إقبال الغرب على اعتناق الإسلام.. دلالات ومعانٍ!!..
2010/07/17م
المقالات
3,314 زيارة
إقبال الغرب على اعتناق الإسلام.. دلالات ومعانٍ!!..
حمد طبيب
يتزايد الذهول والاستغراب من الإحصائيات التي تبين تزايد أعداد من يعلنون إسلامهم في المجتمعات الغربية؛ في أوروبا وأميركا وفي مناطق الاتحاد السوفياتي السابق وغيرها.. وفي السياق ذاته؛ فقد أعلن الفاتيكان في 31 مارس/ آذار، وبعد أربعة أيام فقط من عرض الفيلم المسيء للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن عدد المسلمين فاق الكاثوليك ليصير أتباع الإسلام الأكثر في العالم، ووفقاً للمونسنيور(فيتوريو فورمينتي) الذي أعد كتاب الإحصائيات السنوي لعام 2008م فإن المسلمين يشكلون حاليا 19.2% من سكان العالم، مقابل 17.4% للكاثوليك، قائلاً لصحيفة الفاتيكان “لوزرفاتوري رومان”: «للمرة الأولى في التاريخ لم نعد في القمة، المسلمون تجاوزونا، بينما يبدو عدد الكاثوليك بالنسبة لسكان العالم ثابتاً تقريباً فإن عدد المسلمين يزداد يوماً بعد يوم».
فهل لهذا الأمر من دلالات ومعانٍ يمكن تفسيرها والاستفادة منها في خدمة هذا الدين العظيم؟! وللإجابة عن هذا السؤال المهم نريد أن نقف على هذا الموضوع من عدة زوايا:
1- نظرة في بعض الإحصائيات لمن يعلنون إسلامهم في مجتمعات الغرب.
2- تحليل بعض المعاني من أقوال من يقبلون على الإسلام.
3- النظر في أقوال بعض الخبراء من مفكرين وسياسيين حول هذا الأمر العظيم.
4- تحليل الأسباب الحقيقية الدافعة لترك الدين الغربي واعتناق دين الإسلام.
5- الوصول إلى الحقيقة الكبيرة وهي: أثر الدولة الإسلامية في هذا الأمر العظيم عند قيامها وتطبيقها للإسلام بشكل كامل وصحيح!!
وقبل البداية في عرض هذه الأمور من خلال هذه الزوايا الخمس نقول:
إن الله تعالى قد خلق الإنسان من أجل غاية عظيمة جليلة هي تحقيق معنى العبوديّة والاستخلاف في الأرض، وفي هذه الغاية رفعةٌ عظيمة وكرامة كبيرة لبني الإنسان، قال تعالى: ) وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء 70] وقال: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة 30].
وقد ربط الحق تعالى بين هذا الأمر وبين مصير الإنسان؛ حيث جعل مصير الإنسان بعد الحياة الدنيا مرتبطاً بهذه الحياة؛ إن أحسن الإنسان علاقته مع خالقه تعالى وأحسن العبادة والاستخلاف كان جزاؤه حسناً وعاقبة أمره ومصيره بالحسنى، وإن أساء هذه العلاقة فأساء العبادة والاستخلاف كان جزاؤه سيئاً وعاقبة أمره خسراناً مبيناً!
فحياة الإنسان ليست عبثاً ولا لهواً، ولا هي أمر محصور بهذه الدنيا في حياة بهيميّة تتعلق بالطعام والشراب والشهوات ثم تنتهي وتزول وكأن شيئاً لم يكن، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ(16)لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ(17)بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) [الأنبياء 16-18].
ومن أجل ذلك؛ أي من أجل ربط الإنسان بخالقه جلّ جلاله وبمصيره الأخروي جعل الحقّ تعالى امتحاناً واختباراً لهذا الإنسان قال تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(1)الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك 1-2].
وأنزل الرسالات المتتالية عن طريق الأنبياء والرسل قال تعالى: (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ) [فاطر 24] وكان آخر هذه الرسالات العظيمة رسالة الإسلام التي أنزلها الله تعالى على الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لتكون خاتمة وناسخة الرسالات جميعاً، ولتكون للناس جميعاً على وجه الأرض قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) [سبأ 28].
فالناس جميعاً على وجه الأرض مطالبون باتباع هذا الدين العظيم دين الإسلام؛ سواء أكانوا يهوداً أم نصارى أم بوذيين أم هندوساً أم عبدة النار، أم غير ذلك من أتباع أديان ومبادئ أخرى على وجه الأرض…
هذه ناحية؛ أما الناحية الثانية التي نذكرها كمقدمة لهذا الأمر فهي: إنه لا يوجد مبدأ يتصل بالخالق عز وجل بصورة قطعية يقينية إلا دين الإسلام… وغير الإسلام من أديان ومبادئ على وجه الأرض هي إما كلامٌ بشريٌّ صرف ليس له أيّ ارتباط بدين، ولا صلةٌ بالخالق كالرأسمالية والاشتراكية، وإما هي عبارة عن تحريفات لا تستند إلى رأيٍ صحيح أو دليلٍ قاطع أنها من عند الله عز وجل وذلك كالدين اليهوديّ والنصراني الموجود حالياً في الأناجيل والتوراة المحرفة!
فالدين اليهودي والنصراني ليس هناك أي دليل عقلي أنه هو الذي نزل من عند الله عز وجلّ، إضافة أنه دين متناقض في كل أموره العقائدية والتعبدية سواء أكان ذلك في الإنجيل الواحد والتوراة أو كان في الأناجيل المختلفة!!
وقد قام الدليل العقلي القاطع في القرآن الكريم أنهما دينان محرفان، وقام الدليل القاطع كذلك أن أتباعهما مطالبون باتباع الإسلام لأنه ناسخ لهما ومهيمن عليهما كليهما… قال تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران 105] وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) [الأنعام 159] وقال بشأن اتباع الإسلام وعدم قبول غيره: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران 85].
ولا أريد أن أفصل في هذا الأمر كثيراً فهناك كتب تخصّصت في إفراد هذا الموضوع ويمكن الرجوع إليها…
فدين الإسلام هو الوحيد على وجه الأرض المتصل بالله عز وجل وقام الدليل العقلي القاطع على هذه الصلة السامية، وغيره -كما ذكرنا- إما تحريفات ليس لها أصل ولا قرار، وإما كلام وأفكار بشرية صاغتها عقول البشر!!
ونريد أن نقف على الزاوية الأولى في هذا الموضوع؛ وهي: بعض الإحصاءات لمن يعلنون إسلامهم في بلاد الغرب على وجه الخصوص: فالحقيقة أن الإحصاءات التي تنشرها الجرائد والمجلات والمواقع الإلكترونية على شبكة المعلومات العالمية وغير ذلك من وسائل النشر العالمية، تشير بشكلٍ واضح إلى تزايد مضطرد في أعداد من يعلنون إسلامهم في كلّ يوم؛ فقد ذكرت صحيفة الرياض نقلاً عن مجلة (جون أفريك) الفرنسية أن مسؤول مكتب الأديان في وزارة الداخلية الفرنسية (ديدييي ليشي) ذكر في تقرير رفعه لساركوزي في العام 2009م أن حوالى 5 آلاف فرنسي يعلنون إسلامهم في كل عام، وأن هذا العدد في ازدياد؛ حيث بلغ عدد من أعلن إسلامه في العشر سنوات الأخيرة حوالى 60 ألف فرنسي من الفرنسيين الأصليين!!
أما في أميركا فقد ذكرت شبكة NBC NEWS في 31/3/2009م أن حوالى 20 ألف أميركي يعلنون إسلامهم سنوياً.
وذكرت صحيفة الشرق الأوسط في عددها 10276 بتاريخ 16/1/2007م قالت: إنه قد تحول أكثر من ألف ألماني من المسيحية إلى الإسلام خلال سنة واحدة حسب دراسة جديدة أعدتها مؤسسة الأرشيف الإسلامي في سويست (غرب). وتشير الإحصائية إلى نحو 4 آلاف ألماني من مختلف الديانات والطوائف تحولوا إلى الإسلام بين يوليو/ تموز 2004م ويونيو/ حزيران 2005م. وبهذا بلغ عدد معتنقي الدين الإسلامي في ألمانيا عام 2005م أربعة أضعاف عدد المعتنقين منهم عام 2003م… وقدرت الدراسة التي أعدتها مؤسسة الأرشيف الإسلامي، وبدعم من وزارة الداخلية، تحول 5 آلاف ألماني إلى الإسلام عام 2006م؛ وارتفع عدد معتنقي الدين الإسلامي من المسيحيين عام 2005م ليبلغ 1152 من الجنسين. ومعروف أن النساء الألمانيات شكلن غالبية المتحولين للإسلام في السنوات السابقة… وذكرت العالمة الاجتماعية مونيكا فولراب زار لمجلة «دير شبيغل» أن معظم المتحولين للإسلام يبحثون عن الطمأنينة، وأن دين أجدادهم ما عاد يلبي طموحاتهم الحياتية!!
أما في إسبانيا فقد نقلت وكالة أنباء رويتر في شهر 6/2009م عن الداعية عبد الحسيب كاستينيرا، مدير مسجد غرناطة، والمركز الإسلامي التابع له: «عدد الإسبان الذين يدخلون في الإسلام أكثر من دول أوروبية أخرى بسبب التاريخ، وبسبب الأصول العميقة والراسخة الموجودة في الهوية الإسبانية والمتعلقة بالإسلام لمدة 1000 سنة».
ويؤكد كاستينيرا أن اعتناق الإسلام أصبح متزايداً في إسبانيا، ويضيف: «عدد الإسبان الذين اعتنقوا الإسلام حسب تقديري الشخصي يبلغ حوالى 50 ألف مسلم، وبدأ ذلك منذ 30 سنة عندما اكتشف الأولون من الإسبان الإسلام من جديد في سبعينات القرن الماضي بعد سقوط نظام الجنرال فرانكو». وتابع: «في مسجدنا هذا -مسجد غرناطة الجامع- لا يمر أسبوع إلا ويدخل في الإسلام فيه واحد أو اثنان أو ثلاثة؛ يعني أصبحت عادة عندنا إعلان الشهادتين بعد صلاة الجمعة من قبل إسبان، وفي بعض الأحيان من دول أخرى أوروبية، أو من أميركا اللاتينية».
وقد وصل أمر تزايد أعداد من يعلنون إسلامهم إلى أشد الناس عداوة للإسلام والمسلمين (اليهود) حيث قالت صحيفة معاريف (الإسرائيلية) بتاريخ 21/7/2009م نقلاً عن سجل السكان التابع لوزارة الداخلية: «إن 249 يهودياً في إسرائيل أعلنوا إسلامهم خلال العامين 2008م-2009م» وتابعت: «مئات اليهود يتوجهون سنوياً بطلبات لمكتب العدل لترك ديانتهم واتباع الإسلام…!!».
والحقيقة أن هذا الموضوع لا يتسع لعرض الدول والإحصاءات في العالم، ولا عرض القصص والأقوال لمن أعلنوا إسلامهم؛ وهناك الكثير من الكتب والمقالات على صفحات المجلات والجرائد تحدثت عن هذه القصص والإحصاءات…
ونصل إلى الزاوية الثانية وهي أقوال وتصريحات لبعض من أعلنوا إسلامهم في بلاد الغرب لنرى الحقائق العظيمة التي يقرّ ويعترف بها هؤلاء الناس في مدحهم لعقيدة وأحكام الدين الإسلامي مقارنة مع ما كانوا فيه من ضلال وتيه وضياع:
فقد جاء في جريدة (Christian Science Monitor) أن الآنسة الفرنسية (ماري فالوت) التي اعتنقت دين الإسلام سنة 2005م تقول عن نفسها: «لقد حِرتُ في الإجابة عن أسئلة روحية معينة منذ طفولتي ولم أجد لها أي جواب شافٍ في المعتقد الكاثوليكي، وقد كان الشك يحدوني باستمرار، وبعد أن اعتنقت الإسلام اختفت كل هذه الأسئلة»، ثم تقول: «الإسلام هو رسالة الحب والتضحية والسلام»!! وتقول أيضاً: «لقد أحببت الطريق الذي يرسمه دين الإسلام للتقرب إلى الله، لأن الإسلام يقدم الطريق الأكثر انضباطاً وسهولة في الوقت نفسه، وهذه السهولة تنبع من كونه طريقاً واضح المعالم، وأنا كنت أبحث عن القواعد التي تنظم السلوك ومن مبدأ الاتباع.. والمسيحية لم تنجح ولم تعطِني ما كنت أبحث عنه…».
وتقول الأميركية جيني يانيز بعد أن اعتنقت الإسلام: إن الناس من حولي وأنا أسير في الشارع بحجابي أصبح لديهم رد فعل فطري بأنني إنسانة متدينة، وبالتالي فهم يحترمونني بشكل أكبر، ويكفي أنني بحجابي لا يكون هناك حكم علي من الآخرين بشأن ما إذا كنت أتبع الموضة أم لا، وتقول: إن أكثر ما جذبني في دين الإسلام هو الطريقة التي يفرضها الإسلام للتعامل مع الزوجة والأسرة والعائلة، وكيف أن هذه الطريقة تقوم على الاحترام المتبادل والوفاء!!
وذكرت صحيفة الرياض السعودية في 4/12/ 2007م أن فالتتين بروساكوف، وهو أستاذ جامعي روسي المولد من أصل يهودي وسبق له أن كان أستاذ وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، اعتنق الإسلام الذي قال إنه وجد فيه السعادة. وقالت صحيفة الرياض السعودية إن بروساكوف لم تكن تعجبه الشيوعية فهاجر إلى الولايات المتحدة هارباً من جحيم الشيوعية وراغباً بنعيم الديمقراطية الغربية حيث عاش هناك 20عاماً، وأثناء إقامته هناك صدم بالديمقراطية الغربية وظهر له زيفها فعاد إلى موطنه، وأضافت بعد تمعن وتفكير قرر أن يعتنق الإسلام، فقد وجد فيه السعادة والحلول لكل مشكلات البشرية، وألف بعد ذلك كتاب رحلتي إلى الإيمان باللغة الروسية، يشرح فيه تجربته مع الشيوعية ورؤيته للديمقراطية الغربية، ولماذا اختار الإسلام في النهاية، وهو الكتاب الذي أصدره المجلس الإسلامي الروسي!!..
أما الأميركية (مارغريت ماركوس)، وهي أميركية من أصل يهودي، فقد أسلمت ووضعت كتباً منها: «الإسلام في مواجهة الغرب»، و«رحلتي من الكفر إلى الإيمان» و«الإسلام والتجدد» و«الإسلام في النظرية والتطبيق»، تقول: «لقد وضع الإسلام حلولاً لكل مشاكلي وتساؤلاتي الحائرة حول الموت والحياة، وأعتقد أن الإسلام هو السبيل الوحيد للصدق، وهو أنجع علاج للنفس الإنسانية… منذ بدأت أقرأ القرآن عرفت أن الدين ليس ضرورياً للحياة فحسب، بل هو الحياة بعينها، وكنت كلما تعمقت في دراسته ازددت يقيناً أن الإسلام وحده هو الذي جعل من العرب أمةً عظيمةً متحضرةً قد سادت العالم… على النساء المسلمات أن يعرفن نعمة الله عليهن بهذا الدين الذي جاءت أحكامه صائنةً لحرماتهن، راعيةً لكرامتهن، محافظةً على عفافهن وحياتهن من الانتهاك ومن ضياع الأسرة».
والحقيقة أن هذه الأقوال والاعترافات ممن أعلنوا إسلامهم في بلاد الغرب لَتَقودنا إلى الأمر الثالث وهو: أقوال وتصريحات لبعض الباحثين من سياسيين ومفكرين، حيث تقول الدكتورة هيفاء جواد الأستاذة بجامعة برمنجهام في بريطانيا: «لقد أصبح هناك نسب متزايدة ممن يعتنقون الإسلام في أوروبا عن قناعة كاملة وإيمان، لأن الكثير من النساء الأوروبيات يعانين من التفسخ الأخلاقي في المجتمعات الغربية، وهن يشعرن بالحنين إلى الإحساس بالانتماء والرعاية والمشاركة، والإسلام يقدم كل هذه المعاني المفتقدة في الغرب…».
وتقول الباحثة الهولندية (كارين فان نيوكيرك) والتي أعدت بحثاً عن النساء الهولنديات اللاتي اعتنقن الإسلام: «هناك أخريات في أوروبا اعتنقن الإسلام بعد أن جذبتهن نظرة هذا الدين للأنوثة والرجولة، وكيف أن الإسلام يفرد مساحة واسعة لمعاني الأمومة ومعاني الأسرة وأهميتها، وأنه لا يتعامل مع المرأة باعتبارها أداة للجنس وإشباع الشهوة الغريزية». أما (بتول التوما)، مديرة برنامج “مسلمون جدد” في المؤسسة الإسلامية في ليستر، في إنجلترا فتقول: «يمكن أن تكون المراحل المبكرة لاكتشاف الإسلام لدى المعتنق الجديد أكثر المراحل حساسية… إن أسباب إسلام الأوروبيات تعود إلى اهتمام الإسلام بالمرأة ورفع شأنها واحترامها، وابتعاداً عن المهانة التي يشعرن بها في الفكر الغربي، بالإضافة إلى السكينة والاستقرار الذي يوفرها لهن الإسلام».
ونصل إلى الزاوية الرابعة، وهي تحليل الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا الإقبال الكبير على دين الإسلام وترك الدين الغربي:
وقد رأينا عندما تحدثنا عن الزاوية السابقة أقوال وتصريحات البعض ممن أعلن إسلامه في بلاد الغرب، والبعض من الباحثين والخبراء والمفكرين في وصف هذه الظاهرة، ويمكن تحليل هذا الأمر من زاوية العقيدة الإسلامية ضمن النقاط التالية:
– مسألة حل العقدة الكبرى عند الإنسان: فأي إنسان على وجه الأرض بغض النظر عن لونه وجنسه ودينه تراوده الأسئلة التالية: من أين جاء؟ ولماذا جاء إلى هذه الحياة؟ ومن الذي أوجده؟ ولماذا أوجده؟ وما هو مصيره بعد الموت؟ وما هي حقيقة الموجد الذي أوجده في هذه الحياة؟ وما هي علاقته به؟ وما هي طبيعة هذه العلاقة؟!… فهذه الأسئلة وأمثالها الكثير تتكرر في ذهن الإنسان ثم تتكرر وتتكرر حتى يجد جواباً عنها، ولا يطمئن إلا إذا كان هذا الجواب الذي وجده شافياً مقنعاً، وإلا ظلت هذه الأسئلة تشكل عقدة عند هذا الإنسان!!
والحقيقة أن الديانة في بلاد الغرب عبارة عن مزيج من أفكار خاطئة مغلوطة تتعلق بالخالق واليوم الآخر، وبين أفكار ماديّة تستحوذ على عقول الغربيّين وتجعل كلّ أمر ديني يفسر ضمن هذه النظرة الماديّة السقيمة!!
فلا توجد أجوبة شافية عند أتباع الديانة النصرانية ولا اليهودية؛ لأن تصوّرهم العقائدي لطبيعة الحياة والموت وطبيعة الخلق مرتبطة بتصوّرات مغلوطة -كما ذكرنا- من عقيدة محرفة لم تثبت نسبتها أصلاً للخالق جل جلاله، ومن ذلك على سبيل المثال: مسألة الخطيئة والتكفير عنها بقصة الصلب، وهي من أسس العقيدة عند النصارى ..!!
وكذلك تصور الغرب لمسألة الخالق جل جلاله هو تصور قاصر ومغلوط لا يفي بالقناعة الفكرية عند الإنسان؛ حيث جعلوا الخالق كالمخلوق في مسالة الحلول والتثليث؛ وجعلوا الخالق جل جلاله يتجسم ويتحول من شكل إلى آخر.. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً!!.. فهذه الأمور مع أنها لم تثبت بنصوص قطعية؛ فإنها فوق ذلك تتنافى مع ما يثبته العقل للخالق من كونه قادراً مقتدراً مسيطراً على كل شيء؛ وأنه فوق حس الإنسان وفوق عقله، وأنه خارج عن نطاق الزمان والمكان وكل صفات المخلوق!!
– أما قضية العلاقة بين الخالق والمخلوق في العبادة وتسيير الأعمال الدنيويّة فهي قضيّةٌ قاصرة ناقصة لأنها تفصل الإنسان عن خالقه تماماً في كل الأمور الحياتية؛ أي أن العلاقة والصلة ما بين الإنسان وخالقه مقتصرة على جانب كهنوتي ينحصر في جانب الكنيسة فقط ولا يخرج عنها إلى أمور الحياة الدنيوية الأخرى في السياسة والاجتماع والاقتصاد وغير ذلك…
فالصلة الصحيحة يشترط لها أن تكون شاملة في كل شيء، لأنّ غريزة التدين تشعر الإنسان بالحاجة إلى قوة أعظم منه، وهذه الحاجة لا تكون في جانب واحد فقط هو جانب العبادة البدنية في الكنائس؛ بل تكون الحاجة في كل أمر من أمور التشريع والحياة…
فالتشريع الغربي ليس له صلة بالدين، وهذا بحدّ ذاته مغالطة كبيرة وقع فيها الغرب بالإضافة إلى المغالطات في أصل الدين والاعتقاد، وهذا يجعل الإنسان الغربي ليس عنده ثقة أولاً بدينه لأنه لا يشبعُ غريزة التديّن إشباعاً صحيحاً شاملاً وكاملاً، ويجعل المجال الوحيد في التشريع هو للعقل فقط، وهذا يوجد عدم الثقة بكافة التشريعات الموجودة إضافة إلى نزع الثقة من الدين!!
– طبيعة التشريع الغربي: وعندما نتحدث عن التشريع الغربي فإننا نتذكر الأساس الذي انطلق منه هذا التشريع، والقواعد السقيمة التي وضعت على هذا الأساس!!
فالأساس الذي انطلق وانبثق منه كافة التشريعات الغربية هو فصل الدين عن باقي شؤون الحياة فصلاً تاماً وشاملاً، بحيث توضع التشريعات بصورة منفصلة تماماً عن الدين، وقد وضعت قواعد الحريات الثلاث كركائز أساسية في أي تشريع كان؛ وهي حرية الاعتقاد والحرية الشخصية وحرية الملك، وهذه الحريّات قد وضعت من أجل غاية في نفوس الغربيين وهي المحافظة على الحقوق الفرديّة في المجتمع الغربي وذلك كردّة فعل حصلت عندهم من ظلم الكنيسة السابق!!
فيمكن القول: إن الحرية بأنواعها الثلاث هي القاعدة التي بنيت عليها كافة التشريعات في بلاد الغرب في النظم الثلاث الاجتماعي والاقتصادي والسياسي… هذا التشريع هو عبارة عن أحكام قاصرة لا تفي بكافة الأمور الحياتية للناس، وفي نفس الوقت تعالج الأمور بشكل ناقص لا يفي بالغرض المطلوب من التشريع في حل مشاكل الإنسان وتحقيق السعادة والطمأنينة في حياته… فعندما وضع التشريع الغربي مسألة الحرية قاعدة انطلاق في التشريع في أمور الإنسان الشخصية، فإن الإنسان الغربي يفعل ما يراه مناسباً في أموره الشخصية من المعاشرة الجنسية أو معاقرة الخمور أو ارتداء ما يشاء من أنواع الألبسة أو غير ذلك…
وعندما وضع التشريع الغربي الحرية قاعدة انطلاق في أمور الملك، فإن الغربيّ يفعل ما يراه مناسباً من أساليب التملك بإنشاء البنوك التي تنهب ثروات الناس والشركات العملاقة التي تحتكر المشاريع والأسواق والسلع وغير ذلك…
والحقيقة أن هذه الطبيعة للتشريع في بلاد الغرب جعلت الإنسان دائماً في أزمة ثقة مع هذا التشريع وفي قلقٍ وخوفٍ دائمين، وجعلته كذلك دائم التفكير في الترقيعات وفي التخلّي عن بعض القوانين واستبدالها بأخرى، وأزمة الثقة هذه جعلته يفكر بعدم صلاحية هذا التشريع لحياة الإنسان، وبالتالي البحث عن تشريع آخر يحقق المعاني السليمة في التشريع من الشمول والدقة والمعالجة الصحيحة المناسبة لمشاكل الإنسان، عدا عن القاعدة السليمة التي ينبثق منها وهي قاعدة العقيدة والركائز التي يقوم عليها في أمور التشريع!!
– النتائج والآثار المدمرة في المجتمعات الغربية والناتجة عن هذه التشريعات السقيمة الواهية:
لقد نتج عن هذه التشريعات الواهية السقيمة آثار مدمرة في حياة الغرب جعلت الغربيين يضيقون ذرعاً بهذه التشريعات ويسعون للخلاص منها واستبدالها بنظام آخر تنتج عنه تشريعات لها نتائج طيبة في حياة الناس.
ومن هذه النتائج المدمرة التي جعلت الناس يضيقون ذرعاً بالتشريع الغربي ويبحثون عن غيره:
أ) النظرة المادية السقيمة في الحياة: حيث أصبحت مفاهيم المنافع المادية والمقاييس المادية هي السائدة في مجتمعات الغرب، وانعدمت القيم الأخلاقية والروحية أثناء التعاملات الماديّة، لدرجة أن تقييم الناس قد أصبح على أساس مادي بحت، وأصبح الغربي لا ينفق شيئاً إلا مقابل منافع أو أمور مادية، فلا توجد علاقات بين الناس على أساس أخلاقي أو روحي، ولا يوجد عطاء ولا إنفاق ..بمعنى آخر أصبح كل شيء يقيّم ويقاس على أساس النظرة المادية، وأهملت كل المعاني السامية الأخرى في الحياة!!
ب) انعدام السعادة والطمأنينة في حياة الغرب: حيث إن النظرة المادية، ومقاييس المنافع والمصالح جعلت الحياة كلها في نظرهم مصالح ومنافع وشهوات، وفي نفس الوقت لم يتحقق أي معنى للسعادة، لأن السعادة شيء روحي وليس أمراً مادياً يمكن بيعه أو شراؤه أو مبادلته مع الآخرين!! وكذلك الطمأنينة تتحقق عن طريق النظام العادل المستقيم الذي يربّي وينمّي القناعات الصحيحة في النفس تجاه الإنسان، فلا يسرق ماله، ولا يعتدي على عرضه، ولا على نفسه!!
وكيف سيكون الإنسان الغربي سعيداً وحياته منفصلة تماماً عن آخرته وعن ربه عز وجل؟! وكيف سيكون مطمئناً وكل الحياة في نظره مادة يجني أكبر قدر مستطاع منها، ويرتفع وينخفض في نظر المجتمع على أساسها؟!
ج) الجرائم والأمراض والآفات الاجتماعية: وهذه القضيّة قد أرّقت الغرب، وجعلته يضيق ذرعاً بالأسس المبدئية في حياته وبالنظم والمعالجات التي بنيت على هذه الأسس، وجعلته أيضاً يتشكك بالدين الذي يسيرُ عليه ويعتنقه…
فالجريمة في الغرب ناتجة عن النظرة الماديّة والقيم والمقاييس الماديّة، وناتجة أيضاً عن التفاوت الطبقي بين الناس في مجتمعات الغرب بسبب النظام الاقتصادي السقيم، وناتجة عن الأمراض الفتاكة كالإيدز والسفلس وإنفلونزا الخنازير كلّها بسبب النظم السقيمة المتعلقة بنظام الاجتماع والعلاقات بين الجنسين، كذلك آفة الفقر ناتجة عن الظلم الاقتصادي في مجتمعات الغرب وعن الاحتكارات والتحكمات المبنيّة على الحريّات الاقتصادية الواسعة في طرق الكسب وطرق إنشاء المشاريع…
فكثير من الغربيين عندما يلمسون هذا الأمر، ويرونه بأم أعينهم يصبح عندهم تفكير في كيفية الخلاص من أسباب هذه الشرور والآفات، ويصبح عندهم جدية في البحث عن المخلص الحقيقي الذي يحقق لهم السعادة والطمأنينة ويصرف عنهم هذه البلايا الكبيرة!!
د) الانحلال المجتمعي والتفكك الأسري الكبير:
وهذا الأمر هو نتيجةٌ حتميةٌ لطبيعة النظام في المجتمع بشكلٍ عام والأسرة بشكلٍ خاصّ، فالروابط الاجتماعية بين الناس واهية لأنها قائمة على أساس مادي بحت؛ على أساس المنفعة والمصلحة، فمن كان بينه وبين إنسان آخر منافع ومصالح تكون معه علاقة وتبادل زيارات وغير ذلك، وغيره من الناس ليس مستعداً لأن يقول له: مرْحبا!!
وإذا نظرت إلى الأسرة تجد أن العلاقات مفككة وواهية لأنها قائمة على أساس واه كذلك، ولا يوجد رابط صحيح مرتبط بوازع روحي ورقابة داخلية من قبل الزوج أو الزوجة… لذلك ترى الزوج دائم التشكك في زوجته، والزوجة كذلك، وتجد أن الأبناء لا تربطهم مع والديهم سوى علاقة الأمومة حتى سن معين، ثم رابطة المصلحة، ولا تربطهم بهم روابط أخرى قائمة على أساس روحي من الاحترام والمحبة والشفقة والعطف والرعاية…
لذلك فإن ظاهرة تخلي الآباء عن أبنائهم منتشرة بشكل كبير في مجتمعات الغرب مما يزيد في أعداد اللقطاء لتصل إلى مئات الآلاف في بعض الدول.
وأيضاً ظاهرة تخلي الأبناء عن آبائهم منتشرة في مجتمعات الغرب بشكل كبير، ولا يجد الأب مكاناً يرعاه في سن العجز والكبر سوى ملاجئ العجزة التي يقيمها بعض الجمعيات الخيرية أو تشرف عليها الدولة في بعض الدول!!
أما إذا نظرت إلى العلاقات المجتمعية بين الناس في المجتمع فإنك ترى أن الروابط والعلاقات بين الناس لا تقوم سوى على المصالح المادية فحسب، لدرجة أن الرجل يسكن في الحي ولا يعرف عن جاره الملاصق له في نفس الطابق في العمارة شيئاً، ولا يكترث له أبداً!!
وبعد هذا الاستعراض الموجز لطبيعة دين الغرب ومن خلال النظر والتدقيق في طبيعة أسسه وأفكاره حول حقيقة الخالق والخلق والحياة والمصير، والارتباط بين الخالق والمخلوق، ومن خلال النظر كذلك في التشريع الغربي والقوانين من حيث الأساس السقيم الذي بنيت عليه، والأحكام الفاسدة التي بنيت وانبثقت من هذا الأساس، من خلال النظر في كلّ ذلك نرى أن حياة الغرب هي عبارة عن جحيم لا يطاق حتى وإن تحقق عند الكثير منهم أسباب العيش والرفاه، ونرى كذلك أن معنى الحياة في نظرهم ينحصر فقط في المتع والشهوات المادية، يزداد الإنسان سعادة في نظرهم كلما ازداد من هذه المتع والشهوات، ثم تراهم لا يجدون أي معنى لذلك؛ فلم تتحقق سعادة ولا ارتياح مهما بلغوا في درجة المتع والشهوات، ونرى كذلك أن المرأة في نظر الغرب عبارة عن محل للمتع والشهوات يريد المجتمع أن يأخذ منها أكبر قدر مستطاع ويستغلها ويستغل أنوثتها في هذا السبيل البهيمي، حتى إذا وصلت إلى سن متقدم أهملها ورماها خلف ظهره، ووجدت نفسها لا قيمة لها لأنها فقدت الخاصيّة التي كانت تحملها من الأنوثة والجمال في فترة الشباب، فيتسبب هذا في بروز الأزمات النفسيّة العميقة عند هؤلاء النساء؛ فلا هي بقيت كما كانت محل تقدير وإعجاب، ولا هي أصبحت محل تقدير من المجتمع ولا حتى من الزوج الذي يبحث عن المفاضلة في سبل الشهوات والمتع ليجد من هي أكثر جمالاً وأصغر سناً منها ويتخلى عنها، ولا هي وجدت أولاداً حولها يرعونها حق الرعاية!!
لذلك تبدأ الأزمات النفسية والاجتماعية، وربما تصاب كثير من النساء في سنّ متقدمة بأزمات وأمراض عقلية!!
فهذا الأمر يقود الناس في بلاد الغرب للتفكير والسؤال: أين طريق الخلاص من هذا الشر الكبير؟! أين أجد السعادة والطمأنينة؟! ألا يوجد مبدأ يعاملني كإنسان ويحفظ عليّ إنسانيتي وكرامتي ويرعاني حقّ الرعاية؟! ألا يوجد مبدأ نتخلص به من كل هذه العقد والآفات التشريعية ونتائجها المدمرة؟
وربما اهتدى البعض من هؤلاء عن طريق المصادفة إلى دين الإسلام ليجدوا فيه ضالتهم، أو ربما وجد أحد المسلمين يشرح له شيئاً عن دين الإسلام، أو ربما رأى بعض العائلات المسلمة ورأى طبيعة حياتها وعلاقاتها فشدّه ذلك وأثار فضوله في السؤال والاستفسار.
وربما رأت امرأة غربية امرأةً مسلمةً تسير في الشارع وهي تلبس الخمار والجلباب فأثار ذلك فيها حب المعرفة والسؤال والمقارنة مع ما هي عليه فوصل بها المطاف لمعرفة الحقيقة والهداية!!
ولكن هذه الحوادث -وللأسف الشديد- قليلةٌ مقارنةً مع أعداد الكفار في الدول الغربية والدول الأخرى… وهذا يقودنا إلى الزاوية الأخيرة في هذا البحث وهي: أثر الدولة الإسلامية في معرفة الإسلام عند الشعوب الأخرى بشكل واضح وواسع…
فالدولة الإسلامية تقوم بتطبيق الإسلام عملياً في الحياة بشكل كامل وشامل وعلى أحسن وجه، بحيث تظهر أحكام هذا الدين في الحياة كلها في السياسة والاجتماع والاقتصاد والحكم…
وفي نفس الوقت تحمل الدولة الإسلامية هذا الدين إلى الأمم والشعوب الأخرى كرسالة هداية وإرشاد عن طريق تحطيم كل الحواجز المادية التي تحول دون ذلك، وعن طريق منع أية دولة من استخدام أساليب الكذب والتضليل والتشويه؛ فتحمل هذا الدين تماماً كما هو لا كما يعرضه بعض المغرضين أو المشوهين، وتقوم الدولة الإسلامية بفتح مراكز الدعوة والبيان لدين الإسلام داخل حدودها في داخل الدولة وخارج حدودها في الدول الكافرة، وتختار لذلك القادرين من الواعين على فكر الغرب أولاً وعلى فكر الإسلام بشكل واضح جليّ…
فإذا كان أعداد من يعلنون إسلامهم في بعض الدول الغربية كأميركا وأوروبا بضع آلاف كل عام؛ فإن هذه الأعداد ستتضاعف لتصل إلى الملايين، بل عشرات الملايين في كل عام إن شاء الله تعالى.
ولنا شاهد في هذا الأمر وهو كيف كانت تُقبل الشعوب في أوروبا الشرقية والغربية على اعتناق الشيوعية في بدايات القرن الماضي وأواسطه وذلك لمجرد مخاطبة الاشتراكية لعقول الناس بالمساواة والاشتراكية وتحقيق العدالة الاقتصادية وغير ذلك من أكاذيب ليس لها أساس!! فكيف يكون الأمر إذا كان هذا الفكر المعروض فكراً صحيحاً وله مصداقية في أرض الواقع؟!
إن الإقبال على دين الإسلام سيكون أكبر بكثير مما حصل في أوروبا الشرقية وغيرها… وقد حصل هذا بالفعل عندما طُبق الإسلام عملياً في حياة المسلمين في ظلّ دولة الخلافة الإسلامية وامتدت على معظم أنحاء المعمورة لسنوات عديدة؛ حيث أقبل الناس على دين الإسلام أفواجاً… لدرجة أن دولاً بأكملها قد اتبعت الإسلام عن طريق بعض التجار من المسلمين الحاملين لهذا الدين.
إن وجود الدولة الإسلامية تطبق الإسلام عملياً في الحياة سيكون الدعوة العظيمة لهذا الدين، والهادي للبشرية من ظلم الرأسمالية وخرافات الأديان وتناقضاتها، وسيصدق بذلك قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة 33]، وقوله عليه الصلاة والسلام: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلامَ، وَذُلاً يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ» (رواه أحمد).
2010-07-17