منظمة (جي كول) على مسار (جي ستريت) لمواجهة (أيباك): تغيّر في الاستراتيجية الغربية سببه الصحوة الإسلامية
2010/06/18م
المقالات, كلمات الأعداد
1,751 زيارة
منظمة (جي كول) على مسار (جي ستريت) لمواجهة (أيباك):
تغيّر في الاستراتيجية الغربية سببه الصحوة الإسلامية
أعلن في 3/5/ 2010م عن ولادة تجمع يهودي جديد يضم 3000 مفكر وعالم يهودي أوروبي يدعى «جي كول» وقد تم الإعلان عنه في مؤتمر عقد في مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل، وهذا يكشف عن تأييد رسمي أوروبي لهذه الخطوة. وهو لوبي أوروبي يعزز الاتجاه الذي بدأه لوبي «جي ستريت» الأميركي (الذي ذكرنا عنه في العدد السابق من المجلة (280)).
وقد أنشئت هذه المنظمة لمواجهة تنظيمات اليمين اليهودية الموالية للحكومات (الإسرائيلية)، اليمينية مثل اللجنة الأميركية (الإسرائيلية) للشؤون العامة (أيباك) في الولايات المتحدة و”كريف” المجلس الذي يمثل المؤسسات اليهودية في فرنسا. هذا وقد تم التوقيع في هذا المؤتمر على وثيقة أسموها “نداء العقل” لمخاطبة العقل الصهيوني المتزمت كما يقولون.
وقد أعلن في الوثيقة أن «إسرائيل تتعرض لتهديدات وجودية» وأن «مستقبل إسرائيل منوط بتحقيق سلام مع الفلسطينيين على أساس دولتين لشعبين» وعن خطر سياسة حكومة نتنياهو على دولة (إسرائيل) أعلنوا «أن الدعم التلقائي لسياسة حكومة إسرائيل خطير ولا يخدم المصالح الحقيقية لإسرائيل» وعن هدفها أعلنوا: «هدفنا هو خلق حركة أوروبية تنقل صوت المنطق إلى قلوب الجميع، والحركة غير حزبية، وهدفها ضمان وجود إسرائيل. وهذا لن يحصل إلا بإقامة دولة فلسطينية سيادية وقابلة للحياة».
وتضم هذه المنظمة مفكرين وسياسيين أوروبيين من أصل يهودي هم من أبرز المدافعين عن دولة (إسرائيل) ويفتخرون بصهيونيتهم. ومنهم ألان فينكلكرت أوت وهنري ليفي الفيلسوفان الفرنسيان، ودانيال كوهين بنديت أو (داني الأحمر) زعيم ثورة الطلاب في فرنسا عام 1968م وعضو البرلمان الأوروبي فنسنت بيلون، ورجال قانون وصحافيون وأكاديميون.
وقد أعلن المؤتمرون أنهم «يتحركون من دافع قلق عميق على سلامة دولة إسرائيل» ويعتقدون أن الطريق الوحيد لضمان وجودها كدولة يهودية – ديمقراطية هو العمل الفوري على إرساء دولتين لشعبين. ويقول رئيس حركة السلام الآن في فرنسا دافيد شلومو : «مطالبنا تأتي فقط للإسرائيليين، والذين نتوجه إليهم من دافع قلقنا الشديد» وأضاف: «حين يضع زميلك نفسه في خطر، عليك أن تحذره، وهذا ما نفعله نحن» ويقول البروفسور شترينل، الذي نجا من محاولة اغتيال السنة الماضية نفذها ضده يهودي يميني في (إسرائيل)،: «إن البشرى التي جاءت بها (جي ستريت) ليهود أميركا هي أن تأييد إسرائيل ليس شرطاً أن يكون تأييداً لسياسات جميع الحكومات الإسرائيلية» وقال: «ينبغي ممارسة ضغوط على حكومة إسرائيل من ثلاثة اتجاهات: الإدارة الأميركية، الحكومات الأوروبية، والجاليات اليهودية» وقال النائب كوهين برنديت «إن ما يجمع هذه الشخصيات في الأساس هو القلق على سلامة إسرائيل وحمايتها من نفسها» وأضاف: «إن السياسة الإسرائيلية تثير موجة عداء لإسرائيل ولليهود في أوروبا والعالم، بشكل يذكر بحقب سوداء في التاريخ اليهودي».
وقد أثار هذا المؤتمر رد فعل عنيفاً من اليمين (الإسرائيلي) في الداخل وفي الخارج. ففي أوروبا خرج مئات الشخصيات اليمينية اليهودية ببيان هاجموا فيه “جي كول” وقالوا إنها خطيرة على (إسرائيل) وتضع نفسها «سلاحاً يهودياً في أيدي أعداء إسرائيل» ويذكر أن منظمة “جي ستريت” حضرت المؤتمر ووزعت على الحاضرين نتائج استطلاع رأي كانت قد أجرته قبل شهرين يشير إلى أن الغالبية الساحقة من اليهود في العالم يؤيدون النشاط الضاغط لليهود على (إسرائيل) حتى تجنح إلى السلام. وبيّن الاستطلاع أن شعبية أوباما بين يهود أميركا تزيد 15% عن شعبية نتنياهو (59% مقابل 44%) وأن 55% يؤيدون الانتقادات التي تصرح بها الإدارة الأميركية ضد حكومة (إسرائيل). و79% يؤيدون ممارسة ضغط على الحكومة (الإسرائيلية) و83% يؤيدون دوراً فاعلاً للولايات المتحدة في عملية السلام في الشرق الأوسط.
قبل كل شيء إن المؤتمرين في (جي كول) إن هم إلا يهود خلّص لدولة (إسرائيل) الغاصبة، وإن تحركهم كما أعلنوا، هو للحفاظ عليها، ومخطئ من يظن أن هؤلاء هم أقل سوءاً من اليمين (الإسرائيلي) المتطرف، بل هم أكثر سوءاً إذ لو وجد هؤلاء أن دولة (إسرائيل) استطاعت أن تحقق أهدافها من غير ضجة عالمية ويمكنها الاستمرار الوجودي بعد وجود الصحوة الإسلامية لما ائتمروا وتشاوروا وخرجوا بهذه النتائج، بل الجميع من نفس فصيلة آكلي لحوم المسلمين، وإن ما يدفعهم إلى موقفهم هذا هو إدراكهم أن وجود (إسرائيل) لا ينفصل أبداً عن الأهداف الاستعمارية الغربية، وأنه عندما بدأت هذه الأهداف أو السياسة الاستراتيجية بالتغير فعلى (إسرائيل) أن تتغير بحسبها لأنه بنظرهم لا يمكن لـ(إسرائيل) أن تعيش خارج هذه السياسة.
يأتي هذه الإعلان لهذه المنظمة لتكون رديفاً يهودياً أوروبياً لمنظمة “جي ستريت” الأميركية، ولتكشف بالعنوان العريض أن (إسرائيل) دولة صنعتها الدول الغربية لخدمة مصالحها حصراً، ولتكشف أن النظرة إلى المصالح لدى الأميركيين والأوروبيين تجاه (إسرائيل) طرأ عليها بعض التغيير، وبالتالي فإن على (إسرائيل) أن تتغير بحسب هذه النظرة وليس العكس. وهذا لا يعني بحال من الأحوال تخلٍّ عن (إسرائيل) بل يعني أن هناك تغيراً اقتضاه وجود الصحوة الإسلامية في المنطقة، ويعني أن الخطة الاستراتيجية الغربية يجب أن تعدل بحيث تستوعب هذه الظاهرة وتقضي عليها، ويعني أن (إسرائيل) أصبح وجودها مغذياً لهذه الصحوة لأنها تجمع المسلمين على عدائها. ويعني أن لا مجال للتأخير والمماطلة من قبل (إسرائيل) وأنه لا مجال أمام (إسرائيل) لمعارضة هذا التوجه الأميركي والأوروبي المشترك نحو المنطقة، هو القضاء على الصحوة الإسلامية، (بالرغم من استمرار الصراع الدولي بين أوروبا وأميركا).
لقد أصبح وجود «الصحوة الإسلامية» التي تجتاح بلاد المسلمين يلقي بثقله على سياسات الدول الغربية، وإن القلق العميق من عودة الإسلام السياسي المتمثل بدولة الخلافة التي يسميها الغرب إمبراطورية تجمع كل المسلمين تحت راية خليفة واحد هو الذي دفعها لتغيير استراتجيتها، وعلى (إسرائيل) من وجهة نظر الغرب بجميع دوله أن تسير معهم بحسب الإيقاع الجديد، وأن تكون إحدى حلقات محاصرته وضربه والقضاء عليه، وأن شكل الصراع القديم أصبح يضر أكثر مما ينفع؛ لذلك يجب تغييره. بل يجب أن تنتقل المعركة بنظرهم لتكون بين دول المنطقة التي تحكم المسلمين ليمعنوا في شرذمة الأمة والحيلولة دون تجمعها، وليجعلوا بأس المسلمين فيما بينهم تحت عناوين طائفية ومذهبية بغيضة…
وكعادة الحكام الذين يحكمون المسلمين فإنهم ينتظرون دورهم المرسوم لهم، وبعضهم ينتظر على أحر من الجمر أن يتحقق ما يقال عنه السلام بين اليهود والفلسطينيين لتكون (إسرائيل) بعد السلام دولة طبيعية في المنطقة يمكن التطبيع معها وإقامة أحسن العلاقات معها، وليستقووا بها على دول أخرى من دول المنطقة…
ومن هنا يتوقع أن يعلن حاكم السلطة الفلسطينية عن مواقف لا ترضي الله ولا دينه، وسيحاول حكام العرب أن يعيدوا الكلام المبتذل السابق وهو أن اليهودي غير الصهيوني، وسيعملون على الضغط على كل من يحمل السلاح لتحويلهم إلى العمل السياسي والانخراط في عملية السلام الأميركية هذه، وسيقولون، وكأنهم أصحاب إرادة حرة، سنعطي أميركا فرصة السلام الأخيرة…
إن السلام الذي تسعى إليه أميركا هو سلام يؤمن مصالحها. وكل من يسير معها إنما يسير ضد أمته وضد دينه، وهناك محاولات مستمرة من الغرب ضد المسلمين، وهو أنه يضعهم دائماً بين خيارين سيئين: خيار السياسة القديمة التي كانت تؤمن مصالحه، وخيار السياسة الجديدة التي عدلت لتأمين مصالحه. ويزين الخيار الجديد بأنه يخرج المنطقة من أزمتها. وإنه من الوهم الكبير أن يظن أحد أن الحل لقضية فلسطين سيكون حلاً أميركياً أو (إسرائيلياً) أو حتى عربياً. إنه حل إسلامي وليس غير.
أيـّها المسلمون
هل ترجون من أميركا سلاماً؟! انظروا إليها كيف تقتّل المسلمين في العراق وأفغانستان وفي كل مكان أبشع تقتيل… وهل ترجون من دول أوروبا خيراً؟! إنهم أساس البلايا التي أصابتكم، فهي التي هدمت الخلافة الإسلامية وقسمت بلاد المسلمين ونهبت خيراتهم وزرعت (إسرائيل) في فلسطين وشردت أهلها… وهل ترجون من حكام الأمر الواقع دفاعاً عنكم وحرصاً على مصالحكم؟! أليسوا هم من سلموكم لأعدائكم ومازالوا، ويسومونكم سوء الذل والفقر والإرهاب والاعتقال… أيـّها المسلمون، لا ترجوا الخير إلا من الله العلي الأعلى، إلا من دينه الحنيف، إلا من العاملين لهذا الدين المخلصين الواعين الذين يسعون لإقامتها خلافةً راشدةً على منهاج النبوة، الذين يسعون لأن يحكمكم أمثال عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز… أيـّها المسلمون، وفروا على أنفسكم الوقت، واجتازوا كل هذه الأحابيل والألاعيب بإعلانكم أن الحل لقضية فلسطين، ولكل قضايا المسلمين، هو حل إسلامي، وليس من حل غيره، وعلى الله قصد السبيل.
2010-06-18