صرخة… إلى الأنصار الجدد
2009/08/21م
المقالات
1,938 زيارة
صرخة… إلى الأنصار الجدد
أربعة عشرة قرناً مضت على هجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة حين يسّر الله له ثلة من الأنصار حيث كانوا النواة الأولى للدولة الإسلامية الأولى التي بلغت أطرافها المشرق والمغرب, وعمت خيراتها نهايات العالم… ذلكم أنصار الدولة الإسلامية الأولى، فأين أنصار الدولة الإسلامية الثانية الدولة التي بشرنا بها رسولنا الكريم؟ يقول الصادق المصدوق «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ الله ُأَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيّاً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، ثُمَّ سَكَتَ» (مسند أحمد).
فمن منكم يا أحفاد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)… من منكم يا ذوي النياشين والرتب, سيخطف هذا الشرف, فينال شرف أن يكون من ثلة الأنصار, ويكون السبّاق لغرس وتد الدولة الأوّل, وينضم إلى رسول البشرية عليه الصلاة والسلام وصحبه السابقين المقربين في الجنة. قال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة 100].
إخواني … كلكم تدركون ولا يخفى عليكم بأن الدولة قادمة بإذن الله, ووعد الله لا يخلف, قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور55]. فشمروا عن سواعدكم, فعسى الله أن يجري الخير على أياديكم, فتكونوا حملة اللواء, وأسباب السعادة للأمة الإسلامية, بل للبشرية جمعاء. آه لو أن بينكم رجل رشيد, فيدرك الخير الذي سيغنم … شرفاً في الدنيا وخيراً جزيلاً في الآخرة, تماماً كأنصار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الدولة الأولى, فقد نالوا شرف الدنيا والآخرة, حين سطروا قصة العز والفخار في صفحات التاريخ, ونالوا المجد والرضى في السباق إلى الجنة. وأنتم أيها الأنصار الجدد, يا أولياء الله… إن أنتم عقدتم العزم, غنمتم الدنيا والآخرة, ولكم مثلهم, بل خمسين ضعفاً مما نالوا, فقد أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن فضل من يتمسك بدينه حينما يرى بعد الناس عنه، وانحرافهم عنه حيث يقول المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم): «إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟ قَالَ: بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ» (أخرجه أبو داود والترمذي).
أيها الأنصار الجدد… أنتم مفاتيح الفرج لأمة مضرجة بالدماء, ولقلوب تعتصر ألماً, ولأطفال تيتم كل يوم, ونساء تلتحق بركب الأرامل… أنتم سبيل الخلاص لأعراض تنتهك ليل نهار, لشيوخ ضاعت هيبتهم, ورجال تبكي قهراً, لمآذن تئن, لمساجد تبكي شوقاً, فأغيثوا الأمة المقهورة. تذكروا حديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي قال فيه «… إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ…» (أخرجه البخاري عن طريق أبي هريرة).
أيها الأنصار… وإن أنتم قصرتم, فذلك خسران مبين, حين تدرجون في صفحات التاريخ السوداء, وتتصدرون قوافل الوافدين إلى جهنم, لقبولكم الانحياز لجانب الطواغيت, والحكام المجرمين, والرضى لأنفسكم بأن تكونوا من أذناب الشياطين, وحراس الزنادقة, وتسخيركم طاقاتكم للبطش بالحناجر الصادحة بالحق.
أيها الأنصار… حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وتغرسوا في القبور وتسألوا يوم النشور. ماذا سيكون ردكم لتقصيركم في نصرة أمتكم؟ فجميع أسباب القوة كانت لديكم, لكنها -بأيديكم- لم تكن أكثر من مجرد عرض عسكري… والله لو أن لها ألسناً لشكت, ولو أن لها أعيناً لبكت. ماذا ستقولون لربكم: إنكم خشيتم بطش حكامكم, والله أحق أن تخشوه؟
يا أنصارنا… إنه مما يجب أن لا يفوتكم أن الأمر كله بيد الله, فلو اجتمعت الإنس والجن على أذيتكم, فلن يضروكم إلا بشيء قد كتبه الله عليكم.
يا إخوتنا… يا أبناءنا… أيها الجنود الأبرار… أيها الضباط البواسل… يا أهل القوة والمنعة… انهضوا من سباتكم… زمجروا بأعلى صوتكم, وانزعوا ثوب الهزيمة والتخاذل عنكم… هبوا إلى العلياء، إلى رضى ربكم، إلى جنة عرضها السموات والأرض… اعقدوا العزم على تلبية النداء, واصدحوا ملء الحناجر… لبيك اللهم لبيك… لبيك اللهم لبيك…
لبيك تخرج من أفواه البنادق… لبيك تشعل الأرض لظى تحت أقدام كل زنديق آبق… لبيك تزيح عن كاهلنا هذا الزمن الغاسق… لبيك ترجع العزة من كل فاسق… لبيك تنشر الحق في كل المناطق… لبيك تجعل راية الإسلام للسحب تعانق… لبيك تثلج صدر من كان للخلافة عاشق… لبيك اصدح بها أخي قبلما الحياة تفارق…
أم تقي – فلسطين
2009-08-21