مخاوف غربية من انتشار حزب التحرير الإسلامي
2008/10/30م
المقالات
1,849 زيارة
مخاوف غربية من انتشار حزب التحرير الإسلامي
نشرت صحيفة «القدس» في 6/9/2008م مقالاً عن حزب التحرير سلطت فيه الضوء على أن الحزب ينظر إليه في الغرب على أنه الطليعة الأيديولوجية للإسلام الراديكالي (الأصولي). ومما جاء فيه:
لسنوات لم تعر الحكومات العربية ذلك الحزب الإسلامي المسمى بحزب التحرير أية أهمية كون هذا الحزب يدعو لإحياء الخلافة الإسلامية، واستعادة السلطة الدينية والسياسية التي كانت لدى السلاطين العثمانيين الذين حكموا إمبراطورية مترامية الأطراف، امتدت من أوروبا إلى آسيا لمدة تزيد على 500 عام. وبالرغم من أن حزب التحرير حزب سري وعلى درجة عالية من الانضباط، وهو سني بالدرجة الأولى، ويدعو ضمن ما يدعو إلى الإطاحة بالحكومات العربية والآسيوية، إلا أن حزب التحرير لم ينظر إليه أحد على أنه يشكل تهديداً للغرب ولمصالح الغرب في المنطقة العربية والإسلامية. وقد تغير الوضع الآن حيث إنه عقب هجمات سبتمبر على الولايات المتحدة وما تلاها من غزو أميركي لأفغانستان والعراق، فإن هناك اعتقاداً كبيراً يسود على نطاق واسع لدى المسلمين يفيد أن الغرب قد أعلن الحرب على الإسلام. هذا الشيء بدأ يدفع الكثيرين لتسليط الأضواء على هذا الحزب والنظر إليه على أنه الطليعة الأيديولوجية للإسلام الراديكالي.
حزب التحرير يثير الكثير من التساؤلات، كونه من جهة لا يدعو إلى العنف ولا يأخذ به، ومن جهة أخرى يدعو صراحة لتصفية (إسرائيل) والإطاحة “السلمية” بكل الأنظمة الموالية للغرب، وطرد الغرب من المنطقة والقضاء على مصالحه فيها. ولا يتردد الحزب في وصفه الأنظمة الموالية للغرب بأنها “أنظمة من الطراطير”.
يسعى حزب التحرير لتحقيق هذه الأهداف من خلال إشراك الجماهير، والمخيف في الأمر أن الكثير من الشباب بدأوا ينضمون للحزب، وهو مع ذلك يرفض الانخراط في العمل السياسي المحلي أو الإقليمي. فلم نسمع في يوم من الأيام أن هناك حكومة شرق أوسطية ضمت وزيراً يمثل هذا الحزب.
تطالب المؤسسات اليمينية في الولايات المتحدة مثل مركز نيكسون ومؤسسة التراث (Heritage) بالانقضاض على الحزب ومحاولة تحطيمه. هذا الموقف المتشدد يقابله موقف آخر في العواصم الغربية مثل لندن حيث يقال إن ملاحقة هذا الحزب ستدفعه للأخذ بالعمل السري وبالتالي سيصبح من الصعب مراقبته. يقول جيمس براندون الخبير في الشؤون الإسلامية والعامل في مؤسسة جيمس تاون المتخصصة في مراقبة الحركات الإرهابية الإسلامية: «هناك تشوش واضح في نظرة الدول الغربية لحزب التحرير. ففي الوقت الذي يطالب فيه هذا الحزب بإعادة إحياء الخلافة الإسلامية كما يطالب بذلك ابن لادن، إلا أن الوسائل التي يستخدمها مختلفة تماماً. وبالرغم من أن أعضاء حزب التحرير الإسلامي يعتقدون أن الخلافة ستحيا من جديد في وقت قريب، إلا أن أهمية هذا الحزب الحقيقية تتمثل في الدور الذي يلعبه في نشر الراديكالية في أوساط المسلمين في الشرق الأوسط. وتشير أدبيات الحزب إلى أن النـزاع الحالي بين الديمقراطيات الغربية والإسلاميين هو ليس نزاعاً يدور على أرض أو سياسات محدودة، بل هو صراع حضاري وثقافي وديني».
أقيم حزب التحرير الإسلامي في أجواء من السرية في عام 1952م في القدس الشرقية التي كانت تخضع في حينه للأردن، ومؤسس الحزب هو الشيخ تقي الدين النبهاني وهو قاضٍ فلسطيني في محكمة الاستئناف الشرعية. تلقى الشيخ النبهاني تعليمه الجامعي في جامعة الأزهر العريقة في القاهرة. توفي النبهاني في 1979م وتسلم قيادة الحزب خلفاً له عبد القديم زلوم وهو رجل دين أردني درس أيضاً في الأزهر وبقي زعيماً للحزب إلى أن توفي في 2003م. أما الزعيم الحالي للحزب فيدعى الشيخ عطا أبو رشتا وهو رجل دين فلسطيني أردني.
كتابات ومؤلفات النبهاني تبقى هي الأساس الذي يتحرك حزب التحرير على أساسه، ولا يخفى على أحد أن النبهاني كان يحتقر الديمقراطيات التي فرضت على المسلمين من قبل الغرب، وهو يدعو في كتاباته لإقامة «دولة واحدة تضم كامل العالم الإسلامي». يقول النبهاني في أحد كتبه «من الضروري أن يتم الإطاحة بجميع الحكومات الإسلامية وتوحيد جميع الدول الإسلامية بعدها في دولة واحدة».
يقول بيب الكيوبار الذي سافر كثيراً عبر دول العالم الإسلامي «إن أعضاء حزب التحرير الإسلامي على استعداد للانتظار ألف عام آخر من أجل ضم الغرب للخلافة الإسلامية.
نظر الغرب طويلاً لحزب التحرير على أنه حزب غير فعال يسعى لتحقيق هدف طوباوي. بدأ حزب التحرير في توسيع قاعدته الجماهيرية وهو على درجة عالية من التنظيم والانضباط، وذات قيادة لم تتلطخ يداها في أي شيء سلبي يمكن أن يؤخذ على الحزب، وهذا ما جعل منه شبه مستقل غير خاضع لتأثير أي جهات محلية أو خارجية.
في البداية كانت الآلة الإعلامية للحزب محدودة، ولكن في زمن الإنترنت تغير هذا الوضع وأصبح بإمكان الكثيرين الاطلاع على أدبيات الحزب مما ساهم في إنشاء العديد من الفروع الجديدة له في أوستراليا وبلجيكا والدنمارك وماليزيا وباكستان وتركيا وبنغلادش، وعاد الحزب لينشط من جديد في فلسطين، ويكوّن له فروعاً في معظم مدن الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويقول الحزب إن له فروعاً في 45 بلداً على الأقل من آسيا إلى الولايات المتحدة. أصبحت استراتيجية حزب التحرير تلقى القبول في الدول الغربية بصورة متزايدة، وتمكن من تقديم نفسه كحزب للمعارضة في الكثير من المناطق بما فيها آسيا الوسطى وأوروبا. وقد أسس حزب التحرير فرعاً جديداً له في بريطانيا، ولكن لفتت الأنظار إليه بعد المخاوف التي سادت القارة الأوروبية عقب تفجيرات لندن ومدريد بسبب المخاوف من تمكن القاعدة من تجنيد أعضاء جدد لمسلمين متطرفين يقيمون في الغرب. وفي الدانمارك يتمتع حزب التحرير بوضع قانوني سليم، ويقول المسؤولون هناك عن مكافحة الإرهاب إن أعداداً متزايدة من المسلمين تنضم للحزب. وبالرغم من خروج الحزب من السرية إلى العلن بصورة نسبية إلا أن القليل يعرف عن الأمور الداخلية للحزب، كما أن عضويته العالمية غير معروفة، ويقدرها البعض بحوالى مليون عضو. كذلك لا يعلم أي شيء عن وجود تنسيق بين الفروع المختلفة، أو عن مصادر تمويل الحزب. ظهرت قوة حزب التحرير مؤخراً على أوضح ما يكون داخل فلسطين حيث تمكن من تحريك عشرات الآلاف من مؤيديه لتنظيم مسيرات عبر الضفة الغربية، وهذا يعكس الامتعاض المتنامي للفلسطينيين تجاه حماس والإخوان المسلمين.
أما أكبر استعراض للعضلات قام به حزب التحرير، فقد تم في أحد الملاعب الرياضية في العاصمة الإندونيسية جاكرتا حيث تمكن من حشد أكثر من 80 ألف شخص وقفوا وهتفوا مطالبين بعودة الخلافة الإسلامية.
2008-10-30