كلمة الوعي: هل نسّقت إسرائيل مع الإنكليز فيما تنويه من عدوانٍ على سوريا؟
2016/10/29م
المقالات, كلمات الأعداد
1,821 زيارة
كل الظواهر تشير إلى أن إسرائيل مصممة على القيام بعدوان على سوريا، حتى أن بعض المراقبين يتوقعون مواقع العدون والسيناريو الذي تنويه إسرائيل.
إسرائيل خائفة من ردة الفعل السورية لذلك تتريث لعلها تتأكد من ردة الفعل هذه، أو لعلها تشكل حكومة وحدة وطنية من حزب العمل والليكود تتحمل مسؤولية الحرب إذا كانت فاشلة.
المؤشرات تدل على أن نتانياهو يفضل معركة محدودة يتدخل مجلس الأمن لإيقافها، فيجلس الطرفان للتفاوض من جديد، بعد أن تكون أُلغيت نتائج المفاوضات السابقة. وهذا ما كان ذهب إليه دبفيد ليفي وزير خارجية اليهود حين قال منذ حوالي شهر إنه إذا لم تأت سوريا للمفاوضات طوعاً فستأتي مُرْغَمة.
إسرائيل تخشى من رد سوري بصواريخ كيماوية لا تعرف مدى تأثيرها. ولذلك أقسم وزير دفاعها مورخاي بأنه إذا استعملت سوريا سلاحاً كيميائياً أو جرثومياً فإن إسرائيل ستقوم بعمل عسكري مدمِّر ضد سوريا يؤدي إلى سقوط النظام.
مصر لا تترك تصريحاً ولا تلميحاً ولا تصرفاً إلا وتقوم به لثني إسرائيل عن عزمها، وهذا يدل على أن أميركا توعز لمصر وغيرها أن يتحركوا للضغط على اسرائيل، ولكن دون جدوى حتى الآن. أي إن أميركا عاجزة حتى الآن عن ثني إسرائيل.
ما هو موقف الإنكليز من تحفّز إسرائيل للعدوان؟ المسؤولون الإنكليز يقولون بأنهم لا يتوقعون حرباً ولا يرون ما يشير إلى ذلك. كل ما يرونه هو شيء من الجمود والتوتر حسب قولهم. وهذا القول من الإنكليز يدل على أنهم يخفون الحقائق.
بعد أن قام الرئيس الفرنسي شيراك بجولته في الشرق الأوسط (والتي كان قد نسّقها مع أميركا) قام ريفكيند وزير خارجية الإنكليز بجولة في بعض دول الشرق الأوسط، فزار إسرائيل وزار الإمارات المتحدة حيث ألقى محاضرة في أبو ظبي في 04/11/96 طرح فيها موقفاً بريطانياً جديداً للشرق الأوسط، طرح خطة إنشاء (منظمة التعاون في الشرق الأوسط). وقال: «وإني على علم بأن البعض في المنطقة قد بدأوا فعلاً بالتفكير فيها، فصاحب السمو الملكي الأمير حسن ولي عهد الأردن ماض في تطوير أفكار مهمة بهذا الخصوص». وقال: «علينا أن ننظر في نموذج منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومعرفة مقدار فائدته للشرق الأوسط، وكيف يمكن لهذا النموذج بعد تكييفه تكييفاً مناسباً أن يفي بحاجات هذه المنطقة». وقال: «ونحن نبحث هذه الفكرة مع أصدقائنا في المنطقة ودولياً. وفي الوقت المناسب يجري عقد مؤتمر لإطلاق هذه المنظمة ووضع أهدافها وأبعادها وترتيبات عملها».
قد يقول قائل: وما العلاقة بين عدوان على سوريا تخطط له إسرائيل ومشروع منظمة الشرق الأوسط يخطط لها الإنكليز؟ والجواب: أن الإنكليز الآن يشعرون بالانتعاش والقوة أمام منافسهم الأقوى: أميركا. وما كان الإنكليز ليجرؤوا على طرح وإرساء نظام للشرق الأوسط لو كانوا يحسون بقوة المنافس الأميركي الذي طردهم من مواقع كثيرة في الشرق الأوسط، وحاول أن يطردهم من الخليج في حرب الخليج الثانية. الإنكليز هؤلاء كانوا رتّبوا، قبل ما يزيد عن سنة، تنسيقاً بين إسرائيل والأردن والعراق وتركيا للقيام بعمل لأخذ سوريا، وفشل ذلك المخطط بانسحاب العراق من اللعبة. ويبدو أن الإنكليز رتبوا الخطة من جديد ولكن بأسلوب جديد.
يبدو أن الإنكليز أقنعوا إسرائيل أن المعركة المحدودة مع سوريا لا تحل المشكلة ولا تحقق لليهود أحلامهم. إذاً فلا بد من شرب سوريا ضربات حاسمة (حسب رأي الإنكليز). سوريا سترد (سواء بسلاح كيميائي أو تقليدي). إسرائيل ستزعم أن سوريا استعملت سلاحاً كيميائياً فتشن حرباً واسعة بهدف تدمير قوة الجيش السوري، وتدمير بُنْيَة الاقتصاد السوري، وإسقاط النظام. يدخل الجيش الأردني إلى سوريا بحجة مساعدة إخوانه العرب، والحقيقة أن دخوله يكون للإجهاز على النظام في سوريا، وتسليم البلد للعناصر التي توالي الأردن والإنكليز. وستتدخل تركيا من جهتها للمساعدة أيضاً في الإجهاز على النظام. وقد كشفوا عن عقد اتفاق عسكري جديد بين إسرائيل وتركيا. ويبدو أن هذا الاتفاق الجديد جاء ليضع الترتيبات وتوزيع الأدوار والتنسيق لتنفيذ هذه العملية. ونحن نرجح أن زيارة تانسو تشيلر وزيرة خارجية تركيا إلى الأردن مع وفد عسكري في 11/11/96، نرجح أنها كانت لتنسيق الأدوار أيضاً في هذا الموضوع.
فإذا تم للإنكليز وعملائهم ما يخططون له فإنهم لا شك سيكافئون إسرائيل مكافأة كبيرة لأنها هي رأس الحربة في تنفيذ هذا المخطط الإقليمي، بل الدولي. وهذا، لو حصل، سيعيد النفوذ الإنكليزي بشكل قوي.
لكن هل تسمح أميركا بأن ينافسها الإنكليز ويقلعوا نفوذها ومصالحها ويكسروا هيبتها؟ وإذا نجح الإنكليز وعملاؤهم في سوريا فإنهم سيطمعون في مصر والسعودية والسودان وسائر المناطق التابعة لأميركا. فهل تسمح أميركا بذلك؟ كلا لا تسمح إن هي استطاعت، ولكن أحياناً تعجز الدول، وتكون عينها بصيرة يدها قصيرة. والآن أميركا تعمل لِلَجْم إسرائيل عن مهاجمة سوريا، ولمنع إسرائيل من أن تكون مع الإنكليز ضد السياسة الأميركية، فهل تنجح؟
أين أهل البلاد مما يجري؟ أين الشعوب، أين العرب، أين المسلمون؟ إنهم لا يدرون ما الذي يجري لهم وعليهم. فالحكام عملاء ومضلّلون، والناس غير مبالين.
المسلم يدخل في خندق واحدٍ مع اليهودي والإنكليزي والأميركي ليقاتل أخاه المسلم لأن رئيسه الحاكم أمره بذلك. الشعوب الإسلامية الآن هي مجرد أدوات لا قيمة لها ولا كرامة، هكذا جعلها هؤلاء الحكام.
القيمة والكرامة، والنصر والعزة تكون بإعادة النظام الإسلامي إلى الحكم بدل أنظمة الكفر. وتكون بإعادة الخلافة الراشدة التي تحكم بما أنزل الله وتوحد المسلمين تحت راية خليفة واحد، وتطرد الأميركان والإنكليز وسائر الكفار وعملائهم.
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ).
2016-10-29