بريد الوعي
1996/03/30م
المقالات
2,318 زيارة
يوم الأربعاء الموافق 13/03/1996 عقد في شرم الشيخ المصرية مؤتمر أطلق عليه زوراً وبهتاناً مؤتمر صانعي السلام، وقد شارك في هذا المؤتمر حشد كبير من رؤساء الدول ورؤساء الوزارات، وقد كان وقت النهيئة لهذا المؤتمر قصيراً مما يدل على أهميته.
والمؤسف حقاً أن يعقد هذا المؤتمر في بلد إسلامي وبمباركة رؤساء البلاد الإسلامية وعلى رأسهم (مبارك) سمسار الأميركان واليهود، و(حسين) الذي اتخذ من اليهود إخواناً وأحباء، والدولة التي عين ملكاً عليها وجدت أصلاً لتكون مخفر حراسة لليهود في فلسطين، فكان (عبد الله) وأحفاده قائمين على حراسة هذا الكيان، وقال بكل فخر وإعزاز عندما وقع (حسين) مع رابين اتفاقية الذل بأنه حقق حلم جده، فصدق في ذلك هو كاذب فباء بلعنة الله ولعنة الأجيال، فبُعداً له ولزعماء المسلمين كما بعدت ثمود. وكان على رأس المباركين للمؤتمر والداعين له والمتحمسين لأبحاثه ونتائجه من كان يسمي نفسه زوراً وبهتاناً زعيم الثورة الفلسطينية وبقي سنين طويلة يخادع الشعب في فلسطين ويمنيهم بأنها ثورة حتى النصر لتحرير كامل التراب الفلسطيني، فإذا به يقبل نفسه أن يكون سجاناً لليهود يأمرونه فينصاع لأمرهم ليذيق هذا الشعب الذي انخدع به أنواع الذل والهوان، لكسر كل ما تبقى لدى هذا الشعب من عزة وكبرياء لإخضاعه لسلطان اليهود وتسلميه فلسطين لليهود وطناً لهم وبذلك يحقق الغاية التي وجد هو منظمته من أجلها.
وكان المخلصون من أبناء هذه الأمة قد حذروا الأمة من ذلك منذ إنشاء المنظمة وبينوا للناس حينذاك بأن هذه المنظمة إنما أوجدها الكافر عدو الأمة لترويض الناس ليقبلوا بالكيان اليهودي في فلسطين كما أراد هؤلاء الكفار. لكن للأسف لم يأخذ المسلمون هذه النصيحة ولم يدركوها إلا متأخرين فكانوا كما قال دريد بن الصِّمَّة:
أرتُهمْ امري بمنعرج اللوى
فلمْ يستبينوا النصحَ إلاّ ضُحى الغَدِ
وكان القصد من هذا المؤتمر هو تقوية عزائم اليهود والوقوف معهم في محنتهم ومساعدتهم على حرب المسلمين وتثبيت كيانهم في فلسطين، بعدما أصابهم الرعب والهلع وزلزلوا زلزالاَ شديداً، فقد زَلزل أربعةُ شهداءٍ كيانَ هذه الدويلة الهزيلة حتى صار الواحد من هؤلاء اليهود لا يجرؤ على الركوب في الباصات أو الخروج إلى المحلات التجارية. فأي كيان هذا الذي يهزه أربعة رجال؟ فما بال المسلمين إذا ما صدقوا اللهَ العزمَ وزمجروا وهبوا لنصرة دينهم فإن هؤلاء اليهود سيولون الأدبار بعد أن يقذف الله الرعب في قلوبهم فإنهم أحرص الناس على حياة.
وما حصل كاف لأن يرى المسلمون ضعف هذا الكيان وهزاله، وحب اليهود وحرصهم على الحياة وأنه لا يمكن لهم البقاء في فلسطين لولا خيانة الحكام وخنوعهم وخضوعهم لإرادة الكفار، فهم الذين يحرسون هذا الكيان وهم الذين يثبتونه ويساعدونه على حرب المسلمين واحتلال بلادهم، ألا ساء ما يفعلون.
إن تسمية هذا المؤتمر بمؤتمر صانعي السلام هو دجل وخداع، فأي سلام هذا الذي يريدونه، فأميركا زعيمة المؤتمر لم تتوان ولا تتوانى في إشعال الحروب لضرب الناس والقضاء على أي معارضة لسلطان أميركا وهيمنتها في العالم، وما حرب الخليج عنا ببعيد وما تفعله مع أهل العراق ليس خافياً على أحد فإنها تقوم على تجويع المسلمين هناك وإهلاكهم ومنعهم من الغذاء والدواء وما تفعله في أميركا اللاتينية خير شاهد على عدوانيتها وإجرامها وحرب فيتنام وما حصل فيها من مآسٍ ليست بعيدة عن الناس، فأي سلام إذن الذي تريد صياغته، إنه السلام الذي يثبت كيان اليهود في فلسطين ويثبت حكام المسلمين الذين هم بمثابة عبيد لها وذلك لإذلال المسلمين وإخضاعهم لهيمنتها حتى لا تعود لهم العزة. ومن عظائم الأمور كذلك أن تسمى بريطانيا نفسها بأنها من صانعي السلام، فإن لك مشاكل العالم وخاصة مصائب المسلمين إنما هي من صنع بريطانيا رأس الكفر والعدو رقم واحد للإسلام والمسلمين، وتاريخ بريطانيا ظاهر لكل الناس.
وأما فرنسا فأعمالها الإجرامية في الجزائر وغيرها من بلاد المسلمين، وسابقاً في الهند الصينية وأفريقيا، خير شاهد على عداواتها وعدائها للبشر، وما حصل في الجزائر سنة 1992 ووقوف فرنسا إلى جانب الجلادين من حكام الجزائر خير شاهد على ما نقوله.
أما روسيا التي تدعي كذلك زوراً وبهتاناً أنها من صانعي السلام فماذا تسمي إجرامها ضد إخواننا الشيشان، فهي تقوم بقتل الناس وتدمير بيوتهم ومدنهم وقراهم لإخضاعهم ولإذلالهم، ومساعدتها للصرب ضد المسلمين ليس خافياً على أحد.
وأما كيان اليهود الهزيل فعداوته وإجرامه وقتل لأهل فلسطين لا زال قائماً، فهو كيان عدواني وجد أصلاً ليكون حربة للغرب في جسم الأمة الإسلامية لتنزف وتضعف ثم تموت فتبقى لقمة سائغة لهؤلاء الأعداء، فأي مصيبة هذه أن تسمي هذه الكيانات نفسها بأنها من صناع السلام. أما الدويلات القائمة في العالم الإسلامي والتي أُحضرت للمؤتمر فإن واحدة منها لا ترقى لأن تسمى دولة وهي لا تملك من أمرها شيئاً فكيف يمكن أن يطلق عليها بأنها من صناع السلام، فهذه الدويلات لا تملك من السيادة شيئاً يمكنها أن تفعل شيئاً بمحض اختيارها، فحكامها عملاء خونة وضعهم الكافر ليكونوا نواطير على أنظمة الكفر في بلاد المسلمين وليكونوا جلادين وجلاوزة لهذه الأمة حتى لا تتحرك وتتحرر من العبودية والفقر والجهل فتبقى بلاد المسلمين مصدراً للمواد الخام لدول الكفر وسوقاً لبضائع هذه الدول، ولذلك مزقوا بلاد المسلمين شذر مذر وأوجدوا فيها هذه الكيانات الهزيلة العميلة وسلحوا هذه الكيانات بما يكفي لإذلال الأمة، وجعلوا من جيوش هذه الدويلات أجهزة قمع وبطش بدل أن تكون لحماية الحدود والثغور ونشر دعوة الإسلام.
أما عرفات الذي كان على رأس المشجعين لعقد هذا المؤتمر ليري أسياده مدى إخلاصه وتفانيه في خدمتهم ليبقوه شرطياً لهم، فهو لا يملك من أمره شيئاً حتى يطلق على نفسه زوراً وبهتاناً بأنه من صناع السلام فهو ومنظمته من صنعهم إذ أن الكفار أوجدوا هذه المنظمة لترويض الناس ليقبلوا بكيان اليهود في فلسطين.
فأي سلام يريدون، اللهم إلا الاستسلام لليهود وإجبار الأمة على الاستسلام، وقد أمروه بأن يقوم باعتقال الناس فقام بزج المئات في السجون وقام اليهود في كيانه الهزيل بهدم بيوت الناس. فأمثال هؤلاء الأقزام من حكام المسلمين لا يستطيعون فعل شيء وليس لهم أن يفعلوا إلا شيئاً واحداً هو إذلال الأمة وإخضاعها لأعدائها من اليهود والأميركان والإنجليز والفرنسيين والروس.
أما آن لهذه الأمة أن تصحوا من غفوتها وأن تعي واقع هؤلاء الحكام الخونة, أن تغضب لدينها وبلادها وأن تنفض الغابر عن كاهلها لتطيح بهؤلاء الخونة والمارقين، وتعيد للأمة عزها ومجدها فتقيم دولة الخلافة وتزيل الحدود والسدود وتوحد أبناء الأمة الإسلامية وتطهر فلسطين وكل أرض المسلمين من دنس الكفر والكفار، فالأقصى يناديكم أيها المسلمون لتخلصوه من دنس الكفر والكفار، ومسجد الخليل يناديكم أن تهبوا لتخلصوه، ليعبد فيه الله وحده لا شريك له فقد جعل اليهود منه بيتاً لعبادتهم. ودماء المسلمين التي تنزف في كل مكان تستنهضكم لتعودوا كما كنتم وكما أراد الله لكم أن تكونوا خير أمة أخرجت للناس فهيا أيها المسلمون أفيقوا من هذا السبات الذي طال وقته وادلهم ليله، فقد آن لهذا الليل أن ينجلي بصبح مشرق.
إن قضية فلسطين أكبر منهم ونحن واثقون من نصر الله، وأن فلسطين ستطهر من دنس الكفر والكفار مهما طال الأمد ومهما تآمر الكفار وعملاؤهم فإن الله متم نوره ولو كره الكافرون، وسيعلم الذين كفروا أي منقلب ينقلبون.
د.ح. مصطفى – فلسطين
1996-03-30