مؤتمرات حزب التحرير
2004/05/10م
المقالات
1,744 زيارة
مؤتمرات حزب التحرير
عقد حزب التحرير عدداً من المؤتمرات، في كل من إندونيسيا، والسودان، واليمن، وباكستان، بالإضافة إلى بريطانيا، تحت اسم «مؤتمر الخلافة الراشدة»، وذلك في أشهر: جُمادى الثانية، وشعبان، ورمضان، من السنة الهجرية 1424. وقد حققتْ هذه المؤتمرات نجاحاً توقعه لها الحزب الذي يرى أن الأمة أصبحت قريبة جداً من فكرته التي قام لأجلها، فأراد أن «يجمع الناس في مؤتمرات مشهودة؛ ليستمعوا إلى العاملين للخلافة، تهيئة لسماعهم للقائمين على الخلافة، وليدركوا كيف تتولى الخلافة أمرهم، وترعى شؤونهم، وتحلّ قضاياهم، قبل أن يروا كل ذلك ماثلاً عملياً بينهم».
ـــــــ
لقد تمكن الحزب من عقد هذه المؤتمرات في أربع ولايات من بين ثلاثين يعمل فيها في بلاد المسلمين. ولم يرضَ الحكام وزبانيتهم عن هذه الخطوة، في بعض هذه المؤتمرات، فلاحقوا أصحابها، وأخافوا، وأرهبوا، وأشاعوا… حتى لا يحضر المسلمون، فرجع الكثير منهم، خوفاً من هذه الأجواء… ومع ذلك، فقد عقدت هذه المؤتمرات، وحضرها أناس ذوو بال، وكان وقعها عظيماً.
وقد افتتحت المؤتمرات بعد القرآن الكريم، بصوت أمير حزب التحرير لا بشخصه، حيث حدّث الحضور فيها عن اطمئنانه إلى قرب نصر الله سبحانه، وقرب إقامة الخلافة الراشدة الموعودة، بإذن الله، التي أظلّ زمانها «وأصبحت مطلباً رئيساً لعامة المسلمين، الذين يجدون فيها رضوان ربهم، وإعادة عزهم، وتحرير بلادهم، والانعتاق من نفوذ الكفار المستعمرين، وخلاصاً من ظلم حكامهم، حيث رأتهم الأمة، رأي العين، يسلمون البلاد للكفار، أذلاّء خانعين، لا يستحيون من الله، ولا من عباد الله» وذكر أن ليس لفلسطين، والعراق، وأفغانستان، وكشمير، والشيشان، وجنوب السودان… إلا الخلافة الراشدة، وطلب من الحضور أن يشمروا عن سواعدهم، ليجعلوها واقعاً ماثلاً للعيان، وأن يخلصوا العمل، ويصدقوا القول، فسنة الله في النصر لا تأتي إلا للمخلصين الصادقين.
كذلك خصص أمير حزب التحرير كلمة في المؤتمر الذي عقد في بريطانيا، قال فيها: إن بلاد الإسلام اليوم، تخلو من خليفة يجمع شمل المسلمين، ويقيم فيهم أحكام الله، ويجاهد بهم في سبيل الله، وإنها ممزقة الأوصال فوق خمس وخمسين دولة، وإنها يتحكم فيها الكفار المستعمرون بجيوشهم وبنفوذهم، وإنها أصبحت نهباً لكل طامع. وذكرهم بوعد الله تعالى، وبشرى رسوله r، بعودة الخلافة الراشدة، وأنهم جزء من الأمة الإسلامية، وطلب منهم أن لا ينفصلوا عن أمتهم، لأنهم «جزء الأمة المتقدم في بلاد الغرب، ومقدمة الأمة في حمل لوائها».
والآن سنستعرض هذه المؤتمرات بإيجاز مفيد، ليثق المسلمون أكثر بما وصل إليه العمل الإسلامي، في مشروع عودة الإسلام إلى واقع الحياة.
مؤتمرات الخلافة الراشدة – إندونيسيا:
عُقد في 23 من شعبان 1424هـ – 29 منه 1424هـ = 19/10/2003م – 25/10/2003م في سبع مدن، نظراً لاتساع رقعة الجزر الإندونيسية وتباعدها. وكان مجموع الحضور حوالي 17450 شخصاً، من جميع قطاعات الأمة: الأساتذة، والطلاب في المدارس، والجامعات، والعلماء، والمؤسسات المدنية، والنقابات المهنية، وأطباء، ومحامين، ومهندسين، وشخصيات سياسية، وبعض الأحزاب، وعمال… وقد كان الحضور رجالاً ونساء متساوين تقريباً… وكان الحضور بمختلف فئاتهم مشدودين إلى الخلافة، والعاملين لها، ويتوقون لوحدة بلاد المسلمين في دولة واحدة، وكان هذا ظاهراً عليهم، أثناء الأسئلة والنقاش في آخر الجلسات.
وكمثال على المؤتمرات السبعة التي عقدت في إندونيسيا، نذكر مؤتمر جاكرتا، الذي افتتح بالقرآن الكريم، ثم ألقيت كلمة أمير حزب التحرير بالصوت، ثم تمت ترجمتها باللغة المحلية، ثم ألقى الناطق الرسمي للحزب في إندونيسيا (إسماعيل يوسانطو) كلمة ترحيبية، ثم كلمة الأستاذ (فريد وجدي)، عضو الولاية في حزب التحرير بعنوان «كيف تم تمزيق البلاد الإسلامية إلى دويلات بعد أن كانت دولة واحدة» ثم كلمة أحد كبار علماء «جمعية نهضة العلماء» الشيخ (كيالي الحاج عرفان زدني) بعنوان «الدور الضار الخطير لأميركا واليهود في تمزيق البلاد الإسلامية» وبعده ألقى أحد أعضاء الحزب (أحمد جو نيدي) كلمة بعنوان: «دور جميع الدول الكافرة المستعمرة في القضاء على الخلافة وتمزيق بلاد المسلمين». ثم كلمة رئيس اتحاد المحامين المسلمين في إندونيسيا الأستاذ (محمد لطفي) بعنوان: «العلاقات الدولية وضرورة إعادة الخلافة». وبعد ذلك تم عرض خريطة على شكل صور متحركة تبين إقامة الرسول r للدولة الإسلامية، ثم الخلفاء الراشدين من بعده، والأمويين، والعباسيين، والعثمانيين، إلى أن تمكن الكفار المستعمرون وعملاؤهم من القضاء على دولة الخلافة، وختمت بأنها ستعود إن شاء الله، ثم ألقى عضو الولاية (محمد رحمة) كلمته الأخيرة بعنوان «كيفية إعادة الخلافة، وتوحيد بلاد المسلمين تحت ظلالها» ثم ختم المؤتمر بالدعاء.
وقد حضر من مجلس علماء إندونيسيا، الجمعية المحمدية، واتحاد المرأة المسلمة، نهضة العلماء، منظمة الشباب المسلمين. وألقى (سيف الإسلام) مدير مؤسسة «مقدس» كلمة في مؤتمر باندونغ. والمهندس (بامباغ) عضو البرلمان من حزب هلال ونجم. و(د. جواهير) عميد كلية الحكم في الجامعة الإسلامية الإندونيسية. وألقى أحمد مزرلي زعيم حزب العدالة (الإخوان المسلمون) كلمة قال فيها: «الخلافة فرض ليس فقط على حزب التحرير، بل على الجميع، ويجب العمل لإيجادها». وغيرهم كثير.
إن هذا التنوع الكبير في الحضور والإلقاء لدليل على التوجه الإيجابي نحو الخلافة عند المسلمين في إندونيسيا.
مؤتمر الخلافة الراشدة – ولاية السودان:
عُقد في 26 من شعبان 1424هـ = 22/10/2003م، في الخرطوم في قاعة الصداقة – القاعة الدولية، وهي القاعة الأولى في البلاد، تعقد فيها مؤتمرات القمم. حضر فيها 2000 شخص، من بينهم 500 من النساء، من مختلف قطاعات الأمة، من أساتذة الجامعات وأبرزهم الدكتور محمد موسى، وكثير من العلماء وأئمة المساجد جاوز الخمسين، وحضر الدكتور يوسف نور الدائم، من قيادات الإخوان المسلمين – التنظيم العالمي، وعضو المجلس الوطني (البرلمان). وحامد محمد حامد، رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة… وكالعادة، بدأت الجلسة بتلاوة من القرآن الكريم، ثم كلمة أمير حزب التحرير بالصوت لافتتاح المؤتمر، ثم ألقيت أربع كلمات بعنوان: «الخلافة تاج الفروض»، «الخلافة والموقف الدولي»، «الخلافة والتحديات الداخلية – قضية جنوب السودان»، ثم كلمة الشيخ أبو الحسن، الناطق الرسمي للحزب – ولاية السودان – رحمه الله – بعنوان: «متطلبات إعادة الخلافة». ثم حدثت مناقشات حول المواضيع التي طرحت، ومن الأمور اللافتة للنظر أن القاعة بقيت غاصة، حتى نهاية المؤتمر، وهذا دليل قوي على تطلع المسلمين الشديد نحو الخلافة والعاملين لها.
مؤتمر الخلافة الراشدة – ولاية اليمن:
عُقد في 17 من رمضان 1424هـ = 11/11/2003م، في صالة الخيول في صنعاء، بعد أن وجد القائمون عليه صعوبة في عقده في جامع صنعاء الكبير، وبخاصة أنه في ذكرى معركة بدر الكبرى، ولكنه منع من ذلك، ولم يسمح لهم بالدعاية والإعلان، ولم يوافق سوى عدد قليل من الصحف على نشر إعلان عن عقد المؤتمر، ولكن أعضاء حزب التحرير عوضوا عن ذلك باتصالات مكثفة بالمسلمين، وذوي الشأن، وطبعوا دعوات، وملصقات، وقصاصات، ووجهت دعوات إلى جهات رسمية، وحزبية، وسياسية علمانية، كانت تقوم بدعاية مضادة، ونُشرت إشاعات أطلقتها أجهزة النظام بشكل لافت، بأن من سيحضر سيعتقل، فخيّم جو الخوف. ولولا أن موضوع المؤتمر هو الخلافة، ولولا أنها قضية مصيرية للمسلمين، لانفض الناس عن المؤتمر… لكل هذه الأسباب، فقد بلغ الحضور في حدود 400 شخص، وتميّز بأنه كان غير عابئ بأجواء الخوف التي حاول أن يفرضها النظام.
وقد افتتح المؤتمر بالقرآن الكريم، ثم كلمة أمير الحزب بالصوت، ثم ألقيت ثلاث كلمات بعنوان: «فَرْضِية العمل لإقامة الخلافة»، «كيف تعالج دولة الخلافة مشكلة الفقر في اليمن»، «دولة الخلافة والموقف الدولي».
وقد كانت ردود الفعل جيدة، وحذرة، فقد أوجد المؤتمر حالة من الصراع السياسي والفكري، وبقيت الصحف أكثر من عشرين يوماً، مع الأوساط السياسية والإعلامية، وبخاصة الصحف، تتناول موضوع المؤتمر.
مؤتمر الخلافة الراشدة – ولاية باكستان:
عُقد في 22 رمضان 1424هـ = 16/11/2003م، في قاعة (إيوان-إي-إقبال) للمؤتمرات في لاهور، مع بعض الصعوبات التي كانت تهدف إلى منع انعقاد المؤتمر. وكان عدد الحضور3000 شخص من بينهم 250 امرأة.
وقد تضمن المؤتمر برنامجاً مكثفاً، تناول بعد الافتتاح بالقرآن وكلمة أمير حزب التحرير بالصوت وترجمتها، أربع كلمات بعنوان: «مخططات الولايات المتحدة لخدمة مصالحها في باكستان عن طريق التشريع القانوني»، «المخططات الأميركية للهيمنة على الاتصالات على الاقتصاد الباكستاني»، «المخططات الأميركية للهيمنة على آسيا الوسطى وجنوب آسيا»، «الخلافة هي النظام الوحيد الواجب إقامته مكان النظام الوضعي القائم». ومن ردود الفعل المشجعة أن الحضور قاموا بتهنئة القائمين على المؤتمر على نجاحهم، وكانت نوعية الأسئلة تحاكي تطلع المسلمين في باكستان إلى الخلافة. وكتبت الصحف بالأوردو والإنكليزية عن المؤتمر، وكانت في تغطيتها للمؤتمر تعكس ميول الناس في باكستان واتجاهاتهم. أما رد فعل الدولة تجاه المؤتمر فإنها، بعد أن ملأها الغيظ، وخشيت على الناس من الحزب، أصدرت قراراً بتاريخ 20/11/2003م بحظر حزب التحرير، فأصدر الحزب على الأثر بياناً بعنوان: حظر حزب التحرير لن يوقف عمله لإقامة الخلافة.
مؤتمر الخلافة الراشدة – بريطانيا:
عُقد في 26 من جمادى الثانية 1424هـ = 24/8/2003م في «ناشينال أندورأرينا – مركز برمينغهام» وبلغ عدد الحضور 7000 شخص من مختلف القطاعات، وحضرتْ وسائل إعلام عربية وإسلامية وغربية، بلغت 43 وسيلة. وقبل البدء بالمؤتمر عرضت أفلام وثائقية بالفيديو عن مأزق الهوية، تبين الاختلاف بين قيم الحياة الغربية، وقيم الحياة الإسلامية، ثم تبرز التساؤل حول كيف يحدد المسلمون هويتهم ويتمسكون بها، أثناء عيشهم في الغرب.
وقد افتتح المؤتمر كالعادة بالقرآن الكريم، ثم ألقيت مقدمة المؤتمر، ثم ألقيت الكلمات التالية: «بريطانيون أم مسلمون، من نحن؟»، «مأزق العيش في الغرب»، «هل تريد أن تشتري بيتاً» من غير تعامل بالربا، «العمل السياسي – المشاركة والممارسة العملية»، «الزواج في الغرب والزواج في الإسلام». ثم عرض في المؤتمر أشخاص دخلوا الإسلام كنماذج حية لإثبات صدق الإسلام وموافقته للفطرة، وإقناعه للعقل ثم ألقيت كلمة أمير حزب التحرير بالصوت.
وقد خصص هذا المؤتمر وقتاً كبيراً لمشاركة الحضور. واللافت فيه كان الحضور الإعلامي الكثيف من صحف وإذاعة وتلفزيون، وقد توزعت آراؤهم بين قادح ومادح، فمن كان ينطلق من وجهة نظر معادية للإسلام كان موقفه معادياً، ومن كان غير ذلك كان إما مادحاً أو محايداً.
لقد عقد هذا المؤتمر، في وقت نشطت فيه بريطانيا، ودول الغرب من أجل دمج المسلمين في حضارة الغرب، فخاطب الحاضرين حول هويتهم، ودعاهم إلى التمسك بالإسلام وأن يجعلوا سكناهم فقط في بريطانيا، لا أن يكونوا بريطانيين هوية وانتماء وولاء، منسلخين عن أمتهم.
بين يدي هذه المؤتمرات:
لقد عقدت هذه المؤتمرات، في الوقت الذي تقوم فيه أشرس حملة صليبية على الإسلام، ونجحت وكان نجاحها مؤشراً مهماً على صحة توجه الأمة، نحو إسلامها، نحو الخلافة بالذات، كونها الدواء لكل أمراضهم التي يعانون منها، التي صنعها الغرب لهم، وأعانه عليها زبانيته من الحكام.
وإن الكلمات الحية التي ألقيت في المؤتمرات لتدل على حيوية الطرح وجديته.
لقد بدا واضحاً أن نفوس المسلمين تتطلع إلى الخلافة الراشدة لكي تخلصهم من حياة الضنْك التي فُرضت عليهم، وأن نفوس أعضاء حزب التحرير والقائمين عليه تتطلع إلى رضا الله سبحانه، وتسأله الفرج والنصر والإظهار والتمكين… وما ذلك على الله بعزيز.
إن نجاح حزب التحرير في عقد هذه المؤتمرات ليدل على نجاح فكرته، وتكريس نفسه أنه الحامل لها، القائم بها، وعلى أمل أن تعقد مؤتمرات أخرى، وعلى أمل أن تقوم الخلافة نفسها، نسأل الله سبحانه أن يسهل لنا ذلك، ويجعل بعد عسرنا يسراً، وبعد ضيقنا فرجاً، وبعد صبرنا نصراً، إنه على ما يشاء قدير ]وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [ q
2004-05-10