كلمة الوعي: يا مسلمون، ما هذا الذي يجري؟!
2001/11/11م
المقالات, كلمات الأعداد
1,620 زيارة
تشن أميركا وبريطانيا حرباً شعواء وحشية على المسلمين في أفغانستان، تُسيل الدماء، وتدمر البيوت، وتروع النساء والأطفال والشيوخ، ويقولون إنهم يقاتلون الإرهاب لا غير، ويردد الحكام في بلاد المسلمين ما يقولون. يقول قائلهم إنّ الأميركان طمأنوه أنهم سيتفادون قتل المدنيين قدر الإمكان، ويعد هذه مأثرة قدِّمت له، وحاكم آخر يقول إنه يؤيد ما تفعله أميركا حيث تحارب الإرهاب ثم يضيف إنه نصحهم أن يعجلوا بتسوية قضية فلسطين بين السلطة واليهود، ويعد قوله هذا شجاعة منه أمام أميركا. أمّا حكام تركيا فقد فاقوا غيرهم في الولاء للكفار فقد قرروا إرسال جنود للقتال في جانب أميركا ضد المسلمين في أفغانستان. ومواقف أخرى لحكام آخرين يتسابقون في الذل والخذلان بجعل الأرض والأجواء مستباحة للأعداء.
ما هذا الذي يجري؟!
تنطلق قاذفات القنابل عبر أجواء بلاد المسلمين لضرب المسلمين، وتنطلق الصواريخ مسترشدة بمعلومات استخبارية من حكام المسلمين لضرب المسلمين، وتتزود قاذفاتهم وأساطيلهم من نفط المسلمين لضرب المسلمين، حتى إن تكلفة القذائف والمتفجرات التي تصيب المسلمين يدفع قيمتها المشايخ والحكام في بلاد المسلمين.
ما هذا الذي يجري؟!
تفعل دول الكفر بالمسلمين الأفاعيل، ويرتكبون المجازر تلو المجازر، وجيوش المسلمين مكبَّلة مقيدة، رابضة في ثكناتها بأوامر حكامها، والأسلحة مكدّسة في المخازن يظهرها الحكام في قمع الشعوب، ويخفونها عن صد الأعداء ورد الاعتداء، وقديماً قيل:
عَدِمْنا خَيْلَنا إِنْ لَمْ نَجِدْها تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُها كَدَاءُ
فلا كانت تلك الجيوش ما دامت ميتة في ثكناتها، ولا كانت تلك الأسلحة ما دامت مكدسة في مخازنها لا تستعمل لحماية بيضة الإسلام، لا الجندي يثور ولا السلاح ينطلق، حتى إن السلاح النووي أصبح عبئاً على صاحبه، فقد برر حاكم باكستان خيانته لأمته وتحالفه مع أميركا ضد المسلمين في أفغانستان، برر ذلك بالحفاظ على سلاحه النووي! فبدل أن يكون سلاحه النووي عنصر قوة لباكستان يجعلها تحمي الإسلام والمسلمين وتخيف الكفر والكافرين، أصبح هذا السلاح عنصر ضعف وذلة ومبرر خيانة وخذلان. إنها لإحدى الكبر، والعجب العجاب.
ما هذا الذي يجري؟!
لقد كان المسلمون زمن الصليبيين ضعافاً متفرقين، فتجرأ عليهم كفار الغرب في الحروب الصليبية، لكن الأمر لم يستقر للصليبيين ويهدأ، بل ناصر المسلمون بعضهم بعضاً، وأنجبت الأمة الناصر صلاح الدين فأعاد لحمتهم وأنهض همتهم وشحذ عزمهم وعزيمتهم، فكانت حطين وكان النصر المبين بعد سنوات وسنوات من الصراع حتى قضى على الصليبيين وعز الإسلام والمسلمون.
وكان المسلمون في فتنة ومحنة زمن التتار حيث اجتاح التتار في بادئ الأمر بلاد المسلمين، لكن المسلمين ناصر بعضهم بعضاً وأنجبت الأمة الظاهر بيبرس، فنهضوا من كبوتهم وانطلقوا من غفوتهم، يتسابقون إلى النصر أو الجنة، فكانت عين جالوت وكان النصر، وعز الإسلام وعز المسلمون.
لكن الحال صار غير الحال، نصرة بعضهم بعضاً أصبحت وراء ظهورهم، يتجرأ الكفار على إحداث المجازر في بلاد المسلمين، الواحدة تلو الأخرى، بفعل يهود في فلسطين، وفعل الهندوس في كشمير، والصرب في البلقان، والروس في الشيشان، ومن أميركا وحلفائها في الخليج والعراق، ومن ثم ما نشهده من إجرام فوق إجرام من أميركا وبريطانيا في أفغانستان، يختار الكفار من بين المسلمين هدفاً يطبقون عليه حتى يفرغوا منه ثم ينتقلون لآخر، والمسلمون ينسون أو يتناسون التناصر بينهم، وأنه فرض عظيم من فروض الإسلام (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر) (الأنفال/72) وأنهم أمة من دون الناس (وإن هذه أمتكم أمة واحدة) (المؤمنون/52) وأنهم إخوة في الله (إنما المؤمنون إخوة) (الحجرات/10) سلمهم وحربهم واحد، لا يسلمون بعضهم ولا يحقرون ولا يخذلون «المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يخذله ولا يحقره» «وأن سلمهم واحد وحربهم واحد» إنها أمور من الدين معلومة بالضرورة، عطلها الحكام، وتقاعس عن تنفيذها المسلمون، فضربهم الكفار واحداً واحداً، وصار لسان حالهم (أكلت يوم أكل الثور الأبيض) .
ما هذا الذي يجري؟!
تنادى الحكام لبحث موضوع الحرب في أفغانستان، وكان مؤتمرهم العتيد، ويا ليته ما كان، فلم يجرؤوا فيه حتى على التنديد الكلامي بعدوان أميركا وبريطانيا الوحشي على أفغانستان، أما نصرة المسلمين في أفغانستان فلم يستطيعوها بالكلام ناهيك عن ضرب الحسام، لا بل إن الناس إذا ناصروا إخوانهم بالتظاهرات تصدت لهم زبانية الحكام تقتل عدداً وتجرح أعداداً، حتى إن سلطة عرفات التي لا تملك من سلطة الدولة شيئاً أمام اليهود، قد ظهر لها في قمع التظاهرات شرطة عامة وخاصة تكافح (شغب) الناس فشاركت يهود في إسالة دماء المسلمين في فلسطين.
كل هذا الإجرام والخذلان من الحكام يجري في وضح النهار ومع ذلك فإنهم لا يزالون يتربعون على كراسيهم وفوق عروشهم، يصرحون علناً وعلى رؤوس الأشهاد أنهم يؤيدون التحالف ويزودونه بالقواعد الأرضية والدعم اللوجستي والمعلومات الاستخبارية والأجواء المفتوحة، وهكذا يستمر قتل المسلمين أمام أعين المسلمين، وقذفهم بأسلحة الموت التي تهز أسماعهم، ومع ذلك فلا تحمرّ الأبصار ولا تتصلب الأسماع.
ما هذا الذي يجري؟!
يا مسلمون بل يا مسلمين، أليس فيكم رجل رشيد؟ أليس بينكم مقاتل في الجيش ذو بأس شديد؟ أليس بينكم ناصر أو ظاهر يطيح بالحكام الظلمة، أعداء الأمة الخونة، ويعيد دولة الإسلام، ويحرك جيوش المسلمين لنصرة إخوانهم في أفغانستان؟ ألستم تدينون بالإسلام الذي أعز من كان قبلكم وجعلهم في أعالي الدنيا؟
كيف ترضون أن يرمي الكفر إخوانكم في أفغانستان من قوس واحدة، ويمكنه الحكام من الإحاطة بها كالسوار بالمعصم، يعطونه المسالك والقواعد ليقذف منها الحمم على إخوانكم؟ أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة (يأيها الذين ءامنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل) (التوبة).
ألا تتطلعون إلى حياة تسعدون فيها وتفوزون بالنصر المبين؟ ألا تشتاقون إلى الجنة، فإنها تحت ظلال السيوف؟
(إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين) (الأنبياء) q
2001-11-11