مع القرآن الكريم: (لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَرَسُولِهِ)
2002/09/19م
المقالات
1,901 زيارة
مع القرآن الكريم:
(لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَرَسُولِهِ)
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيم) [الحجرات].
======================================
خلق الله الإنسان، وعلّمه البيان، وأرسل الرسل مبشرين ومنذرين، وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه. ثم أرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء، برسالة هي خاتم الرسالات، فيها تبيان كل شيء، لينقذ الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهدى، ويهديهم إلى صراط مستقيم.
لقد أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم أمة هي خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله. وأنشأ رجالاً، صحابةً كراماً، وقّافين عند الحق لا يتجاوزونه. إن عرض لهم أمر حَكَمَ الشرع فيه قاموا به على وجهه، لا يسبقون أمر الله ولا أمر رسوله بقول أو فعل، ولا يتقدمون على حكم الشرع بشيء من حكم الوضع. لا يتعدون حدود الله، ولا يخالفون عن أمر رسول الله، بل يتسنمون خطاه صلى الله عليه وسلم في الصغير والكبير رضي الله عنهم وأرضاهم.
هذا هو الحق المبين، أن نعبد الله كما يُحبُّ أن يعبد، وفق أوامره سبحانه وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم. لقد فرض الله على كل مسلم أن ينظر في كل عمل يأتيه، وأن يعرف قبل القيام بالفعل حكم الشرع فيه لأن الله سبحانه سائله عنه (فوربك لنسئلنهم أجمعين @ عما كانوا يعملون) [الحجر]، (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) [يونس/61] ومعنى إخباره سبحانه عباده أنه شاهد على أعمالهم هو أنه محاسبهم عليها وسائلهم عنها. فالواجب على كل مسلم أن يتقيد بأوامر الله وأوامر رسوله لا يحيد عنها أو يتجاوزها.
وهذه الآية الكريمة تبين وجوب الالتزام بشرع الله، وعدم تقدمه بشيء:
1 – (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ).
لا تقدموا: لا تتقدموا، من قدَّم بمعنى تقدَّم.
بين يدي الله ورسوله: قبل أمر الله وأمر رسوله، سابقاً لأمر الله ورسوله. على نحو (مصدقاً لما بين يدي من التوراة) [الصف/6] أي مصدقاً للتوراة التي جاءت قبلي (التي سبقتني).
ويكون معنى الآية أن لا تسبقوا – أيها المؤمنون – أمر الله وأمر رسوله بقول أو فعل، فلا تقدموا بفعل أو قول إلا وفق أمر الله وأمر رسوله. أي تقيَّدوا بخطاب الشارع وأتوا بالأمر على وجهه كما بيَّنه لكم.
يقول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية: أن لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة، ويقول الضحاك: لا تقضوا أمراً دون الله ورسوله من شرائع دينكم.
أخرج ابن المنذر عن الحسن أن أناساً ذبحوا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر فأمرهم أن يعيدوا ذبحاً فنـزلت. وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأضاحي بلفظ ذبح رجل قبل الصلاة فنـزلت.
من كل ذلك يتبين أن الآية تفيد أن على المسلم أن يلتزم شرع الله وأن لا يقول أو يفعل إلا وفق أمر الله سبحانه وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهي تدل كذلك على أن السيادة لأحكام الشرع وليست لأحكام الوضع (إن الحكم إلا لله) [يوسف/67].
2 – (واتقوا الله) إنّ عطف التقوى على الالتزام بشرع الله بالغ الدلالة على أن التقوى تتطلب امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه وليس كما يتقَّول القاعدون (التقوى في القلب) يبررون القعود عن القيام بما فرض الله واجتناب ما حرَّم.
3 – ( إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيم) أي سميع لأقوالكم عليم بأفعالكم ونياتكم فلا تخفى عليه خافية فالتزموا شرعه واتبعوا أمره وكونوا من الصادقين.
نسأل الله سبحانه أن نكون ممن يلتزمون شرعه، يحلون حلاله ويحرمون حرامه، لا نخاف في الله لومة لائم ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [المائدة] .
2002-09-19