بيان الناطق الرسمي لحزب التحرير في السودان حول تعامل الدولة بالربا
2003/12/10م
المقالات
1,625 زيارة
بيان الناطق الرسمي لحزب التحرير في السودان
حول تعامل الدولة بالربا
نشرت صحيفة ألوان السودانية، في عددها الصادر في 19 رمضان سنة 1424م، بيان الناطق الرسمي لحزب التحرير في السودان، الشيخ علي سعيد أبو الحسن. والوعي تنشره على صفحاتها لإطلاع القراء عليه.
ـــــــــــــــ
أجاز المجلس الوطني الأسبوع الماضي، مشروع قانون، بالتصديق على اتفاقية قرض بين حكومة السودان والبنك الإسلامي للتنمية في جدة، والقاضي بتمويل إنشاء 22 مدرسة أساس، في الولايات الجنوبية بما قيمته حوالي 9 ملايين دولار أميركي، واشتمل الاتفاق على فائدة ربوية بنسبة 2.5% من قيمة القرض، تدفعها الحكومة سنوياً. وحاول بعض النواب نفي صفة الربوية عن هذا القرض، باعتبار أن الـ 2.5% هي عبارة عن رسم خدمة سنوية. إلا أن رئيس المجلس الوطني أحمد إبراهيم الطاهر، قطع بإجازة القرض، وإن كان ربوياً صرفاً، فقال: «لو كان القرض ربوياً صرفاً، جاز لنا أيضاً أن نجيزه» وبرر ذلك بأن 80% من أبناء الجنوب خارج إطار التعليم، فيما يعد إلغاء لدورهم في الحياة. والدولة لا تستطيع إعمار الدمار الذي لحق بالمؤسسات التعليمية، وقال: «يحل الاعتراف بالربا لتلافي هذا الضرر العظيم».
إن حرمة الربا مما هو معلوم من الدين بالضرورة، وقد تواترت الأدلة على ذلك، ومن ذلك قوله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة].
وقد روى مسلم وأحمد وغيرهما عن رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم) لعن اللَّه آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه إذا علموا به». إن هذه الدولة تزعم أنها ترتكب هذا المنكر البشع ثمناً للسلام، وإيقاف الحرب، واستقرار الجنوب، فقد صرح الرئيس البشير، أول أمس، في مدينة الابيض قائلاً: «إن الحكومة مستعدة أن تمنح أي شيء في مقابل الحصول على السلام». وقال رئيس اللجنة الاقتصادية «إن هذا المشروع من المشاريع الضرورية التي تأتي في إطار تهيئة مناخ الاستقرار بالولايات الجنوبية» ويا لفداحة الثمن! قال اللَّه تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ) [البقرة]. فهل الحرب من اللَّه ورسوله هو ثمن لإيقاف الحرب مع المتمردين؟
وقد قال رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم): «الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه» رواه الحاكم والطبراني وابن ماجه. فهل ارتكاب إثم مثل أن ينكح الرجل أمه، هو ثمن إيقاف الحرب مع المتمردين؟
وقال رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم): «ما ظهر في قوم الربا والزنا، إلا أحلوا بأنفسهم عقاب اللَّه» رواه أحمد. فهل إحلال عقاب اللَّه هو ثمن لإيقاف الحرب، ورفع العقوبات الأميركية؟
وعندما تلا رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم) قوله تعالى:
(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) [التوبة/31] قال عدي: فقلت لم يعبدوهم، فقال رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم): «بلى، إنهم حرموا عليهم الحلال، وأحلوا لهم الحرام، فاتبعوهم، فتلك عبادتهم إياهم» رواه أحمد والترمذي. وقال أبو داود: «مسجل الربا كافر»، وقال الإمام المناوي في فيض القدير: «إن الإيمان والربا لا يجتمعان» فهل يكون إعمار الدنيا هو ثمن خراب الآخرة؟
بيد أن السبب الحقيقي وراء ذلك، إنما هو فساد النظام التشريعي الذي تتبعه الدولة، المأخوذ من صورة التشريع في النظام الديمقراطي الذي تجاز فيه القرارات بالأغلبية، مما يعطي البشر حق التشريع تحليلاُ وتحريماً. فليست هذه هي المرة الأولى، التي تجاز فيها القروض الربوية، من قبل هذا المجلس، ولكن في كل مرة تخرج علينا الدولة بتبريرٍ جديد.
إن نظام الحكم في الإسلام _ الخلافة _ يجعل العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة، وهي في نفس الوقت أساس الدستور والقوانين الشرعية، بحيث لا يسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منها، إلا إذا كان منبثقاً عن العقيدة الإسلامية .
علي سعيد أبو الحسن
الناطق الرسمي لحزب التحرير في السودان
2003-12-10