دولة إسلامية ترضي ربَّنا، أم دولة مدنية ترضي عدوَّنا؟!
2012/07/11م
المقالات
2,044 زيارة
دولة إسلامية ترضي ربَّنا، أم دولة مدنية ترضي عدوَّنا؟!
وليد عبد المعز
في العقدِ الأخير نالت فكرةُ الخلافةِ والحكمِ بما أنزل اللهُ تعالى، ما لم تنلْهُ من التأييد طوال القرنِ الماضي، وكان ذلك بشكلٍ أثار خوفَ مراكزِ البحثِ الاستراتيجي لدى الغرب، وما أن ثارت الشعوب في البلاد العربية، حتى اشرأب النفاق العالمي بكل ما يملك من وسائل وأدوات، فاستنفر رجال الغرب وحملة أفكاره، واستنفرت وسائل إعلامه استنفاراً رهيباً في الترويج لأفكار الغرب عن الحكم والسياسة، لإبعاد الناس عن الحل الحقيقي الذي ينهي سيطرةَ الكفر وأفكاره عليهم، وكان من أبرز ما ركزوا عليه هو فكرةُ الدولة المدنية، ومعها جعبة أفكار، مثل الحكمُ الديمقراطي، والتعددية السياسية، والمشاركة الحزبية، دون التركيز على الدولة العلمانية، لأنهم بمكرهم يدركون أن الأمةَ الثائرة لن تقبلَ بمفهومِ الدولة العلمانية أو الدولة الليبرالية، فكان الحل هو تغييرُ الاسم ليكون أكثرَ قبولاً، حتى انطلى الأمرُ على بعضِ الإسلاميين، فخرجوا بعد جدالهم الطويل مع العلمانيين، بقبول فكرة الدولة المدنية ذاتِ المرجعية الإسلامية، فاندفع بعد ذلك قطاع كبير من الناس، يردد شعارات الدولة المدنية، وكأنها مطلب حقيقي للأمة يرضى ربها ويخرجها من ظلمات الواقع إلى نور الحق المبين.
والحقيقة أن مفهوم الدولة المدنية مفهوم غربي، قدمه لنا الغرب ورضي عنه تماماً كمشروع سياسي يحافظ على الأوضاع في بلاد المسلمين كما هي تحت سيادته، كما يبعد الأمة عن طريق نهضتها الصحيح، وعن مصدر عزها الحقيقي ألا وهو حكم الإسلام، وسنحاولُ هنا الوقوفَ على هذا المفهومِ السياسي الغربيِ الوافد علينا؛ لبيانِ ضلاله وخطئه وخطرِ المطالبة به.
يطرحُ بعضُ الناس مفهومَ الدولةِ المدنية مقابلَ الدولةِ العسكرية، أي يطرحه تعبيراً عن رفضه للدولة العسكرية الجائرة، أي أن البديل عن الدولة العسكرية هو الدولة المدنية، التي يبعد عن حكمها العسكر، وليس هذا هو المقصود عند من أعد شعارات الدولة المدنية، ولكن الذي يمكن أن أقوله، أنه من الناحية الشرعية بغض النظر عن خلفية من يحكم البلاد، سواء أكانت عسكرية أم غير عسكرية، فإنه لا يجوز تركُ الأحكامِ الشرعية، ووضعُ أحكام بديلة عنها تسمى عسكرية أو عرفية، فالدولة الإسلاميةُ ليست دولةً عسكريةً بهذا المعنى.
لكن المفهومَ الذي يُطرحُ بشكل واسع، ويراد من الأمة حمله وتأييده، هو مفهومُ الدولةِ المدنية التي تقابل الدولة الدينية، “الثِّيُوقْرَاطِيَّةِ” وحتى يتضحَ معنى الدولةِ المدنية لا بد من بيان معنى الدولة الدينية بمفهومها الفلسفي الغربي.
إن أشهر نظريات الدولة الدينية، في تاريخ الحياة السياسية في الغرب هي نظريَّةُ الحقِّ الإلهيِّ المباشرِ، هذه النظريَّةُ تقولُ: إنَّ الحاكمَ يُخْتَارُ وبشكلٍ مباشرٍ مِنَ اللهِ، أَيْ أنَّ الاختيارَ بعيدًا عَنْ إرادةِ الأفرادِ، وأَنَّهُ أمرٌ إلهيٌّ خارجٌ عن إرادتِهِمْ، وكذلك هناك نظريَّةُ الحقِّ الإلهيِّ غيرِ المباشرِ، حيثُ يقومُ مجموعةٌ مِنَ الأفراد باختيارِ الحاكمِ، وتكونُ هذه المجموعةُ مُسَيَّرَةٌ من الله لا مُخَيَّرَةٌ في اختيارِ الحاكمِ، والحُكَّامُ يستمدونَ سلطانَهُمْ من الله مباشرة ولَا يجوزُ للأفرادِ مساءلة الحكامِ عن أيِّ شيءٍ، حتى وُصفَ الحكامَ وفق عباراتهم، بأنهم نوابُ اللهِ على الأرضِ، ويجلسونَ على عرشِ اللهِ. كل ذلك كما يُنقل عن كتب الفكر السياسي.
إذا نظرنا في ما نقلناه عن الدولة الدينية، “الثِّيُوقْرَاطِيَّةِ”، سَيَظْهَرُ لنَا بوضوح أنَّ الإسلامَ يرفضُ تمامًا أنْ يكونَ لأحدٍ من البشر حاكمِيَّةً علَى الخلقِ، حتى النَّبِيُّ محمد r إِنَّمَا يتكلَّمُ بالوحيٍ مِنَ اللهِ تعالى، وبموتِهِ r انقطعَ الوحيُ، ولَـمْ يبقَ إلَّا اجتهادُ العلماءِ، وسياسةُ الخلفاء، وليستْ لواحدٍ من هُؤلاء عصمةٌ، ولَا يملكُ واحدٌ منهُمْ مهمَا عَظُمَ قدرُهُ أنْ يولِّي بنفسِهِ خليفةً، أو يخلَعَهُ بلْ ذلكَ لمحكمةِ المظالم وِفْق الأحكام الشرعيَّة، فالحاكمُ إنَّمَا بُويِعَ باختيارِ الأمة ولا يملك السلطان إلا ببيعة الأمة، والأمة الإسلامية عرفت الانتخابات منذ زمن الصحابة رضوان الله عليهم، يوم كانت أوروبا تعيش ظلمات الظلم والاستبداد، فسيدنا عمر يوم طعن وأصر عليه الصحابة أن يستخلف، جعل الأمر في ستة مرشحين كلهم من الصحابة المبشرين، جاء في خبر عبد الرحمن بن عوف وهو يطوف على أهل المدنية ليعرف من ينتخبون من المرشحين، ((عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: أَتَانِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لَيْلَةَ الثَّالِثَةِ مِنْ أَيَّامِ الشُّورَى، بَعْدَمَا ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَوَجَدَنِي نَائِمًا فَقَالَ: أَيْقِظُوهُ، فَأَيْقَظُونِي فَقَالَ: أَلَا أَرَاكَ نَائِمًا، وَاللَّهِ مَا اكْتَحَلْتُ بِكَثِيرِ نَوْمٍ مُنْذُ هَذِهِ الثَّلَاثِ)).
والخليفة في الإسلام مأمورٌ في كل حال أن يحكمَ بينهُمْ بما أنزلَ اللهُ، لا أن يحكم بهواهُ، بل يحكمُهم فقط بالشرع، ولا طاعةَ لهُ إنْ أمرَهُمْ بمعصيةٍ، وهو بشر يصيب ويخطئ، ويُرَاجَعُ ويحاسبُ، ويَستشيرُ ويُشارُ عليه، ويجوزُ عزلُهُ وخلعُهُ بشروطٍ وأحوال معروفةٍ، فالحاكم لَا يُنَصَّبُ بحقٍّ إلهيٍّ مُباشراً كَانَ أَوْ غَيْرَ مباشرٍ، وليسَ نائبًا عَنِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وإنَّمَا هو وكيلٌ عن الأُمَّةُ في رعاية شؤونِهَا وتطبيقِ الشرع عليها فحسب.
وهكذا يتضح مدى بعد الدولة الدينية –بمفهومها الغربي هذا- عن النظام السياسي في الإسلام، ولكن كون الدولة المدنية ظهرت كفكرة معادية للدولة الدينية، فإن ذلك لا يعني أبداً أن الإسلامَ يقبل الدولةَ المدنية، وحتى يتضح ذلك لا بد من محاولةِ فهم مفهوم الدولة المدنية عند المفكرين الغربيين القدماء والمعاصرين، لندرك مخالفتها لأحكام الإسلام أيضاً.
وقد قدم أحد الإخوة في ملتقى أهل الحديث بحثاً استفاض فيه بالنقول حول حقيقة الدولة المدنية، حيث يتبين أن كلام القدماء هو المرجعية للمعاصرين، أنقل منها ما يتناسب وهذه العجالة:
1- يقول الفيلسوف الإنجليزي طوماس هوبز (1679ت): “لَا يستطيعُ الإنسانُ أن يخدمَ سيدينِ، ولا يمكنُ للسلطةِ الرُّوحيَّةِ أن تنفصلَ وتستقلَ عَنِ السُّلطةِ الزمنيَّةِ، كمَا أنَّ الحكومةَ المشترَكةَ، أَوِ الْـمُختلطَةِ بينهُمَا، ليستْ حكومةٌ بالمعنَى الدقيقِ لهذِهِ الكلمةِ، فلم يبقَ سِوَى أنْ تخضعَ إحداهُمَا للأخرَى، أعنِي أنْ تخضعَ السُّلطةُ الرُّوحيَّةُ لسيطرةِ الدولَةِ، فالأخطاءُ الَّتي وقعتْ فيهَا الأممُ بسببِ السُّلطةِ الرُّوحيَّةِ لَا حدَّ لها، ولهذا كانَ لابُدَّ أن نحدِّدَ بدقَّةٍ المكانَةَ التي يشغلُهَا الدينُ داخلَ الدولةِ، وأنْ نبيِّنَ حدودَ السُّلطةِ الرُّوحيَّةِ” ويَقُول، “إنَّ الكتابَ المقدسَ لا يصبحُ قانونًا إلَّا إذا جعلَتْهُ السُّلطةُ المدنيَّةُ الشرعيَّةُ كذلِك”. وهو يعني بذلك أنه لا يمانع في أن تكون أحكامُ الدين قانوناً يحكمُ الناس بشرط أن يكون ذلك باختيار السلطة المدنية، ولا يفرض عليها من قبل المؤسسة الدينية، ويتحول النص المقدس عندها –وهذا مهم جداً- إلى قانون مدني ويستمد قوته من هذه الناحية لا من كونه دينًا.
2- يقولُ الإنجليزي جون لوك (1704ت) :صاحب كتاب الحكومة المدنية “ينبغِي التمييزُ بوضوحٍ بينَ مهامِ الحكمِ المدنيِّ، وبينَ الدينِ وتأسيسِ الحدودِ الفاصلةِ بينهُمَا…”. ويقول: “أيًّا كانَ مصدرُ السلطةِ فإنَّ السُّلطةَ ما دامتْ ذاتُ طابعٍ كنسيٍّ؛ فيجبُ أنْ تكونَ مقيدَةً بحدودِ الكنيسةِ، إذْ ليسَ في إمكانِهَا بأيِّ حالٍ مِنَ الأحوالِ أنْ تمتدَّ إلى الشؤونِ الدنيويَّةِ؛ لأنَّ الكنيسةَ ذاتَهَا منفصلةٌ عَنِ الدولةِ، ومتميزةٌ عنها تمامًا. فالحدودُ بينهما ثابتةٌ ومستقرةٌ، ومن يخلطُ بينَ هذين المجتمعينِ كمن يخلطُ بينَ السماءِ والأرضِ”. ويقول: بـ”عدمُ قبولِ السلطةِ العُليَا الحاكمةِ لأيِّ استمدادٍ مُلْزِمٍ للقانونِ من الدينِ، بلْ ومن أيِّ مرجعيَّةٍ” ويقولُ “ليسَ مِنْ حقِّ أحدٍ أنْ يقتحمَ، باسمِ الدينِ، الحقوقَ المدنيَّةَ والأمورَ الدنيويَّةَ”.
3- جاء في موسوعة ويكيبيديا حول معنى الدولة المدنية: “ومن أهم مبادئ الدولة المدنية أنها لا تتأسَّس بخلط الدين بالسياسة. كما أنها لا تعادي الدينَ أو ترفضُهُ، فرغمَ أن الدين يظل في الدولة المدنية عاملاً في بناء الأخلاق وخلق الطاقة للعمل والإنجاز والتقدم. حيث إن ما ترفضه الدولة المدنية هو استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية”
وأنقل هنا كلاماً لكاتب آخر، في مجلة العصر، أعتبر كلامه شرحاً لما قاله المفكرون الليبراليون القدماء والمعاصرون، يقول: “فمن الناحية التاريخية، إذا رجعنا إلى أصل اصطلاحهِا الغربي، نجد أن للدولةِ المدنية مفهوماً فلسفياً – سياسياً مناقضاً للدولة الدينية (الثيوقراطية)، والتي يتأرجح مفهومها (نظرياً) بين حكم رجال الدين وتحكيمِ الدين نفسه في السياسة بغض النظر عن طبيعة من يحكم به، ويتمثل مفهومها عملياً بتنحيةِ الدين عن السياسية مطلقاً، باعتبار الدين هو مجموعةُ قوانين إلهية مميزةٍ للدولة الدينية. كما نجد أن لمفهومِ الدولةِ المدنية، والمجتمعِ المدني، والعقدِ الاجتماعي، بعداً فلسفياً خضع للتطور تدريجياً منذ ما قبل القرنِ الثامن عشر في فلسفة أرسطو وفي المدارس الفلسفية، وأصبح موضوعاً جدلياً في علم الاجتماع تبنته حركاتُ الإصلاحِ في الغرب على مدى قرنين من الزمن، فكانت الدولةُ المدنيةُ بمبدئها الرافضِ لتدخل الدين في السياسة دولةً علمانية، تُشكلُ إطاراً للانعتاق من ديكتاتورية الكنيسة، وفي الوقت نفسه تشكل قالباً سياسياً قابلاً لاستيعاب أي نظريةٍ سياسيةٍ تواقةٍ للتغيير من أجلِ التنمية والحرية.” ويقول أحدهم “ومهمة الدولة المدنية الدستورية هي المحافظة على كل أعضاء المجتمعِ بغض النظر عن القومية والدين والجنس والفكر، وهي تضمن حقوقَ وحرياتِ جميعِ المواطنين باعتبارِها روح مواطنة تقوم على قاعدة الديمقراطية، وهي المساواة في الحقوق والواجبات. وخصوصاً أن هناك من يرى أنه لا يمكن بناءُ الدولةِ المدنية في ظل الدولة المذهبية أو الدينية؛ لأن العقيدة أية عقيدةٍ كانت لا تؤمنُ بحقِ جميعِ المواطنين على قدم المساواة طالما أن القانون الديني يميز بين العقائد والتوجهات الفكرية والسياسية.”
وهكذا يتضح بجلاء مدى بعد الدولة المدنية عن مفاهيم الإسلام في الحكم والسياسة، فالخلاف جوهري وأساسي، فالدولة المدنية تفصل الدينَ عن السلطةِ بكل حالٍ وشكل، والإسلام دين منه الدولة، يرفضُ بشكلٍ مطلقٍ وتامٍّ عمليَّةَ العزلِ لَهُ عن الحياةِ والسلطةِ. فالإسلامُ دينٌ تامٌّ شاملٌ لجميعِ مناحِي الحياةِ، الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، وغيرها من مناحي الحياة المختلفة، ومهما حاول بعضُ الليبراليين التخفيف من حدة رفض الدولة المدنية للدين، وكذلك مهما حاول بعض الإسلاميين بيان إمكانية تقبل الدولة المدنية للدين، وأنها ليست كالدولة العلمانية في رفضها للدين، فإن الواضحَ أن المفهوم قد نشأ في أصله في بيئة معادية للدين، فالطرح القائل “دولة مدنية بمرجعية إسلامية” قول لا يستقيم، لأنه محاولة لجمع متناقضين معاً، فمفهوم الدولة المدنية، لا يقبل المرجعية الدينية أن تفرض عليه، وإذا قبل بعض القوانين المأخوذة من الدين، فإنه يرفض أخذها باعتبارها ديناً، وبهذا فصل لها عن أصلها الروحي التعبدي، فالمسلم في الدولة الإسلامية ينفذ القانون الإسلامي باعتباره ديناً، وغير المسلم ينفذه باعتباره تشريعاً، أما في الدولة المدنية فالكل ينفذ القانون باعتباره قانوناً فقط، بشرط تراضي الجميع عليه.
ولذلك فنحن كمسلمين لسنا بحاجة إلى هذا المفهوم، لنستبدلَه بمطلب الدولة الإسلامية، أو لنشرحَ من خلاله شكل الحكم في الإسلام، فالمفهوم يزيدُ الناسَ والمفكرين على سواءِ ضبابيةً، ويخلطُ الأمورَ خلطاً مضللاً، بل ويزيد بعضَنا بُعداً عن التصور الصحيح للإسلام، فلماذا نقبلُ كلَ ما يُطرح علينا، فهل في فكرنا السياسي عند علمائنا السابقين نقصٌ بحاجة إلى تتميم! فالحديث ليس عن وسائلَ وآلياتٍ أو أساليب، حتى ننتفع بها، بل الحديثُ عن مشروع سياسي متكامل يمثل مساراً ووجهة نظر، ولا أدل على ذلك من مناداة زعامات الكفر في أوروبا وأميركا لنا بهذا المشروع، وثنائهم على أبناء جلدتنا الذين يرددون هذا المفهوم من بعدهم، ومرادهم واضح وهدفهم ظاهر، ألا وهو حرفنا عن الحل الحقيقي وإبعادنا عن الدولة الإسلامية التي تنهي سيطرة الكفر على بلادنا، وتعيد سيادة الإسلام كما كانت، فالدولة الإسلامية هي البلسم الشافي لكافة قضايانا ومشاكلنا، وهي الحل الذي يرضي ربنا سبحانه وتعالى، لأنه به تحكيم لشرعه ودينه، وإعلاء لرايته، وإحياء لسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم التي أماتها الناس، فلا يغرَّنا ما يطرح المضبوعون بثقافة الغرب علينا من أفكار ومشاريع، فهؤلاء ما هم إلا ناقلون لمفاهيم الغرب ونظرياته، والغرب لا يريد لنا الخير، ولا يريد لنا التحرير من سيادة عملائه أو أفكاره، فكل ما يريده هو إبقاء الأوضاع الفاسدة كما هي، يريد تغيير الاسم أو الرسم. فالدولة المدنية باطل، وفيها إبعاد حقيقي لسيادة الحكم الشرعي، وهي طوق نجاة لعدونا ومصالحه في بلادنا، أما ديننا الحنيف فقد رسم لنا طريقاً آخر، نظاماً للحكم، بين شكله وأحكامه، فما بيَّنه لنا النبي صلى الله عليه وسلم في سنَّته وسار عليه حتى وفاته، ثم أجمع عليه الصحابة رضوان الله عليهم فساروا عليه واحداً بعد واحد، إنما هو نظام حقيقي للحكم، يجب إتباعه، والتزامه فيه النجاة، وفي غيره الغرق والهلاك، لأن إقامة حكم الله تعالى يرضي ربنا علينا؛ فيكون ذلك سبباً لرفعه الغضب عنا، أما غير دينه من النظم والشرائع ففيها غضبه وسخطه، وفيها بقاء للشقاء، وفيها تمكين لطواغيت الأرض من دوام حكمنا والاستبداد فينا وفي أنفسنا وأعراضنا وأموالنا، فنحو طريق النجاة سيروا أيها المسلمين يرحمكم الله.
2012-07-11