كلمة أخيرة التلويح بالجهاد والزعم الباطل
1997/01/29م
المقالات
1,787 زيارة
منذ بضعة أيام دعا مفتي الأزهر إلى الجهاد إسرائيل، والكل يعرف توقيت هذه الدعوة بحيث تخدم الضغط السياسي المتبادل بين مصر وإسرائيل وبعض الأطراف العربية.
إن سلاح التلويح بالجهاد كثر استعماله في السنوات الأخيرة لدرجة أفقدته التأثير الذي يرجوه الملوحون به، وذلك لأن دعوتهم هي من باب المناورات السياسية الدعائية ليس أكثر، ثم إنهم يتعاملون مع هذا الفرض الشرعي كمن يقول كلمة حق ويريد بها الباطل، أي أنهم يلجأون إليه بوصفه الملاذ الأخير الذي يمكن أن يخيف الأطراف المقابلة.
كان أبو عمار يلجأ إلى التلويح بورقة الجهاد كلما انحشر عربياً أو إسرائيلياً وقد حدث ذلك أكثر من مرة. أما صدام حسين فقد ألجأته حرب أميركا في الخليج إلى استعمال هذا الشعار وصدقه البعض. وقامت بعض الأنظمة التي دعمت ثوار أفغانستان بوصفهم بالمجاهدين وبوصف عملهم بالجهاد حينما كانوا يقاتلون الروس، وبعد أن جرّوهم إلى اقتتال داخلي اختفى شعار الجهاد، ونودي كل فريق باسمه. أما القذافي فقد لجأ في عدة مناسبات إلى هذا الشعار ولم يلتفت إليه أحد، لأن دغدغة العواطف والمشاعر لم تعد تفيد، لأن الناس لدغوا من الجحر الواحد مرات عدة، وتعلموا، ولو بنسبة قليلة، أي حبل الكذب قصير، بل أدركوا أن جعبة الحاوي التي تخرج منها الفتاوى المعلّبة لم تعد تؤثر في المشاهدين وبطل السحر وانقلب السحر على الساحر.
أما الذين يلعبون ورقة الجهاد لعلها تفيد في الضغط على نتانياهو فما عليهم إلا أن يفتشوا عن ورقة أخرى لعلهم يجدون فيها ضالتهم، وإذا أرادوا أن تصدقهم جماهيرهم فما عليهم سوى تحريك الجيوش والطائرات في عمل عسكري حقيقي، مع ما يرافق ذلك من فتح الحدود أمام المجاهدين المتعطشين للشهادة على أبواب القدس وغيرها من مدن فلسطين. أما مسرحياتهم الاستعراضية فقد سَفّت وهَزُلَت حتى أصبحت ممجوجة لا يتقبلها حتى الأطفال، ويبدو أن بعض الأنظمة العربية لا تزال تفكر بعقلية الخمسينيات من هذا القرن، ولا تريد أن تصدق أن مستوى الوعي قد تغير، وأن كلام الشعارات فقد بريقه مع مرور الزمن .
1997-01-29