المرأة والشعارات الساذجة
2007/12/01م
المقالات
2,447 زيارة
المرأة والشعارات الساذجة
إن انقياد المرأة وراء ادعاءات جوفاء وشعارات ساذجة هو من أبرز ما يسميه الغرب بتحرير المرأة. تلك الشعارات التي أزالت كل ما تبقى من الحياء لديها ونزعته منها، محاولة في كل ذلك إعطاءها حقوقها. لقد سعت هذه الشعارات جاهدة إلى تشويه صورة المرأة ودورها الحقيقي في الحياة. ولا شك أن وسائل الإعلام سهّلت الصعب، وأن مناهج التعليم هيأت الأمر. سعت بكل ذلك إلى استغلال المرأة لهدم مبادئ الأمة الإسلامية. يقول زعيم المبشرين القس (زويمر): «ليس الغرض من التبشير التنصير فقط. ولكن تفريغ قلب المسلم من الإيمان، وإن أقصر طريق لذلك هو اجتذاب الفتاة المسلمة بكل الوسائل الممكنة؛ لأنها هي التي تتولى عنا تحويل المجتمع الإسلامي وسلخه عن مقومات دينه».
لقد بدأت عملية إخراج المرأة المسلمة من بيتها بغرض تنمية «عنصر فعال في المجتمع»، إما للعمل أو لمزاولة نشاطات ثقافية واجتماعية وغيرها من المجالات المختلفة. ووضعت أمامها المغريات والمميزات المادية التي تحفزها على العمل. وأباحت لها الاختلاط مع الرجل الأجنبي مع ضعف الضوابط التي تضبط الجنسين. وقد عملت على إزالة المعوقات التي قد تواجه المرأة خلال العمل. فنجد دور الحضانة قد فتحت لها الأبواب صباح مساء من أجل تولي تربية أبنائها عنها. وقد فتح لها عدد من الأماكن والتي كان من الممكن شغلها بالرجال “بهدف المساواة بالرجل”. فضاقت على الرجال سبل العيش. فلا يجد الواحد منهم مالاً يكتسب منه قوته ويلم شعثه ويصون نفسه بالزواج، ليدخل بعدها في عالم الفراغ وتغلبه شهوته؛ فيبدأ بالأعمال الإجرامية كالسرقة والزنا وتعاطي المخدرات، ونتيجة لهذا يحكم عليه بالإجرام، ويقضى على «عنصر فعال في المجتمع» آخر، تصبح المرأة المسلمة العاملة فيه تنفر من قوامة الرجل، ما يؤدي إلى التمرد عليه وعلى التقاليد الإسلامية والروابط الأسرية.
هكذا بدأت وهكذا ستستمر تلك الشعارات الواهية، حرب ذات أبعاد ثقافية سياسية وأخلاقية تفقد المرأة المسلمة عفتها، تلك العفة التي تجعل المرأة كاملة رفيعة يشار إليها بالبنان، وتسقطها في مهاوي الرذيلة.
يكشف د. هنري ماكو وهو أستاذ جامعي ومؤلف وباحث متخصص في الشؤون النسوية والحركات التحريرية زيف ادعاءات تحرير المرأة ويصفها بالخدعة القاسية إذ يقول: «تحرير المرأة خدعة من خدع النظام العالمي الجديد، خدعة قاسية أغوت النساء الأميركيات وخربت الحضارة الغربية».
أما مناهج التعليم فهي أشد الأسلحة فتكاً في حربها تشهره من أجل أن تصبح ثقافتها جزءاً من كيان الأمة الإسلامية لتجعلهم دمية خيط تحركها بأصابع خفية كيفما تشاء. لقد عملت مناهج التعليم الخادمة لأهداف الغرب على تهيئة المرأة للعمل والخروج من بيتها لا لتكون ربة بيت. وإلى هذا أشار ألكسس كاريل، وهو أحد رجال الفكر في الغرب، في كتابه “الإنسان ذلك المجهول” والذي حاز على جائزة نوبل للأدب، قائلاً: «أليس من الغريب أن برامج تعليم البنات لا تشتمل بصفة عامة على أية دراسة مستفيضة للصغار والأطفال وصفاتهم الفسيولوجية والعقلية؟! يجب أن تُعاد للمرأة وظيفتها الطبيعية التي لا تشتمل على الحمل فقط بل أيضا على رعاية صغارها».
لقد تجرأت هذه المناهج على دين الله، فبُنيت هذه المناهج على أساس الأعراف والمواثيق الدولية والاتفاقات. ونادت وبكل وقاحة بتغيير الأدوار التقليدية لكل من المرأة والرجل، ودعت إلى إطلاق الحرية للمرأة ومساواتها مع الرجل، ومشاركته في صنع واتخاذ القرارات، متناسية في بكل ذلك أن المرأة قارورة وعرض يجب أن يصان. وبعد أن تتعلم الفتاة المسلمة كل هذا في المدرسة “بيتها الثاني” ماذا ستكون نوع الأسرة التي ستبنيها؟! فقد اعتادت على أن تكون الأسرة الإسلامية نمطاً تقليدياً قديماً والأسرة الديمقراطية هي الأسرة المثلى. هل ستخضع لأوامر زوجها وتكون زوجة مطيعة؟! الكل سيتمرد على الكل. الزوجة على زوجها، والأبناء على الآباء، كل يريد حريته والأدوار والمسؤوليات في الأسرة ليست ثابتة.
وفي ظل هذه الشعارات التي هي مظهر من مظاهر العولمة، «يسعى الأدب الإسلامي جاهداً لترسيخ هويته، ولكنه كالذي يحبو في سباق عدو سريع، إن العولمة تحدٍ شرس مخطط له بدقة لسلخ الأمة عن هويتها الحقيقية، ويعتمد في ذلك على جيل مدرب من الأقلام المسلوبة الانتماء والتابعة للغرب» (سلوى عبد المعبود قدورة). وقد أُنشئت رابطة للأدب الإسلامي يقول، أحد أعضاء مؤسسي هذه الرابطة السيد نعيم غول: «إن هذه الرابطة إنما هي امتداد لدعوة الإسلام النبيلة لمد الجسور بين الناس على كلمة سواء، وعلى مبادئ أخلاقية وقيم نبيلة موجودة في الأديان كافة، وخاصة في الدين المسيحي الذين أهله أقرب الناس مودة للمسلمين»!! والمدقق في كتب الأدب الإسلامي سيجد أن فيها الكثير من الشوائب وهناك الكثير من المحاولات لنشر الضباب عليه حتى تضيع على القراء فرصة الاختيار الجيد. وقد يصبغ الأدب الإسلامي بهوية مستعارة مزيفة. أما أسلوبه فهو تقريري نظري لا يسعى إلى التغيير، وبعيد كل البعد عن دوره في إصلاح الأمة وإنهاضها. وقد يتعامل في مجال الفكر كما يتعامل التجار في السوق.
وفي نفس الخط تقوم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة بدورها في إفساد صورة المراة. فالإعلام يعتبر من أهم الدعائم التي ترتكز عليها الحرب الثقافية الفكرية. فهو أقوى عامل مؤثر في تشكيل العقول وغسيل الأدمغة، ويصل بسرعة تتجاوز حدود المكان، كما أنها تعتمد على الأسلوب المؤثر. لقد عمل الإعلام وما يروجه على انتهاك حرمات المرأة المسلمة، فجعل المرأة سلعة ديكورية للتسويق والإبهار، واستخدم هذه الأنوثة الطاهرة في نشر الرذيلة والفاحشة بحيث لا تظهر الأنثى على شاشات التلفاز إلا بصورة مبهجة ومظهر أنيق وفي أبهى زينة وأجمل ثياب. حتى المسلسلات والأعمال الدرامية تصور الأنثى على أنها تعاني من مشكلات سببها دائماً أنها أم و زوجة. ومعنى هذا أن دوري المرأة الأساسيين هما سبب تعاستها، ويكمن حل المشكلة بأن تتمرد الأنثى على هذين الدورين ومسؤولياتها فيهما. وهي في كل ذلك تقدم الأنثى في إحدى هاتين الصورتين: إما أنها عاجزة عديمة الثقة في زوجها وفي نفسها، والأخرى تظهر فيها المرأة أنها قادرة على اتخاذ القرار ومكتفية بذاتها مستغنية عن الرجل. وهذا يدل على عدم قدرة الإعلام على صنع صورة إيجابية للمرأة. وهكذا يكون في جميع البرامج التلفزيونية، معركة ينتصر بها البعض للمرأة على حساب الرجل أو بالعكس. وكأن أزمة المجتمع هي صراع أنثوي – ذكوري الأول خير والثاني شر، ويذهب البعض إلى إخراج الأول من أسر الثاني.
ويرافق هذا برامج الأزياء والجمال والماكياج وأخبار الفن والفنانين. فأصبحت المرأة تقضي ساعات طويلة أمام شاشات التلفاز تلاحق هذه البرامج دون كلل أو ملل. لقد أثقلت هذه الفضائيات كاهل المرأة بخرافات ومواد فاسدة يغلب عليها منطق اللامسؤولية واللهو الفاسد والمرح الرخيص. وصارت المرأة المسلمة سطحية الفكر والوعي غير مسؤولة عما يدور من حولها، متخذة من إناث وسائل الإعلام قدوة. هؤلاء الإناث الذين زحفوا وراء دراهم زائلة لا تغني يوم الحساب، يقدمن نموذجاً فاسداً رخيصاً استغله الغرب ليخلق منه البطل. يقول أحد المفكرين اليهود في إحدى الصحف (الإسرئيلية): «إن الطريق لهدم الإسلام هو المرأة… فستهزمهم بغانية وكأس». فعلاً لقد أوجدت هذه البرامج والمسلسلات امرأة فارغة كسا جسمها التعب لا تعرف للسعادة باباً.
أخيراً وليس آخراً، استصرخك أيتها المرأة المسلمة قبل أن تعضي أنامل الندم بسؤال ستسألين عنه يوم القيامة، يوم لاينفع مال ولا بنون، عن عمرك فيما أفنيتِه؟ أختي إن كانت المرأة في الغرب ضائعة لأنها لا تجد الدين الذي يحفظ لها حقها، ولا الرجل الذي يقوم برعايتها، ولا تجد المجتمع الذي يختضنها إن عجزت وخارت قواها. فما عذرك أنت ولك دين كرَّمك أماً وبنتاً وزوجةً وذات رحم، وكفل حقوقك، فحقك كأم في الإسلام مقدم على حق الأب كما جاء في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما سأله الرجل: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك، ورددها ثلاثاً. وكفل حقك وأنت طفلة عندما أنقذها من براثن الجاهلية التي كانت تفتك بها وتغتالها، قال تعالى: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) [التكوير 8-9]، وكفل الله تعالى حقها و هي زوجة فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «استوصوا بالنساء خيراً» ولو ذهبنا نتتبع النصوص الشرعية الواردة في بر الوالدين وفي الإحسان للبنات والزوجة لطال المقام بنا. أذكرك يا أختي فأعدي للسؤال جواباً.
إن الله سبحانه وتعالى خالق البشر وهو الأعلم بما يناسبهم؛ ولهذا أنزل الله تعالى الإسلام آخر الرسالات السماوية، أرسله نظام حياة لينظم حياة الإنسان في كل الجوانب والعلاقات، فما ترك من شيء إلا وبيَّن حكمه.. ومن اتخذ غير الإسلام ديناً وعقيدةً ينظم بها حياته فقد عاش عيشةً ضنكاً وخسر دنياه وآخرته. إن الحكم بما أنزل الله فقط هو الطريق الوحيد للسعادة. يقول الله تعالى: (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت 46]، ويقول: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة 50]. وما القوامة والولاية والطلاق والعدة إلا أحكام شرعية يتلقاها المسلمون بالقبول والتسليم والتطبيق ويتعبدون الله بتطبيقها.
أختي كوني كالمرأة التي غفر الله لها بطاعة زوجها وعدم خروجها لرؤية أبيها الذي كانت توافيه المنية. ولا تكوني كالزوجة التي تلعنها الملائكة بهجرها فراش زوجها. إن الإسلام جعل الزينة وسيلة لا غاية، وسيلة لتلبية نداء الأنوثة في المرأة وللظهور أمام زوجها بالمظهر الذي يجلب المحبة ويديم المودة. إن الإسلام يرفض إضاعة الوقت في الزينة وبالتالي لا يرضى بإضاعته في البحث عن وسائل الزينة ومتابعة المستحدثات وكثرة ارتياد الأسواق.
حاملة دعوة من بيت المقدس
2007-12-01