كلمة الوعي: كيف لا يستطيع المسلمون منع عدوان أميركا على العراق، وخنق هذا العدوان وإفشاله؟!
2003/03/20م
المقالات, كلمات الأعداد
1,551 زيارة
في 14/02/03 انعقدت جلسة لمجلس الأمن لاتخاذ قرار بشأن الأزمة العراقية، فاتخذ قراراً باستمرار عمل المفتشين، وطالب العراق بمزيد من التعاون معهم ما شكّل انتكاسةً لأميركا في سعيها نحو الحرب بحصولها على قرار من المجلس.
وفي 15/02/03 عمت المظاهرات مختلف دول العالم، وخاصةً أميركا وأوروبا ضد الحرب. وقد قدر عدد المشاركين فيها 15 مليون متظاهر من 500 مدينة في 75 بلداً. ورفعت شعارات منها: «لا دم من أجل النفط» لا شيء يبرر الحرب» «فليسقط بوش لا القنابل» «بوش أنت هتلر هذا العصر الحديث» ومع ذلك لم ينثنِ عزم أميركا عن خوض الحرب ضد العراق. فقد جاء الرد سريعاً في 16/02/03 على لسان كونداليزا رايس مستشارة بوش للأمن القومي حيث قالت: «إن المظاهرات لن تثني أميركا عن إسقاط صدام حسين».
نعم إن أميركا، بحسب حسابات حكامها، لن يثنيها شيء عن احتلال العراق. إن احتلال العراق ظاهره إسقاط صدام حسين وحقيقته احتلال منابع النفط. إذ يحوي العراق ثاني أكبر مخزون لاحتياط النفط في العالم ومرشح لأن يكون الأول. واحتلال العراق هدف استراتيجي عند أميركا. والهدف الاستراتيجي تعمل الدول عادةً على تخطي العقبات واختراق كل حصار واختلاق الأعذار من أجل تحقيقه. فالهدف الاستراتيجي يجب تحقيقه مهما تأخر.
والسؤال الذي يرد هنا: هل من سبيل لثني حكام أميركا عن سعيهم المحموم نحو الحرب، وكسر عزيمتهم في ذلك. والجواب سريع: «نعم» إن ما يثني أميركا عن الحرب شيئان:
أولاً: موقف الحكام العرب وغير العرب في بلاد المسلمين
إنه من المعلوم لدى القاصي والداني أن حكام المسلمين يقفون مواقف الخزي والعار والعمالة والخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين. فهم يقدمون لأميركا وبريطانيا كافة التسهيلات العدوانية من فتح أجواء دولهم واستعمال أراضيها ومياهها الإقليمية، وتقديم قواعدها العسكرية ومطاراتها وموانئها، والسماح لها بالقيام بمناورات عسكرية في أراضيها، وتوفير المساعدات الإنسانية لجنودها أثناء المعركة.
وإنه من المعلوم كذلك أن حدود العراق محاطة بحدود تركيا وإيران والسعودية والأردن والكويت وسوريا. ولا يمكن لأميركا أن تصل إلى العراق من غير استعمال هذه الأراضي، والانطلاق منها والعودة إليها والمرور بأجوائها. فلو وقف حكام هذه الدول ومنعوا أميركا من استعمال كل ذلك لما استطاعت أميركا أن تقوم بأي اعتداء لأن أميركا تتذرع بالقانون الدولي وبأن العراق يهدد الأمن الدولي.. وكذلك لو وقف حكام هذه الدول موقفاً واحداً في مواجهة أميركا وقدموا الدعم لمسلمي العراق بدل أن يقدموه لأميركا لما جرؤت أميركا على التفكير بمهاجمة العراق، وقتل المسلمين، ونهب خيراتهم. ولكننا نرى حكام هذه الدول بعضهم يفاوض أميركا على ثمن لدماء المسلمين ويسميها تعويضات على أضرار اقتصادية من جراء الحرب، وبعضهم يعد بتغطية تكاليف الحرب أو نصفها، وبعضهم يستجدي أميركا لتستعمل القواعد العسكرية التي هيأها خصيصاً لهذا العدوان، وبعضهم سمح للأميركيين باحتلال أراضيه حتى أصبح ثلثاها أراضي عسكرية محرمة على أهلها. وبعضهم يقف كالحرباء متلوناً يهاجم أميركا علناً وينسق معها سراً ويريد أن يلعب لعبته نفسه في أفغانستان.
إن حكام هذه الدول لو اجتمعوا متحدين في وجه أميركا ووقفوا وقفة رجل واحد مع شعوبهم لما فكر الأميركيون مجرد تفكير بالغزو. لكنهم على العكس من ذلك إذا اجتمعوا فإنهم لا يجتمعون إلا على عمالة أو خيانة فإن قممهم لتفوح منها رائحة التآمر وتمرير المخططات على المسلمين ومؤتمر قمتهم الأخير مثال على ذلك. إنهم عاجزون عن الاجتماع على الحق في أمور عادية فكيف بأمور مصيرية. إن وجودهم من حيث الأصل جزء من المؤامرة في ضرب المسلمين. ولا يتصور أن يأتي الحل عن طريقهم بل إن الحل يمر عبرهم. إذ إن الأمة إذا أرادت أن تملك أمرها وقرارها وتواجه أعداءها فلا بد أن تتخلص من حكامها أولاً. لقد أصبح المسلمون لا يراهن أحد منهم على الحكام الذين أصبحوا لعنةً على كل لسان. لذلك لا يعوَّل على موقف الحكام في ثني أميركا عن عزمها على الحرب لكونهم جزءاً من المؤامرة.
ثانياً: موقف الشعوب الإسلامية
إنه من المعلوم لدى القاصي والداني كذلك أن المسلمين تغلي دماؤهم في عروقهم غضباً مما يحدث، وأن الأمة تلعن حكامها صباحاً ومساءً. وتعتبرهم سبب مصائبها وأنهم أورثوها الذل والفقر والبعد عن الدين. والمسلمون من أدناهم إلى أقصاهم على رأي واحد وتوجه واحد. الأمة الإسلامية تعتبر أن خلاصها بالإسلام ولكنها ساكتة، تتلوى كالمريض من غير آهات، وتبكي من غير دموع. إنها تقف موقفاً ضعيفاً مع أنها هي المرتجى، وهي المطلوب منها أن تأخذ حقها بيدها. وأن تتحرك، أن تضع حداً لكل هذه الخيانات من حكامها، والاعتداءات من عدائها.
إن المسلمين يجب أن يقفوا الموقف الشرعي الذي أمرهم الله سبحانه به. فالله سبحانه طلب من المسلمين أن يجاهدوا في سبيل الله وأن يدفعوا عدوان أعدائهم وأن يحكموا بالإسلام. ومنذ أن سكت المسلمون عن الحكم بغير ما أنزل الله، ومنذ أن توقف الجهاد في سبيل الله غزوا في عقر دارهم وذلوا وتحقق فيهم: «ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا».
إن المسلمين يجب أن يتحركوا تحركات جدية لمنع أميركا من الحرب. وهم قادرون على ذلك. وأميركا تتخوف من أي تحرك يصدر منهم. صحيح أن أميركا ودول الغرب أوكلت أمر المسلمين إلى حكامهم ولكن دول الغرب تخاف على نفسها وعلى الحكام إذا ما تحركت الأمة. والعكس صحيح. إن الأمة إذا لم تتحرك كما يحدث الآن فإن ذلك يجرئ أميركا ويجعلها تسقط من حسابها وجودهم ويجعلها تستمر في عدوانها لاطمئنانها إلى أن شيئاً لن يمنعها، من غير أن تخاف عاقبة فعلها.
إن سكوت المسلمين عن قتل المسلمين في العراق وعن احتلال أراضيهم، ونهب ثرواتهم .. حرام شرعاً.
وإن سكوت المسلمين عن حكامهم في تقديم العون والتسهيلات لأميركا من أجل ضرب المسلمين في العراق حرام شرعاً.
وإن سكوت المسلمين عن هؤلاء الحكام من حيث الأصل حرام شرعاً ويجب تغييرهم بحاكم واحد يحكمهم بما أنزل الله، خليفة يبايع على كتاب الله وسنة رسوله يقاتل بهم عدوهم، ويصون بلادهم ويعيد إليهم عزهم.
إن المسلمين ليسوا مخيرين شرعاً في مواجهة ما يحدث، والأمة ليست معذورةً، بل هي مأمورة. ولا يجوز للمسلمين أن يسكتوا بحجة أن حكامهم يمنعونهم، فالجهاد واجب عليهم، وإذا منعهم مانع الحكام من ذلك، فعليهم أن يغيروهم، وأن يقيموا من يقيم فيهم أحكام الإسلام، ولا يفرط بأمر المسلمين.
أما جيوش المسلمين فالأمر عليهم أوجب، والشدائد محك الرجال وهل بعد هذه شدة. إنهم أبناء المسلمين، وما يحس به المسلمون يحس به الجند بل هم أشد إحساساً لأنهم أهل القوة يرون من مواقعهم ما لا يراه غيرهم، فلينطلقوا لنصرة المسلمين وحماية بيضة الإسلام، لا أن يبقوا حماةً للعروش والتيجان والظلم والطغيان. فإنْ منعهم الحكام من نصرة إخوانهم، وإحباط مخططات أميركا وأعوانها، فليأخذوا على أيديهم أخذاً شديداً، وليزيلوهم ويغيروهم، وليشتق جند المسلمين إلى الجنة فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لروحة أو غدوة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها».
يجب أن يمنع أعداء الله من العدوان على العراق مهما كلف ذلك من تضحيات، فنفوس المسلمين تزهق بالمجّان الآن، يقتل منهم الآلاف وعشرات الآلاف ومئات الألوف ولكنهم يقتلون من غير أن يكون عندهم هدف يتحقق، ولو أنهم حزموا أمرهم وساروا في الطريق الشرعي المطلوب منهم لوفروا على أنفسهم كثيراً من القتل ولوضعوا حداً لكل ما يجري. والله ناصر من ينصره (إن الله لقوي عزيز) [الحج] .
2003-03-20