ستقوم الدولة الإسلامية وإقامتها واجب على كل المسلمين ليس هناك غير هذا الحل
1993/10/02م
المقالات
2,239 زيارة
بقلم الأستاذ: إبراهيم بن محمد الوزير
إن كثرة ما قد أصاب المسلمين في هذا الزمان من مصائب وما أضر بأوطانهم وشعوبهم من تآمرات يجعل المسلم حزيناً متألماً. فلم يعد أي عربي صاحب ضمير ـ ولو لم يكن متديناً ملتزماً ـ لا يشعر بالحزن الشديد اليوم لما يصيب المسلمين في كل مكان.
الولايات المتحدة الأميركية والدول الاستكبارية تذل المسلمين في كل مكان.
في الخليج حاولت أميركا إذلال المسلمين من الطرفين: دول الخليج والسعودية والعراق على السواء.
الكويتيون والسعودية يدفعون الأموال الطائلة لأميركا أجوراً للحرب وهم يعملون أنها كانت تحارب من أجل مصالحها لا من أجل عروشهم ولا بلدانهم.
العراق يدمر بيديه ترسانته الحربية التي كان قد أنجزها وحصل عليها ويُضرَب عسكرياً ويحاصر لا لشيء إلا لأنه يريد أن يمتلك شيئاً من القوة العسكرية.
في الصومال إذلال كبير متعمد بسبب أن (فرح عيديد) أراد أن يشعر بأن الصومال ما يزال بلداً مستقلاً فعلاً. والأميركان يضربون الشعب الصومالي بالطائرات، وهو شعب فقير جائع أعزل والسبب الأول للضرب هو أنه شعب مسلم وقريب من منابع النفط.
الأرمن يشجعهم الغرب والشرق على الاعتداء على أذربيجان المسلمة.
المسلمون الأتراك يُطردون ويُقتلون في ألمانيا إثارة للنعرات الماضية التي لا مبرر لإثارتها اليوم.
الشعب المسلم في البوسنة والهرسك يُذبحون كما تذبح الأنعام ويُطردون وتهدم بيوتهم ومساجدهم وتغتصب نساؤهم على مرأى ومسمع من العالم كله لأنهم مسلمون.
الغرب يشجع حكومة الاغتصاب في الجزائر على قمع المسلمين وذبحهم وإنكار حقهم في المشاركة السياسية.
ويُشجع حكومة القمع في تونس على ضرب (الإسلاميين) وسجنهم ومحاصرتهم وطردهم واذلالهم والأميركان حقهم أيضاً في أي مشاركة سياسية.
حكومة عملاء الغرب في مصر تضرب (الإسلاميين) وتفجر المتفجرات في محلات التجمع العامة، وفي الأسواق والمباني السكنية، ثم تدّعي أن المسلمين هم الذين فعلوا ذلك لأجل أن تفصل الشعب عن المسلمين، وكمبرر لقمعهم وسجنهم وتعذيبهم.
كشمير المسلمة يراد ضمها إلى دولة الهندوس ليحكمها عُباد البقر ظلماً وعدواناً.
مساجد المسلمين تهدم في الهند وفي البوسنة والهرسك، وفي أذربيجان وفي كل مكان.
وفي البلدان العربية كلها يجد الذي يريد بناء مسجد من العراقيل الحكومية المتعمدة ما لا يجده من يريد أن يبني كازينو للسهر ولعب القمار.
والأطفال الفلسطينيون يُسجنون ويُضربون وتُكسر أيديهم وأرجلهم ويقتلون لأنهم يطالبون باستقلال بلادهم وحريتهم في دينهم.
وفي نيجيريا يريد الغرب تنصير الشعب النيجيري المسلم الذي يضم مائة مليون مسلم.
وأميركا ودول الاستكبار العالمي والصهيونية العالمية مصممون على إخراج العالم الإسلامي والعربي من دينه إلى الإلحاد والكفر بدين الله، والأدلة القاطعة على ذلك كثير وكثير. وما ذكرناه جزء بسيط من شيء كثير.
إنها أوضاع مبكية ولا بد لكل من يحب دينه ويعبد الله جلّ وعلا، ولكل من يحب بلاده ولكل من يحب العرب والمسلمين ولكل من يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفكر في الخلاص من كل هذا الذل الذي لا يجوز استمراره، ولا يجوز الاكتفاء بالتفرج وتصعيد الآهات.
وأن حل هذه الأزمة سهل وقريب جداً، وهو بيد المسلمين وبيد العرب خاصة إنْ أرادوا.
إن الحل في وحدة المسلمين، وفي وحدة العرب كجزء من وحدة المسلمين. أن على دولتين أو ثلاث من الدول العربية أن تتوحد وأن تعلن ميلاد (دولة إسلامية واحدة).
إن الانشغال بالقضايا المحلية فقط خطأ كبير. لأن المشاكل المحلية مرتبطة بمشاكل المسلمين العامة. ولا تحل هذه إلا بتلك.
والحلول الفردية بالنسبة لكل دولة عربية على حدة صعبة، فدول الاستكبار مترصدة. ولا تظهر أية قوة في أي بلد عربي إلا خنقتها حتى ولو لم تكن تحت شعار الإسلام.
وأن الحل الاقتصادي بالنسبة لكل دولة عربية منفردة مستحيل، فالغرب واقف لإحباط كل نهضة اقتصادية للمسلمين حتى تبقى بلدان العرب سوقاً لمنتجاته وحتى لا يحسنوا التصرف في ثروتهم العظيمة: ثروة البترول.
إن العمل من أجل الوحدة، وقيام دولة إسلامية تنبثق من وحدة بين دولتين أو ثلاث أو أكثر واجب إسلامي يفرضه الإسلام.
إذ لا حل أمام المسلمين غير هذا قبل أن يبادروا وتستنزف بقية ثروتهم وتحتل أرضهم وتسيطر الدول الاستكبارية على بقية ثرواتهم البترولية والمعدنية والمائية.
إن قيام دولة إسلامية واحدة واجب شرعي مقدس والأدلة الشرعية توجبه، القرآن الكريم يوجبه: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ). وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توجبه: «المؤمنون كالجسد الواحد». والمذاهب الإسلامية توجبه. وإن التفرق والتمزق حرام في دين الإسلام. والعمل ضد التآمر على الدين والثروة والكرامة والأرض واجب إسلامي.
لقد خلا العالم اليوم من دولة إسلامية قوية تقف أمام تآمر الغرب وهجمة الصليبية والصهيونية المتمثلة في أميركا وحلفائها، والعربُ مرشحون لإقامة هذه الدولة.
وأن أعظم أعداء العرب والمسلمين اليوم هو الأنظمة العربية التي تحكمهم، وذلك لأنها عميلة للغرب، وهي ضد شعوبها التي تحكمها.
إن الشعوب العربية في أسوأ حال لا من أعدائها فقط ولكن من حكامها أعظم وأشد. والذي سيحدث بعد هذا الظلام الدامس هو قيام دولة إسلامية ـ بإذن الله تعالى ـ كما أخبر بذلك رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ستقوم دولة الإسلام في إحدى هذه الدول وتعلن من أول يوم تمسكها بالإسلام، وتُحِلّ ما أحل الله وتحرم ما حرم الله. وسيُنزل الله على شعبها السكينة، وسيعز الله حكومتها ويؤيدهم بروح منه، وستطير سمعتها في أرجاء العام في يوم واحد، وستقتفي أثرَها الشعوبُ العربية في سائر الأقطار العربية، وستتساقط الأنظمة العربية والحكومات العربية الخائنة الموجودة اليوم في خلال عام واحد أو عامين كما تساقطت حكومات وأنظمة أوروبا الشرقية، وسيسارع العرب إلى وحدة فورية ليلتفوا تحت ظل راية إسلامية واحدة ودولة إسلامية موحدة، وسيلتقون مع جميع إخوانهم المسلمين في الدول الإسلامية الأخرى في ظل وحدة إسلامية شامل. وستحافظ الدولة الإسلامية على حرية التعبير، وتحافظ على الحريات(1) في أجمل صورها وأكملها وأفضلها وسيقف الغرب مشدوهاً أمام هذه المفاجأة. وستبدأ الدولة الإسلامية الكلام حول قضية فلسطين من مركز قوة وحينها لن تكون قضية فلسطين قد وصلت إلى حل بصورة نهائية.
وسيصيب الذهول إسرائيل وسيكون الغرب منشغلاً بنفسه وبمشاكله الاقتصادية والاجتماعية، وسيكون الصهاينة قد حَطموا، بنشر الفساد الأخلاقي والاقتصادي، أميركا من الداخل وستصير الدولة الإسلامية في حرب اضطرارية. وحينذاك سيتجمع المسلمون من كل مكان ليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة ويتبروا ما علوا تتبيراً.
إن للإسلام عودة لا بد منها، أخبر بها القرآن وتحدث عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإرهاصات وأَمارات هذه العودة موجودة اليوم، وذلك إنشاء الله لا بد أن يكون.
وقد آن أوان ظهور هذه الدولة الإسلامية التي ينصرها الله، إن ذلك ما سيكون بإرادة الله. فماذا علينا نحن؟ ماذا على العرب وسائر المسلمين أن يعملوا إزاء هذه النبوة الإسلامية العظمى التي أشار إليها القرآن وأخبر بها سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
إن الذين يظنون أن الدولة الإسلامية ستحصل بمعجزة من السماء دون أي عمل واهمون، فلم يحصل هذا حتى للإسلام عند ظهوره على يد إمام الرسل أجمعين محمد بن عبد الله. ولكن ظهور الدولة الإسلامية وتحقق الوحدة الإسلامية سيظهر على أيدي المؤمنين الصادقين العاملين في سبيل الله رب العالمين.
إن النبي قد أخبر بانتصار المسلمين على اليهود ولن يتم ذلك إلا في ظل دولة إسلامية قوية بعد انتهاء هذه الأنظمة الخائنة العميلة. وسيكون ظهور هذه الدولة على أيدي المؤمنين الصادقين. إن الله سينفذ إرادته من خلال رجال صادقين مؤمنين فهنيئاً لهم ولن كان معهم في أي مكان.
إن عليك أيها المسلم الذي تؤمن بصدق نبؤة نبيك ﷺ أن عمل من أجل ظهور هذه الدولة الإسلامية التي تحل ما أحل الله وتحرم ما حرم الله.
إن إقامة دولة إسلامية في أي قطر عربي لتكون نواة للدولة الإسلامية العظمى، دولة تحل ما أحل الله وتحرم ما حرم الله، وتجمع كلمة المسلمين ولا تفرق بينهم، إقامة هذه الدولة الإسلامية في أي قطر عربي إسلامية فريضة واجبة مثل وجوب الصلاة تماماً. إن الإسلام بدأ دولة إسلامية وأفراداً مسلمين. وقد تحول إلى أفراد مسلمين تحكمهم أنظمة علمانية لا تؤمن بالإسلام وتتنكر له، ولا يهمها غير كراسيها ومصالحها الشخصية، وتخشى أميركا وحلفاءها أعظم مما تخشى الله سبحانه.
ولا بد لكي يستكمل المسلمون واجبات دينهم وفرائضه لا بد لهم من إقامة دولة إسلامية تفهم دين الله وتطبق أوامره. وبذلك يكون المسلمون قد أدوا فريضة افترضها الله عليهم فيستحقون بذلك نصر الله وتأييده لأنهم آمنوا به وأطاعوه ونصروه كما قال تعالى: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ). (إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).
إن أولئك الذين سيقومون بهذا الواجب في أي قطر إسلامي هم الذين قد اختارهم الله تعالى لتنفيذ إرادته. وذلك حقاً ما سيكون، فأين العاملون؟؟.
فهبوا يا رجال الحكومات والدول العربية وسائر الدول الإسلامية لتنفيذ هذا الواجب ولتوجدوا الحل لأنفسكم، ولشعوبكم، اقدموا ولا تحجموا ولا تترددوا فإن في هذا عزكم وغسل عار الهزيمة الفرقة والصغار عنكم.
لتقم دولتان منكم أو أكثر بإعلان الوحدة في ظل نظام إسلامي يحل ما أحل الله ويحرم ما حرم الله تفوزوا بالخلود الأبدي في النعيم المقيم، وتفوزوا بذكرى عطرة تساوي كل ثرواتكم الشخصية، وكراسيكم التي تظنونها أمرا ًكبيراً وهي في الحقيقة شيء صغير وظل زائل، وستتركونها عما قريب. فلا تتردوا وأقدموا.
وإن لا تفعلوا فهو الصغار والذل في الدنيا يصيبكم كما أصاب من قبلكم ويلحق أولادكم من بعدكم، والعقوبة في الدنيا والعذاب في الآخرة ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.
وإن ربك لبالمرصاد.
اللهم إنا قد بلغنا اللهم فاشهد، اللهم اكفنا شر خلقك أجمعين، اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائنا وأعداء الإسلام، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم.
حسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير، وعلى الله توكلت
(1) عبارة (الحريات) لا يستعملها الكاتب بالمعنى المتداول في الغرب من الحرية الشخصية والاعتقاد والتملك.. بل هو يقصد: ترك المجال للناس ضمن حدود ما أباحه الشرع. علماً أن الأنظمة البوليسية التي تكم الأفواه، وترعب الناس وتتجسس عليهم جعلت هؤلاء الناس ينادون بالحريات، وهم لا يقصدون بالحريات التفلت من الدين والأخلاق، بل يقصدون الانعتاق من ظلم الأجهزة البوليسية. [الوعي].
1993-10-02