كلمة أخيرة: كلمة السر الديمقراطية!
1998/12/26م
المقالات
1,567 زيارة
يعجب المرء من هذه الديمقراطية السريعة الانتقال من أقصى الرفض إلى أقصى التأييد، فجأة يتحول عضو (البرلمان) الذي يُشرُع للناس القوانين التي تحكمهم من النقيض إلى النقيض، فإذا كان هذا حال من يحددون للناس نظام حياتهم فما بال عوام الناس؟
خلال الأيام الأخيرة حصلت حادثتان في (برلمانين) من (برلمانات) البلاد العربية تؤكدان أن الديمقراطية التي يتغنون بها هي قشرة خارجية، أو تهمة هم منها براء، ولا يعني هذا دفاعاً عن الديمقراطية الكافرة، كلا، إنه فقط محاسبة للمدعي على ما ادعاه!
ففي أحد هذه (البرلمانات) قرر أكثر من ثلثي أعضاء المجلس أنهم يريدون فلاناً رئيساً للوزراء، ولسبب من الأسباب اعتذر هذا الفلان من قبول هذا المنصب، فإذا بأغلبية أعضاء البرلمان نفسه تقرر في اليوم التالي أنها تريد شخصا آخر ولم يذكر أحد منهم اسم المكلف القديم، ولم يذكر أحد اسماً ثالثاً أو رابعاً ولو من باب التمويه «حتى تأخذ اللعبة الديمقراطية مجراها الطبيعي» كما يقولون. وكأن اسم الشخص المكلف بتشكيل الوزارة يراه النائب في منامه ليلاً فيقوم من غده يهتف له في شبه إجماع على الحلم نفسه.
أما البرلمان (المجلس المركزي) الآخر فقد صرح أحد أعضائه مؤخراً قائلاً: «لقد قام بعض الأعضاء بمهاجمة إلغاء فقرات من (الميثاق الوطني الفلسطيني) وكان الهجوم شديداً وحين رفع الأيدي للتصويت رفع مهاجمو التعديل أيديهم بالموافقة» وكان عدد الموافقين يتجاوز الثمانين عضواً. عجباً لهذه الديمقراطية التي بواسطتها تتم المقامرة بمصير البلاد والعباد، وتتفيأ الخيانةُ ظلَّها فتكتمل فصولها.
هل هذه هي الأغلبية التي يتحدثون عنها؟! عجباً لهذه الديمقراطية المرسومة على الورق بخطوط محكمة لا ينحرف فيها التنفيذ عن المرسوم قيد أنملة. إنهم يظنون أن الناس يصدقون هذا التفصيل على قياسهم للديمقراطية، وهذه الديمقراطية المفصّلة لكل الظروف وكل الفصول لا تنطلي على أغلب الناس ولكنهم يستمرون في اللعبة المكشوفة لأن الأسياد يريدون منهم ذلك لأسباب يعرفونها جيداً ومنها ما يتعلق بذر الرماد في عيون شعوبهم حين منح المال والمساعدات والدعم السياسي، وتستمر اللعبة ويتمادى الظالمون في ظلمهم، ويستمر القهر ومصادرة القرار الحقيقي للناس ريثما يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
1998-12-26