من الفكر السياسي: أمة وشعوب
1996/05/30م
المقالات
1,846 زيارة
أخطاء شائعة كثيرة تتردد على ألسنة الناس كثيراً, يرددونها دون وعي أو تدبر أو إدراك لواقعها، ومن تلك الأخطاء على سبيل المثال لا الحصر إطلاق لفظ الدولة الإسلامية على تلك الدويلات القائمة في العالم الإسلامي مع أنها تحكم بغير الإسلام، وإطلاق لفظ “الشرق الأوسط” على بلاد المسلمين في حين كان يجب أن يقال “العالم الإسلامي” ومن خطأ الناس في القول إطلاق لفظ “الأمم الإسلامية” على الشعوب الإسلامية وذلك أن المسلمين أينما كانوا هم أمة واحدة، إذ الأمة هي المجموعة الإنسانية التي تربطها عقيدة واحدة ينبثق عنها نظام حياة. فالشعوب الإسلامية التي تقطن الهند أو أفغانستان أو تركيا أو بلاد العرب أو غيرها، كلها تشكل أمة واحدة، لأنها جميعها تدين بعقيدة واحدة ينبثق عنها نظام حياة. قال تعالى في سورة آل عمران (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) وقال تعالى (وإن هذه أمتكم أمة واحدة، وأنا ربكم فاعبدون) وقال تعالى (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ) جاء في لسان العرب: [الأمة: الشرعة والدين. والأمة: الطريقة والدين. يقال فلان لا أمة له أي لا دين له ولا نحلة له. ويقول تعالى (كنتم خير أمة) قال الأخفش: يريد أهل أمة أي خير أهل دين…]. وجاء في لسان العرب: [والشعب: القبيلة العظيمة، وقيل الحي العظيم يتشعب في القبيلة، وقيل هم القبيلة نفسها, والجمع شعوب، والشعب: أبو القبائل الذي ينتسبون إليه أي يجمعهم ويضمهم. وفي التنزيل (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا).
قال ابن عباس رضي الله عنه: الشعوب الجماع والقبائل البطون، بطون العرب، والشعب بالشعب من قبائل العرب والعجم. وكل جيل شعب. وحكى ابن الكلبي عن أبيه: الشعب أكبر من القبيلة ثم الفصيلة ثم العمارة ثم البطن ثم الفخد.
وتعريف الأمة أنها المجموعة الإنسانية التي تربطها عقيدة واحدة ينبثق عنها نظام حياة هي التي تحدد لأهلها وجهة النظر عن الأشياء، ومعالجة المشاكل التي تواجههم وكيفية محددة للمعالجات، فتوحد أفكارهم ومشاعرهم وأنظمتهم. لذلك فإن المسلمين مهما اختلفت أجناسهم وألوانهم، ومهما تباعدت مساكنهم ومواقعهم الجغرافية، فإنهم يحملون عقيدة واحدة، يؤمنون بالنظام المنبثق عنها، وهذا يقتضي ويحتم بأن ما يراه ابن الهند حسنا يراه ابن المغرب العربي كذلك حسنا، وما يراه ابن تركيا قبيحاً يراه ابن مصر وابن الشام قبيحاً كذلك، ويقضي ويحتم – عند تطبيق النظام- أنه إذا ارتكب ابن ليبيا ذنباً يعاقب عليه بنفس العقوبة التي يعاقب عليها ابن إيران أو ابن الأردن إذا ارتكب ذنباً مماثلاً لأنهم جميعاً مسلمون: عقيدتهم واحدة، ونظامهم واحد. ومن هنا تكون الأمة الإسلامية واحدة، بمعنى أن أبنائها تربطهم عقيدة واحدة ينبثق عنها نظام حياة يبين وجهة النظر عن الحياة والكون والإنسان، ويبين كيفية المعالجة للمشاكل الإنسانية، ونظرة موحدة للأمور. أما كونهم يعيشون مواقعهم الجغرافية المتباعدة، وينتمون إلى أجناس مختلفة، فهذا لا يؤثر على كونهم أمة واحدة، لأن الإنسان لا يستمد تفكيره من الأرض التي يعيش عليها, ولا تومي له الأرض بالنظام الذي ينبغي أن يسير عليه، ولذلك يطلق عليهم أنهم شعوب إشارة إلى الأرومات التي ينتمون إليها، أو الأماكن التي يقطنونها ولا يطلق علهم أنهم أمم، بل أمة واحدة.
عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» متفق عليه
1996-05-30