رياض الجنة: وليالٍ عشر
2009/12/21م
المقالات
1,812 زيارة
رياض الجنة:
وليالٍ عشر
– خص الله سبحانه وتعالى بعض الشهور والأيام والليالي بفضائل يعظم فيها الأجر ويكثر الفضل رحمة منه بالعباد. ومن هذه العشر المباركات. ومن فضلها:
– أن الله سبحانه وتعالى أقسم بها، فعظمت بهذا القسم، قال تعالى: (وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [الفجر 1-2] والليالي العشر هي عشر ذي الحجة وهذا ما عليه جمهور المفسرين.
– أنها الأيام المعلومات التي طلب الله سبحانه فيها ذكره فقال جل من قائل: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) [الحج 38] وجمهور العلماء على أنها العشر من ذي الحجة.
– أنها أفضل أيام الدنيا فعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): «أفضل أيام الدنيا أيام العشر -يعني عشر ذي الحجة- قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله، إلا رجل عفر وجهه بالتراب» رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني.
– أن فيها يوم عرفة، يوم الحج الأكبر، يوم مغفرة الذنوب، يوم العتق من النيران، ولو لم يكن فيها إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً.
– أن فيها يوم النحر: وهو أفضل أيام السنة، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» رواه أبو داود والنسائي. [ويوم القر هو الذي يلي يوم النحر حيث يقر الناس فيه بمنى بعدما فرغوا من الطواف والنحر واستراحوا].
– أنه يكون اجتماع أمهات العبادة فيها: قال الحافظ ابن حجر في الفتح: «والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي: الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره.
– أنها الأيام التي أعطاها الله سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام لكي يتم ميقاته أربعين ليلة، وذلك بقوله تعالى: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف 142]، وقد ورد هذا عن مجاهد ومسروق، ونحن أولى بموسى عليه السلام من يهود.
– أن العمل فيها أحب إلى الله من سائر الأيام: فقد روى أبو داود في صحيحه عن ابن عباس أنه قال: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ، يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ».
– أن فيها يضاعف العمل الصالح: فعن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما من أيام أفضل عند الله، ولا العمل فيهن أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام [يعني من العشر] فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير وذكر الله، وإن صيام يوم منها يعدل بصيام سنة، والعمل فيهن يضاعف بسبعمائة ضعف» من الترغيب والترهيب للمنذري، وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، يَعْدِلُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ، وَقِيَامُ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» رواه ابن ماجة والترمذي.
ومن الأعمال الصالحات التي يستحب المسارعة إليها في مثل هذه الأيام: التوبة الصادقة، والعزم الجاد على اغتنام هذه الأيام، والإكثار من الصلاة، وصيامها [روى أحمد: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر» وقال النووي رحمه الله عن صوم أيام العشر: «إنه مستحب استحباباً شديداً»]. وأداء الحج والعمرة، والاعتكاف في المسجد بنية الاعتكاف ولو كان الاعتكاف لساعة واحدة، والإكثار من التكبير والتهليل والتحميد [روى البخاري: كان ابن عمر وأبو هريرة (رضي الله عنهما) يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما. وقال: كان عمر (رضي الله عنه) يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً، وكان ابن عمر (رضي الله عنه) يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً]. والإكثار من الأعمال الصالحة عموماً، والحرص على أداء صلاة العيد، والأضحية…
يوم عرفة
لقد شرف الله سبحانه وتعالى هذا اليوم وفضله بفضائل كثيرة منها:
1- إنه أفضل الأيام: لحديث جابر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «أفضل الأيام يوم عرفة» رواه ابن حبان، وعند ابن حبان أيضاً عن جابر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينـزل الله تعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء» وفي رواية: «إن الله يباهي بأهل عرفة ملائكته فيقول: يا ملائكتي، انظروا إلى عبادي، قد أتوني شعثاً غبراً ضاحين».
2- أنه أقسم الله سبحانه وتعالى به في القرآن: وأكثر المفسرين على أن الفجر فجر يوم عرفة وقبل: فجر كل يوم.
3- أنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة: روى البخاري بسنده: قالت اليهود لعمر إنكم تقرؤون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيداً، فقال عمر (رضي الله عنه) إني لأعلم حيث نزلت، وأين نزلت، وأين كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أنزلت: نزلت يوم عرفة…».
4- أنه يوم عيد فعن أبي أمامة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ». رواه أبو داود.
5- أن صيامه يكفر سنتين: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» رواه مسلم. فيستحب صيامه لغير الحاج، أما الحاج فلا ينبغي أن يصومه حتى يتقوى على الوقوف فيه وذكر الله تعالى.
6- أنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار: عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاءِ» قال ابن عبد البر: وهو يدل على أنه مغفور لهم؛ لأنه لا يباهي بأهل الخطايا والذنوب إلا بعد التوبة والغفران.
7- أنه أفضل ما يدعى فيه: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ» رواه مالك. وعن سيدنا علي (رضي الله عنه) قال: أكثر ما دعا به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم عرفة في الموقف: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَالَّذِي نَقُولُ وَخَيْرًا مِمَّا نَقُولُ، اللَّهُمَّ لَكَ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي، وَإِلَيْكَ مَآبِي وَلَكَ رَبِّ تُرَاثِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ وَشَتَاتِ الأَمْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيحُ» رواه الترمذي.
2009-12-21