حقوق المرأة: حقيقة أم مؤامرة؟
2009/04/11م
المقالات
2,324 زيارة
حقوق المرأة: حقيقة أم مؤامرة؟
أم محمد – فلسطين
لماذا كل هذه الإثارة وهذه الضجة حول المرأة المسلمة بالذات؟ لماذا ترصد مليارات الدولارات من أجلها؟ ولماذا تعقد المؤتمرات والمحاضرات للمطالبة بحقوقها؟ ولماذا يتدخل رؤساء الدول وعقيلاتهم لإضفاء الجدية على قضاياها؟! أهي مسلوبة الحقوق حقاً؟ أتراها مظلومة بأحكام هذا الدين أم أنها مؤامرة خبيثة وعظيمة؟!
أختي المسلمة:
هكذا سأناديك وهكذا ستظلين… يا حفيدة عائشة… أم المؤمنين جميعا، يا أخت سمية… ونسيبة… وخولة وأسماء… وصفية… والخنساء… إن هذا لحديث طويل…. ولكني على عظم المصاب سأجمل.
لقد أدرك الغرب أنه لولا أرحام المؤمنات العفيفات الطاهرات، ولولا أحضانهن المباركة، لما وجد أمثال أسامة بن زيد وصلاح الدين ومحمد الفاتح، علم الغرب أن صلاتك وتقواك وتمسكك بأحكام ربك في كل حركاتك وسكناتك كان وما زال مصدر قوة ورفعة لأمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فشخصوا الداء وفكروا بالدواء وحاكوا المؤامرات وشنوا الهجمات ورصدوا الأموال ليصدوا عن سبيل الله .
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) [الأنفال 36]
أختي المسلمة:
لم يكتف الكافر المستعمر بهدم دولة الخلافة التي كانت تذود عن كرامتك وعرضك.. ولم يكتف بتمزيق البلاد، ومص دماء العباد، ونهب الخيرات… ولم يكتف بجعلنا في ذيل الأمم بالحملات العسكرية والمؤامرات الاقتصادية.. بل قام بما هو أشد وأنكى، ألا وهو شن الحملات الفكرية الرأسمالية المبرمجة والمدروسة على بلاد المسلمين، وكنت أنت من أهم المستهدفين في هذه الحملة، وهنا بيت القصيد…
لقد كان لهذا الهجوم طراز خاص ورائحة جديدة، فقد استعملوا زخرف القول وزوره، واتخذوا من النفاق والدجل طريقة، فظهروا كأنهم الإخوان والخلان يقدمون لنا الترياق السحري، ترياق النهضة والحرية ليخلصونا حسب زعمهم الباطل من رجعية ديننا، وعقد تقاليدنا، وتسلط آبائنا وأزواجنا، ودكتاتورية مجتمعاتنا. وصلت بهم الجرأة أن طعنوا في كل جزئية، وفي كثير من مسلمات هذا الدين العظيم… واستعملوا الحكام الرويبضات لسن قوانين جديدة من شأنها أن ترتقي بالمرأة المسلمة لتقترب من مثيلاتها في الغرب على حد زعمهم، وللأسف.. سنت تلك القوانين على المقاس الأميركي والإنجليزي في بلاد المسلمين.. والتي تهاجم الحدود والعقوبات الشرعية والتي تحرف أحكام الله في الطلاق والميراث وتعدد الزوجات والاختلاط وحتى في لباس المرأة وغيرها. أما الثمرة الخبيثة، فهو ما نسمعه من أخبار يندى لها الجبين عن بلاد المسلمين.. حيث أصبح الزنا ليس بجريمة في تركيا … وحظر الحجاب في بعض بلاد المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، جريمة لا تغتفر.
وصار من حق المرأة أن تمارس الرذيلة على شاشات التلفاز في مصر وغيرها… وصار الخمار ينحسر عن رأس المذيعة الحجازية شيئاً فشيئاً إلى أن سقط في كثير من الحالات بعد أن كان من المستحيلات هناك, وهكذا أصبحت الكويتية والأفغانية تزور صناديق الاقتراع حاسرة الرأس متبرجة متشدقة بالديمقراطية متغنية بالمشاركة السياسية والإنجاز العظيم.
كنا نعد طرد المسلمات المحجبات من المدارس البريطانية جريمة فلما طردن من المدارس في البلاد الإسلامية كتركيا وتونس أسقطنا تلك عن لائحة الجرائم!! والأقبح من الذنب عذره، حيث قالوا لها في المحكمة… إنك تمثلين قدوة سيئة للطالبات… الله أكبر على من لا يعرف من العدل إلا اسمه، ومن الدين الإسلامي إلا رسمه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
أما عن القانون المدني فحدث ولا حرج، ذاك القانون الخبيث الذي يطبق في بعض بلاد المسلمين، فيبيح للمسلمة أن تتزوج بكافر وللمسلم أن يتزوج أخته بالرضاع ناهيك عن التلاعب بعدة الطلاق الشرعية، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
وهكذا أختي المسلمة، تصدّر الكافر المستعمر وأذنابه من أبناء جلدتنا هذه الحملة الشرسة ونادوا بحقوق المرأة وكأنها في الإسلام بلا حقوق… وأقل درجة وشأناً من الرجل… أرادوها كالمرأة الغربية التي أخرجت من بيتها لتقصى عن رعاية أطفالها ولتنعتق من سلطة الرجل مادياً ومعنوياً… وأصبحت جزءاً مادياً نفعياً في حضارتهم لا ينظر إليها إلا كسلعة تجارية أو موضع لإشباع رغبة، فأصبحت بلا أسرة وبلا حقوق تليق بها، نعم لا ينظر إليها إلا كعارضة أزياء أو راقصة أو كصورة مخزية فاضحة على منتوج تجاري لترويج مستحضر تجميل أو ثوب خليع أو منتج للحمية. أما إذا فقدت تلك الجميلة جمالها بمرض أو كبر سن أو حادث فإنها تصبح لا تساوي شيئاً.
فهل حقاً إن المرأة الغربية محترمة الحقوق لنسعى سعيها؟ وهل هكذا ترتقي الإنسانية؟! أم أن المطلوب هو النفاذ إلى حياة المسلمين الاجتماعية، وتدمير الأسرة المسلمة، بإفساد نسائها وبالتالي إفساد الجيل المسلم بأكمله.
ولم تقتصر الحملة على إخراجها من مخدع طهرها والانتفاع بها كسلعة فقط، ولكنها استهدفت أموراً أخرى لتكتمل خيوط المؤامرة الشيطانية ضدها وضد الإسلام. حيث شجعت المرأة بكل الوسائل المتاحة على الإجهاض ومنع الحمل للوصول إلى تحديد نسل المسلمين،لعلهم يتفادون بذلك الخطر الديمغرافي الذي يحسبون له ألف حساب.
ولقد دعمت هذه الأهدافَ الجهودُ السياسية على كافة المستويات، ابتداء من الأمم المتحدة ومنظماتها الكثيرة، ومروراً بالولايات المتحدة حاملة لواء العولمة والديمقراطية في بلادنا، وانتهاء بالجمعيات النسوية الخيرية المتناثرة تناثر أوراق الخريف في الطرقات.
كل هؤلاء انتفضوا يا أختي المسلمة للاهتمام بشؤونك، مدعين أنهم يخافون على حالتك الصحية والنفسية، وأنهم يخشون عليك من الكبت الديني والعرفي, ومدعين الحرص على دعم ثقتك بنفسك، والتمتع بصباك وتعبيرك الحر عن رأيك، سواء أوافق الشرع أم خالفه، وإبداء جمالك وزينتك، بأرخص الأثمان، وأحقر الطرق، لإبعادك عن بيت الطهر، وعفاف العلاقة، تحت شعاري الحرية والمساواة الخبيثين.
ومن أجلك أنت أيضاً… تتدفق الأموال من صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي، نعم تتدفق المليارات بسخاء لتدخلي المصيدة، وليس أدل على ذلك من انتشار الجمعيات التي توفر وسائل منع الحمل بالمجان… حيث لا يقتصر هذا الكرم الصحي على المتزوجات وإنما يتعداه إلى الفتيات المراهقات، وتيسر لهن سبل الإجهاض وغيره… وفي الوقت نفسه تُحشى العقول عن طريق المناهج المدرسية والندوات والبرامج الإعلامية بمخاطر الزواج المبكر وأضراره النفسية والاجتماعية والصحية على الإناث بدعم من المنظمات الدولية.
وماذا بعد ذلك؟… لم يتورع أذناب الغرب عن إنشاء مراكز لإيواء الزانيات ورعاية أبنائهن لتكتمل فصول الحكاية… وهناك أيضاً أنواع جديدة من الجمعيات التي تحتضن من النساء من لا تتقي الله في زوج أو أب، تحتضنها في أكناف مكاتبها الكثيرة فتفضح زوجها، بحجة الكشف عن آلامها النفسية ومعاناتها الزوجية. والله عز وجل ينهى عن ذلك بقوله: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) [البقرة 187]، كما أنها تعرض والدها للسجن والمساءلة بحجة تعديه على حرية ابنته الشخصية، والجدير بالذكر أن مثل تلك الجمعيات تعرض خدماتها بدون مقابل.
أما المناهج المدرسية، فلم يعد يخفى عليك أنها في خدمة الكافر المستعمر وأذنابه في المنطقة، إنها محشوة بأمور غريبة ما أنزل الله بها من سلطان.. حيث إن القروض لا يوقع عليها من الدول المتاحة إلا بعد أن تفصل هذه الكتب على المقاس الرأسمالي … لتخريج فتيات مهيئات مقتنعات بالحضارة الغربية وبفكرة الحريات والاختلاط وحقوق المرأة ومساواتها مع الرجل، مقتنعات أنه لم يعد للجلباب رونقه وبريقه، وأنه آن الأوان للانفتاح على ثقافة الآخرين وفكرهم واحترام وجهة نظرهم في الحياة.
ألا فليسمع الغرب وعملاؤه والمضبوعون بثقافته، مفكرون وسياسيون، كلمة الفصل في هذا. كفاكم كذباً ونفاقاً، فالبون شاسع شاسع بين أحكام الإسلام وما تحققه من رحمة وهداية وبين حضارتكم النتنة وما تفرزه من شقاء وغواية… لا وألف لا لكل مشاريعكم الزائفة الفانية، فإن النساء المسلمات كريمات بإسلامهن، عزيزات بعقيدتهن، مطيعات لربهن. وإن الثلة الواعية من أبناء الأمة أنارت لهن الطريق فأبصرن طريق الهداية وعرفن بالضبط الحكاية.
ونقول لكم بصوت مجلجل، إليكم عنا فلستم منا ولسنا منكم، ألا فلتفروا إلى بلادكم فهي أحوج إليكم من بلادنا… عالجوها من الانحلال الخلقي والانهيار الاقتصادي وانحطاط القيم وتفكك الأسر… أنقذوها من الغرق في الشهوات واختلاط الأنساب وزواج الشواذ والأمراض الخطيرة وتفشي الجريمة! أنقذوا أبناءكم ونساءكم من الانتحار الناتج عن الفراغ الروحي والقلق النفسي…
كفاكم دجلاً يا دعاة الديمقراطية والتحرر، فما أنتم إلا وحوش تتظاهرون بأنكم بشر في ثياب مرقطة فتمارسون أبشع الجرائم: تيتمون الأطفال في غزة والعراق، وترملون النساء، وتغتصبون الأعراض على مرأى ومسمع من حماتها، وإن كنتم حريصين على صحتنا النفسية فارفعوا صواريخ الموت وقاذفات المدافع عن مسامع أطفال العراق وفلسطين وأفغانستان… وأطلقوا سراح المعتقلين في جوانتانامو وأبو غريب وقاعدة باغرام الجوية، فهذا الذي يؤرقنا وليس الحمل والإنجاب.. هذا الذي ينغص عيشنا.. اغتصابكم لأخواتنا في السجون.. اللاتي لم تلامس صرخاتهن نخوة المعتصم بعد.
توقفوا عن قتل الآباء على مشهد من أطفالهم في غرف نومهم أو على شواطئ بحرهم. أوقفوا وحشيتكم يا دعاة الإنسانية، وإلا فانتظروا سخطاً قريباً من الله، ونصراً عزيزاً مؤزراً من الله للمسلمين يزلزل الأرض من تحت أقدامكم.
فطوفان العمل الإسلامي أوشك أن يجتاح قوى الكفر، وأوشك العملاق الإسلامي أن يقف على قدميه ليعرف العالم كيف يكون الإسلام, كما أن بوادر النصر لاحت في الأفق الإسلامي ومؤشر الخلافة صاعد بسرعة البرق.
اللهم اجعلنا من العاملين المخلصين لإعزاز هذا الدين, اللهم عجل لنا بنصرك وفرجك وقيام دولتك التي فيها حكمك لتعود لنا عزتنا وكرامتنا، وتعود للمرأة المسلمة مكانتها السامية التي كرمها بها الإسلام.
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ، وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [الروم 4-6].
2009-04-11