لن تحلَّ مشاكل الباكستان إلا بإقامة الخلافة التي يدعو لها حزب التحرير
2007/12/01م
المقالات, كلمات الأعداد
1,978 زيارة
لن تحلَّ مشاكل الباكستان
إلا بإقامة الخلافة التي يدعو لها حزب التحرير
فرض مشرف حال الطوارئ في الباكستان في 13/11/2007م. وأعلن مشرف الأسوأ انقلاباً على مشرف السيئ جداً، وعلق العمل بالدستور، ونشر رجال شرطة وعناصر الوحدات شبه العسكرية في محيط المواقع العسكرية، كما نشر الجنود بكثافة في محيط القصر الرئاسي، ومنع الفضائيات من البث، وقطع بث القنوات الخاصة، وداهم المطابع الكبرى تحسباً من طباعة ونشر أي خبر يتعلق بالوضع الجديد، وعزل رئيس المحكمة العليا وعين آخر مقرباً منه بديلاً عنه، وأطلق يد المخابرات في منع التظاهرات والتجمعات والمسيرات، وقام باعتقال الآلاف من المحامين والقضاة والناشطين في أحزاب سياسية، ووضع تحت الإقامة الجبرية أو الحجز الاحتياطي الكثير منهم… وأعلن أنه قام بهذه الخطوات لإنقاذ البلاد من سطوة الإرهابيين بينما في الحقيقة لإنقاذ نفسه وحكمه المتهاوي.
أما أميركا منتجة مشرف ومستهلكته ومنتعلته، فإن رايس أعلنت قبل إعلان حال الطوارئ أنها لن تؤيد مثل هذه الخطوة، ما يفيد أن هذا الموضوع كان تحت التداول في المطبخ الأميركي، وبما أنه قد حصل فهذا يعني أن أميركا أمرت به ومشرف قد نفذه.
إن مما لا شك فيه أن مشرف في وضع صعب جداً حتى اضطر لمثل هذه الخطوة، فقد تخطى حدود التعامل مع الجميع إلا مع أميركا، فقد كان عميلاً لها على الطريقة البوشية هكذا من غير رتوش، ولا هامش، ولا نقاش؛ ولهذا وضع نفسه في قلب الصراع ضد الإسلام والمسلمين، وأعلن عداءه للدين الإسلامي منذ أول أيام حكمه أي سنة 1999م أي قبل أحداث 11/9/2001م عندما صرح أن مصطفى كمال هادم الخلافة هو مثله الأعلى. فقد تخلّى عن طالبان وعمل على ضربها لمصلحة أميركا. وقام ويقوم بخطوات ملموسة للتخلي عن كشمير والحركات التحررية فيها بأوامر من أميركا. وفتح بلاده أمام الـ(سي أي إيه) والـ(أف بي آي) وجعل المخابرات الباكستانية فرعاً تابعاً لها. وقام طيرانه بغارات على شعبه تحت حجة محاربة الإرهاب. وغطى على أميركا كثيراً من الغارات التي كانت تشنها على المسلمين وتقتل فيها الأبرياء. وأغلق المدارس الدينية ويريد أن يعدل المناهج التعليمية الإسلامية، وقام بمجزرة المسجد الأحمر التي قتل وجرح واعتقل وأهان فيها المئات من علماء الدين والشريعة… وحتى خصومه من غير الإسلاميين فإنهم لم يسلموا من كيده لهم، إذ أخرجهم من البلاد، وعمل على فرط أحزابهم وإضعافها واتهمهم بالفساد… وحتى الدستور لم يسلم من اللعب به واللف والدوران عليه حتى يؤمن له استلام منصب رئيس البلاد ومنصب قائد الجيش.
ونتيجة لهذه السياسة الرعناء التي أخذ يمارسها بإشراف من معلمه الأرعن منه بوش أدرك أنه لم يعد قادراً على الإمساك بالأوضاع بحسب الدستور، وأن وضعه صار مهدداً إلى درجة لا تحتمل التأخير في نظره، وأن اتفاقه مع بوتو لن يخرجه من مأزقه السياسي… وأظهر إعلانه للطوارئ أنه ليس معه أحد في الشارع، ليس معه إلا الجيش، ولكن حتى الجيش كما يبدو من تصرفات مشرف أنه لا يأمن منه، والدليل على ذلك أنه لا يريد التنازل عن منصبه كقائد للجيش إلى جانب رئاسته للدولة لأنه لا يأمن من أن ينقلب الجيش عليه فيما بعد كما انقلب هو على نواز شريف بأمر من أميركا، ولأن الجيش عرضة دائماً للاختراق من قبل الأطراف المنخرطة في الصراع الدولي، وعرضة لتحويل ولاء ضباطه إلى السفارات الغربية المختلفة، ولأنه رأى، أنه وهو يمسك بالجيش، قامت ضده عدة محاولات جدية لاغتياله، فكيف لو ترك الجيش، ولأنه كما يبدو من تصرفاته لم يجد حتى الآن من يثق به ليخلفه كقائد للجيش، ولأنه، في نظر مشرف من يمسك بالجيش في الباكستان يمسك بالحكم… لذلك فسرت خطوته بإعلانه حال الطوارئ على أنها تهرب من التنازل عن قيادة الجيش، وكان من أولى اهتماماته عزل رئيس المحكمة العليا افتخار تشودري عدوه اللدود وتعيين آخر مكانه.
وعليه فإن وضع مشرف السياسي هو على الشكل التالي:
– يخشى مشرف من فشله في الانتخابات الرئاسية إذا حصلت في موعدها المحدد بعد الانتخابات البرلمانية؛ لذلك قام بلعبة تقديم الانتخابات الرئاسية على الانتخابات البرلمانية ليؤمن نجاحه.
– يخشى مشرف من عدم اعتراف المحكمة العليا بنتائج الانتخابات الرئاسية ومطالبتها له بالتخلي عن منصبه كقائد للجيش فيقوم بإعلان حال الطوارئ.
– يخشى مشرف إن تخلى عن منصبه كقائد للجيش، واكتفى بمنصب رئيس البلاد أن ينقلب الجيش عليه كما حصل معه عندما انقلب هو على نواز شريف بأمر من أميركا.
– يخشى مشرف من عدم عثوره على ضابط كبير يثق به ثقة تامة تجعله يطمئن إلى عدم الانقلاب عليه إذا ما تم التخلي عنه.
– يخشى مشرف من خصمه السياسي بوتو، وهو لا يأمن منها حتى بعد اتفاقه معها، لأنه يعلم أنها ستستغل وجودها في الحكم لإضعافه، وإضعافه سهل ميسور من قبل طرف آخر موجود في الحكم معه.
– يخشى مشرف من الإسلاميين الذين عانوا منه معاناة شديدة قل مثيلها، ويخشى من الحركات الإسلامية السياسية ولا يطمئن لها لأنها تنتمي إلى عالم غير عالمه العلماني الحاقد على الإسلام، ويخشى من المسلمين عامة إذ إن مجازره بحق طلاب الشريعة والعلماء، ومجازره ضد شعبه، وتسليم المسلمين المشتبه بهم إلى أميركا لقتلهم وتعذيبهم… قد فاقت كل تصور.
– ويخشى مشرف من الإعلاميين والسياسيين والقانونيين… وكل من حوله… هذا هو مشرف الآن يخشى من كل شيء حوله، وليس معه إلا الجيش وليس أكيداً منه، وليس معه إلا أميركا وليس أكيداً منها كذلك؛ لأنه يعلم أنها إذا رأت أن ورقته قد سقطت، وأنه قد أصبح وبالاً عليها، وأنه سيكون سبباً في خسرانها الحكم في الباكستان فستنقلب عليه، وعادتها في الانقلاب على عملائها ماثلة أمام ناظريه، لأنه كان في يوم من الأيام أداتها التي انقلبت بها على عميلها السابق نواز شريف، وهو الذي انقلب على طالبان بأمر من أميركا.
ولكن، ذكرت وسائل الإعلام أن المعارضة (الحركات الإسلامية، بوتو، شريف) غير موحدة. وأن هناك خشية من استغلال مشرف عدم التوحد هذا لمصلحته، وذكرت أن بوتو هي المؤهلة لتوحيدها… إن هذا الأمر محزن وإننا نتوجه إلى الإسلاميين بصدق المؤمنين الذين يحبون الله ورسوله وينصحون لدينه وللمسلمين، ويرون أن العزة لا تكون إلا بالله وحده وبدينه وحده لنقول:
ابتعدوا عن التنسيق مع بوتو واللقاء معها، ابتعدوا عن فكرة أن تقادوا لغير الإسلام… فأنتم حملتم الإسلام لأنه بنظركم هو الحق، فلا تجعلوا أحداً يقودكم إلا بالحق، وإلا فإنكم تجعلون لله عليكم سبيلاً، إن بوتو كما تعلمون لا تختلف عن مشرف في محاربته للإرهاب والأصولية.
ثم إن الإسلام يحرم على المسلمين أن ينقادوا لامرأة تحكمهم بالإسلام، لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» فكيف إذا كانت هذه المرأة علمانية، وتعلن على الملأ أنها تريد محاربة الإسلام، إنكم إن تعاونتم معها، ووصلت إلى الحكم بسبب هذا التعاون، فإن إثم ما سترتكبه من حكم بغير ما أنزل الله، ومن ضرب المسلمين، ومن جعل سلطان للكافرين عليكم، سيطالكم، والعياذ بالله.
إن الحركات الإسلامية السياسية العاملة في الباكستان يجب أن تجتمع مع بعضها على الإسلام، وأن تطرح الإسلام كحل لجميع مشاكل الباكستان، وأكثر من الباكستان، فهل عز وجود الرجال حتى تقودهم امرأة، وهل عجز الإسلام أن يعالج مشاكل المسلمين في الباكستان حتى تعطى القيادة لعلمانية تجاهر بعدائها للإسلام… اعلموا أنه إذا كان لابد لكم من أن يقودكم أحد بالإسلام فإن حزب التحرير يمد يده إليكم لتتعاونوا معه في مهمة إسقاط مشرف وإقامة الإسلام، وتحويل الباكستان إلى دار إسلام يعيش أهلها في أمان المسلمين وحكم وعدل الإسلام، وحيث لا وجود أميركياً فيه ولا علمانياً… سجلوا لكم مأثرة عند الله وعند المسلمين، ليس في الباكستان فقط، بل في العالم الإسلامي كله، فحزب التحرير له باع طويل في العمل السياسي، وفي الانضباط الشرعي وسيرته نظيفة، وقيادته مخلصة وواعية، وهو يعد نفسه لهذه المهمة منذ أكثر من خمسين عاماً، وأصبحت له مقدرة في ذلك يشهد لها العدو قبل الصديق، لذلك يحارب بشدة، ويمنع وصوله بشدة، ويشاع عليه بشدة… ولكنه أخذ على عاتقه أن يقوم بهذه المهمة امتثالاً لأمر الله سبحانه، لا يمنعه منها إلا الموت أو أن يظهر الله دينه… فهل يعقل أن تفكروا بأن تعطوا القيادة لبوتو العلمانية وتمنعوها عن حزب التحرير الذي ندب نفسه لإقامة خلافة راشدة على منهاج النبوة، وانطلقت دعوته من الأرض المباركة من أكناف بيت المقدس وامتدت حتى انتشرت في أصقاع العالم الإسلامي وغير الإسلامي. ووصلت إلى الباكستان، ولعل من دلائل صدق دعوته أن مشرف كان لا يترك مناسبة يلتقي فيها مع بلير إلا وكان يدعوه لأن يحظر الحزب عنده.
إنه لا يجوز أن تعطى القيادة لبوتو ولا لشريف ولا لمشرف فكلها أسماء ووجوه مختلفة لقلوب وعقول واحدة لا تريد الخير لهذا الدين، فهم أدوات لجهات خارجية.
اعلموا أن ما ندعوكم إليه، وأنتم أهل لخير هذه الدعوة إن شاء الله، هو أشد ما يكرهه ويخاف منه ويحذر منه كل من بوش وبراون ومن قبله بلير، وساركوزي ومن قبله شيراك، وبوتين وكل أساطين الكفر… إن خوفهم الشديد قد ظهر من تصريحاتهم المقيتة التي وصفت عقيدتكم بالبغيضة والتي حذروا فيها من اجتماع كلمة المسلمين من إسبانيا إلى إندونيسيا كما قال بوش، ومن إندونيسيا إلى نيجيريا كما قال ساركوزي. إن خوفهم الشديد الذي لم يستطيعوا أن يخفوه هو من مارد الخلافة الذي بدأ يستفيق، والذي بدأت الأمة تثوب إليه، وتلهج ألسنتها بالدعاء لعودته.
ثم إننا نذكركم أن وضع مشرف الصعب قد يلجئه إلى طلب يد العون منكم بإظهار نيته إشراككم معه في الحكم، وسيعدكم ويمنيكم وفي الحقيقة سيتلاعب عليكم كما تلاعب على غيركم… وقد يلجأ إلى أسلوب العصا والجزرة معكم لذلك فإننا أيها الإخوة الكرام، ننصحكم ألا تمدوا اليد إلا لمن يريد الله ويريده الله.
ثم إننا نتوجه إلى الجيش الباكستاني ضباطاً وأفراداً فنقول: إنكم مسلمون في بلاد إسلامية، تعمر فيها المشاعر الإسلامية، وما يحصل من جرائم بحق المسلمين قريب منكم، ألم تهزكم جرائم مشرف، ألم تبكيكم مشاهد الاعتقالات والإذلال للمسلمين وتسليمهم للأميركيين ومن ثم تعذيبهم، ألم تسمعوا بما يحدث في غوانتانامو وأبو غريب وباغرام… إن منظر المسلمين هناك يقطع الأكباد، وقد أثار مشاعر كفار كثر لا يمتون إلى الإسلام بصلة فقاموا ينادون بوقف هذه المجازر العبثية التي يرتكبها بوش وأذنابه من أمثال مشرف… لقد شاء الله أن يكون ما يحدث في قلب منطقتكم وبلدكم فهل يعقل أن تكونوا سلاحاً في يد مشرف، أن تكونوا يده التي يبطش بها، أن تكونوا رجله التي يدوس بها كرامات المسلمين. ألم تقرأوا قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» ألم تعلموا أن الله سبحانه قد أدخل فرعون وهامان ومعهما جنودهما إلى النار… أيها الضباط والجنود إنكم مسلمون، وإنكم مسؤولون أكثر من غيركم لقدرتكم على التغيير المادي. إن المطلوب منكم أن تأخذوا الحكم منه وتضعوه في يد من يحكمكم بما أنزل الله… أيها الضباط والجنود، لا تدعوا مشرف يأخذكم معه إلى غضب الله وإلى جهنم… تبرؤوا منه الآن لأنه لن يفيدكم التبرؤ منه يوم القيامة.
أيها الضباط والجنود ألا تشتاق نفوسكم للعزة في الدنيا… لفتح البلاد وفتح القلوب على الإسلام… إن الأمهات الثكالى والأولاد الأيتام، والعجائز وكل المستضعفين ينتظرونكم.
أيها الضباط والجنود، لماذا أميركا وبريطانيا تستطيعان أن تصلا إلى الحكم بواسطة الضباط السيئين، ولا يستطيع المسلمون المخلصون أن يصلوا بكم إلى الحكم؟ ما الذي ينقصكم؟ القوة، فإنها عندكم. القدرة، اجمعوا أنفسكم ونظموا صفوفكم حتى تستطيعوا الوصول. الإرادة، هذا هو المطلوب أن تحزموا أمركم في نصر دين الله.
أيها الضباط والجنود إذا لم تتقدموا تقدم أعداؤكم، فقوموا قومة رجل واحد يعيد الأمور إلى نصابها… أيها الضباط والجنود كونوا أنصاراً لله في هذا الزمان حتى ينطبق عليكم وصف القرآن لأنصار الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)… إنكم إن فعلتم هذا… فلو كان مازال ينـزل قرآن لنـزل فيكم، ولو كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حياً لفرح بما فعلتموه كفرحه بسعدَيْ المدينة (رضي الله عنهما) ومباركته لمصعب (رضي الله عنه) عمله، قال تعالى: (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) [ق 37].
2007-12-01