قيام «الخلافة الإسلامية الراشدة» وعد غير مكذوب
2009/05/04م
المقالات, كلمات الأعداد
1,981 زيارة
قيام «الخلافة الإسلامية الراشدة» وعد غير مكذوب
بعد مجزرة غزة جرت انتخابات في (إسرائيل) جاءت نتائجها لتكشف مزاجاً شعبياً متطرفاً أكثر من حال التطرف الذي كان سائداً أثناء المجزرة، وتشكلت حكومة برئاسة نتنياهو، وهذه الحكومة أعلنت عناوينها من أول أيامها: رفض حل الدولتين، وعدم التنازل عن القدس أو المفاوضة بشأنها، وعدم التنازل عن الجولان. والعمل على اعتراف دول العالم بيهودية دولة (إسرائيل). أما ليبرمان الذي اختاره نتنياهو للخارجية، وهو المشهور عنه أنه من أكثر اليهود تشدداً وهو الذي نجح في الانتخابات بسبب شعاراته المتطرفة جداً كالمطالبة بتهجير فلسطينيي الداخل للحفاظ على يهودية دولة (إسرائيل). وقد أعلن هذا الوزير أثناء مراسم تسلم حقيبته أن «التنازلات لن تجلب السلام» وأن «التنازلات أضفعت مكانة إسرائيل» وأن «مكانة إسرائيل كانت في الذروة بعد حرب الـ67». وعن المبادرة العربية أنها ستدمر (إسرائيل)… هذه هي (إسرائيل) بعد حربها العدوانية على غزة، وبدل أن تنشغل دول العالم بمحاسبتها على ما اقترفته يد الإجرام عندها أخذت تسترضيها وتقنعها أن تغير سياستها.
أما في المقلب الأميركي، فكان قد وجد رأي لدى الحزبين الجمهوري والديمقراطي بأنه لن تستقر الأوضاع لأميركا في المنطقة إلا بعد حل قضية فلسطين، وأن لا حل إلا بدولتين. وبعد انتخاب أوباما وقبل رحيل (بوش2) أعطى هذا الأخير لـ(إسرائيل) [أولمرت – ليفني – باراك] الضوء الأخضر لشن حربهم المسعورة على غزة على اعتبار أنه إذا نجح هؤلاء في حربهم فإن الانتخابات القادمة في (إسرائيل) ستسفر عن فوزهم، وستسفر عن السير بنجاح في مشروع الدولتين. وستفسر عن تسلم السلطة الفلسطينية ذات التوجه الأميركي الحكم في الضفة وغزة، وسيتم التخلص من حماس ذات التوجه الأوروبي بنظرهم. وبهذا الإنجاز يكون (بوش2) قد وطّأ الطريق لأميركا ولأوباما للسير في حل الدولتين.
وبالرغم من أن الأحداث سارت بعكس ما خطط له، وبالرغم من إعلان (إسرائيل) الصريح برفض حل الدولتين، فإن أوباما استهل عهده بالإعلان عن نية السير بحل الدولتين، وعيّن مبعوثاً خاصاً له في منطقة الشرق الأوسط وهو جورج ميتشل الذي راح يجوب المنطقة ويصرح بأن قضية فلسطين هي على «قمة جدول أعمال الإدارة الأميركية» وأن «حل الدولتين هو الحل الوحيد لأزمة الشرق الأوسط» وأن السلام الشامل في الشرق الأوسط من «المصلحة القومية للولايات المتحدة» وهذا كله يدل على أن أميركا ستسير بهذا الاتجاه، وستعمل على إقناع (إسرائيل) وستضغط عليها في ذلك؛ إذ إن الصراع الدولي في المنطقة بدأ يتشكل من جديد ليأخذ صورة بدأت ملامحها تكتمل مع الوقت. وفي هذه الصورة الجديدة سيتحول الصراع من صراع عربي – (إسرائيلي) أو إسلامي – (إسرائيلي) إلى صراع بين دول معتدلة ودول ممانعة، وسيكون الصراع السني والشيعي أحد ألوانه. وسيكون دور (إسرائيل) أنها إحدى أهم دول محور الاعتدال إن لم تكن رأسه. وسيكون على رأس محور دول الممانعة إيران. وهناك بعض الأنظمة العربية قد ظهر عليها الانخراط السريع في هذا المخطط، وخاصة السعودية ومصر، لأسباب تتعلق بحياة الأنظمة فيها ومستقبلها. فالسعودية قدمت بالأصل مبادرتها للسلام لإنهاء الصراع مع (إسرائيل) للاعتماد عليها فيما بعد في مواجهة إيران التي تسعى إلى تغيير حكم الأسرة السعودية نفسها. أما مصر التي تعادي حماس فإنها تعتبرها امتداداً للإخوان المسلمين في الداخل، وهناك بعض من هذه الدول من طالب بالتطبيع مع (إسرائيل) كالأردن سابقاً والبحرين لاحقاً.
والآن، ماذا يتوقع أن يكون عليه الحراك السياسي في المنطقة؟
يتوقع أن تقوم الإدارة الأميركية الجديدة بإقناع نتنياهو الذي سيزور أميركا في النصف الثاني من شهر أيار الحالي بأن قضية الصراع مع إيران ومع (الإرهاب الأصولي) المتنامي يجب أن يكون في قمة الاهتمام لدى (إسرائيل) كما هو لدى (أميركا) وكما هو لدى (الأنظمة العربية المعتدلة) وأن هذا الخطر الذي وصل إلى حدودها داهم، وأنه لا يمكن محاصرته إلا بالتصرف السريع. وأنه لابد من ترتيب الوضع الفلسطيني والالتفات إلى الأهم. وأنه لا يمكن للدول العربية المعتدلة والتي لا يمكن الانتصار بدون دعمها أن تبرر وقوفها إلى جانب (إسرائيل) أمام شعوبها إذا لم تحل قضية فلسطين بإقامة دولة لهم. وفي هذا الصدد صرحت كلينتون وزيرة خارجية أميركا في 24/4: «لا يمكن لإسرائيل البقاء بعيدة عن جهود السلام مع الفلسطينيين إذا أرادت الحصول على دعم عربي صلب ضد إيران». كذلك يتوقع أن تغرق الولايات المتحدة (إسرائيل) بالوعود المالية المغرية والمساعدات العسكرية النوعية، وقد تستعمل اللوبي اليهودي في أميركا (أيباك) لإقناع (إسرائيل) بالتجاوب… وفي كل الأحوال لا يتوقع أن تأخذ الضغوط شكل صراع بل ضغوط الحبيب على حبيبه الحريص على مصلحته ومستقبله. لأن (إسرائيل) هي بالأصل مشروع استعماري غربي أرادوا منه أن يكون خنجراً مسموماً مغروساً في خاصرة الأمة الإسلامية. والحاجة إلى (إسرائيل) من هذه الزاوية هي اليوم أكثر مما كانت عليه من قبل.
وفي المقابل فإن (إسرائيل) تريد كل شيء ولا تريد أن تعطي شيئاً. تريد التطبيع مع الأنظمة العربية المعتدلة، تريد منها أن تقف معها ضد إيران، وتريد القدس، وتريد الجولان، وتريد السلام، وتريد أن يكون بديل الدولة الفلسطينية هو دعم السلطة الفلسطينية من خلال مشروعات اقتصادية وتنموية لمواجهة مشكلاتها المالية. وكما صرح نتنياهو أن «المسار الأمني الاقتصادي هو الحل الوحيد لديه». بمعنى آخر فإن (إسرائيل) موافقة على الخطة الأميركية الجديدة للمنطقة ولكنها لا تريد أن تقدم شيئاً، وإذا زادت الضغوط الأميركية عليها فإنها قد توافق على الجلوس على طاولة المفاوضات لتضيعها في متاهات التفاصيل، أو قد تلجأ إلى تفجير الداخل الفلسطيني بشكل يطيح بكل ما تسعى إليه أميركا من إقامة دولة فلسطينية أو يؤجله، وقد تسعى إلى تفجير طائفي (سنة شيعة) كبير في العراق مثلاً لوجود استخباراتها هناك بشكل فاعل، ويكون الهدف منه دفع دول المنطقة بقوة للتفاعل مع هذا الحدث وبشكل يتم فيه تناسي حل قضية فلسطين على الطريقة الأميركية، وقد وقد…
تجاه هذا الواقع، يمكننا أن نقول بكل اطمئنان بأن قضية فلسطين هي في حرز وأمان ولن تستطيع الأيادي العابثة من أن تضيعها مهما فعلت، وهي تفعل ولا تقصر. ويمكننا أن نقول إن قضية فلسطين لها مساران مفترقان لا يلتقيان:
المسار الأول وهو مسار الصراع الدولي الذي لا اعتبار فيه لحقوق الشعوب ولا للإنسانية ولا للسلام، لا اعتبار فيه إلا للمصالح المادية فحسب. وهذا المسار القائم على الظلم والإجرام هو على ما نرى وما نسمع، وهو يراوح مكانه رغم كل بطشه، ولن يصل إلى شيء إن شاء الله. لأن الخلافات بين أطرافه أعمق مما يظن القائمون على هذه السياسات، وهي تشهد بعداً عن الحل عبر هذا المسار وليس قرباً.
أما المسار الثاني فهو مسار الشعوب الإسلامية، مسار الإسلام في تلك الشعوب، فإنه هو الذي بدأ يفرض نفسه على ساحة الصراع الدولي ويشغله به. إن الإسلام يقترب من الحكم يوماً بعد يوم. إن الولايات المتحدة تفكر الآن في كيف تنقذ نفسها، حضارتها، زعامتها… كل ذلك اهتز على أرض الصراع مع الإسلام الذي اتهموه ظلماً وعدواناً واعتدوا على كتابه ورسوله وتعاليمه السمحة وساموا أهله سوء العذاب. نعم إن الإسلام هذا هو الذي يتقدم ويتقدم بشكل واثق، وإن مشروع عودة الخلافة الراشدة الثانية يشق طريقه ولن يوقفه أحد إن شاء الله تعالى. إن خطة أوباما للمنطقة، ومن قبله (بوش2) أي خطة الولايات المتحدة، يلاحظ فيها الخوف العميق من عودة الدولة الإسلامية العالمية. فهو يريد أن يكون الصراع داخلياً (إسلامياً – إسلامياً) ليمزق الأمة الإسلامية وليوجد حالة سياسية مانعة لهذا المشروع مشروع «دولة الخلافة الإسلامية الراشدة» العظيم، ولكن أنـّى له ذلك.
إن حركة التاريخ تسير الآن باتجاه إقامة دولة إسلامية عالمية هي دولة الخلافة الراشدة الثانية التي بشر بها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). ولسنا نحن الذي نقول بذلك فحسب ففي حساب التوقعات الأميركية التي أعلنت بعد دراسات قامت بها أجهزة الاستخبارات الأميركية أن قيام الخلافة الإسلامية سيكون متوقعاً بحلول سنة 2020م.
وها هو نائب رئيس مجلس الدوما (البرلمان الروسي) ميخائيل بورييف الذي يعتبر من كبار الاستراتيجيين الروس قد أصدر كتاباً بعنوان: «روسيا: إمبراطورية ثانية» وحمل الغلاف صورة خارطة للعالم لم يظهر فيها سوى عدد محدود من الدول، وأشار فيه إلى أنه بحلول سنة 2020م ستكون هناك فقط خمس دول كبرى أو إمبراطوريات: روسيا التي ستضم أوروبا إليها، والصين التي ستهيمن بقوتها الاقتصادية والعسكرية على دول الشرق الأقصى، ودولة الخلافة الإسلامية الممتدة من جاكرتا إلى طنجة وغالبية أقاليم أفريقيا جنوب الصحراء، والكونفيدرالية التي تضم القارتين الأميركيتين الشمالية والجنوبية. ورأي بورييف أن «الهند يمكن أن تكون دولة كبرى إذا استطاعت مواجهة محيطها الإسلامي القوي».
هل يوجد أقوى من هذا الكلام على صدق ما نقول. إن المحللين الاستراتيجيين يتوقعون التغيير بحلول سنة 2020م، وإنهم يحاولون أن يسبقوه بتصرفاتهم ليمنعوه، ونسأل الله سبحانه أن يسبقهم في أمرهم هذا، فيجعله قبل هذا التاريخ، وأن يجعل لنا اليد الكريمة في هذا التغيير إنه كريم قريب مجيب. قال تعالى: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ) [الأنفال 59] فأمر الله هو الغالب ولكن أكثر الناس لا يعلمون، نسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون عنده من الذين يعلمون، ويعملون، ويُخلصون، ويُنصَرون. آمين.
2009-05-04