفر منها فانهارت أيضاً حركة بالامكان «تطبيعها وتدجينها» من ناحية سياسية. وعلى المدى الطويل فإنها تمثل تطوراً سياسياً مهماً نحو الديمقراطية.
وما لنا نذهب بعيداً؟ إن الإسلام سيظل جزءاً من المسرح السياسي في الشرق الأوسط. ذلك أن الأديان كلها ـ بما فيها تلك الموجودة في الغرب ـ لديها ما تقدمه ـ بشكل أو بآخر ـ بخصوص علاقة الإنسان مع الخالق وغيره والبيئة المحيطة به.
لقد مارست الأنظمة في الشرق الأوسط اضطهاداً بشعاً ضد الحركات الإسلامية لعقود طويلة. وبخاصة عندما تقوم هذه الحركات ثائرة ضد الفساد والحكم الفردي والنخب الحاكمة القديمة. وفي السنوات الماضية فلقد توقع الليبراليون التغريبيون في البلاد الإسلامية أن يصعد نجم الإسلاميين سياسياً. وفوق هذا فإن الحركات الإسلامية شأ،ها شأن كل الحركات السياسية فإنها تنمو وسط الظلم السياسي حيث المناخ المناسب لأعضاء هذه الحركات بالتقدم للجماهير مطالبين الناس بالتصويت للإسلام معتبرين أن هذا وحده كفيل بحل كل المشاكل التي تواجههم. وعندما يضيق الناس ذرعاً بالنظام السياسي واستبداد السطلة الحاكمة والدكتاتورية فإن من الطبيعي أن يصبح الإسلام قناة قوية للاحتجاج من خلالها ضد الوضع القائم.
وفي الحقيقة أن ما يجب أن يثير انتباهنا ليس الجولة الأولى من الانتخابات كتلك التي حدثت في الأردن حيث نجح الأصوليين قبل سنتين أو انتخابات الجزائر في الشهر الماضي.. إن ما يجب أن ينال اهتمامنا هو الجولات التالية للانتخابات حين تجري الانتخابات الثانية أو الثالثة. حيث أن تلك الانتخابات هي الكفيلة باخبارنا هل يملك الإسلاميون والإسلام حقاً الحلول المناسبة والكوادر اللازمة للاستمرار على المسرح السياسي أم لا؟ حيث أن الناس عندها فقط سيدركون كيف يقوم الأصوليين بمعالجة المشاكل المزمنة التي تواجه الدولة النامية.
إن الحاجة لأصوات الناخبين في الجولات القادمة هي التي ستدفع حتى «المثاليين» للاعتدال وهذا ينطبق على أيّة حركة أصولية دينية. ومن الطبيعي أن يظل بعض النفر يرفض الحلول الوسط ويرفض التنازلات. لكن هل هذا النفر يملك من التجربة والحنكة السياسية ما يكفل بقاءه واستمراره في السلطة؟ مثلاً ماذا ستكون سياستهم فيما يتعلق بالمرأة التي قد تتوجه لصناديق الاقتراع في المرات القادمة مصوته ضدهم إذا شعرت بأن حقوقها مهدورة؟ مثلاً في الانتخابت النيابية الأردنية اضطر الأصوليون للتراجع عن بعض آرائهم فيما يتعلق بدور المرأة في المجتمع للحصول على أصوات النساء وهذا يعتبر بحدّ ذاته ظاهرة صحية جيدة.
صحيح أنه يوجد ما يبرر القلق من احتمال قيام الأصوليين بالقضاء على الديمقراطية. لكن خطوة كهذه ستهدد مستقبل الجماعات الإسلامية الأخرى مصيرها في الانتخابات في مناطق أخرى.
إن من المعلوم أنه لا يوجد في الجزائر طبقة رجال دين كما هي الحال في إيران وهذا من شأنه أن يحول دون قيام سلطة ثيوقراطية سنية. ذلك أن محاربي الديمقراطية هم من المهووسون دينياً فقط. كذلك الحال في مصر حيث أدرك الأصوليين أن الديمقراطية هي وحدها الكفيلة ببقاء الإسلام موجوداً على المسرح السياسي. بالإضافة إلى هذا فإن «الإسلام» في إيران قد وصل للسلطة في أعقاب الثورة والفوضى الشاملة لا عبر صناديق الاقتراع.
إن مما لا شك فيه أن كثيراً من الأصوليين ليسوا منفتحين على الغرب وستظل بقايا موجة العداء للغرب موجودة في دول العالم الثالث تلك الموجة التي ستظل متخوفة من الحقبة الاستعمارية الماضية ومن محاولات بسط النفوذ الغربي في العصر الحاضر حيث أن هذا كلّه قد أجحف بحقوق الدول النامية واستغلها. إننا سوف نعيش هذه الظاهرة ومن الممكن معالجتها بتحسس مشاكل دول العالم الثالث الاقتصادية وبإطهار أن الغرب على استعداد لتقديم خطط مشاركة للتنمية تفيد تلك الدول الفقيرة.
لذا، لندع الإسلام والاصوليين يظهروا من باطن الأرض ولندع الأصوليين يتعلموا كيف يحافظون على حياتهم عبر الانتخابات كما هي الحال في مصر وتركيا والباكستان. ولنعط هذه العملية مزيداً من الوقت ذلك لأن التطور السياسي يواجه دوماً بعض العقبات، لكن الإسلام السياسي ليس هو الشبح الذي نخشاه!! □
1992-05-28