غزة أولاً، والأردن أولاً، ومصر أولاً!
2004/11/10م
المقالات
1,703 زيارة
غزة أولاً، والأردن أولاً، ومصر أولاً!
منذ حصلت اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة، والأمة تعيش حالات من التمزيق، والتبعية، والتناحر، ولما تنته منها بعد. ومن إفرازات تلك المؤامرة الاستعمارية تكريس أنظمة عميلة تأتمر بأمر المستعمر، وتلتزم المخططات التي يرسمها ذلك المستعمر، وتكاد تتشابه الخطة في شتى أقطار العالم الإسلامي، وتصب في الهدف نفسه وهو المزيد من التمزيق والتشرذم والتبعية.
حصل في مؤتمر قمة عربي، عقد في مدينة فاس في المغرب، أن اتخذ حكام العرب قراراً يقول بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي «الممثل الشرعي والوحيد» لأهل فلسطين أي إن فلسطين عُزلت عن أمتها الإسلامية، ولا يحق لأي مسلم «غير فلسطيني» أن يتدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني، ثم تبع ذلك شعار «غزة وأريحا أولاً»، أي تُحرر من الاحتلال أولاً.
وبعد حرب عام 1973م ظهرت نغمة في مصر تقول: لقد تعبنا من قضية فلسطين، وآن لمصر أن ترتاح من قضايا غير مصرية، وتتفرغ لشؤون مصر، وطُرح شعار «مصر الفرعونية» ومصر للمصريين، وكان ذلك تمهيداً لصلح كامب ديفيد مع اليهود، وخرجت مصر من المعركة مع اليهود.
وفي الثمانينات من القرن الماضي، أعلن النظام الأردني فصل الضفتين «الشرقية عن الغربية» وتخلت الأردن عن دورها المرسوم في الضفة الغربية. وبعد وصول الملك عبد الله إلى السلطة، طرح شعار «الأردن أولاً» أي التقوقع داخل الصَّدَفة، وعدم الالتفات إلى قضايا الأمة الأخرى، وقيل كما قيل في مصر: «لقد تعبنا من قضايا العرب والفلسطينيين» ونريد أن نرتاح، وسكت الناس عن هذا الخنجر المسموم.
وبعد اجتياح صدام للكويت، ظهرت نغمة في الكويت تقول: «الكويت ليست عربية» ولا تريد أن تشارك في مؤتمرات القمة (على الرغم من تفاهة تلك المؤتمرات) ولا تريد التضامن مع أحد، لقد طُعنّا من قِبَل من ساعدناه في حربه ضد إيران، وطُعنا من قبل عرفات الذي دعمناه في الماضي، لكنه تنكر للجميل؛ لذلك لا يلومنا أحد على عزلتنا عن قضايا الأمة.
وبعد احتلال المستعمر الأميركي للعراق، ظهرت أصوات نشاز تردد الكلام نفسه وتقول عن المجاهدين إنهم غرباء عن العراق، وكأن قائد «الأوركسترا» الذي يدير لعبة التمزيق هو نفسه، والأصابع التي تخطط للعزلة والإقليمية هي نفسها، ويخرج علينا بعض البسطاء لينكر نظرية المؤامرة، فهل كل ذلك يحصل بمحض الصدفة؟!
2004-11-10