رياض الجنة: الاقتداء بالسلف والابتعاد عن البدعة
2008/01/25م
المقالات
2,159 زيارة
رياض الجنة
الاقتداء بالسلف والابتعاد عن البدعة
– أخرج ابن عبد البر في جامع بيان العلم (2/ 97) عن ابن مسعود قال: من كان منكم متأسياً فليتأسَّ بأصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنهم كانوا أبرّ هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، وأقومها هدياً، وأحسنها حالاً، قوماً اختارهم الله لصحبة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.
وأخرج كذلك في الصفحة نفسها (2/ 97) عن حذيفة (رضي الله عنه) أنه كان يقول: اتقوا الله يا معشر القراء، وخذوا طريق من كان قبلكم، فلعمري لئن اتبعتموه فلقد سبقتم سبقاً بعيداً، ولئن تركتموه يميناً وشمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيداً.
وأخرج كذلك في جامعه (2/ 114) عن علي (رضي الله عنه) قال: إياكم والاستنان بالرجال؛ فإن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة ثم ينقلب لعلم الله فيه فيعمل بعمل أهل النار فيموت وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فينقلب لعلم الله فيه فيعمل بعمل أهل الجنة فيموت وهو من أهل الجنة، فإن كنتم من أهل الجنة، فإن كنتم لابد فاعلين فبالأموات لا بالأحياء.
وأخرج أبو نعيم في الحلية (4/ 381) عن أبي البختري قال: أخبر رجل عبد الله بن مسعود أن قوماً يجلسون في المسجد بعد المغرب فيهم رجل يقول: كبّروا الله كذا وكذا، سبحوا الله كذا وكذا، واحمدوا الله كذا وكذا، قال عبد الله: فيقولون؟ قال: نعم، قال: فإذا رأيتهم فعلوا ذلك فأتني فأخبرني بمجلسهم، فأتاهم وعليه برنس له فجلس، فلما سمع ما يقولون قام -وكان رجلاً حديداً- فقال: أنا عبد الله بن مسعود، والله الذي لا إله غيره، لقد جئتم ببدعة ظلماً، أو قد فضلتم أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) علماً!! فقال معضد: والله ما جئنا ببدعة ظلماً ولا فضلنا أصحاب محمد علماً، فقال عمرو بن عتبة: يا أبا عبد الرحمن، نستغفر الله، قال: عليكم بالطريق فالزموه، فوالله لئن فعلتم لقد سبقتم سبقاً بعيداً، ولئن أخذتم يميناً وشمالاً لتضلّنّ ضلالاً بعيداً.
وأخرج الطبراني في الكبير أيضاً عن عمرو بن سلمة قال: كنا قعوداً على باب ابن مسعود (رضي الله عنه) بين المغرب والعشاء، فأتى أبو موسى (رضي الله عنه) فقال: اخرج إلينا أبا عبد الرحمن، فخرج ابن مسعود، فقال: أبا موسى ما جاء بك هذه الساعة؟ قال: لا والله إلا أني رأيت أمراً ذعرني، وإنه لخير، قوم جلوس في المسجد ورجل يقول: سبّحوا كذا وكذا، احمدوا كذا وكذا، قال: فانطلق عبد الله وانطلقنا معه حتى أتاهم فقال: ما أسرع ما ضللتم وأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحياء، وأزواجه شواب، وثيابه وآنيته لم تغيّر. احصوا سيئاتكم فأنا أضمن على الله أن يحصي حسناتكم.
وأخرج أبو نعيم في الحلية (3/ 167) عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: جئت أبي فقال: أين كنت؟ قلت: وجدت أقواماً ما رأيت خيراً منهم، يذكرون الله فيرعد أحدهم حتى يغشى عليه من خشية الله تعالى فقعدت معهم، قال: لا تقعد معهم بعدها، فرأى كأنه لم يأخذ ذلك فيّ، فقال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتلو القرآن ورأيت أبا بكر وعمر (رضي الله عنهما) يتلوان القرآن فلا يصيبهم هذا، أفتراهم أخشع لله تعالى من أبي بكر وعمر؟! فرأيت ذلك كذلك فتركتهم.
أخرج ابن عبد البر في جامع العلم (2/ 134) عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قال وهو على المنبر: أيها الناس إن الرأي إنما كان من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مصيباً لأن الله كان يريه، وإنما هو منا الظن والتكلف. وعنده أيضاً (2/ 135) عن صدقة بن أبي عبد الله أن عمر بن الخطاب كان يقول: إن أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم أن يحفظوها، وتفلتت منهم أن يعوها، واستحيوا حين سئلوا أن يقولوا لا نعلم فعارضوا السنن برأيهم، فإياكم وإياهم.
2008-01-25