مبادئ عمل الرادار
1987/07/21م
المقالات
3,709 زيارة
خلال العقود الخمسة الماضية، شهدت مختلف العلوم التطبيقية والهندسية ثورة هائلة كادت أن تغير مفاهيمنا عن عالمنا تغييراً كاملاً. وأحد أكثر العلوم حظاً في التقدم والتطور علم الإلكترونيات، ذلك أن اختبار وتطبيق كافة النظريات الثورية حول تركيب المادة النظرية والنسبية (اينشتاين) قد أدى إلى تطور هذا العلم والوصول به إلى ارتفاعات عالية، وأحد أهم تطبيقات هذا العلم والذي هو موضوع بحثنا – الرادار.
بقلم: صالح جدايل
في مطلع هذا القرن، اكتشف العالِم (ج. ماركوني) أن الموجات الكهربائية يمكن أن تنعكس عن الأجسام الصلبة، وبالتالي استنتج أنه بالإمكان بناء أجهزة (إشعاعية) تُمَكِّن الناس من اكتشاف وجود أي جسم وتحديد مكان وجوده. إلا أن التطبيق الأول لهذه النظرية لم يظهر على نطاق واسع حتى اشتعلت الحرب العالمية الثانية، وبالتحديد خلال معركة بريطانيا في ربيع العام 1940. واليوم بات الرادار حاجة ملحة وأساسية في مجالات الملاحة (الجوية والبحرية) والاستطلاع والإنذار المبكر والاتصالات اللاسلكية الجو – فضائية. فما هو الرادار؟ وما هي المبادئ العامة التي يعمل على أساسها؟.
جهاز الرادار:
الرادار هو جهاز كهربائي يعمل على تحويل التيار الكهربائي إلى موجات كهرومغناطيسية راديوية ويبثها في اتجاه معين ثم يتلقى الموجات المرتدة ويحلل المعلومات الكامنة فيها. وبقليل من التفصيل، يرسل الرادار نبضات ذات تردد فوق العالي (Ultra High Frequency “UHF ”) تسير في مستوى خط البصر وذلك عن طريق المُرسِل الذي يبثها إلى الفضاء عن طريق المشع (Emitter) الذي يشعها إلى العاكس (Reflector) فيعكسها متخذة شكل العاكس فتذهب إلى الجو حتى تصطدم بجسمٍ ما فينعكس منها ما اصطدم به إلى هوائي المسح (Scanning Antenna) الذي يستقبلها ويحولها إلى المستقبل (Receiver) بعد أن تمر على مُكَبَّر (Intensifier) ليقويها، ثم تُرسَل إلى مبين الأهداف الأفقي (Indicator Plan Position) حيث تظهر النبضة (Pulse) على شكل نقطة إلكترونية لامعة. ومن وقت إرسال النبضة من المرسل حتى اصطدامها بالهدف ثم عودتها منه إلى المستقبل يحوِّل نصف هذا الزمن المستغرَق في الذهاب والإياب إلى مسافة ينتج عنها بُعْدُ الهدف عن الرادار. أما عن اتجاه الهدف وارتفاعه، فإن الهوائي عند دورانه باثاً أشعته في كل اتجاه فإنها تصطدم بالهدف وتنعكس من جديد إلى الهوائي ليظهر الهدف في الاتجاه الذي يصطدم فيه الشعاع به، وأما بالنسبة للارتفاع فيوجد هوائي آخر يدور بالتناسق مع دوران هوائي المسح 360 درجة صاعداً هابطاً ماسحاً للارتفاع في كل الاتجاهات أثناء دورانه. وعند اصطدام الشعاع بالهدف يظهر الهدف على شاشة مبين الارتفاع (Altitude Indicator) في الارتفاع الذي اصطدم به الشعاع. ويتم تقدير الارتفاع بضرب جيب (Sine) زاوية ميل الهوائي عن سطح الأرض بمدى الهدف المائل (Inclined Range) ويظهر مقدار ارتفاع الهدف عن مبين الارتفاع المدرَّج (Graduated) حسب طاقة الرادار في الكشف الرأسي. وفي النهاية تظهر على شاشة الرادار أبعاد الهدف الثلاثة: المسافة والاتجاه والارتفاع. (1)
تطور الرادار:
هذه هي المبادئ الأساسية التي يعمل عليها الرادار، إلا أن الأمر لم يكن بهذه القدرة عند البداية، فالرادارات الأولى كانت قادرة فقط على تحديد وجود الأجسام، وفي أحسن الحالات قياس سرعتها. وكانت هذه الرادارات عاجزة عن تمييز الأجسام الثابتة. وكان يجب الانتظار حتى اكتشاف رادار دوبلر (Doppler Radar) ورادار دوبلر النبضي (Pulse Doppler Radar) من أجل تحديد مسافة بُعْدِ الهدف واتجاهه.
واليوم بات هناك مراصد فلكية تعتمد على الرادارات لالتقاط الموجات الرديوية الكونية وتحليل المعلومات المضمّنة إياها، ورادارات لتوجيه حركات الأساطيل الجوية – عسكرية كانت أم مدنية – والأساطيل البحرية، ورادارات للدفاع الجوي، ورادارات متحركة ومحمولة جواً، وباتت دول العالم المتقدم تسعى لامتلاك المزيد من تقنية الرادار وتطويرها، فمن جديد نتساءل: أين نحن من هذا؟.
ـــــــــــــــــــ
(1) هذه الفقرة مستقاة من مجلة استراتيجيا ـ العدد 59، عنوان المقالة (الرادار ومبادئ عمله)، للعقيد الركن عمر الجهمي، نقلاً عن كتابه الدفاع الجوّي. وكذا الشكلين من نفس المقالة.
1987-07-21