الأصيل وليس البديل لاتفاق مشاكوس
2002/08/19م
المقالات
1,540 زيارة
الأصيل وليس البديل لاتفاق مشاكوس
نشرت جريدة (الوفاق) السودانية في عددها رقم 1601 الصادر في 29/07/2002م، نشرت مقالاً للسيد محمد طه تعرض فيه للذين عارضوا ميثاق مشاكوس لكونه إعلاناً عملياً لبدء الخطوات التنفيذية لفصل جنوب السودان عن شماله، وقد ذكر السيد محمد طه في مقاله المذكور أن الرافضين لم يقدموا البديل.
وقد أرسل الناطق الرسمي لحـزب التحـرير في السودان على سعيد (أبو الحسن) رداً على مقالة السيد محمد طه، نشرته الصحيفة في عددها الصادر في 09/08/2002م تحت عنوان:
(الناطق الرسمي لحـزب التحـرير يعقب على مقالات مشاكوس:
ليس لدينا البديل يا محمد طه ولكن لدينا الأصيل)
و«الـوعــي» تنشر هذا الرد على صفحاتها لإطلاع القراء عليه لأهميته:
=========================================
بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشير إلى سلسلة مقالاتك حول ميشاكوس وبالتحديد إلى الحلقة الثالثة فيه بالعدد رقم (1601) بتاريخ 29/7/2002 حيث ذكرت أن الذين رفضوا اتفاق ميشاكوس واتهموه ببيع الشريعة بثمن قليل والتفريط في السيادة الوطنية وفتح البلاد للتدخل الأجنبي، قلت إن الرافضين لم يقدموا البديل ونحن نقول لك لس لدينا بديل لاتفاق ميشاكوس ولكن عندنا الأصيل الذي يبطل ميشاكوس ويحقق العزة والوحدة والسعادة في الدنيا والآخرة، وقبل أن نعرض الأصيل نقول لك وأنت تدافع دفاع المستميت عن ميشاكوس المولود المسخ المشوه الزنيم نقول إذا كانت ميشاكوس تعني عندك بعربي جوبا مشى يكوس السلام فعاد رابحاً، فإن هذا ليس عربي جوبا الذي نعرفه جيداً، إنما هو عربي واشنطن، فإن مشاكوس والتي هي محطة من محطات قطار العولمة المنطلق من أمريكا فإنها تعني بالعربي الفصيح ترك السلام وراء ظهره ومشى خلف سراب أمريكا الذي يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب.
قبل أن نأتيك بالأصيل والذي تعلمه أنت جيداً قبل غيرك نود أن نؤكد بأن بروتوكول ميشاكوس هو أخطر ما وصل إليه حاكم سوداني منذ انفصال السودان عن مصر والذي سمي بالاستقلال عام 1956 في تآمره مع الدول الكافرة على فصل جنوب السودان عن السودان وهي تدل على خطورة ما وصل إليه الرئيس عمر البشير وبطانته في تآمرهم مع أميركا الكافرة لفصل الجنوب وتفريطهم بمصالح المسلمين. (نرجو أن تصل هذه الرسالة بهذا الوضوح لعمر البشير وبطانته) وتدل أيضاً على المدى الذي وصلت إليه أميركا الكافرة الحاقدة على السودان وشعبه ومن ورائها بريطانيا المسبب الرئيسي للحرب والفقر والجهل والمرض والتخلف الذي لحق بشعب السودان، تساندهم بقية الدول الأوروبية المتآمرة وأدواتهم من حكومات دول الجوار الإفريقي في استكمال تنفيذ المخطط الميركي البريطاني لفصل جنوب السودان عن السودان وإنشاء دولة منفصلة فيه ذات صبغة نصرانية تماماً كما حصل عندما قانت هذه الدول بقيادة أميركية بفصل تيمور الشرقية عن الأراضي الإسلامية الإندونيسية عام 1999.
لقد ورد فيما أطلق عليه «إطار العمل» المتفق عليه، والذي ورد في ثلاثين صفحة ما زالت الحكومة تتكتم عليها، تحت الفقرة 1/3 من المبادئ المتفق عليها ما نصه «لشعب السودان حق تقرير المصير من بين أشياء أخرى وذلك من خلال استفتاء لتقرير وضعهم المستقبلي» وتحت الفقرة 2/5 من «العملية الانتقالية» ما نصه «في نهاية الست سنوات من المرحلة الانتقالية سوف يكون هناك استفتاء تحت مراقبة دولية وأن يكون منظماً من قبل الحكومة السودانية وجيش الحركة الشعبية وذلك لشعب جنوب السودان من أجل تأكيد وحدة السودان، بالتصويت لتبني نظام الحكم الذي يتم تأسيسه تحت اتفاقية السلام أو للتصويت على الانفصال». وورد النص نفسه مكرراً لتأكيده تحت الفقرة 2/5 من «النص المتفق عليه حول حق تقرير المصير لشعب السودان» هذا بالإضافة للتصريحات الكثيرة من المسئولين حول خيار الانفصال ومنها تصريح د. غازي صلاح الدين لقناة الجزيرة الذي لم يستبعد فيه إمكانية «انفصال الجنوب إذا ما اختار أهله ذلك» وهكذا فقد تم إقرار انفصال الجنوب عن السودان بشكل لا لبس فيه تحت مضمون عبارة «حق تقرير المصير» والمعني المقصود منها هو الانفصال منذ اليوم الأول الذي وردت في سياق حل ما أصبح يسمى بـ «مشكلة جنوب السودان» والتي افتعلتها وغذَّتها دول الغرب الكافرة من أجل فصل الجنوب عن السودان.
أما بقية النصوص الأخرى فكلها مغالطات وانحيازها واضح لصالح ما أطلق عليه (الطرف الثاني) وقد وردت بعبارات وصيغت بصيغ قانونية لتكريس الانفصال وتمكين المتمردين بمساعدة الدول الكافرة من بناء دولتهم خلال ست السنوات التي وردت في النصوص كفترة انتقالية.
ومن المقرر أن تجري المفاوضات القادمة الأسبوع المقبل وهي في حقيقتها من أجل تكريس الانفصال تحت غطاء (المحافظة على السودان الموحد) للتعمية وإمعاناً في التضليل فهي لبحث توزيع الثروة وتقسيم السلطة ودستور الجنوب ودستور الشمال ودستور الحكومة المركزية والحدود الجغرافية وغيرها من الأمور المعلقة التي لا بد من الاتفاق عليها لتسهيل ولادة الكيان الجديد عندما تحين ساعة الصفر. ويلاحظ أن هناك استعجالاً مقصوداً في سرعة إنجاز المهمة، وذلك قبل أن يستفيق الناس على عظم الكارثة التي أطلت برأسها عليهم بعد التحرك الأميركي الجديد.
إن أميركا جعلت المتمردين في موقف قوي، جعلتهم طرفاً ثانياً في موقف الند للحكومة يطالبون صراحةً بالانفصال ويطالبون بتوزيع الثروات والسلطات وغيرها، وتبنت أميركا مطالباتهم ومعظمها تحت الشعارات الكاذبة الداعية لنشر السلم وتحقيق السلام الذي يؤمن الأميركيون أنه وهم وسراب، يقول جيرالد نيكسون في كتابه (نصر بلا حرب) (إن الكبرياء الحقيقي لا يأتي من تفادي النـزاع، بل أن نكون في معمعته، نحارب من أجل مبادئنا ومصالحنا وأصدقائنا. ويميل الأميركيون إلى الاعتقاد بأن الصراع شيء غير طبيعي، وأن الشعوب في كل الأمم متماثلة في الأساس، وأن الخلافات ترجع إلى سوء الفهم وأن السلام الدائم والكامل هو هدف يمكن بلوغه لكن التاريخ يدحض هذه المقولة، ذلك أن كل أمة تختلف عن الأخرى في جوانب أساسية: التقاليد السياسية والتجربة التاريخية والأيديولوجية المحركة، وهي الجوانب التي تتولد منها المنازعات عادةً. إن المصالح المتعارضة، وحقيقة أننا نفهم بعضنا البعض تؤدي إلى المنازعات وإلى الحروب في نهاية المطاف، لكن السلام الكامل أي وجود عالم بغير منازعات هو مجرد وهم، مثل هذا السلام لم يوجد ولن يوجد في يوم من الأيام) انتهى كلام نيكسون.
إن ترويج فكرة السلام هي عملية إدخال الشعب في حالة تخدير (بنج) كامل لكي يمزق كيانه وتفتت وحدته وتتمكن أميركا منه بشكل كامل، فالسلام هو المخدر وميشاكوس هي السم الزعاف.
إن أميركا هي التي كانت وراء هدر الدماء التي تسعى زوراً وبهتاناً لحقنها. وهي وبريطانيا هما اللتان تسببتا في الظلم والمآسي التي يزعمون أنهم يريدون رفعها الآن.
إن فصل الجنوب عن السودان سياسة أميركية وبريطانية بعيدة المدى أي استراتيجية ثابتة. ومن ورائهم باقي الدول الأوروبية وكل العالم الغربي بهيئاته ومؤسساته وكل ما يقال عن الوحدة والاتحاد الفيدرالي أو الكونفدرالي لا أساس له من الصحة وهو للتغطية والخداع ولإخفاء النيات الحقيقية وهذا يؤكده سير الأحداث في الواقع. ولا عبرة بتصريحات السياسيين لأنها للاستهلاك المحلي ودفع الشبهة وللتضليل. وإذا ظل السياسيون في السودان وعلى رأسهم الفريق البشير وبطانته يتلاعبون بهذه القضية المصيرية كما هم عليه الآن ولم يهب المخلصون لمنع وقوع هذه الجريمة فإن الكارثة أصبحت وشيكة الوقوع بفصل الجنوب عن السودان. وسوف يقوم البشير بمثل الدور الذي قام به عبد الرحمن واحد، حاكم إندونيسيا السابق عندما وقع كتاب الذل والخزي والهوان والخيانة بالتنازل عن تيمور الشرقية للكفار وأرسله لسكرتير عام الأمم المتحدة في 25/10/1999 قائلاً: (لي الشرف أن أخبرك أن القرار رقم 1978/ MPR/ 71 حول تأكيد اعتبار إقليم تيمور الشرقية من ضمن أراضي الجمهورية الإندونيسية الموحدة يعتبر ملغياً) ليركله اليانكي الأميركي بعد ذلك بالبوت خارج السلطة ليلقى جزاء ستمار .
علي سعيد أبو الحسن
الناطق الرسمي لحـزب التحـرير –
في السودان
2002-08-19