موقف اليهود من الثورات: خوّفٌ… وترقُّب!!
2012/07/11م
المقالات
2,206 زيارة
موقف اليهود من الثورات:
خوّفٌ... وترقُّب!!
حمد طبيب – بيت المقدس
لقد صدرت عدة تصريحات وأقوال عن الساسة والحاخامات اليهود بخصوص الثورات في البلاد العربية وتأثيرها الحالي والمستقبلي على كيانهم السياسي، ومن هذه الأقوال ما صرح به رئيس الوزراء )الإسرائيلي( السابق ووزير الدفاع الحالي (أيهود باراك) بمعهد الدراسات للأمن القومي اليهودي في تل أبيب في 14/03/2011م؛ حيث قال: “إن إسرائيل تواجه تسونامي سياسي جديد في المنطقة المحيطة…” وقال رئيس الوزراء الحالي (نتنياهو) في كلمته أمام الكنيست اليهودي في 06/03/2012م: “إن إسرائيل هي واحة الاستقرار في بحر هائج يمتد من أفغانستان حتى جبل طارق..”، وقال: (شاؤول موفاز) رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكنيست (الإسرائيلي) في حديث صحفي لمراسلي الصحف اليهودية ونقلته صحيفة الأيام الفلسطينية 01/02/2011م :”إن ما حدث في مصر وتونس هو إنذارٌ استراتيجي لإسرائيل..”، وقال الوزير (موشيه يعلون) في مقابلة مع الإذاعة اليهودية21/02/2011م: “ما يحدث في المنطقة زلزال تاريخي، ويجب على إسرائيل أن تنظر إلى هذه الأحداث من خلال ما قد تنطوي عليه من تهديد، إلى جانب ما تحمله في طياتها من فرص جديدة… وأعرب يعلون مع ذلك عن خشيته من استغلال عناصر سلبية وخاصة ((الإسلام المتطرف)) للوضع الجديد…”، أما (تسيفبي ليفني) زعيمة المعارضة فقالت في 16-2-2011م أمام جلسة مؤتمر للأمن والسياسة الخارجية في تل أبيب: “..إنه حان الوقت الآن للتسوية مع أبو مازن ومع السلطة الفلسطينية؛ وإلا فإن التغييرات الاستراتيجية في المنطقة -بسبب الثورات- سوف تفرض معادلات جديدة لن تستطيع إسرائيل تحمّلها“.
وجاء في توصيات لجنة (مجلس العلاقات الخارجية) لكيان يهود في 2/2/2012م: “..لإسرائيل مصلحة راسخة وعميقة في ظهور الديموقراطيات الليبرالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ظلّ الثورات الموجودة؛ لذلك يجب أن نسعى لتمكين الدول من إرساء ديموقراطيات ليبرالية، وأن نقيم صلات وعلاقات مع هذه الديموقراطيات، وعلى إسرائيل أن تراقب وترصد عن كثب جهود الحركات الإسلامية لاستغلال وتخريب فرص جديدة لإرساء ديموقراطية في المنطقة، جنباً مع جنب مع حلفائنا..”.
وقد صدرت أيضاً أقوالٌ وتحذيرات من حاخامات يهود منها على سبيل المثال ما أورده موقع (جئولاه) الإلكتروني؛ -ومعناها بالعبرية الخلاص- ونقلته جريدة (مصر الجديدة) بتاريخ 8-11-2011م عن الحاخام اليهودي (أبيشاي أفرجون) حيث قال: “إن ثورات الربيع العربي هي جزء من الخلاص الإسرائيلي”، وأضاف الحاخام “إنه خلال الِشهور الأخيرة حدثت العديد من الثورات العربية التي تمّت في هدوء، وبدون إراقة دماء، ولكن الشيء العجيب أن الكثير من الناس ينظرون إلى هذه الأحداث على أنها أحداث عادية، وأن الدهر يجري فيها على عادته دون تغيير من عام إلى عام، ولكني أقول لهم: إن هذه الأحداث هي جزء من الخلاص العام لإسرائيل…”.
وقال أحد الحاخامات اليهود، خلال لقاء مع عدد من طلاب المدارس الدينية فى تل أبيب والقدس المحتلة بتاريخ 21-4-2011م ونشره موقع يو تيوب الإلكتروني في الرابط (http://www.youtube.com/watch?v=-hYbVRFOO0M،)، ونقلته أيضاً صحيفة السبيل مترجم للعربية بتاريخ 22-4-2011م، “أيها اليهود.. أنتم تعلمون أن المنطقة حولنا تهتزّ وبقوة، وإذا كان بفكركم أن الثورات بعيدة عنا، وسنبقى نتفرج من بعيد، فأنتم مخطئون، وليكن في علمكم أنه إذا تغير الحكم -وكان إسلامياً- فى العديد من الدول العربية فستكون مشكلة كبيرة للغاية” وأضاف هذا الحاخام الإسرائيلى “..إن مظاهرة مليونية واحدة فى مصر بلغ عددها حوالى 2 مليون شخص، وإنهم قالوا خلالها: إنهم يريدون الزحف إلى القدس مشياً على الأقدام حتى يحرروها، وتعلمون أن سيناء بعيدة عن القدس جغرافياً بعض الشىء”، وتسائل فى الوقت نفسه “ماذا إذا زحفت الملايين من الضفة الغربية وباقي الحدود، وهم يردّدون: “الموت لإسرائيل.. الموت لليهود” و”للقدس رايحين شهداء بالملايين؟!!”.. فما هي حقيقة هذه الأقوال؟ وهل صحيح أن الثورات في البلاد الإسلامية -وخاصة العربية- لها تأثيرٌ حالي ومستقبلي على كيان يهود؟ وكيف يعمل هذا الكيان الشرير على درء هذا الخطر؟ وهل سينجح في ذلك؟ وحتى نجيب على هذه الأسئلة نريد أن نستعرض هذا الموضوع من عدة زوايا:
1- كيف تمكّن اليهود ابتداءً من السيطرة على أرض فلسطين، وكيف وتم اغتصابها من قبلهم؟.
2- كيف نظر اليهود وخاصّة الساسةَ منهم لقيام كيانٍ لليهود في أرض فلسطين؟.
3- كيف أثّر اغتصاب اليهود لأرض فلسطين على بروز التيارات الإسلامية في العالم الإسلامي؟.
4- ما هو تأثير اغتصاب اليهود لأرض فلسطين ومقدّساتها وظلم أهلها على أحداث الثورات في البلاد العربية؟.
5- ما هو مستقبل الحسم السياسي في البلاد العربية؟ وما مدى تأثير ذلك على هذا الكيان الشرير؟.
6- استعراض بعض الأخبار العقائدية الخاصّة ببيت المقدس، وبوجود اليهود فيها، وربط هذا الأمر بما يجري اليوم من أحداث عظام في البلاد الإسلامية.
7- الربط بين عودة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وبين الفساد العريض الحاصل من قبل كيان يهود الشرير في بيت المقدس.
أما بالنسبة للزاوية الأولى، وهي تمكّن اليهود من أرض فلسطين؛ فإنه لم يتحقق هذا الأمر لليهود إلا بعد زوال الخلافة وتفكّكها، وبعد تمزق الأمة الإسلامية إلى دول ودويلات، فصدقت بذلك مقولة السلطان عبدالحميد الثاني في رسالته (لهرتسل) -أحد زعماء الحركة الصهيونية- رداً على رسالته؛ أي هرتسل؛ وجاء في هذه الرسالة حسبما ورد في الوثائق التركية الخاصة بعهد الخلافة: “..ترغب جماعتنا في عرض قرض متدرّج من (عشرين مليون جنيه إسترليني) يقوم على الضريبة التي يدفعها اليهود المستعمرون في فلسطين إلى جلالته، تبلغ هذه الضريبة التي تضْمنها جماعتنا )مائة ألف جنية إسترليني( في السنة الأولى؛ وتزداد إلى مليون جنيه إسترليني سنوياً؛ ويتعلق هذا النمو التدريجي في الضريبة بهجرة اليهود التدريجية إلى فلسطين؛ أما سير العمل فيتم وضعه في اجتماعات شخصية تعقد في القسطنطينية…)، فردّ السلطان عبد الحميد على الرسالة قائلاً: “…إن الإمبراطورية التركية ليست ملكاً لي، وإنما هي ملك للمسلمين؛ فليس لي والحال كذلك أن أهب أي جزء فيها… فليحتفظ اليهود بملايينهم في جيوبهم… فإذا قسّمت الإمبراطورية يوماً ما فقد يحصلون على فلسطين دون مقابل، ولكن التقسيم لن يتم إلا على أجسادنا..)، وفعلاً بعد زوال الخلافة، وتمزُّق الأمة الإسلامية، كافأ الغرب الكافر اليهود على جهودهم التي قدموها لهم في الحرب العالمية بأرض فلسطين، وكان ذلك بمساعدة البعض من عملاء الاستعمار من حكام العرب والأتراك؛ أمثال الشريف حسين بن علي، ومصطفى كمال!!.. ولكن رغم حراسة الغرب -وعملاء العرب والأتراك من الحكام- لهذا الحدث الكبير، ورعاية الدول الكبرى له، إلا أن اليهود قد ساورهم الشك والخوف معاً في استمرارية هذا الكيان الجديد، في وسط محيط إسلامي يكُنّ له البغض والكراهية؛ فقبل قيام كيان اليهود اعترض قسم من زعماء اليهود وحاخاماتهم في أوروبا على هذا الأمر، وحاولوا صرف أنظار اليهود عن هذا الاختيار لأرض فلسطين؛ ففي 16 تموز 1947م قام رئيس الحاخامات وقتها (يوسف تزفي دوشنسكي) بتسليم مستند للأمم المتحدة عبر فيه عن معارضته الشديدة لأن تقام أرض يهودية في أي جزء من فلسطين… وجاء في الموسوعة السياسية للدكتور (عبدالوهاب الكيالي) جزء 3 صفحة 1661 “… ولا بد من القول بأن غالبية يهود العالم لم تأخذ بالحل الصهيوني (إقامة دولة في فلسطين)؛ بدليل وجود ثلاثة أرباع اليهود خارج إسرائيل…”. وجاء في الجزء الثاني صفحة 825: “..إن العديد من اليهود رفضوا وما زالوا يرفضون الصهيونية، وهناك العديد من اليهود المرموقين الذين وقفوا هذا الموقف أمثال ( أَلْمَرْ بَرْغره). وعندما عرض هرتسل كتابه “الدول اليهودية” على حاخام فيَنّا استنكر الأخير فكرة الوطن القومي اليهودي”.. وجاء في الجزء الثالثة صفحة 660 “…وكانت فكرة الدولة اليهودية بتشجيع من كبار الرأسماليين اليهود الذين يشكلون جزءاً لا يتجزأ من الإمبريالية الذين كانت لهم مصلحة خاصة في تحويل سيل الهجرة اليهودية من أوروبا الشرقية وروسيا إلى خارج أوروبا الغربية، لتجنب منافسة اليهود الوافدين للبرجوازية في أوروبا..”، وجاء في الجزء الثالث صفحة 661 “.. ان البرنامج الصهيوني في إنشاء وطن قومي لليهود لم يندفع بزخم كبير إلا بعد تبوُّء هتلر والحزب النازي سدة الحكم في ألمانيا بتواطؤ من قادة الصهيونية مع الحكم النازي في تهجير يهود ألمانيا إلى فلسطين…”.
إلا أن زعماء الحركة الصهيونية وبتسخيرهم للبعض من الزعامات الدينية من الحاخامات، وبمؤامرة من الزعماء الغربيّين -وخاصة زعماء الإنجليز-، غطّوا هذا الأمر بأكاذيب الحق التاريخي، والأرض الموعودة وأرض الميعاد..؛ وكحماية الشعب اليهودي من المذابح والعنصرية الأوروبية، والاضطهاد الديني وغير ذلك من أكاذيب..، واستخدموا الإرهاب الفكري والمادي لإجبار اليهود على الهجرة إلى ما يسمى بأرض الميعاد (إسرائيل)؛ ففي مقال نشرته صحيفة “كمفر” الناطقة باليديشية والصادرة في نيويورك بتاريخ 11/7/1952م؛ جاء في هذا المقال تصريح (لديفيد بن غوريون) أحد أبرز مؤسسي الدولة اليهودية قال فيه: “إنني لا أخجل من الاعتراف بأنني لو كنت أملك ليس فقط الإرادة بل القوة أيضًا، لانتقيت مجموعة من الشباب الأقوياء والأذكياء، والمتفانين والمخلصين لأفكارنا، والمشتعلين بالرغبة للمساهمة في عودة اليهود إلى إسرائيل”، مضيفاً “ولأرسلتهم إلى البلدان التي بالغ فيها اليهود بالقناعة الآثمة، وستكون مهمة هؤلاء الشباب أن يتنكروا بصفة أناس غير يهود، ويرفعوا شعارات معاداة للسامية، فإنني أستطيع أن أضمن أنه من ناحية تدفق المهاجرين إلى إسرائيل من هذه البلدان سوف تكون النتائج أكبر بعشرات آلاف المرات من النتائج التي يحققها آلاف المبعوثين، الذين يبشرون بمواعظ عديمة الجدوى”. ولكن رغم الأكاذيب وتطمينات الغرب ظلّ الشك يساور اليهود -من عامة الشعب ومن بعض الساسة والحاخامات- في إمكانية استمرار هذا الكيان وسط هذا المحيط الإسلامي، وهذا ما يفسر عدم تشجع أغلب اليهود للهجرة إلى فلسطين، ويدفع الكثير ممن هاجروا للرجوع من حيث قدموا مرة ثانية؛ وهو ما يسمى في مصطلح اليهود بالهجرة المعاكسة!!..؛ حيث ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في 7-10-2006م (.. إن الإحصاءات التي عرضت في اجتماع “لجنة الهجرة والاستيعاب والشتات” لهذا العام، -في دراسة أعدتها وزارة الهجرة والاستيعاب-، تؤكد أن نسبة 7.4% في المئة من المهاجرين من دول المنظومة السوفياتية السابقة بين عامي 1989م-2002م، عادت وغادرت (إسرائيل)، وأن عدد الذين غادروا (إسرائيل) في الفترة المذكورة بلغ (72) ألفا من أصل (939) ألفاً كانوا قد هاجروا سابقاً إلى الدولة العبرية..”
ونشرت مجلة (الحوار المتمدن) في عددها (2815) 30/10/2009م (… بعد هجرة المليون “يهودي” روسي إلى (إسرائيل). فقط 42% من اليهود في العالم هاجروا إلى (إسرائيل)، أي إن الأكثرية الساحقة من اليهود في العالم لا تريد الهجرة إلى (إسرائيل)، رغم الترغيب والإغراءات التي تقدّم لهم من أجل أن يقوموا بذلك، ورغم التخويف الذي تروّج له الحركة الصهيونية بين أوساط الجاليات اليهودية من الشعوب التي يعيشون بين ظهرانيها!!..
وهناك جماعات يهودية تعتبر الحركة الصهيونية خارجة عن تعاليم التوراة وتعتبر يوم قيام (إسرائيل) يوم حزن في التاريخ اليهودي.. يقول أستاذ التاريخ (ياكوف رابكن) في جامعة مونتريال في كتابه (مناهضة الصهيونية لليهودية): “… وتعتقد جماعات يهودية أرثوذكسية أن يوم قيام دولة إسرائيل يوم حزن بالنسبة للشعب اليهودي والإنسانية جمعاء، وهي تتعامل معه بصيامٍ وحداد، .. وهذا الرفض للصهيونية باسم التوراة لا يمكن وصفه بمعاداة السامية. والحال أن الحركة الصهيونية وإعلان دولة (إسرائيل) لاحقاً كانا وراء أكبر التصدّعات في التاريخ اليهودي، وقد عارضتها أكثرية يهودية، ويتفق مع هذا الرأي مثقفون صهاينة أيضاً يرون في الصهيونية تناقضاً مع اليهودية..”.
والحقيقة أن اغتصاب اليهود لأرض فلسطين رغم أنه حصل على حين غفلة من أمة الإسلام -وغياب الكيان السياسي الذي حرر وفتح أرض فلسطين، وحافظ عليها سنوات عديدة-، ورغم أنه مصاب كببرٌ، وكان له وقع الصاعقة على المسلمين؛ إلا أن هذا الحدث الجلل والمصاب الكبير كانت له آثار طيبة في الأمة الإسلامية، ومن تلك الآثار أنه نبّه مشاعر الأمة الإسلامية، وذكّرهم بواجبهم تجاه فلسطين، وبأنه يجب العمل على إنقاذها من براثن الشر والكفر والإجرام، وحرك فيهم أيضاً الوازع الديني؛ وخاصة أن أرض فلسطين فيها مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مما تشد إليه الرحال من كافة بلاد المسلمين!!..
وكان من نتائج هذا الحراك العظيم لمشاعر الأمة وللوازع الديني في كيانها أن صارت الأمة تفكر في سبب هذا البلاء الذي حلّ بأقدس بلادها، وكيف يمكن استرجاعه من براثن هؤلاء المجرمين، وبالتالي أخذت الأمة تفكر في موضوع الخلافة ووحدة الأمة الإسلامية من جديد، وصارت تفكّر في طريقة عودتها عن طريق الأحزاب الإسلامية، وكان أبرز أمر ترتب على هذه الناحية الطيبة؛ خروج رجل من أبناء فلسطين البررة الأتقياء من مدينة القدس؛ -وهو الشيخ تقي الدين النبهاني- ليعمل على إنشاء حزب إسلامي اسمه (حزب التحرير)؛ يعمل على وحدة الأمة الإسلامية تحت راية الخلافة، من أجل تحرير الأمة وتحرير أرضها ومقدّراتها المسلوبة وأبرزها فلسطين!!..
أما ما يتعلق بالزاوية الرابعة؛ أي ما يتعلق بالثورات الحالية التي حصلت في العالم العربي وخاصّة في البلاد المجاورة لأرض فلسطين، وتأثرها بما هو حاصل في فلسطين؛ فإن المصاب الواقع على أرض فلسطين وعلى أهلها والأحداث المتواصلة داخل هذه الأرض المقدسة الطاهرة، وخاصة ما يقع في المسجد الأقصى المبارك على وجه الخصوص؛ فكل ذلك كان له تأثير عظيمٌ ومباشرٌ في حصول هذه الثورات المتوقّدة في العالم الإسلامي، وتوهّجها واستمراريتها، وامتدادها إلى مناطق عدة في العالم الإسلامي.. فالثورات كما نعلم قد حصلت بسبب الظلم والغطرسة التي يمارسها الحكام على رقاب المسلمين، وبسبب قصور الحكام في واجباتهم تجاه الشعوب الإسلامية، وخاصة قصورهم تجاه أرض وشعب فلسطين، وإنه مما لا شك فيه أن الأحداث التي جرت في المنطقة -ومنها ما جرى في العراق وأفغانستان، وما جرى من أحداث الانتفاضة الأولى في فلسطين سنة 1987م-1994م، ثم الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) عام 2000م-2003م-، لا شك أن هذه الأحداث كان لها تأثير عظيم على زيادة نقمة الشعوب على قصور حكامها تجاه واجباتهم، وزاد الطين بلّة في إثارة الشعوب ونقمتها على حكامها ما جرى من هؤلاء الحكام تجاه كيان يهود المغتصب لأرض فلسطين عندما وقّعوا معه معاهدات الخيانة المسماة (بمعاهدات السلام)؛ وما تبع ذلك من اعتراف الجامعة العربية سنة 2002م في قمة بيروت؛ عندما اعترف زعماء العرب بكيان يهود المغتصب لأرض وشعب فلسطين، وما سبق ذلك وتبعه من تبادل السفارات والاتفاقات التجارية والممثّلات الدبلوماسية.. ومن حراسة حدود هذا الكيان المغتصب من جميع الجهات وتسخير الجيوش لذلك، بدل تدميره وإزالته عن الخارطة.. وغير ذلك من العلاقات الحميمة مع هذا الكيان الشرير!!..
فازدادت نقمة الأمة على حكامها بسبب هذه الخيانات والأعمال الإجرامية، حتى وصل الأمر إلى درجة الانفجار، فانفجرت هذه الشعوب -مرةً واحدة- كالبركان الثائر، وأخذت تُلقي بحمم نارها على حكامها، فتحرقُ قسماً منهم وتطرده من أرضها، وتسعى جاهدة لاستئصال الآخرين ممن بقي في مكانه..
ومما يعزّز ويؤيد تأثير اغتصاب اليهود –وجرائمهم في أرض فلسطين وبحق أهل فلسطين- على هذه الثورات العظيمة أن هناك أحداثاً كانت تقع بالفعل في خضم الثورات تنادي بقلع السفارات اليهودية من العواصم العربية كما جرى في القاهرة بتاريخ 20-8-2011م عندما حاصر الآلاف من المصريين مبنى السفارة واقتحموه، وكما جرى في عمان في أكثر من مسيرة كانت تتجه نحو السفارة اليهودية في منطقة عبدون؛.. فقد ذكرت الإذاعة (الإسرائيلية) الحكومية مساء الأربعاء 15-9-2011م أن (إسرائيل) أمرت سفيرها في عمان والعاملين في السفارة بالعودة إلى (إسرائيل) خشية تنظيم تظاهرات عنيفة معادية (لإسرائيل) في الأردن، وذلك بعد الأحداث التي حصلت للسفارة (الاسرائيلية) في القاهرة، وبعد دعوة من الأحزاب الأردنية بتنظيم مسيرة مليونية إلى مبنى السفارة اليهودية في عبدون، وقالت وسائل الإعلام (الإسرائيلية) إن السفارة (الإسرائيلية) في عمان أغلقت قبل يوم من موعد إغلاقها الأسبوعي.
.. وكذلك ما كان يرفع من شعارات في الثورات العربية؛ في تونس ومصر وسوريا والأردن واليمن.. تنادي بتحرير أرض فلسطين وأرض الجولان، وخاصة في مظاهرات سوريا العظيمة ضد الظلم والخيانة، وأيضاً ما جرى من أعمال قام بها المتحمّسون من أبناء الأمة خلال هذه الثورات من التظاهر أمام حدود كيان يهود، ومن القيام أيضاً باقتحام هذه الحدود كما جرى بتاريخ 15-5-2011م، وكما جرى هذا العام في مناسبة يوم الأرض 30/3/2012م!!…
ولا نبالغ إن قلنا أن قضية فلسطين وتأثيرها على الشعوب المسلمة يكاد يكون حاضراً في جميع ألوان الحراك الشعبي والثورات الجماهيرية ضد الحكام، وهي من الأسباب الرئيسة التي حركت مشاعر الأمة الإسلامية نحو واجب الخلافة والتغيير الجذري في العالم الإسلامي!!..
ونصل إلى الزاوية الخامسة؛ وهي مستقبل الحسم السياسي في البلاد العربية وتأثير ذلك على كيان يهود..
فالملاحظ أن الثورات في البلاد العربية قد فاجأت الدول الغربية -وخاصّة أمريكا وأوروبا- وفاجأت اليهود وحكام العرب؛ وهذا ما صرح به أكثر من سياسي غربي، حيث قال الدكتور البرادعي في تصريح جريدة الشروق 03/09/2011م: “.. الثورة في مصر قد فاجأت أميركا، ولم تكن في حساباتها السياسية)، وفي تصريح لوزيرة التعاون الدولي (فايزة أبو النجا) أمام قضاة التحقيق التمويل الأجنبي لمنظمات حقوقية وأهلية 14/2/2012م، أكدت “أن الثورة المصرية فاجأت أميركا التى حاولت الإسراع بمحاولة احتواء الثورة، حتى لا تصل لأبعاد خارج السيطرة، ثم سعت فى بعض الأوقات لإجهاض الثورة، لأنها مشروع نهضة تاريخي لمصر، وبالتالى اعتبرت أن الثورة تمثل تهديداً للمصالح الأميركية والإسرائيلية فى المنطقة..”، وكتب (دونالد ماكنتاير) فى صحيفة “الإندبندنت” البريطانية مقالاً كاملاً بتاريخ 26-12-2011م حول منطقة الشرق الأوسط وكيف فاجأت الثورات العربية الغرب وأربكته وجعلته يفكر في مواقفه من المنطقة وأنظمتها، وفي النهاية حولّت عقوداً من الدبلوماسية الغربية هباءً منثوراً..)!!..
لذلك تحاول الدول الكبرى جاهدة تطويق هذا الحراك الشعبي العظيم في البلاد العربية حتى لا يتمكن من قطف الثمرة الصحيحة، وحتى لا يكون له تأثير أوسع على باقي بلاد المسلمين في البلاد غير العربية، وهي تستخدم عدة وسائل وأساليب من أجل تحقيق هذه الغاية منها:
1- التخلي عن بعض الحكام من عملائها كما جرى في تونس ومصر واليمن وليبيا.
2- التظاهر بدعم الثورات من منطلق الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومن منطلق محاولة تجيير الأمور لصالحها.
3- استخدام ورقة الحركات الإسلامية كما هو حاصل في مصر وسوريا وتونس..
والحقيقة أن دول الغرب قد نجحت إلى حد ما في خديعة الشعوب في البلاد العربية، ولكن هذه الخديعة لن تظلّ أبد الدهر، فكما أنها خدعت الشعوب بالحكام عن طريق شعارات الثوريّة والوطنية والقومية، وانكشف هذا الخداع من قبل الشعوب فثارت في نهاية المطاف على حكامها.. فنفس الأمر سيحصل إن عاجلاً أو آجلاً ضد الشعارات الإسلامية المخادعة التي ترفع في هذه الثورات للتسلق عليها، وركوب موجتها وتجييرها لصالح القوى الاستعمارية..
فالحسم السياسي في البلاد العربية سيكون للإسلام المخلص بعد هذه المرحلة من الخديعة والكذب والتضليل السياسي؛ عن طريق بعض الحركات الوطنية والإسلامية، لأن الزبد لا يمكن أن يعمر طويلاً فوق صفحة الماء الزلال الطاهر النقي.. قال تعالى: (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَال (17))
وأما تأثير هذا الحسم السياسي على كيان يهود فسوف يكون عظيماً، لأن الشعوب كلها تنتظر بفارغ الصبر الجهاد على أرض فلسطين ضد يهود، وهذا الأمر هو ما يقلق ساسة اليهود قبل ساسة الغرب وحكام العرب، لأن وصول المخلصين إلى سدة الحكم في أي بلد من البلاد العربية في مصر أو سوريا أو تونس أو الأردن سيكون بمثابة الشرارة الجديدة التي تحدث تغييراً من نوع جديد في المنطقة، وهو التغيير لصالح الحركات الإسلامية المخلصة والسعي لإقامة الخلافة الراشدة الثانية الموعودة؛ وقد رأينا -فيما سلف- تحذيرات الساسة اليهود والحاخامات من هذا الامر والعمل على تفاديه..
والحقيقة أن ضلالات الغرب لن تصمد أمام هذا الحراك الشعبي المخلص، لأنها فشلت في القضية الكبرى وهي الحيلولة دون قيام كيان سياسي إسلامي مخلص في المنطقة، فمن باب أولى أن تعجز عن درء الخطر الداهم لكيان يهود والسعي لتحرير أرض فلسطين شبراً شبراً من هذا الشر المستطير..
ولن ينفع ترقب ولا حيطة من قبل ساسة يهود تجاه هذا الحدث، بل إنهم يدركون تمام الإدراك أن هذه الساعة آتية لا ريب في قدومها، ولكنهم يحاولون تأخيرها أو صرف شرها عنهم، ولكن إرادة الله عز وجل هي أقوى من تدبيرهم ومكرهم وتفكيرهم..
ونصل إلى الزاوية الأخيرة في هذا الموضوع وهي الأخبار الإلهية العقائدية التي تحدثت عن هذه المرحلة في حياة الأمة الإسلامية تجاه بيت المقدس، وتجاه كيان يهود المفسد فيها… وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: إن تحرير فلسطين لا يكون إلا عن طريق الخلافة والثاني: إن معركة الحسم ستخلع يهود من جذورهم ليكونوا عبرة للناس جميعاً، والثالث: مستقبل الخلافة في أرض بيت المقدس (فلسطين) وانطلاقها إلى ربوع الأرض منها..
أما الأمر الأول، وهي الأخبار الإلهية التي تحدثت عن أرض فلسطين وعن تحريرها من قبل المؤمنين المخلصين في ظل الخلافة الراشدة، فإن الملاحظ هو أن فلسطين على مدار التاريخ في حياة الأنبياء صلوات الله عليهم جميعاً كانت محطة إيمانية عظيمة وجائزة للصبر والثبات على الحق، وكانت كذلك لرسولنا عليه الصلاة السلام وللمؤمنين الصادقين معه، ولمن بعده.
فقد أكرم الحق تعالى بني إسرائيل بإنزالهم في بيت المقدس بما صبروا، وبما صدقوا مع الله عز وجلّ .. قال تعالى: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ (137))
وأكرم لوط عليه السلام وإبراهيم عليه السلام بإنزالهم ببيت المقدس بعد ثباتهم على الحق والإيمان قال تعالى: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71))
وأكرم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم برحلة الإسراء إلى بيت المقدس والمعراج إلى السماوات العلا من المسجد الأقصى المبارك في بيت المقدس، قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِير (1)).
ثم أكرم المسلمين في عهد الخلافة الراشدة من صحابة رسول الله e، أكرمهم بفتح القدس وما حولها من أرض بيت المقدس، وكان ذلك في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق t عندما بعث الجيوش الأربعة إلى أرض الشام، وفتحت معظم بلاد الشام في عهده t، وتوفي قبل إكمال تحرير القدس والمسجد الأقصى المبارك؛ وفي عهد الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب t تحقق الوعد الإلهي!!..
وقد أخبر الحق تعالى أن هذه الأرض ستكون جائزة للمؤمنين المخلصين في آخر الزمان في عهد الخلافة الراشدة.. قال تعالى (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9))، والبشارة في هذه الآية التي تبشر بفتح بيت المقدس على أيدي المؤمنين هي قوله تعالى: (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا) أي إذا عدتم إلى الفساد والإفساد كما هو حاصل اليوم عدنا إلى عذابكم وإخراجكم من الأرض المقدسة كما فعلنا بكم من قبل؛ والفساد حاصل هذه الأيام من قبل اليهود في أرض القداسة والطهارة، وسيكون العذاب قريباً بإذنه تعالى على أيدي المؤمنين المخلصين في ظل الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وليصدق قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله.. إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود». رواه مسلم.
فعلى أرض بيت المقدس الطاهرة ستكون معركة الحسم في القضاء على شرّ اليهود من بلاد المسلمين، وسيطردون شرّ طردة، ليكونوا عبرة لمن خلفهم من المشركين النصارى في بلاد الغرب..
أما الأمر الثالث في هذه الأخبار الإلهية العظيمة فهو إخبار المولى عز وجل على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام أن الخلافة ستنزل بيت المقدس؛ لتكون أرضُها الطاهرة قاعدة الارتكاز والمركز لهذه الخلافة، قال عليه الصلاة والسلام: «إذا نزلت الخلافة بيت المقدس فقد دنت» وفي رواية أخرى: «يا ابن حوالة، إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة، فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور والعظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك». رواه أحمد في مسنده.
وذكر ابن عساكر في تاريخه حديثاً مرفوعاً عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «هَذَا الأَمْرُ كَائِنٌ بَعْدِي بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ بِالشَّامِ، ثُمَّ بِالْجَزِيرَةِ، ثُمَّ بِالْعِرَاقِ، ثُمَّ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَإِذَا كَانَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَثَمَّ عُقْرُ دَارِهَا، وَلَنْ يُخْرِجَهَا قَوْمٌ فَتَعُودَ إِلَيْهِمْ أَبَدًا» والمدينة كما ذكرها أغلب من فسر هذا الحديث؛ هي القسطنطينية نسبة إلى حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام «أي المدينتين تفتح أولاً يا رسول الله…» الحديث
وفي هذين الحديثين بشرى عظيمة وهي أن الخلافة الراشدة ستتخذ من بيت المقدس عاصمة لها وقاعدة انطلاق لنشر الإسلام إلى كل ربوع الأرض… فمنها ستنطلق الجيوش لتحقيق بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح روما مهد الفاتيكان وعاصمة النصارى مصداقاً لحديثه عليه الصلاة والسلام عندما سئل: «.. أيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ اَوَّلًا قُسْطَنْطِينِيَّةُ اَوْ رُومِيَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ اَوَّلًا يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ». رواه أحمد. ومنها ستنطلق الجيوش بإذنه عزّ وجل إلى كل ربوع الأرض مصداقاً لقوله عليه السلام: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين؛ بعز عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر» سلسلة الصحيحة.
وفي الختام نقول: إن جميع مؤامرات الغرب، سواء ما تعلق منها بهدم الخلافة، أم بمحاولة عدم عودتها مرة أخرى، أم ما بمحاربة الحركات الإسلامية المخلصة، أم ما بالالتفاف على ثورات الشعوب المخلصة ضد حكامها، أم تعلق منها بأرض فلسطين ومحاولة تثبيت يهود بها على حساب حق المسلمين… كل هذه المؤامرات وكل هذا المكر سيصدق فيه قوله عز وجل: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)).
(وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21))
(وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47))
وسيفرح المؤمنون عما قريب بنصر الله في ظل الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة..
ليصدق قوله تعالى: (الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)).
2012-07-11