نعشُ الخلافةِ
2003/03/20م
المقالات
1,373 زيارة
نعشُ الخلافةِ
أوصى أن يدفن في المدينة المنورة، فمات في باريس عام 1941، تبرعت الجالية الإسلامية بأجرة طائرةٍ، نقلته إلى المدينة لمنورة.
إنه آخر خليفة للمسلمين، خُلِعَ من منصبه، بعدما ألغى كمال (أتاتورك) زنديق تركيا الخلافةَ بأمر من الإنكليز.
نعش الخلافة
شُدَّ الرِّحَالَ إِلى المَدِينَةِ نَحْوَ فَجْرِ النُّورِ يَا عَبْدَ المَجِيدْ
وانْزِلْ عَلَى أَهْلِ البَقِيعِ، فَمَنْهَلُ الإِيمَانِ دَفَّاقٌ يَطِيبُ لَهُ الوُرُودْ
وَانْشُقْ عَبِيرَ الطِّيبِ مِنْ أَزْكَى ثرَىً قَدْ ضَمَّ خَيْرَ الرُّسْلِ في خَيْرِ اللُّحُودْ
فَهُنَاكَ وَفَّى الصَّادِقُونَ، وَمَنْ سِوَى الأَنْصَارِ أَوْفَى بِالمَوَاثِقِ وَالعُهُودْ
وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مُهَاجِرُونَ، وَعِنْدَهُمْ وَقَفَ الفَخَارُ فَلاَ مَزِيدْ
رُكْنَانِ لِلإِسْلاَمِ قَامَ عَلَى أَسَاسِ عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ صَرْحُهُمَا المشِيدْ
الصَّفُّ مَرْصُوصُ البِنَاءِ، وَنُورُ طَيْبَةَ بَاسِمُ الآمَالِ بِالفَجْرِ الجَدِيدْ
وَالحَقُّ مَرْفُوعُ العِمَادِ، وَدَوْلَةُ الإِسْلاَمِ فَوْقَ الشُّهْبِ خَافِقَةُ البُنُودْ
يَا مَأْرِزَ الإِيمَانِ، يَا أَرْضَ الهُدَى وَالنُّورِ، يَا شَمْساً أَضَاءَ بِهَا الوُجُودْ
ضُمِّي رُفَاتَ المَجْدِ، جَاءَكِ وَارِثُ الأَمْجَادِ مِنْ خَيْرِ الجُدُودْ
وَأَتَاكِ مَحْمُولاً عَلَى نَعْشِ الخِلاَفَةِ، فَافْتَحِي لِلزَّائِرِ المُشْتَاقِ أَبْوَابَ الخُلُودْ
فَلَعَلَّهَا مِنْ بَعْدِمَا طَالَ المَدَى، مِنْ مَشْرِقِ الأَنْوَارِ تُبْعَثُ مِنْ جَدِيدْ
عَبْدَ المَجِيدِ لَقَدْ أَوَيْتَ مُكَرَّماً، في ظِلِّ نَادِيهَا وَهَادِيهَا إِلى رُكْنٍ شَدِيدْ
هَاجَرْتَ تَطْلُبُهَا عَلَى الأَعْوَادِ، وَهْيَ القَلْعَةُ الشَّمَّاءُ مُذْ كَانَتْ، وَمَأْوَىً لِلشَّرِيدْ
ضَيْفاً تَحُفُّ بِرَكْبِكَ الأَنْصَارُ، هَاتِفَةً، مُرَحِّبَةً، بِمَقْدُمِكَ السَّعِيدْ
هِيَ خَيْر عَاصِمَةٍ، وَمَا زَالَتْ تَبُثُّ النُّورَ، زَاهِيَةً بِمَاضِيهَا التَّلِيدْ
وَتَمُدُّ مِنْ شِرْيَانِهَا الدَّفَّاقِ خَيْرَ دَمٍ لِهَذِي الأُمَّةِ الشَّمَّاءِ يَنْبِضُ في الوَرِيدْ
وَتَهُزُّ بِالصَّوْتِ الأَبِيِّ مَرَاقِدَ الأَمْجَادِ وَالعَلْيَاءِ، تُوقِظُهَا، فَتَنْهَضُ مِنْ رُقُودْ
وَإِذَا تَمَادَى الكُفْرُ وَاللَّيْلُ الطَّوِيلُ، امْتَدَّ في الآفَاقِ، وَاخْتَالَ الجُحُودْ
دَوَّى بِهَا التَّكْبِيرُ يُرْسِلُهُ أَبُو بَكْرٍ، فَتَنْطَلِقُ الفَيَالِقُ وَالجُنُودْ
وَيُطِلُّ مُنْبَعِثاً مِنَ التَّارِيخِ سَعْدُ القَادِسِيَّةِ، لِلنِّدَاءِ مُلَبِّياً، وَابْنُ الوَليدْ
وَتُهَلِّلُ الأَبْطَالُ في حِطِّينَ، وَاليَرْمُوكِ وَالأَقْصَى، فَيَزْهُو النَّصْرُ، وَالفَتْحُ الْمَجيدْ
نَمْ في حِمَاهَا هَانِئَ الأَحْلاَمِ، وَالآمَالِ، مَغْمُوراً بِفَيْضِ النُّور يَا عَبْدَ الْمَجيدْ
@ @ @
في حِجْرِهَا الصِّدِّيقُ نَالَ البَيْعَةَ الأُولَى، فَكَانَ المُسْتَقِيمَ بِهَا وَكَانَ لَهَا الأَمِينْ
وَمَضَى الهُدَاةُ الرَّاشِدُونَ، عَلَى خُطَاهُ، بِهَدْيهَا حِيناً، فَعَزَّتْ بِالهُداةِ الرَّاشِدِينْ
هِيَ بَيْعَةٌ لِلّهِ، يَنْصُرُ جُنْدَهَا، مَا أَخْلَصُوا في بَيْعِهِمْ، وَاللّهُ خَيْرُ الناصِرِينْ
هِيَ دَوْحَةٌ قَرَّتْ عُيُونَ البَائِسِينَ، فَأَصْبَحُوا في ظِلِّهَا العَبِقِ المُنَدَّى آمِنِينْ
وَأَوَى إِلَيْهَا خَزْرَجُ الأَنْصَارِ، وَالأَوْسُ الأُبَاةُ، عَلَى الصَّفَاءِ أَحِبَّةً مُتَعَانِقِينْ
هِيَ جَنَّةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، تَضُمُّهُمْ، بِالعُرْوَةِ الوُثقَى، وَمِنْهَاجِ الهُدَى مُسْتَمْسِكِينْ
كَالمُتَّقِينَ بِنِعْمَةِ الجَنَّاتِ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ بِهَا مُتَقَابِلِينْ
خَفَقَتْ عَلَى اسْمِ اللّهِ رَايَتُهَا بِسَاحَاتِ الجهَاد عَزِيزَةً بِالنَّصْرِ فَوْقَ الفَاتِحِينْ
فَتَزَلْزَلَ الطُّغْيَانُ، وَانْهَارَتْ أَمَامَ زُحُوفِهَا، تَهْوِي مُحَطَّمَةً عُرُوشُ الظَّالِمِينْ
بَدَأَتْ مَسِيرَةُ رَكْبِهَا مِنْ طَيْبَةَ الغَرَّاءَ تَسْقِي العَالَمَ الظَّمْآنَ، كَالغَيْثِ الهَتُونْ
بِعَزِيمَةِ الصِّدِّيقِ دَاسَتْ خَيْلُهَا أَحْلاَمَ كَذَّابِ اليَمَامَةِ، وَالدُّعَاةِ الكَاذِبِينْ
وَبِإِمْرَةِ الفَارُوقِ حَطَّمَ جَيْشُهَا كِسْرَى، وَهَزَّ القَيْصَرَ الجَبَّارَ بِالعَزْمِ المَتِينْ
وَزَهَا بِعُثْمَانَ الجِهَادُ، وَحَيْثُ مَا سَارَ اللِّوَاءُ فَثَمَ نَصْرُ اللّهِ، وَالفَتْحُ المُبِينْ
وَتَأَلَّقَتْ في الكُوفَةِ الغَرَّاءَ سَاطِعَةَ الضِّيَاءِ، رَفِيعَةَ البُنيَانِ، شَمَّاءَ الجَبينْ
حَمَلَ اللِّوَاءَ لَهَا عَلِيٌّ، وَهْوَ فَارِسُهَا، بِعَزْمٍ لاَ يَهُونُ، وَلاَ يَلِينْ
وَالحَقُّ لاَ يَلْوِي عِنَاناً في وُجُوهِ الخَارِجينَ، وَعُصْبَةِ البَاغِينَ، وَالمُتَآمِرِينْ
طَافَتْ بِقَاعَ الأَرْضِ حَامِلَةً كِتَابَ اللّهِ، تَحْمِيهَا، وَتَنْصُرُهَا سُيُوفُ الفَاتِحِينْ
في قَلْبِ أُورُبَّا يُدَوِّي بِالأَذَانِ نَشِيدُهَا الأَعْلَى، فَتَنْهَارُ المَعَاقِلُ وَالحُصُونْ
وَيَخِرُّ قِسْطَنْطِينُ بِيزَنْطَا،وَيُسْحَقُ عَرْشُهُ الجَبَّارُ، تَحْتَ نِعَالِ خَيْلِ الزَّاحِفِينْ
وَبِشَارَةُ المُخْتَارِ قَدْ قَرَّتْ بِهَا فَرَحاً عُيُونُ المُؤْمِنِينْ
كَالغَيْثِ يَرْوِي الظَّامِئِينَ بَكُلِّ أَرْضٍ سَكْبُهُ الثَّرُّ المَعِينْ
وَمَضَتْ قُرُونُ المَجْدِ زَاهِيَةَ الوُجُوهِ، رَفِيعَةَ الهَامَاتِ، شَمَّاءَ الجَبينْ
وَبِغَفْلَةٍ مِنْ أَعْيُنِ التَّارِيخِ يَهْوِي صَرْحُهُا السَّامِي، وَفَارِسُهَا الأَمِينْ
وَيَعُودُ مِلْيَارُ القَطِيعِ، مُمَزَّقاً، مُتَخَاذِلِينَ، أَذِلَّةً، مُتَفَرِّقِينْ
وَيَعُودُ يَحْمِلُ نَعْشَهَا عَبْدُ الْمَجِيدِ لِحِجْرِ طَيْبَةَ، تَحْضُنُ الْجُثمَانَ كَالأُمِّ الْحَنُونْ
@ @ @
يَا رَايَةَ التَّحْرِيرِ طَالَتْ غَاشِيَاتُ اللَّيْلِ وَاخْتَالَ الجُحُودْ
هُزٍِّي النِّيامَ لَعَلَّ فَجْرَ النُّورِ بَعْدَ اللَّيْلِ يُشْرِقُ مِنْ جَدِيدْ
وَيَعُودُ تَارِيخُ الخِلاَفَةِ، نَاصِعَ الصَّفَحَاتِ، مُعْتَزّاً، بِمَاضِيهِ التَّلِيدْ
فَاليَوْمَ يَنْبِضُ في عُرُوقِ الأُمَّةِ الشَّلاَّءَ عَزْمٌ رَاسِخٌ مَاضٍ شَدِيدْ
يُحْيي الرُّفَاةَ فَتَنْهَضُ الأَجْسَادُ، وَالأَمْجَادُ، هَاتِفَةً، مُلَبِّيَةً، وَتُبْعَثُ مِنْ هُمُودْ
وَيُفِيقُ مِنْ جَدَثِ الخُلُودِ، مُلَبِّياً لِلصَّوْتِ يَهْتِفُ بِاسْمِهَا عَبْدُ الْمَجيدْ
بشير الفجر
2003-03-20