كلمة أخيرة صدق أو لا تصدق !
1999/07/25م
المقالات
1,942 زيارة
قام وزير خارجية أمريكا الأسبق، جيمس بيكر، بزيارة لبنان مؤخراً، وخلال تجواله على السياسيين قال إن زيارته جاءت بوصفه «مواطن أميركي عادي» ، وأضاف بعض الكلمات عن السلام في الشرق الأوسط وتفاؤله بحدوثه.
هذا التصريح تم بعد أن قام هذا السياسي بالأعمال التالية:
l قام بزيارة رئيس الجمهورية الحالي، ورئيس الجمهورية السابق.
l قام بزيارة رئيس الوزراء الحالي، ورئيس الوزراء السابق.
l قام بزيارة عدد من الوزراء الذين يمثلون طوائف معينة.
l رافقه السفير الأمريكي في هذه الزيارات.
l لم يزر أي شخص عادي، ولم يقم بجولة سياحية خاصة.
وقد قامت أجهزة الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب بتغطية جولاته السياسية تغطية كاملة.
بعد كل هذا يقول إنه جاء بصفته «مواطن أميركي عادي» ، أي أنه ليس مكلفاً بمهمة سياسية معينة ويذكرنا هذا التصريح بتصريحات دولته حينما قالت إنها تتدخل في حرب البلقان وتقصف يوغوسلافيا بكافة أنواع الأسلحة وتتكلف مليارات الدولارات وعلى مدى 79 يوماً حفاظاً على السلام هناك وحفاظاً على أرواح الألبان المساكين، ويذكرنا أيضاً بادعائها أنها قامت بحرب الخليج التي كلفت مليارات الدولارات، فقط لحماية الكويت، ولردع صدام، عن تخويف جيرانه، ولمنعه من امتلاك أسلحة الدمار الشامل، ويذكرنا أيضاً بالمعزوفة المعروفة التي تؤكد حرص الأميركان على حقوق الإنسان والديمقراطية وإحلال السلام.
إن السياسيين يعرفون من يكذب على من، ومتى يكذب على الناس ومتى يصدقهم القول، ويعرفون أيضاً أنواع التصريحات، والتي قد يكون منها ما يقصد منه الاستهلاك المحلي، أو الاستهلاك الصحفي، ويعرفون أن ثلاثة أرباع التصريحات السياسية كذب ومبالغة ودعاية وتمويه وخداع لفظي ومعنوي، ويعرفون أن سياسيي هذا العصر ميكيافيليون، وسياستهم تدخل في باب «فن الممكن» ، لهذا فهم يفهمون ما وراء الكلمات، وما وراء الجدار، وكأن لسان حالهم يقول: «نحن دفنّاه سوية» فعلى من يكذبون يا ترى؟
لا شك أن عامّة الناس، وغير السياسيين، وهم أغلبية المجتمع، قد يُخدعون، لذلك فهم المقصودون من وراء التصريحات المضللة، ولن يتوقف تضليلهم طالما تصرف السياسيون المحليون والدوليون على أساس أن السياسة فن الممكن من الخداع والتضليل، ولا علاج لهذا الوضع الشاذ إلا برفع مستوى الوعي السياسي لدى الناس حتى ينخفض عدد المضلّلين المخدوعين قدر المستطاع، وبهذا قد يكتشفون المخططات المعادية للدول الكافرة قبل فوات الأوان .
1999-07-25