دلالات عودة برويز مشرف إلى المشهد السياسي الباكستاني
أبو عمرو محمود – باكستان
أعلن الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف أنّه سيطلق حزباً جديداً في الأول من تشرين الأول 2010م، مؤكداً عزمه على العودة إلى الساحة السياسية في باكستان. وقال مشرف في هونج كونج بعد إلقائه كلمة أمام منتدى المستثمرين السنوي سأعلن عن تأسيس حزب في الأول من أكتوبر، يجب أن نُدخل ثقافة سياسية جديدة على باكستان. وتعهد مشرف في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الأسبوع الماضي بإعادة الثقة بالنفس لبلاده، معبراً عن اعتقاده بأنه قد يصبح رئيساً مجدداً.
ومن دلالات عودة مشرف إلى المشهد السياسي الباكستاني:
1- إن أول دلالة تخطر في بال المراقب السياسي لعودة مشرف إلى المشهد السياسي الباكستاني هي أنّ أميركا الدولة العظمى تريد نبش ما ألقته في مزبلة التاريخ، فعندما استهلكت أميركا عميلها برويز مشرف إبان كان قائداً للجيش الباكستاني وفيما بعد رئيساً لباكستان، ألقت به على قارعة الطريق وأبرمت صفقة بينها وبين الإنجليز في تقاسم غير متساو للسلطة في باكستان، وقد كان مشرف حينها كبش الفداء الذي ضحت به أميركا مقابل تضليل الرأي العام الباكستاني الناقم على مشرف وسياسته الموالية لأميركا، وعلى أية حال فإنّ دلالة نبش أميركا لما ألقته في مزبلة التاريخ هو إفلاس وفشل أميركا في إدارة أكثر المناطق في العالم سخونة، فهي كالتاجر المفلس الذي يبحث في ديونه القديمة كي يسد عجز تجارته الخاسرة.
2- أما الدلالة الثانية فهي جواب عن سؤال: هل حقاً إن برويز مشرف هو الفارس الإغريقي الذي سينقذ الحملة الصليبية من الفشل على بلاد السند والهند؟ والإجابة على هذا السؤال هو أنّ مشرف من حيث عمالته المطلقة لأميركا فهو أشبه بالعبد لأميركا ولا يخطو خطوة واحدة من دون إشارة منها، ولا يدّخر جهداً في خدمة أسياده الأميركان، فهو خائن ورضع الخيانة منذ اليوم الأول في قيادته للجيش، كيف لا وهو من خذل المسلمين الكشميريين عندما سحب الجيش الباكستاني من مرتفعات كارغل عام 1989م بعد أن أوشك الجيش الباكستاني على تحرير كشمير وكانت دلهي على مرمى حجر من الجيش الباكستاني، فهو في الخيانة سواء مع الهالك أنور السادات الذي خذل أهل فلسطين حين سحب الجيش المصري في حرب أكتوبر 1973م بعد أن وصل الجيش المصري تخوم تل أبيب. أما دوره الخياني في تمكين أميركا من احتلال أفغانستان فهو معلوم لكل ذي بصر وبصيرة، ومن حينها انضم إلى نادي الرويبضات من حكام العرب وإيران الذين مكنوا أميركا من احتلال العراق، فهذا هو القائد العسكري والسياسي الخائن مشرف، أما من حيث أنّه الفارس الإغريقي الذي سينقذ الحملة الصليبية الأميركية فهذا ضرب من الخيال، فما لم يتمكن منه مشرف يوم كان قائداً عسكرياً وسياسياً يتمتع بشيء من الاحترام والمصداقية بين أهل باكستان لن يتمكن من تحقيقه عندما انكشفت خيانته وعمالته لأميركا.
3- إنّ دلالة عودة عميل أميركا المخلص إلى المشهد السياسي الباكستاني هو خلو يد أميركا من العملاء الأقوياء القادرين على حماية وخدمة مصالح أميركا في المنطقة، وهذه رسالة إلى الأمة الإسلامية ومن بينهم المخلصين من أهل القوة والمنعة في الجيش الباكستاني بأنّ أميركا التي تفرد جناحيها على العالم أضعف بكثير مما تبدو عليه، ومن شأن أي تحرك مخلص في باكستان نحو الإطاحة بالنظام الباكستاني العميل لأميركا وإقامة دولة الخلافة أن ينجح نجاحاً أكيداً، ولن يجد مقاومة تحول دونه ودون الوصول إلى التغيير الجذري في باكستان. وبالمناسبة فإنّ المشهد السياسي الباكستاني له أشباه كثيرة في العالم الإسلامي، فهذا النظام في مصر يقوم على حفنة من الكهول من العملاء الأميركان، فهذه أميركا تستنزف عميلها مبارك حتى الرمق الأخير وتعد لخلافته كهولاً مفضوحي العمالة لها من مثل عمر سليمان ومحمد البرادعي، وكذا الأمر في السعودية التي يقوم فيها النظام على مجموعة من الكهول المرضى.
4- أما الدلالة الرابعة فهي أنّ أميركا تظن بأنّ ذاكرة الأمة ضعيفة وساذجة، وأنها نسيت ما اقترفت أيدي عميلها مشرف، وتظن بأنّ أهل باكستان والأمة الإسلامية يصدقون أكاذيب عملائها من مثل قول مشرف بأنه سيعمل على « إعادة الثقة بالنفس لبلاده» فأميركا تظن بأنّ الناس في باكستان لا تعرف بأن القادياني مشرف هو عميل لها وقد اشتهر في باكستان بأنّه سكير وزير نساء فوق خياناته السياسية والعسكرية، ومع ذلك فإنّ أميركا تظن بأنّ أهل باكستان كالشعب الأميركي الذي أعاد انتخاب بيل كلنتون بالرغم من فضيحة مونكا لونسكي! فيا لغباء أميركا السياسي؟!
وختاماً يبدو أنّ مشرف عائد لملاقاة مصيره الأسود مع باقي حكام باكستان الحاليين والمتقاعدين، بعد مثولهم بين يدي الخليفة القادم قريباً إن شاء الله. وما ذلك على الله بعزيز