دردشات سياسـية
2016/09/26م
المقالات
1,688 زيارة
دردشات سياسـية
1) انتخاب جيرهارد شرودر مستشارا جديدا لألمانيا:
يأتي فوز شرودر وحزبه الاشتراكي في ألمانيا بعد فوز حزب العمال البريطاني ثم الحزب الاشتراكي الفرنسي ما يدل على تحول أوروبا من اليمين إلى الوسط أو يسار الوسط كما يطلقون عليه.
فأهم أربع دول في الاتحاد الأوروبي وهي: بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا تسيطر عليها الآن حكومات اشتراكية وهذا يعني أن أوروبا تنسق الخطى للولوج إلى القرن الحادي والعشرين وهي أكثر تماسكاً وأكثر واقعية، فلقد أثبت نجاح الأحزاب الاشتراكية الأوروبية فشل الاتجاه السريع نحو الوحدة الأوروبية والعملة الأوروبية، ومع سقوط هلموت كول سقطت فكرة الاندفاع نحو التكامل الأوروبي وخفّت سيطرة المحور الفرنسي الألماني على دول الاتحاد الأوروبي، ويتشابه شرودر في أطروحاته مع بلير وجوسبان، وتصب هذه الأطروحات في طريق جديد يحاول حزب العمال البريطاني ابتكاره ويدعي بأنه طريق ثالث يتوسط الرأسمالية المبالغ فيها كالعولمة واقتصاد السوق وما نتج منها من مشاكل وبطالة وركود وهزات مالية عنيفة وبين الاشتراكية التقليدية التي أكل عليها الزمن وشرب ولم يعد أحد يدعو لها.
إن نجاح شرودر في الانتخابات الألمانية يشابه إلى حد كبير نجاح بلير في الانتخابات البريطانية من حيث تصرف كل من الحزبين المهزومين وزعيميهما، فتصرف حزب المحافظين وجون ميجر الذي أدى عدم اكتراثه بالانتخابات وعدم رصه لصفوف الحزب وإظهار الاختلافات والفضائح بشكل مخالف لمن يريد الوصول إلى الحكم أدى إلى سقوط حزب المحافظين وفشل جون ميجر في العودة إلى الحكم، وكذلك تصرف الحزب المسيحي الديمقراطي وهلموت كول في ألمانيا عشية الانتخابات الذي دل على عدم جديته في كسب الانتخابات أدت إلى هزيمة الحزب وخروج كول خاسراً من الانتخابات والذي يدل على صحة هذه الاستنتاجات الأمور التالية:
1ـ إبقاء الحزب على ترشيح هلموت كول لمنصب المستشار مع أنه حُمّل المسؤولية عن أكبر نسبة بطالة تعم ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية حتى أنه لُقّب بمستشار البطالة وهذه وحدها كفيلة بالإطاحة بأي مرشح للانتخابات فضلاً عن انتشار الركود والمشاكل الاقتصادية الأخرى المستعصية على الحل.
2ـ تقول بعض التحليلات المقربة من حزب كول بأن الرجل الثاني في الحزب والذي استبعد ترشيحه ويدعى وريث كول ولفنغ شوبل هو الأكثر شعبية في البلاد وكان يمكن له أن يفوز في الانتخابات لو تم ترشيحه.
3ـ إن تمسك كول في برنامجه الانتخابي بدعم الوحدة الأوروبية يفهم منه أن ألمانيا وهي في وضع اقتصادي سيئ سيزداد وضعها سوءا عندما ستتحمل المزيد من الأعباء الاقتصادية كونها الأكثر اهتماما مـن غيرها والأقدر بالإنفاق على تكاليف الوحدة وسيكون ذلك على حساب الناخب الألماني.
4ـ لقد كشف أحد البارزين من حزب كول عشية إجراء الانتخابات أنه إذا فاز كول في الانتخابات فسوف يزيد قيمة ضريبة الشراء وذلك بخلاف ما كان يروج له كول والحزب قبيل الانتخابات.
5ـ إن مكوث كول فترة 16 عاماً في السلطة كان عاملا هاما ساعد على إسقاطه وذلك أن شعوب الدول الديمقراطية الغربية لا تطيق أن تطول مدة الحاكم كثيرا والناس أحيانا يرغبون بالتغيير لذات التغيير.
إن هذه الأمور تدل على أن الحكم في ألمانيا تم تسليمه للحزب الاشتراكي ولشرودر بينما كانت الانتخابات هي الوسيلة لذلك التسليم.
وتغيير الحكم في ألمانيا يعني سهولة تنصل الحكومة من التزاماتها السابقة نحو الوحدة الأوروبية لأن صاحب تلك الالتزامات قد سقط في الانتخابات وبسقوطه سقطت التزامات الدولة الألمانية في تسديد فاتورة الوحدة الأوروبية الباهظة التكاليف.
إن فوز شرودر في ألمانيا ومن قبل فوز جوسبان في فرنسا وفوز بلير في بريطانيا ليؤكد على أن أوروبا قد اختطت لنفسها طريقا جديدة في مواجهة أمريكا فبدلا من المواجهة عن طريق الوحدة المكلفة اقتصاديا وغير الفاعلة عمليا أصبحت المواجهة عن طريق إصلاح الاقتصاد وعدم الانجرار السريع نحو سراب الوحدة الخادع.
2) مظاهرات ماليزيا:
إن الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت ماليزيا لم تؤثر على تماسك حكم مهاتير محمد مع أن هذه الأزمة جعلت الاقتصاد الماليزي ينكمش بنسبة 10% خلال فترة 12 عاما الماضية التي تراجعت فيها معدلات متوسـط النمو الاقتصادي السنوي بنسبة 8% وانخفضت خلالها قيمة العملة بنسبة 60%.
وأغاظ تماسك حكم مهاتير محمد أمام هذه الهزة أميركا فراحت تبحث له عن متاعب جديدة، والظاهر أنها وجدت في شخص أنور إبراهيم مأربها فسلطت وسائل الإعلام على شخصيته ونقلت انتقاداته العنيفة لمهاتير محمد، وروجت لدعوته إدخال إصلاحات خاصة السياسية منها لدرجة أن المفتش العام للشرطة في ماليزيا وصف الإعلام الغربي بأنه يرسم صورة لاضطرابات شاملة في ماليزيا بينما الواقع هو عكس ذلك تماما، وتم تشغيل ما يسمى بجماعات حقوق الإنسان التي أعربت عن قلقها الشديد اتجاه احتجاز أنور إبراهيم ورفاقه وأنه تعرض إلى سوء المعاملة الجسدية والنفسية، ثم بعد اعتقاله تضخمت الأخبار المتناقلة عن بعض المظاهرات وعن زوجته وأنصاره بشكل مبالغ فيه لدرجة أنه صُـوّر في ماليزيـا على أنه المنقذ والحلال لمشاكل البلاد المتراكمة.
والذي يرجح أن أنور إبراهيم عميل أميركي هو الاهتمام غير العادي من وسائل الإعلام الغربية والعالمية التي تسيطر عليها أمريكا بأنور إبراهيم وبتصريحاته واعتقاله والمظاهرات التي خرجت من أجله وكذلك نوع الأفكار التي يروجها من مثل دعوته إلى السوق الحرة والديمقراطية الكاملة والتخفيف التدريجي لدور الحكومة في الاقتصاد، وجميع هذه الأفكار هي عينها التي تستعملها أميركا لتغيير أنظمة الحكم.
وفي المقابل فإن مهاتير محمد – وهو عميل إنجليزي عريق ـ يتمسك بأسلوب فرض القيود على التعامل مع الأنظمة المالية العالمية ويتمسك بما يسميه بالقيم الآسيوية، ويمسك بيد من حديد بالحكومة وبالحزب مما يدل على أن بريطانيا تسعى بقوة للحفاظ على نفوذها من خلال تثبيت مهاتير محمد أمام الضغط الأميركي.
3) استمرار توقف عمل لجنة المفتشين الدوليين في العراق:
اتهم سكوت ريتر – الرئيس السابق للمفتشين الدوليين على الأسلحة العراقية ـ الحكومة البريطانية بخذلانها للجنة حيث ادعى بأن أحد كبار المسؤولين البريطانيين أخطر الأميركيين بأن بريطانيا لن تدعم أميركا في دعم عمليات تفتيش القصور، وقال بأن هذا الموقف البريطاني قد أدى إلى خذلان عمل لجنة التفتيش وإضعاف عملها وادعى بأن هذا الموقف البريطاني كان من أحد أسباب استقالته.
كما وأن ريتر نفسه كان قد اعترف بأنه زار تل ـ أبيب عدة مرات وقال بأن إسرائيل ساعدت المفتشين على كشف أماكن الأسلحة.
إن تصريحات ريتر هذه تكشف عن حقيقة الموقف البريطاني تجاه المفتشين الدوليين وأنه مغاير تماما للموقف الأميركي وبدا ذلك من خلال عدم دعم الموقف الأميركي الذي كان في أمس الحاجة إليه دوليا في مسألة تفتيش القصور بحيث تحولت هذه المسألة إلى فشل سياسي أميركي ذريع في العراق.
ومن ناحية ثانية فإن طرد العراق للمفتشين الدوليين منذ شهر آب المنصرم وإيقاف عملهم لم يقابل برد فعل أميركي قوي على مستوى الحدث ويبدو أن سبب ذلك ثبوت علاقة بين المفتشين وإسرائيل مما قوى حجة الموقف العراقي في الإصرار على طرد المفتشين لعلاقتهم بدولة معادية مما يتنافى مع الصفة الدولية غير المنحازة التي يجب أن يتصفوا بها.
ويبدو أن بريطانيا هي التي تقف وراء علاقة المفتشين بإسرائيل كما أنها هي التي فضحت تلك العلاقة لإعاقة عملهم في العراق .
2016-09-26