كلمة استبصار للأنصار: بالنصرة يكتمل مشروع إقامة الخلافة الراشدة الثانية
2010/07/17م
المقالات
1,747 زيارة
كلمة استبصار للأنصار
بالنصرة يكتمل مشروع إقامة الخلافة الراشدة الثانية
لقد اجتازت الدعوة لإقامة الخلافة المفازة، ونجت من المهالك، وتقدمت أشواطاً وأشواطاً حتى أضحت على مشارفها، تنتظر من الله تعالى الذي أعانها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه أن يعينها حتى تبلغ ما وضعه لها من هدف إقامتها، إذ لم يبقَ أمامها إلا أن يمد أهل القوة يد النصرة للإعلان عن اليوم السعيد يوم إقامة الخلافة الراشدة الثانية، ليمحو يوم هدمها، وليطوي فصول المآسي عن هذه الأمة الكريمة…
لقد أصبحت الأمة تتوق إلى إسلامها، وترى فيه خلاصها، وتفتقد إلى العزة المفقودة بفقد خلافته… لقد انكشف ألعبان الغرب وانتهك ستره، وبان حقده وإذلاله وظلمه وإجرامه بحق المسلمين، ولا يمر يوم إلا ويزداد انكشافاً وافتضاحاً، وتزيد الأمة مع هذا إيماناً وثقة بهذا الدين منجياً لها عن طريق إقامة خلافته…
لقد وضح للأمة، وعلى رؤوس الأشهاد، أن حكامها أكابر مجرميها الذين فسقوا فيها، فحق عليهم القول، وتتمنى على الله أن يدمرهم تدميراً، فلا تكاد تسمع الأمة عنهم حتى تشمئز من ذكرهم، ولا تكاد تراهم حتى تنهال عليهم باللعنات، وتتوجه إلى الله بالدعاء عليهم أن يقطع دابرهم، ويريحها من شرهم، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل الخلافة الوارث منهم.
لقد زال تأثير علماء السوء حتى أصبحت ألسنة المسلمين تلوكهم وتتندر عليهم، وتذكر جرأتهم على دين الله بفتاواهم المدفوعة الأجر، وتتمنى على الله أن تهب عليهم ريح صفراء تأخذ صوتهم وتعلن موتهم لكثرة ما يبغونها عوجاً مع هؤلاء الحكام، ويصدون عن سبيل العمل لإقامة الخلافة الراشدة.
لقد سقطت الأفكار الضيقة من وطنية وقومية وإقليمية، وسقط معها أهلها، وانكشف إبليس الغرب كيف أنه أحل محلها النزاعات الطائفية والنعرات العرقية وأخذ ينفث بنار فتنتها إمعاناً في تمزيق الأمة ومنع إقامة خلافتها…
لقد تقدم الإسلام في النفوس وانزاح ما عداه، لقد عادت ثقة الأمة بدينها بعد أن أذاقها الله عذاب الضنك لإعراضها عن التحاكم إليه، لقد آبت الأمة متحسرة على ما فرطت في جنب الله تعالى. لقد أصبح مطلبها أن تقوم وحدتها على أساس الإسلام وعن طريق الخلافة…
لقد تقدم الإسلام على المسرح الدولي حتى بات يحسّ العدو بقوة تقدمه، ويعلن صراحة أنه لن يسمح بعودة الخلافة، ولكن أنّى له أن يقف أمام إرادة الله الغالبة. فالخلافة التي هدمها من قبل، سيتحقق وعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بإذن الله بإقامتها، وستكون خلافة راشدة أي أفضل وأقوى فكرياً ومادياً من تلك التي هدمها الكفار، وستقوم هي بهدم حضارته التي ملأت العالم شراً وفساداً وضلالاً وظلماً واستعماراً… والتي هددت البشرية بالزوال والتي لم ينج منها بشر ولا حجر ولا شجر، ولا أرض ولا سماء، ولا ماء ولا هواء… وسيقرّ العالم لهذه الخلافة فضل القضاء على هذه الحضارة اللعينة…
لقد وصلت الأوضاع المأساوية مع هذه الحضارة الفاسدة إلى نهاياتها، وأصبح العالم كله يتكلم عن تغيير مرتقب، ودخلت “الخلافة الإسلامية” في الدراسات والحسابات، حتى أصبحت لا تكاد تخرج دراسة استراتيجية من مراكز الأبحاث ودوائر الاستخبارات إلا وتنذر من عملاق الخلافة القادم، ثم تتلوها دراسات وأبحاث وتوصيات لمعرفة كيفية التعامل مع هذا القادم المرتقب…
لقد وصلت الأمة إلى أن تتحسس وتتألم لجراحاتها الكثيرة بعد أن كانت لا تحس ولا تتألم، وهذا أكبر مؤشر على عودة الحياة إليها من جديد… ووصلت إلى معرفة من الذي ينكأ جراحها حتى لا تشفى، إنهم الغرب وعملاؤه من الحكام وأذنابهم… ووصلت إلى معرفة العلاج الذي يشفيها وهو «إقامة الخلافة» ووصلت إلى معرفة أن الطبيب الوحيد الذي يجمل الترياق هو الذي يحمل مشروع “إقامة الخلافة”… وها هو حزب التحرير يتقدم في ميدان الدعوة حاملاً مشروع إقامة الخلافة الراشدة الثانية، وقد أعد لهذا المشروع كل أدوات نجاحه… فالتقى خير ما تريده الأمة وخير ما يحمله حزب التحرير على خير ما يريده الله تعالى في آخر هذا الزمان مما أخبر به رسوله العدنان بقوله: «… ثم تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة…».
حدث كل ذلك، والفضل والمنة والثناء والحسن في كل ما حدث لله وحده، ولم يبقَ إلا مد اليد لقطف الثمرة، إلا مد اليد لفتح الباب، وإن الحزب يعمل والأمة يجب أن تكون معه لتعقد الصفقة مع تلك اليد الشريفة، لتقوم بما فرضه الله عليها من نصرة هذا الدين، باسترداده ممن أخذوه عنوة وغصباً إلى صاحبة الحق، وتسليمه للعاملين المخلصين الواعين من حزب التحرير، كونه صاحب المشروع الأوحد الذي أعد له عدته من رجال دولة ومفكرين وسياسيين وفقهاء ومجتهدين، ومن دستور إسلامي، ومن وعي سياسي على كل ما يجري في العالم ويخطط ضد المسلمين… لتقوم الخلافة، موعود الله سبحانه ورسوله في آخر هذا الزمان.
إن الجميع بانتظار أن يتقدم الأنصار، أنصار الله ورسوله ودينه والمسلمين، ليقوموا بما لا يستطيع أن يقوم به غيرهم، بتحقيق هذا الفرض العظيم… نعم إن نصرة هذا الدين هو فرض الله على أهل القوة أن يقوموا به مجتمعين له في عمل واحد، وتخطيط واحد، لتحقيقه… إنه فرض الله عليهم وليسو مخيرين فيه، يؤجرون كل الأجر لقيامهم به، ويأثمون كل الإثم لتركهم القيام به…
لقد طلبه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم أقام الدولة الإسلامية الأولى في المدينة بإصرار وبعزم وبصبر، وخطط له، وأدام طرق بابه… فمن قبيلة ترد عليه أقبح الرد، إلى قبيلة تأبى أن تكلمه استصغاراً له، إلى قبيلة تريد مساومته على الأمر، إلى قبيلة تريد أن تجعل النصرة منقوصة… وهو يأبى إلا أن تكون نصرة لله تماماً على التي يريدها الله سبحانه، يريدها نصرة يكون فيها الأمر كله لله… وكان له ما أراد فإذا بسادات المدينة بأهل القوة من أهل الخير فيها يستجيبون لدعوة الحق ويسلمون مفتاح الحكم فيها للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ويستحقون لقب أنصار الله تعالى، وأنصار رسوله الكريم، وكان هذا اللقب لقب شرف سماهم به الله رب العالمين، ولا يزال المسلمون يتلونه في القرآن حتى يوم الدين.
فأين أنصار اليوم، من أهل القوة، من أهل الحق، ليحوزوا سبق هذا الفضل، إنها فرصة لهم ليتقدموا… أين منهم صاحب الغيرة على هذا الدين، أين منهم من يتحسس آلام المسلمين، أين منهم من هو من مثل سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، أين الأتقياء منهم والصالحون… ولهؤلاء نقول:
– إن الغرب القابض على أوضاع المسلمين بيد من حديد، والذي اعتمد على الحكام المجرمين في استقرار الأوضاع لمصلحته وعدم تبديلها، فإن هؤلاء الحكام اعتمدوا بدورهم على أهل القوة المجرمين ممن هم على شاكلتهم ليحموا أنفسهم من التغيير، وأهل القوة هؤلاء لا يتبوؤون مراكزهم بجدارة قتالية بل لعمالة وسوء طوية، وهؤلاء ينتقهم انتقاءً، وفي الوقت نفسه يقوم هذا الحاكم بإبعاد أهل القوة الأتقياء المخلصين إلى الصفوف الخلفية ليؤمروا لا ليأمروا، وتجري مراقبتهم وأخذهم بالشبهة، هكذا قسموا الأمور ورتبوها… ونحن لنا ترتيبنا الخاص بنا الذي يعيد الأمور إلى نصابها، نريد أن يجتمع أهل النصرة الأتقياء على عمل مخطط له، يعيد عن العيون، يؤدي إلى الأخذ على يد هؤلاء الحكام الظلمة والفسقة ومن يحمونهم من أهل القوة المجرمين، وأن يقيموا مكانهم حاكماً واحداً يكون خليفة راشداً، يأخذ حقه في الحكم من مبايعة أهل الحل والعقد ممن يهتمون بهذا الأمر العظيم، ومن ثم يقوم هذا الخليفة مع أهل القوة هؤلاء بحفظ هذه الدولة وبإعلان الجهاد، وبذلك تأخذ الأمور مجراها الطبيعي ويتحقق فيهم أنهم أنصار الله في آخر هذا الزمان. ولو كان قرآناً ينزل لذكرهم الله سبحانه ولكن ذكر الأوائل هو ذكر لهم.
– قد يظن الواحد من أهل القوة من أهل الحق أنه لا يستطيع تغيير الحاكم لأن الحاكم يحمي نفسه جيداً، ويقيم عليهم رقيباً، وأنه يأخذهم بالشبهة… ونقول له بل تستطيع، تستطيع لأن هذا فرض فرضه الله عليك فهو ضمن الاستطاعة، ويمكن تحقيقه لأن الله سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها، تستطيع لأنك مؤمن والمؤمن قوي يسدّ الثغرة بينما الحكام ومن معهم من أهل القوة هم أولياء للشيطان وكان كيد الشيطان ضعيفاً… تستطيع لأنك لست وحدك، فالجيش مليء بأمثالك من المخلصين، وكل ما يحتاجه الأمر إلى رجال قوة شجعان يهاب الموت منهم، أذكياء يحسنون التخطيط ويكونون بتخطيطهم أقوى من كل من حولهم،… تستطيع مع غيرك لأن هذا الأمر لا يقوم به واحد بل لابد له من جمع، فمع الاستخفاء والدهاء والتخطيط والصبر، يمكن اجتياز العقبة والوصول.
– قد تقولون إن الأمر صعب جداً فإننا نقول بل هو في غاية الصعوبة ولكنه فرض ومستطاع.
– قد تقولون إنه خطير جداً ودونه قطع الأعناق، فإننا نقول صحيح ولكنه فرض والأجل حاميكم.
– قد تقولون إن الحكام قد أصبحت لهم خبرة في حماية أنفسهم من أمثالنا. فإننا نقول وهذا يدل على أنكم مازلتم تشكلون الخطر الحقيقي عليه لأن الحاكم يعرف أن القوة لا تفلها إلا القوة.
إن عزيمة التغيير عندكم يجب أن تتبع من داخلكم، وتتولد من إيمانكم بالله الخالق المدبر، وتتعزز من شعوركم بأنكم جزء من هذه الأمة المظلومة المقهورة، من شعوركم بالانتماء لهذا الدين العظيم الذي أجمع أهل الشر على محاربته ومحاربة أهله، فما لم تصبح القضية قضيتكم فلن تحسنوا التفكير فيها، ولن تتحملوا أذاها.
إن الدعوة لإقامة الخلافة بقي فيها جانب واحد حتى يكتمل مشروعها، وهو النصرة، وهي مقصورة على أهل القوة من أهل الحق من ضباط الجيوش.
إننا نعلم أن أهل النصرة من أهل الحق موجودون في الجيوش، وبكثرة، ونسأل الله تعالى أن تصل كلمتنا إلى أسماعهم، وتطرق قلوبهم وتهزهم فتدفعهم للقيام بحق الله تعالى عليهم.
إن هذه الكلمة يجب أن تصل إلى أهل النصرة من أهل الحق، وإذا لم تصل فكأنها كلمة قيلت في هواء ونثرت كرماد، لابد أن تصل رغم كل ما يحاطون به من رقابة، ويجب أن يبذل الجهد القوي من كل مسلم يستطيع أن يوصلها إلى بعضهم، وأن يوصلها إليهم بشكل يهزهم بها هزاً، وبشكل يدفعهم إلى العمل بها بقوة.
إن هذه الكلمة يمكن أن تصل إلى أهل النصرة من أهل الحق عن طريق أهالي الضباط أنفسهم، أن تصل إليهم منهم ليس كموعظة فحسب بل على سبيل تحميلهم المسؤولية وتذكيرهم بأنه فرض عليهم، وما معنى كونه فرضاً، وإفهامهم أن الله يأمرهم والأمة تنتظرهم، فإن هم قاموا به كانوا أبطالاً، وإن تنكبوا كانوا جبناء، وإعلامهم أنهم الجانب من الأمة الذي يستطيع القيام بهذا الفرض دون سواهم.
وإن هذه الكلمة يمكن أن تصل إلى أهل النصرة من أهل الحق من معارفهم، والمطلوب من هؤلاء أن يثيروا فيهم الحميّة لهذا الدين والغيرة على هذه الأمة، وأن يحسسوهم بعظيم مصابها، وأن يعرفوهم بأهل الدعوة للخلافة ليجمعوا بهم الخيرين وليعقد الطرفان عزيمة الخير على إقامة هذا الدين.
إن هذه الكلمة يمكن أن تصلهم من الإنترنت، وأن تصب عليهم الطلبات من كل وسيلة إعلام تذكرهم بهذا الفرض، حتى يصبح رأياً عاماً كاسحاً عند الأمة أن ذلك واجب أهل القوة، ما يجعلهم يندفعون لإقامته، لأن إيجاد الرأي العام على النصرة لاشك أنه يولد عند أهل القوة الدافع القوي للتفكير بالتغيير والقيام به، لأنه يشعر أنه يقوم بأمر يحبه الله سبحانه وتنتظره أمته.
إن هذا الفرض يجب أن تجتمع الأمة كلها عليه. فلْيُعْلِمَ السامعُ البيعدَ والشاهدُ الغائبَ. وليعلم هؤلاء أهل النصرة من أهل الحق حق الله عليهم في نصرة دينه. قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد 25].
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: ( وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) أي وجعلنا الحديد رادعاً لمن أبى الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه، وقال رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) أي من نيته في حمل السلاح نصرة الله ورسوله (إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) أي هو قوي عزيز ينصر من نصره.
2010-07-17