صفة الإمام العادل
2007/09/21م
المقالات
2,953 زيارة
صفة الإمام العادل
زكريا عبد الرحمن – الجزائر
إن الناظر إلى حال المسلمين اليوم من فرقة وتشرذم وصراع على حدود وهمية لا تمت إلى الشرع وأحكامه بصلة ، وتخلف فكري واقتصادي وركون إلى الكفر وأعوانه . فمن المسلمين من يموت جوعا، ومنهم من يقتل شر تقتيل ، تغتصب نساؤنا وترمل ، تسرق ثرواتنا وتنهب، وحال أغلب المسلمين لهم ولعب وانشغال بدنيا فانية ، أصبحنا في زمن لا يحس الأخ بآلام أخيه إلا من رحم ربي ، فيا له من واقع أليم محزن سببه غياب خليفة للمسلمين يحكم شرع الله ويرعى شؤون المسلمين ، فتعالوا إخوتي نتعرف على بعض صفات الإمام العادل ” خليفة المسلمين” ومسؤوليته تجاه أمته.
طلب عمر بن عبد العزيز حين ولي الخلافة إلى الحسن البصري أن يكتب إليه عن صفة الإمام العادل: فكتب إليه الحسن رحمه الله:
” إعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل، وقصد كل جائر ، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف ، ونصفة كل مظلوم، ومفزغ كل ملهوف.
والإمام العادل يا أمير المومنين كالراعي الشفيق على إبله، الرفيق بها، الذي يرتاد لها أفضل المرعى ويذودها عن مراتع الهلكة ويحميها من السباع ، ويكنفها من أذى القر والحر.
والإمام العادل يا أمي رالمؤمنين كالأب الحاني على ولده يسعى لهم صغارا، ويعلمهم كبارا، يكتسب لهم في حياته ، ويدخر لهم بعد مماته.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها ، حملته كرها ووضعته كرها، وربته طفلا تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة، وتفطمه تارة أخرى، وتفرح بعافيته وتغتم بشكايته.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين وصي اليتامى، وخازن المساكين ، يربي صغيرهم، ويمون كبيرهم.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوارح، تصلح الجوارح بصلاحه، وتفسد بفساده.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وعباده يسمع كلام الله ويسمعهم، وينظر إلى الله ويريهم ، وينقاد إلى الله ويقودهم.
فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله كعبد أئتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله، فبدد المال، وشرد العيال ، فأفقر أهله، وفرق ماله.
واعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفواحش ، فكيف إذا أتاها من يليها؟
وأن الله أنزل القصاص حياة لعباده ، فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم؟ واذكر يا أمير المؤمنين الموت وما بعده، وقلة أشياعك عنده وأنصارك عليه، فتزود له ولما بعده من الفزع الأكبر.
واعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلا غير منزلك الذي أنت فيه، يطول فيه ثواؤك ، ويفارقك أحباؤك ، ويسلمونك إلى مقرك فريدا وحيدا.
فتزود له ما يصحبك يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، واذكر يا أمير المؤمنين إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور، فالأسرار ظاهرة، والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فالآن يا أمير المؤمنين وأنت في مهل ، قبل حلول الأجل وانقطاع الأمل ، لا تحكم يا أمير المؤمنين في العباد بحكم الجاهلين، ولا تسلك بهم سبيل الظالمين، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين، فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ، فتبوء بأوزارك، وأوزار مع أوزارك ، وتحمل أثقالك وأثقالا مع أثقالك.
ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك، ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيباتك في آخرتك ، لا تنظر إلى قدرتك اليوم، ولكن انظر إلى قدرتك غدا وأنت مأسور في حبال الموت، وموقوف بين يدي الله في مجمع من الملائكة والنبيين والمرسلين، وقد عنت الوجوه للحي القيوم.
إني يا أمير المؤمنين وإن لم أبلغ بعضتي ما بلغه أولو النهى من قبلي ، فلم آلك شفقة ونصحا، فأنزل كتابي إليك كمداوي حبيبه، يسقيه الأدوية الكريهة ، لما يرجوه في ذلك من العافية والصحة.
والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته”.
هكذا تكون رعاية الشؤون بالإسلام ، وهكذا يجب أن يكون خليفة المسلمين ، حيث نسأل الله عز وجل أن يسرع بإقامة دولة الخلافة ويعين الأمة على نصيب خليفة لهم يحكمهم بالإسلام ويبلغه لكافة الناس؛ فنعز كما كنا، وننفض الغبار عن ثيابنا، وننزع الأغلال التي في أيدينا ، ونتخلص من الكف التي تحاول إغلاق أفواهنا ؛ فنكون مع سيد الشهداء في الجنة ، وبهذا ننال عز الدنيا والآخرة إن شاء الله عز وجل.
2007-09-21