مع الصّحافة صحيفة “دير شبيغل” الألمانيّة: زعيم حزب الرفاه التركي يكشف أوراقه
2016/10/29م
المقالات
1,701 زيارة
مع الصّحافة
صحيفة “دير شبيغل” الألمانيّة:
زعيم حزب الرفاه التركي يكشف أوراقه
بقلم: أبو العلا عبد النّور
إنّ أشدّ ما ابتليت به الأمّة الإسلاميّة هو فقدان قدرتها من منظور عقيدتها عموما والوعي السياسي خاصة. ومنذ أن بدأ الكافر المستعمر غزو عقول أبناء الأمّة الكريمة فكريّا وبلادها عسكريّا واقتصاديّا سعى – ولا يزال يسعى – جاهداً إلى تركيز نفوذه داخل مراكز القوّة والقرار في بلاد المسلمين ولا يزال يعمل على نشر أفكاره داخل مجتمعاتها كي يتسنّى له القضاء على الإسلام وعلى ما تبقّى منه في نفوس المسلمين وفي واقع حياتهم والتخلّص منه نهائيّا حتّى يكون له النّصر إلى أن يرث الله عزّ وجلّ الأرض ومن عليها.
ومن أخطر الأسلحة التيّ استعملها الكفّار في الماضي تلك التّي لا يزالون يذبحون بها الأمّة الإسلاميّة في أيّامنا هذه. إنّهم قد وجدوا رجالا من أبناء جلدتنا، اصطنعوهم لأنفسهم، لحن لسانهم سحر جذّاب، اختلفت أشكالهم ولكن فكرهم ومناهجهم واحدة: من جمال الدّين الأفغاني عبر محمد عبده إلى من أصبح يسمّى نفسه “مفكّرا إسلاميّا معاصرا”، ومن حكّام مصر عبر الهاشميين وآل سعود وحزب الإتحاد والترقّي شرقا…. والأمثلة لا تكاد تحصى أو تعدّ، شامتهم واحدة وهي خيانتهم لله وللرّسول وللمؤمنين.
كانت وظيفة الأوّلين هي محاولة ضرب أحكام الإسلام وبيان عجزه عن معالجة مشاكل الحياة المستجدّة ووظيفة الآخرين كانت تتمثّل في ترسيخ تقسيم البلاد الإسلاميّة إلى دويلات كرتونية تتمثّل في ترسيخ تقسيم البلاد الإسلامية إلى دويلات كرتونية وتثبيت قاعدة (دولة يهود) أمامية لدول الكفر في قلب بلاد المسلمين من جهة والعمل الحثيث على علمنة المجتمع بكل الأساليب (إزالة التشريع الإسلامي، إضعاف الإسلام في نفوس أبناء الأمّة، استيراد الدساتير والقوانين الغربيّة ومفاهيم دول الغرب عن الحياة بحجّة الحداثة –modernism – تارة وباسم الإسلام تارة أخرى). وملاحقة كل من يحاول إنهاض المسلمين على أساس العقيدة الإسلاميّة بالضرب والقتل والتشريد وقطع الأرزاق… من جهة أخرى. أمّا اليوم فقد برزت وجوه تجمع بين هذين التيّارين كما هو الحال في السودان، تلك الوجوه التيّ يمهّد لها الغرب الطريق في الجزائر وتركيا وغيرها من البلاد الإسلاميّة.
وفي هذا الصدد أجرت مجلّة دير شبيغل الألمانيّة واسعة الانتشار استجوابا صحافيّا مع زعيم حزب الرفاه التركي ورئيس الوزراء الجديد في تركيا، وقد رأيت أن أطلع قرّاء الوعي على بعض أفكار هذا الرّجل التّي روّج إليها في عدد من كتبه، وهاهو اليوم يصرّح بها لعلّ الله يهدي المسلمين إلى الاتجاه الصحيح نحو نهضتهم ونحو دينهم الحنيف متجنّبين بذلك خطورة منهج التحريف الذّي سلكه البعض وسبيل التوفيق بين المفاهيم الإسلاميّة والأفكار العلمانيّة النتنة التّي لن يرضى الله عنها أبدا ولم يكن الرّسول عليه الصلاة والسلام من دعاتها.
وفي ما يلي نص الاستجواب:
سؤال: إنّ نجاحكم في الانتخابات (التشريعية) لا يُنكَر، لكنّكم لم تتجاوزوا نسبة 38،21% من أصوات الناخبين على الصعيد الوطني. لقد حصل كلّ من (مسعود) يلماظ و(طانسو) تشيلر على أكثر من 19%.
جواب: إنّ الأحزاب الأخرى قد انتهت رغم ذلك. أوّلا لأنّها لا تتمتّع بهويّة خاصّة ولا بعقليّة متميّزة، بل تقلد الغرب وتتأقلم معه، وهذا مرض. خطأها الثاني يتمثل في برنامجها الاقتصادي الرأسماليّ البحت الذي يعود بالفائدة على نخبة من الطبقة العالية من جهة ومن جهة أخرى يقع بكلّ ثقله على شعبنا. وخطأها الثالث هو محاربة الدّين.
سؤال: على عكس ما تفعلونه إنّ الأحزاب الأخرى تفصل بالطبع الدّين عن السياسة.
جواب: هذه الأحزاب تظهر عداءها للدّين من 50سنة وتتجاهله وتمنع تقاليدنا الدينيّة: فمثلا يجوز للمرأة تغطية الرأس (يعني الحجاب) في الإسلام، لكن الأحزاب الأخرى تمنعها – إذا فعلت ذلك – من تولّي وظائف في الدوائر الحكوميّة أو من الدّراسة في الجامعات.
سؤال: يريد الأصوليّون فرض الحجاب على كلّ النّساء.
جواب: هذه صورة أخرى خاطئة عن الإسلام في الغرب، نحن لا نريد فرض أيّ شيء على أحد بل نترك للنّساء الخيار فقط: سواء أردْنَ ارتداء الحجاب أم لم يُرِدْن.
سؤال: إذن لا تشعرون بأي حرج تجاه مصوّرة مجلّتنا وهي مكشوفة الشّعر.؟
جواب: حقيقة لا يزعجني ذلك قطّ. كل ما ترتديه هو شأنها وإذا كانت امرأة ما تريد أن تغطّي رأسها فليس من حقّي أن أمنعها. هذا هو الفرق بين حزب الرفاه والأحزاب الأخرى.
سؤال: ولكنّكم قبل فترة قليلة كنتم أكثر راديكاليّة كما كنتم تطالبون بتطبيق الشريعة الإسلاميّة، وفصل تركيا عن حلف الناتو، وأردتم تمزيق العقد الذّي ينصّ على جعل تركيا داخل الوحدة الجمركيّة الأوروبيّة..
جواب:…مثل هذه المطالب والأقوال لم تصدر عنّا أبدا، فهي لا تطابق سياستنا التي انتهجناها منذ عشرات السّنين. إنّ حزبنا نشأ قبل 30 سنة.
سؤال: إنّ حزبكم لم يقو منذ تلك الفترة فحسب ولكنّه أصبح أكثر راديكاليّة.؟
جواب: لم نغيّر فكرنا وتصوّرنا الأساسيين مع مرور هذه السّنوات: نحن لسنا ضدّ الغرب بل نرغب – إذا استلمنا السلطة – في تحسين العلاقات معه وهذا لصالح الطرفين. كما أنّنا لسنا راديكاليين بل نحن في خطّ الوسط.
سؤال: الكثير يظنّ أنّ ظاهركم يخالف باطنكم. هل يغضبكم هذا؟
جواب: لا أبدا، نحن نقبل بدستور تركيا الذّي يعتمد على الاستقلال الذّاتي، التعدّدية الحزبيّة، وعلى الديمقراطيّة والعلمانيّة بمعناها الموسّع – أي حريّة التديّن الحقيقيّة.
سؤال: يبدو أنّكم ستقولون الآن أنّ الرّفاه ليس حزبا إسلاميّا، بل هو…؟
جواب:… هو حزب متمسّك بمنهج مؤسس الجمهوريّة أتاتورك: هذا هو الواقع…إنّه (يعني أتاتورك) كان قد قال أنّ تركيا ستتصدّر مقدّمة الأمم بمساعدة العلم والعقلنة (scienceandrationalism).
سؤال: لكن مؤسّس الدولة أبعد الدّين عن شؤون الدولة والسياسة؟
جواب: لا، لا هذا غير صحيح. فهو قد صلّى في المسجد وترك الأئمّة يتلون القرآن في البرلمان قبل افتتاح جلساته. ولو كان اليوم مصطفى كمال على قيد الحياة لأصبح عضوا في حزب الرفاه.
تعليق: هذه بعض المقتطفات من تصريحات زعيم حزب الرفاه التركي. وأريد هنا أن أقول فقط أنّ الإسلام لا يصل إلى الحكم بمجرّد الأمانيّ والتمنّي بل يقتضى الإخلاص لله وحده واتباع طريقة رسوله في حمل الدعوة وفي طلب النّصرة كما يقتضي الإقتداء بسنّته وبسنّة الخلفاء الرّاشدين من بعده. إنّ الإسلام لا يحتاج إلى تحريف أفكاره وأحكامه ولا إلى تمييعها من أجل إرضاء الكافر ولا إلى تزوير الحقائق التاريخية ولا إلى الكذب والنّفاق من أجل كرسيّ الحكم ولا إلى تمييع أفكار الكافر أو تأويلها ومن ثمّ إعطائها صبغة إسلاميّة. بل جاء الإسلام بالحجّة القاطعة ليبيّن أنّ الباطل باطل وعليه أن يزول وأنّ الحقّ يبقى حقّا ويجب أن يدوم ولو كره الكافرون. ومن أراد الحكم من أجل الكرسيّ فليكفّ عن إدعائه الإسلام. إنّ الأمّة الإسلاميّة سئمت الأكاذيب وبدأت تكتشف أهل النفاق وهي تعمل على لفظهم وطرد اللّصوص والمأجورين وبدأت تعمل على إزالة الهيمنة الغربيّة. إنّ الخلافة الراشدة عائدة بتوفيق الله مهما كانت العراقيل والأشواك التّي يزرعها الكافر وأعوانه في طريقها. فاعتبروا يا أولي الأبصار .
2016-10-29