أردوغان تركيا: مظاهر خداعة خلفها مكرٌ أميركي ولن يحبط مكرهم إلا الخلافة على منهاج النبوة… وإنها لكائنة بإذن الله ( وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)
2016/09/11م
المقالات, كلمات الأعداد
2,391 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
أردوغان تركيا: مظاهر خداعة خلفها مكرٌ أميركي
ولن يحبط مكرهم إلا الخلافة على منهاج النبوة… وإنها لكائنة بإذن الله
( وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)
في 06/08/2016م طالب الرئيس التركي أردوغان بعقد اجتماع إقليمي من أجل سوريا. وكان وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو قد قال في 05/08 إنه يجب استئناف المحادثات بشأن مستقبل سوريا، ودعا إلى جولة رابعة من محادثات جنيف للسلام. وفي 11/08 نقلت وكالة الإعلام )تاس (الروسية عن السفير التركي لدى روسيا أوميت يارديم، قوله إن حكومة تركيا تعتقد أن القيادة السورية الحالية يمكن أن تشارك في المحادثات الرامية لحل الأزمة في سوريا. أما رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم فقد ذهب أبعد من الجميع تصريح له في 20/08/2016م في لقاء مع الصحافيين بمدينة إسطنبول قائلًا: «شئنا أم أبينا، الأسد هو أحد الفاعلين اليوم في «النزاع في هذا البلد «ويمكن محاورته من أجل المرحلة الانتقالية». وصرح في 24/8/2016م قائلًا إن التوغل العسكري، الذي تدعمه الولايات المتحدة في سوريا، سيتواصل لحين عودة مقاتلي ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية إلى شرق نهر الفرات. وأضاف، في مقابلة بثت على الهواء مباشرة على قناة «خبر» التركية، أن نظام بشار الأسد لا يمكن تجاهله من أجل إيجاد حل سياسي للصراع السوري المتعدد الأطراف.
هذه عينة من التصريحات التي قد يتفاجأ منها البعض ويصدموا من تغيير تركيا لمواقفها من النظام السوري، ومن تعديل نظرتها للصراع في سوريا بمعدل180درجة، وكيف أصبحت مواقف مسؤوليها السياسيين وتصريحاتهم متشابهة وتتماهى مع تلك التي تصدر من روسيا وإيران، حلفاء النظام السوري المجرم؛ إلا أن من يتابع سياسة أردوغان لا يتفاجأ؛ لأن أردوغان لم ينشأ بعيدًا عن عمالته لأميركا لحظة في حياته السياسية، ولم يحِد عما رسمته له أميركا قيد أنملة. ونحن قد حذرنا المسلمين منه كثيرًا، ولكن قسمًا من الناس رفض هذا التحذير لأنهم أخذوا بالمظاهر والمشاعر بعيدًا عن إدراك الحقائق والالتزام بالأحكام الشرعية، وصدَّقوا أنه سيكون حامي حماهم وناصرهم في دينهم. فدوره الذي رسمته له أميركا كان من الأصل أن يستقبل النازحين ليظهر بمظهر الحريص الحاني عليهم فيكسب تأييدهم… وأن يأوي الضباط المنشقين ويحصرهم في مخيمات ليحصي أنفاسهم ويشتري ذممهم، ويسخرهم فيما بعد لينخرطوا في جيش سوريا الجديد متى آن أوان الحل الأميركي… وأن يدعم ما استطاع من قادة الفصائل ليستطيع فيما بعد أن يصادر قرارها لمصلحة أميركا…هذه المواقف لم يتغير منها شيء، بل كل ما في الأمر أنه كان من قبل يخفي أهدافه وهو الآن يعلنها، وبمعنى آخر أخذت الآن عمالة أردوغان لأميركا شكل العمالة الصريح. بل أكثر من ذلك، نراه يهتم بالحالة الوطنية التركية على حساب الحالة الإسلامية، وتهمه معالجة مشكلة الأكراد، ولا يهمه إنجاد المسلمين المظلومين في سوريا. وهو الآن يسخر قادة فصائل تابعين له من أجل أن يقاتلوا داعش والأكراد لمصلحة تركيا فحسبًا.
أما لماذا كان هذا التغير في الأسلوب، مع أنه كان يمكنه أن يستمر في إخفاء حقيقة دوره، وأن تبقى له شعبيته؟!. والجواب: إنها أوامر الأسياد، حيث أراد أوباما أن ينهي فترة حكمه وفي جعبته أنه استطاع أن يجمع المعارضة والنظام على طاولة المفاوضات، وهو كان في تخطيطه أن يحسم التدخل الروسي العسكري المباشر الوضع العسكري قبل انتهاء ولايته ولكنه لم يفلح؛ فأصدر أوامره لعملائه لاستعجال تحقيق ما أوكل لهم من مهمات خيانية، من غير أن يترك لهم أي هامش للمناورة وستر العورة؛ فانكشفت حقيقة عمالتهم. ثم علامَ العجب ومسيرة أردوغان السياسية ليست خافية على أحد في عمالته لأميركا، فهو قد شارك أميركا من قبل في احتلال أفغانستان بمشاركته بالقوات المتعددة الجنسيات في أفغانستان (إيساف)، وعلاقته مع (إسرائيل) التي قطعها من قبل وهو استعادها الآن، وهي علاقة لا يمكن أن يقبل بها أي مسلم، ثم هو لا يحكم بالإسلام بل بالعلمانية الكافرة ويصرح بذلك، وحتى في نصرته للثورة في سوريا كانت بالحدود المرسومة له. وبالخلاصة لا يختلف أردوغان عن أي حاكم من حكام المسلمين،
وكذلك كان مؤتمر الرياض الذي دعت إليه السعودية أواخر في 9/12/2015م، وتم فيه إجبار قادة الفصائل الذين يتلقون الدعم من السعودية وتركيا على الموافقة على الحضور والقبول بالحل السياسي الأميركي عبر مؤتمر جنيف، واعتبار من حضر أنه يمثل الفصائل المعتدلة، ومن لم يحضر أنه من الفصائل الإرهابية. ووضعوا تنظيم الدولة في مقدمتهم؛ وذلك ذرًا للرماد في العيون؛ إذ يشمل تصنيفهم الإرهابي كل من لا يسير من الفصائل بالحل الأميركي. هذا ولا يخفى أن في سوريا آلاف الفصائل الصغيرة والمتوسطة، وهي مخلصة بغالبيتها؛ لذلك قام الروس بهجومهم الوحشي الشامل معتبرين أن أهل سوريا كلهم إرهابيون. وهذه الحقيقة التي تخيفهم نرى أن الغرب الماكر، وعلى رأسه أميركا، يقف وراء الدعوة إلى توحيد الفصائل، وذلك من أجل أن تبلع الفصائل الكبيرة الفصائل الصغيرة، ومن أجل الإمساك بقرارها وبالتالي إلزامها بأي قرار يتخذه قادة الفصائل المرتبطين بالدول الداعمة. وهنا لا بد من ذكر أنه حتى الفصائل الكبيرة تضم في تشكيلاتها الكثير من الفصائل الصغيرة، والتي يمكن أن تترك فصائلها الكبيرة متى تبين لها أن قادة فصائلهم قد هانوا أو خانوا. ونحن هنا نقول إن توحيد الفصائل مطلوب، ولكن من ضمن مشروع سياسي إسلامي، وليس من ضمن المشروع الأميركي. فهذه الفصائل المقاتلة يوجب الإسلام عليهم أن يكونوا جزءًا من العمل لإقامة الخلافة، بأن يكونوا أهل نصرة مع الجماعة التي تحمل مشروع إقامة الخلافة،
أيها المسلمون في أرض الشام المباركة: إن تصاعد التآمر الأميركي عليكم وصل في هذه الفترة إلى ذروة غير مسبوقة؛ ولكنه، والحمد لله، ما زال هذا التآمر يواصل فشله بسبب صبركم وتحملكم ورفضكم الخضوع لإرادة الغرب في تحكيم كفره عليكم ومطالبتكم بإقامة الخلافة وتحكيم شرع الله. وهذا الصبر في الله هو الذي أذهل أعداءكم، وكشف حكامكم وفضحهم، وأفشل أميركا في فرض مشروعها عليكم… ويجب أن يعلم المسلمون أن قوتهم وصمودهم وتحملهم إنما مصدره إيمانهم بالله، ودليل ذلك ما نراه فيهم من التجاء إلى الله في النوازل كلها حتى أصبح شعارهم (ما لنا غيرك يا الله) شعار المسلمين في كل مكان، في سوريا وخارجها، فلولا هذا الإيمان ما وجد هذا الإصرار وهذا الصبر وهذا التحمل. فبالإيمان استطاعوا أن يمنعوا انتصار دول العالم المتآمرة عليهم وعلى رأسها أميركا، ولكن حتى ينتصروا هم وينهزم أعداؤهم أمامهم، لا بد من تبني مشروع سياسي يهدف إلى إقامة الخلافة. وخلو الثورة من تبني هذا المشروع يوجد فراغًا تعمل أميركا على ملئه عبر مؤتمر جنيف بإقامة دولة علمانية يكون حاكمها علمانيًا عميلًا لها بديلًا عن الأسد. هذا هو المشروع الأميركي الذي يعمل أردوغان والملك سلمان وإيران وكل دول المنطقة على إجبار المسلمين في سوريا على قبوله، كل على طريقته.
أيها المسلمون في سوريا: إنكم إن أردتم أن تنالوا معية الله ونصره لكم، فلا بد لكم أولًا من أن تنبذوا كل الطروحات التي تغضبه، وتلفظوا كل الداعين إليها. ولا تشغلنكم الحاجة إلى المال ولا إلى السلاح، فإن المال السياسي والسلاح المشروط الذي أمدت الدول الداعمة الفصائل به كان أسلوبًا لابتزازها وليس دعمًا لها، وهو الموت بعينه. بل المطلوب هو أن يقوم المسلمون بدعم أنفسهم بأنفسهم… وحتى يتحقق هذا المشروع، فإن المطلوب شرعًا أن تلتقي الحاضنة الشعبية وهي بغالبيتها مخلصة لله تعالى، مع أهل القوة المؤمنين الرافضين للدولة العلمانية، وهم بحمد الله كثر، مع أصحاب الدعوة الذين يتبنون مشروع إقامة الخلافة الراشدة، وهم موجودون في سوريا وفي خارجها؛ ما يعني أن هذا المشروع قابل للتمدد وأنه مشروع أمة، المطلوب شرعًا كما قلنا أن يجتمع هؤلاء في عمل واحد. وهذا تمامًا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أقام دولة الإسلام الأولى في المدينة. وبهذا يتحقق ما رفعتموه من شعار (قائدنا إلى الأبد سيدنا محمد).
إن ما يلاقيه المسلمون اليوم، في مختلف بلادهم وخاصة في سوريا، من هجمة شرسة ليست بأمر جديد على المؤمنين في صراعهم مع الكفار على مر تاريخ الدعوة، وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن مثل ما يحدث لنا في حديثه الذي رواه أبو داود عن خباب بن الأرتِّ قال: «قَالَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا فَجَلَسَ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ فَقَالَ قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُؤْتَى بِالْمِنْشَارِ فَيُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ فِرْقَتَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عَظْمِهِ مِنْ لَحْمٍ وَعَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَحَضْرَمُوتَ مَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَعْجَلُونَ».
2016-09-11