أيها المسلمون في سوريا: الغرب يدق ناقوس الخطر خشية من إسلامية ثورتكم فواجهوه بإقامة الخلافة
2012/09/11م
المقالات, كلمات الأعداد
1,843 زيارة
أيها المسلمون في سوريا:
الغرب يدق ناقوس الخطر خشية من إسلامية ثورتكم
فواجهوه بإقامة الخلافة
لقد تثاقل المجتمع الدولي كثيراً في تحركه تجاه ما يجري في سوريا من ثورة شعبية عارمة، وذلك بخلاف تحركه المحموم في سائر بلاد ما يسمى بـ (الربيع العربي). ومردُّ ذلك كما بات يعلم القاصي والداني أمران:
الأول: إن النظام السوري وعلى رأسه بشار هو عميل لأميركا، وأميركا هذه عملت على إبقائه في الحكم في بادئ الأمر، وارتأت مقاومة التغيير لأنها رأت على أرض الواقع أنها لا تملك بديلاً. فلما رفض المسلمون ذلك راحت تعمل على تأمين البديل، ولما أعجزها ذلك راحت تعمل على صناعة البديل، ولما صعب عليها ذلك بطَّأت عجلة الحل ريثما تستطيع ترتيب الوضع الناشئ الجديد… وبما أن أميركا تملك معظم أوراق اللعبة في سوريا، فقد تباطأ فعلاً دوران عجلة الحل، وأصبح في بعض الأوقات سريعاً ولكنه كان دوراناً في محله أي في الهواء، وبما أنها مقبلة على انتخابات الرئاسة فقد صرح المسؤولون الأميركيون منذ أوائل السنة تأجيل الحل الأمريكي إلى ما بعد هذه الانتخابات، إلا أن ضغط التحركات السياسية الدولية التي تقودها دول أوروبا وعملاؤها في المنطقة مستغلين شدة الإجرام الأسدي على الأرض دفعها لأن تظهر اهتماماً أكثر؛ فطرحت مبادرة الحل اليمني وتأمين مخرج آمن لبشار وإبقاء مؤسسات النظام على أصولها… فلما لم تستطع ذلك عادت إلى المراوحة من جديد. والآن وحيث لم يبق أمام الانتخابات سوى حوالى الشهرين والشعب الأميركي لا تهمه إلا أوضاعه المعيشية، فهل أجَّلت أميركا البحث في الحل إلى ما بعد هذه الانتخابات، هذا ما يبدو خاصة وأنها ما زالت تعرقل أي مبادرة أوروربية للحل. فقد ضغطت فرنسا مؤخراً بقوة على المجلس الوطني السوري من أجل تشكيل حكومة جديدة تقود المرحلة الانتقالية فأفشلت أميركا هذا المسعى بإعلانها أن على المعارضة السورية الخارجية أن تنظم صفوفها أكثر، وتبع ذلك استقالة الناطقة الرسمية باسم المجلس الوطني السوري باسمة قضماني وبهذا استمرت فترة المراوحة.
وهنا يبدو واضحاً أن الصراع الدولي على الحل في سوريا هو بين دول أوروبا وأميركا. فدول أوروبا تضغط باتجاه تحريك عجلة الحل وتسريعها طمعاً في إحداث تغيير أميركي متسرع لا تمسك أميركا بكل خيوطه ما يمكن دول أوروبا من دخول لعبة البديل بمشاركة بعض أطراف المعارضة السورية التابعة لها في الحكومة الجديدة التي ستقود المرحلة الانتقالية. أما اميركا فتعتبر أن سوريا منطقة نفوذ لها ولا تريد أن تخسرها أو تخسر فيها؛ لذلك فإن كل من يتابع تصريحات المسؤولين الأوروبيين يرى أنها تركز على السرعة في إيجاد الحل وعدم التأخير، وفي المقابل يرى أن تصريحات المسؤولين الأميركيين ومبادراتهم وتصريحات عملائهم من حكام المسلمين هي على العكس تركز على إعطاء المهل وعدم إعطاء القيادة للمعارضة الخارجية، حتى ذكر أن اميركا بالنسبة لما يجري في سوريا هي في خانة «اللافعل» إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية. وبهذا يظهر جلياً أن الصراع الدولي على سوريا يتمحور على أحد حلين: الحل الأميركي أو الحل الأوروبي. أما أشباه الدول التي تحكم المسلمين، العربية منها والإقليمية، فهي أدوات في يد أحد هذين المحورين.
الثاني: لقد أدركت الولايات المتحدة ودول أوروبا، ويتبعها دول الجوار العربية والإقليمية العميلة لها والخائنة لدينها ولأمتها أن في سوريا توجُّهاً إسلامياً متنامياً يحمل مشروع الإسلام السياسي بإقامة دولة إسلامية، وبالتحديد خلافة إسلامية، وهذا التوجه يحمل جدية أكبر بكثير مما حمله في سائر بلدان ما يسمى بـ (الربيع العربي) ما جعل الجميع يرتاب من هذا التوجُّه المتعاظم، وبالتالي يوجَد توافقٌّ بين جميع هؤلاء المذكورين على محاربته. وهذا التوجه الإسلامي هو موجود في الأصل في ثورات ما يسمى بـ (الربيع العربي) وموجود معه التوجس الغربي منه، ولكنه وصل إلى مرحلة القلق البالغ في سوريا.
وما يجدر ذكره في هذا الباب أن المعارضة التي تم تشكيلها في الخارج وبرعاية منه -أي الغرب- غلب عليها الطرح العلماني (المطالبة بالدولة المدنية وبالحكم الديمقراطي وبالحرية بالمفهوم الغربي…) وحتى الإسلاميون الذين انضموا إليها انضموا تحت عناوين أنهم يريدون دولة مدنية ديمقراطية بمرجعية إسلامية.
أما معارضة الداخل فهي معارضة رضي عنها النظام ورضيت عنه، وأظهرت أنها تريد الإصلاح من خلال النظام والحوار معه. وهذه المعارضة لشدة كره الناس للنظام لا تكاد تذكر، بل تعتبر تابعة له. بيد أن المعارضة الحقيقية هي المعارضة الشعبية التي تقدم الشهداء وتتحمل الإجرام بأبشع صوره، تلك التي اضطرها النظام لأن تحمل السلاح دفاعاً عن النفس والعرض والدين… فهذه المعارضة تخلت عن كل حظوظها في هذه الدنيا، وسطرت أروع صور التضحية والإيثار والالتجاء إلى رب العالمين. هذه المعارضة الشعبية الفطرية الصادقة التي لا تعرف العمالة ولا الارتهان راحت تتشكل قوة وفكراً على وقع المآسي، وتستمد تصورها للحل من دينها ومن تاريخ عزها الذي سطره الأوائل، فكان صبرها كصبرهم وتضحياتها كتضحياتهم… هذه المعارضة كفرت بالغرب وبحضارته وبفساد طروحاته واعتبرته متوحشاً لا تعرف الرحمة سبيلاً إلى قلبه حيث رأت أنه لا ينظر إلى ما يحدث في سوريا إلا من نافذة لعبة المصالح. هذه المعارضة التي كفرت بالغرب كفرت بما يمثله من طروحات، وبمن يسير معه من دول كشفت الأحداث عن عمالاتهم أكثر وأكثر كتركيا وإيران. وبمن جرى تصنيعهم من معارضة خارجية ظهر فشلها وفسادها وصراعها على الكراسي قبل أن تستلم…
هذا هوالمشهد العام الآن في سوريا، ويظهر فيه كيف أن الغرب، وعلى رأسه أميركا، يلعب لعبته القذرة ضد الإسلام والمسلمين. فأميركا تمد الأسد في طغيانه وإجرامه وتعمل على حمايته من أية مساءلة، وهي تريد أن تؤمن له مخرجاً آمناً بحيث لا يطاله قانون على جرائمه. وبشار المجرم هذا لولا أنه يفعل ما يفعله بأوامر من أميركا لما تجرَّأ على بلوغ هذا المستوى من الإجرام… هذا الغرب الذي يصنع مآسي المسلمين، والذي لا تهمه دماؤهم في شيء، منهمك الآن في مرحلة ما بعد الأسد، منهمك في صناعة حاكم بديل مجرم عميل عدو لدينه خائن لأمته… نعم، هذه هي المواصفات التي يبحث عن وجودها في من سيخلف بشار، تماماً كما هم حكام المسلمين اليوم؛ ألم تقف إيران مع أميركا في حروبها ضد المسلمين في كل من العراق وأفغانستان، والآن في سوريا؟! ألا تشارك تركيا الآن في احتلال أفغانستان مع الجيش الأميركي؟! وحتى السعودية ألم تسهل للأميركيين ضرب المسلمين في العراق وغزو بلادهم وذلك بالسماح لأميركا باستعمال مطاراتها وتقديم التسهيلات اللوجستية وتغطية نفقات الغزو كاملة هي ودويلات الخليج؟! ألم تقف الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين مع أميركا في حربها على الإسلام والمسلمين بحجة الحرب على الإرهاب؟! وها هي السعودية ومعها قطر وتركيا الآن تمنع السلاح الفعال الذي يسقط النظام السوري المجرم، من مثل مضادات الدروع ومضادات الطيران من أن يصل إلى أيدي الثوار، ويمنعون تسليح من يريد إقامة دولة إسلامية في سوريا، ويتبنون أن يكون الحكم في سوريا المستقبل مدنياً قائماً على الديمقرطية… على شاكلة هؤلاء الحكام يريد الغرب الآن أن يصنع الحاكم الجديد. ومن هنا يجب اعتبار أن أي طلب مساعدة من الغرب هو خيانة عظمى للمسلمين وتسليم ثورتهم لأعدائهم.
نعم، إن الثورة في سوريا لها نكهة مختلفة، وفيها من الخير ما يجعلنا نغذ السير في تحقيق أهدافنا الشرعية من خلالها، ونفوِّت على الغرب تحقيق أهدافه. فالثورة في سوريا أهلها صادقون مؤمنون، وهل هناك أصدق من هذه المشاهد التي نراها يومياً؟! أليست جريمة كبرى أن تقع هذه الثورة في يد أعدائها؟!… إنها ثورة تعاظمت فيها الدعوات إلى إقامة حكم الله ليس في سوريا فحسب، بل في بلاد المسلمين، وهذا ما جعل الغرب، ومعه حكام المسلمين، يتنبه لخطورة ما يجري في سوريا ويدق ناقوس الخطر… إنها ثورة يسعى فيها كثير من الجنود المنشقين مع الناس الذين اضطرهم بشار وعصابته المجرمة أن يحملوا السلاح ليدافعوا عن أنفسهم وأهاليهم وأموالهم وأعراضهم ودينهم، وأن يغلب الدفاع عن الدين على كل ذلك، وأن يتحوَّل هؤلاء إلى أنصار لهذا الدين تماماً كما كان أنصار رسول الله، ونحن نرى ونسمع أن أمثال هؤلاء راحوا يؤلفون كتائب وألوية قتال تتسمَّى بأسماء النصرة، وبأسماء المشهورين من مجاهدي الصحابة، وباسم الحبيب المصطفى، ويطرحون مواثيق عهد على الحكم بما أنزل الله وإقامة دولة الخلافة الإسلامية. قال تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40))
حُقَّ للثورة في سوريا أن يُطمع في إسلاميتها، وحُقَّ لها أن تربط بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فضل بلاد الشام وأنها تكون عقر دار الإسلام في آخر الزمان.ومهما مكر الغرب ضدها وتآمر عليها فإن أمر الله سبحانه وتعالى هو الغالب ومكر أولئك هو يبور. وليعلم المسلمون عامة وفي سوريا خاصة أن الوضع في سوريا صائر إلى فسطاطين: فسطاط أهل الحق والإيمان الذين يتمسكون بالإسلام على طريقة رسول الله ويستبشرون بجميل وعد الله لهم، وفسطاط أهل الزيغ الذين رضوا بأن يكونوا مع الغرب الكافر في طروحاته التي يريد بها أن يبعد الإسلام عن تسيير حياة المسلمين، وأن يبقى المسلمون على ما هم فيه من تبعية له وبعد عن الدين.قال تعالى: (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51))
2012-09-11