تعريف بكتاب: زلزال المقاومة العراقية
2008/01/25م
المقالات
1,868 زيارة
تعريف بكتاب: زلزال المقاومة العراقية
المؤلف: عصام الشيخ غانم
صادر عن مطبعة الأدب – رام الله – أيلول 2007
عدد صفحات الكتاب: 224
يتعرض الكاتب عصام الشيخ غانم/ فلسطين إلى موضوع المفترق التاريخي الذي يقف العالم برمته أمامه نتيجة الغزو الأميركي في العراق، فيبين كيف قامت أميركا باختيار العراق ليكون بداية التنفيذ لمشروع أميركي كبير يغطي منطقة الشرق الأوسط برمته، ويبين عناصر الاستراتيجية الأميركية في العراق: من السيطرة على منابع النفط، واستغلال التركيبة السكانية المتميزة للعراق من أجل جعله البداية في عملية هدم الحدود المتوارثة عن سايكس بيكو ورسم خريطة الشرق الأوسط الجديد وفق المفاهيم والمصالح الأميركية، وإشعال الحرب تلو الحرب في المنطقة من أجل ذلك، وحمل المنطقة على أن تحرق نفسها بنفسها بحروب أهلية وإقليمية متتالية، وإنتاج كيانات جديدة بشكل يعمل على تأبيد النفوذ الأميركي في المنطقة، وتسهيل هضم المنطقة للكيان اليهودي من ناحية، ومن ناحية أخرى يعمل على منع العملاق الإسلامي من البروز أو تأخير ظهوره على الأقل.
ويقول الكاتب: “لم تلاقِ أميركا نجاحاً قط في سياستها الدولية كمثل الذي لاقته مع بدايات هذا القرن، لا سيما بعد 11 سبتمبر 2001، وكان ذلك ناتجاً عن سببين: الأول عدم قدرة أي من دول العالم على منافسة العملاق الأميركي عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، والثاني سيطرة المحافظين الجدد على الحكم في واشنطن. وهذان الأمران قد دفعا أميركا لرسم خريطة القرن الأميركي الجديد، والبدء في تنفيذ فعلي لهذه الاستراتيجية.
كانت بداية التنفيذ الحالم لهذه الاستراتيجية في أفغانستان، وكانت خطوة ناجحة تماماً، واندفعت أميركا بهذا النجاح السهل خطوات أكبر إلى الأمام وأكثر ثقةً بالنفس، وبجرأة كبيرة قسمت العالم إلى معسكرين: معسكر الإرهاب أو محور الشر، ومعسكر أميركا وحلفائها، وطالبت جميع أمم العالم بالانضواء تحت قيادتها في مواجهة الشر والإرهاب، فأوجد بذلك رعباً عالمياً غير مسبوق ما أجبر الكثير من دول العالم على السير خلفها في سياساتها وحروبها، فبدت العشرات من حكومات العالم العظمى والصغرى وكأنها مرافق تابعة لوزارة الخارجية والدفاع الأميركيتين، تردد تصريحاتها السياسية ضد الإرهاب، وتجيش الجيوش معها لحرب الإرهاب ومحور الشر”.
ويرى الكاتب أن غزو العراق قد أتاح لأميركا فعلاً أن تصل إلى أقصى عظمتها قبل أن تحملها المقاومة العراقية على النـزول من تلك القمة، فيقول: “كان يوم 9 نيسان سنة 2003 يوم الذروة للعظمة الأميركية، حينما دخل الجيش الأميركي بغداد واحتلها بسهولة كاحتلال أفغانستان، فوصل مجد أميركا في ذلك اليوم عنان السماء، وبسيطرة الجيش الأميركي على قلب الشرق الأوسط أصبح القرن الأميركي الواعد حقيقةً بعد أن كان حلماً. وذلك أن النفط كله قد أصبح تحت أقدام أميركا في المنطقة، وبه أصبحت تمسك شريان الحياة الاقتصادية للدول الأوروبية واليابان والصين، وأصبح العراق قاعدة عسكرية ضخمة لأميركا تستطيع منها العمل ضد الأخطار الإسلامية القادمة، وأما نفوذ الدول الأخرى فقد تميع وكاد أن يذوب في الخطط الأميركية الهجومية والمتلاحقة للشرق الأوسط الكبير والجديد ودعواتها للإصلاح والديمقراطية، وكان وقع هذا الهجوم غير العسكري في الشرق الأوسط كوقع هجوم الجيش الأميركي في العراق، وكان من الطبيعي أن تسير أميركا لتكريس وتأبيد نفوذها في المنطقة، وانتفضت على تسويات سايكس- بيكو فوضعت الخرائط الأميركية الجديدة على الطاولة، وسيطر الرعب الأميركي وأطبق في الشرق الأوسط على الحكومات والشعوب، وارتعبت باقي دول العالم من نوايا أميركا، والتي أصبحت لاعباً وحيداً في الساحة الدولية كلها”.
ويشرح الكاتب الظروف الجديدة والمناخ السائد في الشرق الأوسط ويقول: “فإن أميركا لم تأخذ بعين الاعتبار الأجواء الاسلامية التي تسخن يوماً بعد يوم في الشرق الأوسط، وتتأهب لوضع المشروع الإسلامي الكبير في مواجهة أميركا ومشاريعها، وبعد حرب أفغانستان واحتلال العراق وانكشاف الفظائع الأميركية فقد ارتفعت درجة الحرارة في الشعوب الإسلامية حتى اقتربت من الغليان، ولم يكن الميزان الأميركي يشير إلى شيء جدي من ذلك، وانطلقت المقاومة العراقية في مناخ تأججت فيه الروح القتالية الإسلامية ضد أميركا داخل العراق ومن حول العراق.
وهكذا اندلعت المواجهة الكبرى بين أميركا وهي في عنفوان نصرها ومجدها وبين هذا المارد العملاق الذي شق طريقه للمواجهة بشكلٍ مباغتٍ من بلاد الرافدين، ومع مرور الشهور تبين أن هذا المارد العملاق قد خلع ثوب البعث واكتسى ثوب دينه الأصيل. اندلعت هذه المواجهات في كل شارع وفي كل زقاق، وفي كل مدينة واهتز الجيش الأميركي وسقطت الكثير من أوراقه على الأرض، وجمعت في نعوش تحمل إلى واشنطن، فاهتز البنتاغون، واهتزت تبعاً لذلك وزارة الخارجية في واشنطن فسقطت عن طاولتها أوراق المشاريع للشرق الأوسط، واهتز البيت الأبيض وسقط الكثير من أركانه أمثال ريتشارد بيرل وبول وولفويتز في الضربات الأولى، وفي الضربات الارتدادية لحقت بهم الدفعة التالية أمثال رامسفيلد وزير الدفاع وبولتون المندوب الأممي وجون أبو زيد القائد العسكري واستمر السقوط بلا توقف. أما السبب فإنه الزلزال الذي حل بأميركا وجيشها ومشاريعها، زلزال المقاومة في العراق.
واستمرت الأركان المزلزلة في العراق تحشو الأرض بالمتفجرات حتى يستمر الزلزال دون توقف، ويستمر اهتزاز الجيش الأميركي ويسقط متمرغاً في رمال العراق، لتهتز معه الدنيا بأسرها، وتنظر تبحث عن المارد العملاق الذي لم يكن أبداً بهذا الحجم في حسبان أحد، الذي هز أركان الدنيا بالزلزال الذي فجره في وجه أميركا ووجه مشروع قرنها الجديد”.
يصور الكاتب واقع الورطة الأميركية في العراق، وأن المقاومة العراقية قد كشفت مراكز ضعف خطيرة في العملاق الأميركي أدت إلى تراجع أميركي شامل ليس مقصوراً على العراق وحده، فيقول: “رأى العالم كله حقيقة الدعوات الأميركية بالديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق، في الصور التي خرجت من سجن أبو غريب، ومن شوارع الدم في العراق الذي أرادته أميركا نموذجاً للديمقراطية تحتذي به دول المنطقة، ورأى العالم كذلك ضعف الجيش الأميركي، وتبددت أسطورة التكنولوجيا العسكرية المتقدمة في مواجهة الأسلحة البدائية التي حملها رجال لا يهابون الموت في سبيل الله، ورأى الزلزال الذي ضرب أميركا وقرنها الجديد، فتحسس طريقه للقضم من النفوذ الأميركي في العالم، فخسرت أميركا في لبنان وفي الصومال وفي دارفور وفي موريتانيا وفي أوزبكستان وغيرها كثير، وأصبحت الدول العظمى أقدر على المنافسة بسبب هذا الزلزال، بل وأصبح استبدال النظام الدولي الذي تفردت به أميركا بنظام متعدد الأقطاب يتبلور شيئاً فشيئاً، لا سيما وأن أميركا تستنجد بدول الناتو وبغيرها لمواجهة التشدد الإسلامي، وتهدد كافة دول العالم الغربي بأنها إذا لم تنخرط ومن الآن في هذه المواجهة فإن “الأصوليين المتشددين” سيتمكنون من بناء دولة الخلافة الإسلامية من إندونيسيا إلى إسبانيا وعندها ستندلع الحرب العالمية الثالثة”.
يقسم الكاتب كتابه إلى خمسة فصول، يبدأ الفصل الأول بالظروف الدولية والإقليمية التي ساهمت في تسهيل التدخل العسكري الأميركي في العراق وكذلك الاستراتيجية الأميركية للعراق، ويتحدث في الفصل الثاني عن تفاصيل أحداث وتشكيلات المقاومة العراقية، وفي الفصل الثالث يتحدث عن الآثار الخطيرة التي عصفت ولا تزال تعصف بعظمة الولايات المتحدة الأميركية، بسبب العراق من انهيار في القيم الأميركية والتي كشفتها الأحداث في العراق، وتعرية الآلة العسكرية الأميركية بفعل المقاومة ما كشف حدود القوة والضعف للجيش الأميركي، ويبين كذلك احتمالات الهزيمة العسكرية للجيش الأميركي في العراق، وفي الجانب السياسي يركز الكاتب على تراجع خطير للمشاريع السياسية الأميركية في الشرق الوسط برمته بسبب الفشل في العراق. وفي الفصل الرابع يبين الكاتب أثر المقاومة العراقية على الموقف الدولي برمته، وكيف أن الولايات المتحدة تفقد نفوذها الدولي بسبب ورطتها في العراق. وأخيراً يفرد الكاتب الفصل الخامس لبيان كيف أن الأحداث في العراق قد أوجدت فراغاً شاملاً في المنطقة الإسلامية قاطبةً، وأن هذا الفراغ لم تستطع أي من دول العالم حتى تلك المنافسة لأميركا أن تملأه ناهيك عن القوى الإقليمية، وأن هذه الأحداث في العراق وما تبعها قد أزالت الأتربة والغبار عن العملاق الإسلامي الذي أخذ يشق طريقه للظهور فيقول :”أما في الشرق الأوسط فقد نتج عن الزلزال المستمر فراغ عسكري وسياسي واستراتيجي وقيادي شامل، وأن المناخ قد أصبح مهيأً بشكل غير مسبوق لبروز القوة القادمة: دولة الخلافة الإسلامية، وطرد النفوذ الغربي بشكل شامل من المنطقة، وهدم الحدود وتوحيد الأمة الإسلامية”.
2008-01-25